سوق المخدرات في إيران... من زيندشتي إلى الحرس الثوري

سوق المخدرات في إيران... من زيندشتي إلى الحرس الثوري

سوق المخدرات في إيران... من زيندشتي إلى الحرس الثوري


18/05/2023

واحدة من أكثر صفحات الفساد في إيران سواداً، هي الدور الذي يلعبه "الحرس الثوري" في الاتجار بالمخدرات وتوزيعها داخل إيران وخارجها في العراق واليمن ولبنان والكثير من الدول الأوروبية ومن القارة الأمريكية، التي أصبحت الآن محور انتباه المجتمع الدولي.

وقد كرّس الحرس الثوري الإيراني معظم قدراته السياسية والدبلوماسية واللوجستية لتهريب المخدرات، بهدف الحدّ من آثار العقوبات المفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وإيجاد  موارد مالية واسعة النطاق لأنشطته الإرهابية والعدوانية في المنطقة.

وفي السياق، نشرت شبكة "إيران إنترناشيونال" أمس معلومات حصرية تؤكد أنّ قائد عصابة تهريب المخدرات ناجي شريفي زيندشتي أصبح اللاعب الأول في سوق المخدرات الإيرانية بالتعاون مع قادة الحرس الثوري.

وبحسب هذه المعلومات، فإنّ الموجة الأخيرة من إعدامات المتهمين بجرائم تتعلق بالمخدرات جاءت نتيجة صراع داخل الحرس الثوري الإيراني للسيطرة على سوق المخدرات داخل إيران وخارجها، مؤكدة أنّ أكثر من 35% من المخدرات الموزعة في سوق المخدرات بطهران حوالي 20% من تجارة المخدرات في عموم إيران تخص شركة زيندشتي.

وأوضحت شبكة "إيران إنترناشيونال" أنّ المخدرات القليلة التي يتم ضبطها أحياناً، والتي ينتمي بعضها إلى زيندشتي، يكشف عنها بعد صراع مع عصابات مخدرات أخرى داخل الحرس الثوري الإيراني.

كرّس الحرس الثوري معظم قدراته السياسية والدبلوماسية واللوجستية لتهريب المخدرات

وقد شكّل ناجي شريفي زيندشتي، في الأعوام الأخيرة، دائرة من المقربين له في السلطة، تُعرف باسم "نادي الأصدقاء"، وتضم كبار مسؤولي الحرس الثوري الإيراني والعديد من المسؤولين في مجلس الأمن القومي وبلدية طهران وعدداً من النواب.

ويوفر زيندشتي بشكل شخصي ومستمر الأفيون والهيروين لاستهلاك العديد من كبار المسؤولين في إيران، كما أنّ بعض هؤلاء المسؤولين شركاء له في تجارة المخدرات.

وتُعتبر المخدرات إحدى أهم وسائل التمويل للميليشيات التابعة لحرس الملالي، سواء في العراق أو سوريا أو اليمن، إلى جانب مصادر التمويل الأخرى من سلاح خفيف ومتوسط وثقيل وصواريخ وأسلحة استراتيجية، وما وقع في قبضة البحرية الأمريكية والبريطانية والهندية والعربية، وفي قبضة السلطات في الأردن والعراق واليمن ودول أخرى، ليس سوى نذر يسير من الكمّ الهائل المتدفق من الجمهورية الإسلامية.

ناجي شريفي زيندشتي أصبح اللاعب الأول في سوق المخدرات الإيرانية، بالتعاون مع قادة الحرس الثوري

وكتبت صحيفة "دي فيلت" الألمانية في تقرير لها نُشر في وقت سابق أنّ الحرس الثوري الإيراني يكسب مليارات الدولارات سنوياً من تهريب المخدرات، باستخدام شخصيات تابعة له أو ميليشيات عراقية ولبنانية ويمنية موالية للنظام.

وكانت السلطات الإيطالية قد أكدت نهاية العام الماضي القبض على (9) مواطنين عراقيين ينتمون إلى الحشد الشعبي، التابع للنظام الإيراني، كانوا يرسلون شحنات مخدرات إلى العراق وتركيا ومن هناك إلى إيطاليا وأوروبا، بتوجيه من غلام رضا باغباني الضابط السابق في فيلق القدس.

أمّا في سوريا، فقد رصدت عدسة موقع "عين الفرات" يوم 28 نيسان (أبريل) الماضي معمل "ثلج النصر" التابع لـ "الحرس الثوري" الإيراني في مدينة دير الزور، الواقع بالقرب من مؤسسة عمران دير الزور في شارع بورسعيد.

وقالت مصادر خاصة للشبكة: إنَّ المعمل الذي يديره المدعو الحاج حسن الحلبي، باشراف مباشر من قائد "الحرس الثوري" في مدينة دير الزور، المدعو الحاج كميل، يُعتبر مركزاً أساسياً وبؤرة لتوزيع المواد المخدرة في المدينة.

صحيفة (دي فيلت) الألمانية: الحرس الثوري الإيراني يكسب مليارات الدولارات سنوياً من تهريب المخدرات

وأوضحت المصادر أنَّ الحرس الثوري أنشأ المعمل لتحقيق مكاسب مادية بالدرجة الأولى، ولإقناع الأهالي بأنَّ إيران تقدم خدمات مدنية لسكان المدينة.

وأشارت مصادر من الموقع ذاته إلى أنَّ الميليشيات الإيرانية تعمل على زيادة المراكز المدنية التابعة لها، بهدف الاحتماء بها واستغلالها في تخزين الأسلحة وترويج المخدرات.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد أعدّ في أيلول (سبتمبر) الماضي تقريراً حول تصنيع المخدرات وزراعة الحشيش في مناطق النفوذ الإيراني في دير الزور والميليشيات المتورطة بهذا الملف، فتبين له وجود (7) معامل لصناعة (الكبتاغون)، وعدّة أراضٍ لزراعة الحشيش بقيادة حزب الله والحرس الثوري.

زيندشتي يوفر بشكل شخصي الأفيون والهيروين لاستهلاك العديد من كبار المسؤولين في إيران، كما أنّ بعض هؤلاء المسؤولين شركاء له في تجارة المخدرات

وبحسب المرصد، فإنّ الميليشيات التابعة لإيران تقوم منذ أشهر طويلة بزراعة مادة القنب (الحشيش) ضمن أراضٍ تعود ملكيتها لمهجّرين في كلٍّ من سعلو والزباري شرق دير الزور، وأراضٍ أخرى تعرف باسم "مزارع الدولة" بالريف ذاته أيضاً.

وأكد "المرصد السوري" أنّ عدد أماكن التصنيع أكبر من المذكور، لكن لم يتسنّ له الكشف عنها بسبب التشديد الأمني الكبير من قبل الميليشيات الإيرانية، ووجود معامل سرّية بمناطق متفرقة من دير الزور.

وعدد التقرير الميليشيات المتورطة، وهي: (حزب الله) اللبناني، (حزب الله) العراقي، الحرس الثوري الإيراني، (عصائب أهل الحق) التابعة للحشد الشعبي العراقي، (الأبدال) التابعة لـلحشد الشعبي العراقي، (الدفاع الوطني)، (الفرقة الرابعة)، (جيش العشائر) ويضم مسلحين من عشائر "البكارة والبوسرايا والشعيطات".

وفي الأردن، نفذ الطيران الحربي يوم 9 أيار (مايو) الجاري ضربة جوية على جنوبي سوريا استهدفت مصنعاً إيرانياً للمخدرات، وقتل مهرّباً متهماً بتنفيذ عمليات شحن كبيرة عبر حدود البلدين، مّما اعتبره الكثير من المراقبين رسالة من الدولة الأردنية بأنّها ستغير من قواعد الاشتباك، وستتجاوز الحدود إذا لزم الأمر لملاحقة مهربي المخدرات التابعين لإيران ولحزب الله اللبناني، وفق وكالة "رويترز".

وكانت إحصائية رسمية للنظام الإيراني قد ذكرت قبل عامين وجود (5) ملايين شخص مدمن في إيران، وهذه إحصائية لا يُعتدّ بها كونها إحصائية حكومية، وكذلك لم تشمل هذه الإحصائية عدد المتعاطين للمخدرات، وشملت المدمنين فقط، وهنا يبرز تساؤل بسيط هو: من يوفر هذا الحجم الكبير من المخدرات الذي يكفي (5) ملايين مدمن وعدة ملايين من المتعاطين، ويغطي العراق وسوريا ومنهما إلى الأردن ودول الخليج، وكل ذلك في ظل تعدد السلطات الحكومية الإيرانية المكافحة لتهريب وتجارة المخدرات، بدءاً من الحدود والمعابر البرية والبحرية والجوية حتى داخل المدن الإيرانية، وقد زعم أمين عام لجنة مكافحة المخدرات في إيران في وقت سابق أنّ إيران تنفق من (700) مليون إلى مليار دولار في مكافحة المخدرات.

مواضيع ذات صلة:

ماذا يعني مقتل تاجر المخدرات الأشهر في جنوب سوريا؟

الجيش اللبناني يلاحق تجار المخدرات وحزب الله يهدد بالتصعيد

هل غيّرت المخدرات مجرى الحرب العالمية الثانية؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية