سياسيون عراقيون ينددون بجعل بلادهم حلبة صراع إيراني- أمريكي

سياسيون عراقيون ينددون بجعل بلادهم حلبة صراع إيراني- أمريكي


17/03/2020

يتشظى الموقف الرسمي العراقي، حيال الاختراقات المتكررة لسيادتهِ وضرب سلطة الدولة وهيبتها، نتيجة الهجمات المتبادلة بين الميليشيات الإيرانية، والقوات المسلحة الجوية لأمريكا داخل العراق. هذا التشظي يعبّر عن "تراخٍ في الموقف الوطني للمسؤولين العراقيين"، بحسب ما يؤكده ساسة ومراقبون محليون طالبوا السلطات الرسمية بـ "موقف حاسم وحازم" تجاه من "يعبث" بسيادةِ وأمنِ بلادهم.

 

وتتصاعد المخاوف الاجتماعية والسياسية، جراء الحرب غير المباشرة التي تخوضها طهران وواشنطن داخل العراق، خشية فقدان الأخير لرصيدهِ الاعتباري والسيادي والدبلوماسي أمام المجتمع الدولي، لا سيما أنّ الخروقات تتكرر من قبل الأطراف الإيرانية المسلحة في كلّ مرة.

القوات الأمنية العراقية تضبط أماكن إطلاق الصواريخ على القاعدة.. والأمن النيابية: عاجزون عن مساءلة القادة العسكريين

وتعرضت قاعدة التاجي العسكرية الأمريكية، شمال العاصمة بغداد، لهجومٍ ثان بالصواريخ التي أطلقتها ميليشيا كتائب حزب الله في العراق، دون أن يسفر عن أضرارٍ بشرية تذكر.

هذا الهجوم الصاروخي الثاني جاء رداً على القصف الأمريكي الذي طال مقرات الكتائب وأخرى قريبة منه تابعة للجيش العراقي في منطقة جرف الصخر، شمال محافظة بابل (100كم جنوب العاصمة)، ما أسفر عن مقتل ستة عناصر وإصابة 11 آخرين من الجيش والشرطة والحشد.

اقرأ أيضاً: سقوط صاروخين على معسكر في العراق.. وأمريكا تعلن انسحابها من 3 قواعد

وسبق للكتائب أن أطلقت 10صواريخ "كاتيوشا"، الأربعاء الماضي، على القاعدة الأمريكية في التاجي؛ أسفرت عن سقوط قتيلين أمريكيَّين، ومتعاقد بريطاني، وإصابة نحو 12آخرين بجروح متفاوتة، وفقاً لإحصائية البنتاغون.

العثور على منصات الهجوم
وفي ضوء ذلك، تمكنت القوات الأمنية العراقية، مساء السبت الماضي، من العثور على مكان إطلاق صواريخ الكاتيوشا، التي أطلقت باتجاه معسكر التاجي الذي تستخدمه القوات الأمريكية في بغداد.
قيادة عمليات العاصمة قالت في بيانٍ لها: إنّ "القوات الأمنية عثرت على المرآب الذي تمّ إطلاق صواريخ الكاتيوشا منه، لاستهداف معسكر التاجي، ووجدت سبع منصات إطلاق داخل مرآب في منطقة أبو عظام، شمال بغداد".

اقرأ أيضاً: ما الذي يجمع الإخوان وكتائب حزب الله في العراق

وأضافت: "القوات الأمنية ألقت القبض على صاحب المرآب والعاملين فيه، فضلاً عن إلقاء القبض على جميع منتسبي نقطة التفتيش القريبة منه التابعة لقيادة شرطة بغداد وإحالتهم جميعاً للتحقيق".
وإثر ذلك، يعلق أحمد سعيد، خبير أمني، بأنّ "قدرة الجهة الرسمية الأمنية لا تتعدى هذه العمليات، عمليات العثور على أماكن منصات إطلاق الصواريخ، كونها تعلم أنّ الفاعل الحقيقي، هو طرف عراقي مسلح، مدعوم من الخارج الإقليمي".

المنصات الصاروخية لمليشيا كتائب حزب الله التي عثرت عليها القوات الأمنية داخل مرآب في بغداد
ويضيف لـ "حفريات": "الطائفية السياسية الحاكمة، أضعفت مقدرات البلاد في كلّ شيء، وبالتحديد أجهزتها الأمنية وقادتها العسكريين".

الأمن النيابية: عاجزون عن المساءلة في البرلمان

بدورها، أكدت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، عدم قدرتها على مساءلة ومحاسبة القادة العسكريين، بخصوص المتسبّب بقصف قاعدة التاجي مؤخراً.

التحالف الكردستاني يحذّر ومراقبون وكتّاب عراقيون لـ "حفريات": الموقف الرسمي للعراق مشتظٍّ نتيجة الولاءات الحزبية والطائفية للمسؤولين

عضو اللجنة، وليد الفهداوي، قال لـ "حفريات": إنّ "القوات الأمريكية في العراق تسيطر على أجواء البلاد بالكامل"، مشيراً إلى أنّ "الجهة التي استهدفت المواقع العسكرية التي يتواجد بها الأمريكيين في معسكر التاجي، خارجة عن القانون".

وأقرّ بأنّ "لجنة الأمن لن تستطيع مساءلة القادة العسكريين العراقيين، على القصف الذي تعرضت له بعض المواقع الأمريكية؛ لأنّ الأوضاع خارج سيطرتهم"، مبيناً أنّ "واشنطن تسيطر على أجواء العراق وبإمكانها رصد تلك الخروقات المتعددة".
وتابع النائب السنّي عن تحالف القوى العراقية؛ "الاستهدافات المتكررة للقواعد التي تضمّ قوات أمريكية، سيكون له تبعات خطيرة على البلاد"، داعياً الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) إلى "وضع حدٍّ لهذا التعدي المتكرر والتنسيق السليم والمثمر مع الجانبين الأمريكي والإيراني في كيفية إبعاد العراق عن دائرة صراعهما".

وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم وانتقادات تطال الموقف الرسمي تجاه الانحياز لطرف على حساب آخر

التحالف الكردستاني يحذر من "ظاهرة السلاح المنفلت"

وانضمت كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي، إلى القوى النيابية الأخرى المنددة بالخرق السيادي لبلادهم، محذرة من "ظاهرة السلاح المنفلت" التي لها تداعيات دولية خطيرة على العراق.

اقرأ أيضاً: رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي لـ "حفريات": الإيرانيون يحكمون العراق

وقال النائب حسن آلي: "خطورة السلاح المنفلت في الدولة الاتحادية، ستكون له تداعيات خطيرة قد تدفع قوات التحالف الدولي للردّ بقسوة على الهجمات التي تطال قواعدها العسكرية في العراق"، وأضاف لـ"حفريات": "كثرة السلاح المنفلت في البلاد ستؤثر سلباً على علاقتنا بقوات التحالف الدولي".
وأشار النائب الكردي إلى أنّ "الضربات الأخيرة التي استهدفت قوات التحالف الدولي في العراق، ربما ستؤثر على الحركة الاقتصادية في البلاد، خصوصاً أنّ أمريكا لن تكتفي بالردّ العسكري على ذلك فقط"، مبيناً أنّ "العراق قد يشهد تدخلاً أممياً بالضدّ منه".
وأردف: "المرحلة تتطلب حصر السلاح بيد الدولة، ونجاح الدولة بتحقيق هذا الشيء سيجنب العراق حرباً شاملة مع الولايات المتحدة، وهذا ما لا نريده، لا مع أمريكا ولا مع غيرها، يكفينا حروباً وضياعاً"، متسائلاً: "متى نشرع في إنقاذِ بلادنا".


احتجاج على القصف الأمريكي.. وتجاهل للقصف الميليشاوي
بعد الهجمات الصاروخية المتكررة من قبل الجماعات الميليشاوية الموالية لإيران، على القواعد الأمريكية في العراق، ينتقد مراقبون وكتّاب عراقيون ازدواج التعاطي الحكومي الرسمي لبلادهم مع الطرفين الأمريكي والإيراني.

العصائب تنتقد اللغة الحكومية في استنكار الهجوم الأمريكي على مقرات الحشد، وتؤكد: الأمريكيون بين خيارَي الخروج أو الحرب

وسلمت وزارة الخارجية العراقية، يوم الجمعة الماضي، مذكرة احتجاج إلى السفير الأمريكي، ماتيو تويلر، معبرة عن رفضها وإدانتها لما أقدمت عليه القوات الأمريكية من انتهاك لسيادة العراق بقصف مقرات الجيش والحشد الشعبي.
وعن ذلك، يقول المحلل السياسي هاشم الوائلي، لـ "حفريات": "العراقيون يرفضون اختراق سيادتهم من مختلف الأطراف، ولذلك نتيجة العامل الوطني لديهم، وهذا العامل ينبغي أن تتعامل به السلطة بمسافة واحدة مع جميع الدول التي لا تحترم سيادة البلاد وكيانها الدولتي"، وعدّ ما حصل مؤخراً "نتيجة تراخي قوى السلطة القائمة على أساس المكونات الطائفية الموالية للخارج".

كتلة التحالف الكردستاني في مجلس النواب الاتحادي العراقي
ويقترب الكاتب والصحفي، أكرم الحاتم، في نقده للراهن في بلاده، من وجهة نظر الوائلي، مؤكداً عبر "حفريات"؛ أنّ "رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية، هي مؤسسات، متناقضة في المواقف، لأنّها خاضعة لمزاج المسؤول الحزبي القائد لها"، وأشار إلى أنّ "الموقف العراقي حيال الميليشيات منعدم جداً، وإزاء الأمريكيين متشدد".

كتلة العصائب: الأمريكيون بين خيارين
من جهتها، دعت كتلة صادقون النيابية إلى إخراج القوات الأمريكية من العراق، أو إعلان الحرب عليها.

اقرأ أيضاً: المشهد السياسي العراقي بين رياح كورونا والأزمة

وأكد حسن سالم، النائب عن الكتلة التابعة لميليشيا عصائب أهل الحق (بزعامة قيس الخزعلي الموالي لطهران)، أنّ "بيانات الاستنكار سلاح ضعيف، وأمام الحكومة خياران لا ثالث لهما؛ إما إخراج القوات الأمريكية أو إعلان الحرب على هذه القوات المحتلة".
وبيّن سالم، بحسب بيان صحفي، أنّ "الخارجية العراقية ستتقدم بشكوى لدى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة، لإدانة هذا العدوان وعقد جلسة طارئة لإدانة العدوان الأمريكي الذي استهدف قواتنا الأمنية والحشد الشعبي"، مشدداً على ضرورة "استدعاء السفير الأمريكي وتسليمه مذكرة شديدة اللهجة وتحميله كافة تبعات هذه الجريمة، التي أدّت إلى خسائر بالأرواح من أبناء شعبنا العراقي وخسائر مادية".


وحذّر النائب الشيعي المتشدد من "السكوت على هذه الجريمة؛ لأنّ ذلك سيؤدي إلى تمادي الولايات المتحدة الأمريكية في استهتارها وارتكاب جرائم أخرى بحقّ أبناء الشعب العراقي".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية