سعداني بنت خيطور.. نائبة متمردة تكشف "عنصرية" إخوان موريتانيا

سعداني بنت خيطور.. نائبة متمردة تكشف "عنصرية" إخوان موريتانيا


08/06/2022

في خطوة ربما كانت متوقعة، قرر المكتب التنفيذي لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، الذراع السياسيّة للإخوان المسلمين في موريتانيا، يوم الخميس 26 أيّار (مايو) الماضي، فصل النائبة سعداني بنت خيطور، من الحزب بصورة نهائية، مع تكليف الجهات الإدارية والقانونية في الحزب، بإبلاغ النائبة بحيثيات قرار الفصل.

يأتي هذا القرار بعد تسريب صوتي لسعداني، وجّهت فيه نقداً حاداً إلى النائب الإخواني السابق محمد غلام ولد الحاج الشيخ، بعد تلاسن نشب بينهما، حيث وصفته بـ"المخنث"، وبأنّه "عار على الحركة الإسلامية"، وردّ عليها الأخير بألفاظ نابية، وذلك في أعقاب قيام النائبة بانتقاد الأب الروحي للإخوان، الشيخ محمد الحسن ولد الددو؛ بسبب تجاهله إصدار فتوى حول مسألة العبودية في موريتانيا.

قرار تعسفي بالفصل

يوم الجمعة 27 أيّار (مايو) الماضي، أرسل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، إلى النائبة سعداني بنت خيطور، نص قرار الفصل الذي اتخذه المكتب التنفيذي بحقها، وزعم الحزب الإخواني، أنّ قراره مؤسس على المواد 53، 56، 57 من النظام الأساسي، والمواد 109، 110، 113، من النظام الداخلي؛ وهي مواد تحدد الوقائع الموجبة للعقوبة المقررة، وأسباب فقدان العضوية، وكذلك المادتين 55 من النظام الأساسي،  و112 من النظام الداخلي؛ المحددة لجهة الاختصاص، والمادتين 54 من النظام الأساسي، و114 من النظام الداخلي.

وذكر المكتب التنفيذي في نص قراره، أنّ النائبة جرى تمكينها من حقها في الدفاع عن نفسها، عبر لقاءات وجلسات مع اللجنة المكلفة بالانضباط، والمنبثقة عن المكتب التنفيذي، كما تمّ استفسارها، إثر وقائع سابقة، زعم البيان أنّها مخالفة لنصوص الحزب، مؤكداً أنّ قرار الفصل بحق النائبة، هو قرار نهائي.

قرار الفصل

الناطق الإعلامي لحزب "تواصل"، محمد الأمين شعيب، علّق على قرار الحزب، الذي وصفه مراقبون بـ"التعسفي"، زاعماً في بيان له، يوم السبت 28 أيّار (مايو) الماضي، أنّ الضوابط الداخلية والبرامج التي تُلزم الأعضاء، موجودة في كل الأحزاب، وأنّ المخالفين لها هم وحدهم يتحملون العقوبات؛ لأنهم لم يلتزموا بشروط العضوية. وأضاف: "الذي تم بشكل مختصر، أنّ هيئة حزبية مخولة، طبقت قوانينها ونظمها بعد استفراغ الجهد في النصح والتوجيه للمعنية، وعقد جلسات استماع معها، استمر بعضها ساعات، وفي فترات متباينة، وحول قضايا متعددة ومتشعبة، كان آخرها ما أثير في الأيام الأخيرة، خرجت فيها المعنية عن الخط العام للحزب، وعلى مواقفه ورؤاه وتحالفاته السياسيّة، واختارت أحياناً التماهي مع رؤى ومشاريع جهات سياسية أخرى".

سعداني بنت خيطور: قرار الفصل جاء تعسفياً، وفقاً لأمزجة العنصريين، الذين استاؤوا من انحيازي للمستضعفين والفقراء والمهمشين

ولفت الناطق الإعلامي لـ"تواصل"، إلى أنّها ليست هذه المرة الأولى، التي يتم فيها فصل شخص من حزب أو هيئة؛ بناء على خروجه على الخط العام لهذا الحزب. مشدداً على أنّه "لا معنى البتة، لما يذهب إليه البعض، من ربط هذا القرار بموقف من مكون أو فئة؛ فرؤى الحزب ومواقفه جليّة ومنشورة ومجسدة في نصوصه ومؤسساته، وفي تنوع منتخبيه ومرشحيه ولجانه".

سعداني تتوعد الحزب بدفع الثمن

من جهتها، وصفت النائبة سعداني بنت خيطور، قرار الفصل من الحزب بأنّه يمثل "ضربة للديمقراطية في موريتانيا". وانتقدت شدة العقوبة، دون المرور بعقوبات تدريجيّة، مؤكدة في الوقت نفسه تمسكها بعضوية الحزب؛ معتبرة أنّ قرار المكتب التنفيذي غير قانوني.

وكشفت النائبة في الجمعية الوطنية، في مؤتمر صحفي، عقدته مساء الخميس 2 حزيران (يونيو) الجاري، بفندق موري سانتر، بالعاصمة نواكشوط، أنّها لم توقع باستلام أيّ استفسار أو إنذار موجه إليها من المكتب التنفيذي للحزب، نافية في الوقت نفسه أن تكون قد وصفت الحزب بالعنصرية، لكنّها استدركت قائلة إنّ "قلة من العنصريين، موجودة داخل قيادة الحزب".

وأوضحت سعداني أنّ قرار الفصل جاء تعسفياً، وفقاً لأمزجة العنصريين، بحسب تعبيرها، الذين استاؤوا، في رأيها، من "انحيازها للمستضعفين والفقراء والمهمشين، فقرروا فصلها من الحزب". مؤكدة أنّ الحزب "سيدفع ثمن قراره، سياسياً واجتماعياً وأخلاقياً".

ردود أفعال غاضبة

حالة من السخط انتابت الأوساط الحقوقية في موريتانيا، جراء طرد النائبة سعداني بنت خيطور من حزب تواصل، والتي نجحت عن الحزب في الحصول على مقعد بالجمعية الوطنية، في انتخابات العام 2018، خاصّة وأنّها تنحدر من طائفة "لمعلمين"؛ أي الصناع التقليديين، وهي طائفة فقيرة ومهمشة في موريتانيا.

عبد السلام القصاص: سعداني بنت خطيور، كشفت عن طبيعة الصراع الطبقي داخل الحزب الإخواني

الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسيّة، خصّ "حفريات" بتصريحات، قال فيها إنّ النائبة المتمردة، "كشفت البيئة العنصرية لحزب تواصل الإخواني، وكذلك كشفت طبيعة الأيديولوجيا الدينية، القائمة على محاباة الأثرياء، ضد الفقراء، وخاصّة طائفتي الحراطين ولمعلمين، حيث يحصل الحزب على اشتراكات الإقطاعيين، ويتذكر الفقراء فقط في مواسم الانتخابات".

عبد السلام القصاص: النائبة المتمردة، كشفت البيئة العنصرية لحزب تواصل الإخواني، وكذلك كشفت طبيعة الأيديولوجيا الدينية، القائمة على محاباة الأثرياء ضد الفقراء

ولفت القصاص إلى أنّ سعداني بنت خيطور، كشفت عن طبيعة الصراع الطبقي داخل الحزب الإخواني، الذي "لا يجد غضاضة في الاتجار بالبشر، بل ويمنح الغطاء الديني لذلك، طالما توافق مع أهداف قياداته". مشيراً إلى أنّ رئيس الحزب، محمد محمود ولد سييدي، أصبح في موقف شديد الحرج، في مواجهة التيار الحقوقي، الذي يشن حالياً حملات واسعة ضد الحزب، الذي كان يتطلع إلى قيادة الجبهة المعارضة في البلاد، لكنّه اصطدم الآن بتناقضاته، التي ربما تفقده الكثير في الانتخابات المقبلة.

وبحسب القصاص، فإنّ لهجة الانتقاد الحادة، التي استخدمتها النائبة سعداني، لوصف قيادات الإخوان، ربما شكلت تهديداً لمبدأ الولاء البراء، وكذلك فهي تهدد تماسك الجبهة الداخلية، التي يتباهى بها الإخوان دائماً، ومن ثم جاء قرار الفصل التعسفي؛ ليكشف عن رغبة جامحة داخل الحزب الإخواني، في التخلص من حالة التمرد قبل أن تستشري داخله، الأمر الذي يعكس مخاوف حقيقية لدى قيادات "تواصل"، من تفكك الحزب، تحت ضغط المتمردين، من أمثال النائبة المفصولة.

مواضيع ذات صلة:

المشروع الإخواني في موريتانيا: هل هو فقاعة دعائية؟

موريتانيا: لماذا يهاجم الإخوان النظام الحاكم؟

الإخوان المسلمون في موريتانيا... الشبكة السرية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية