رزان إبراهيم: نعاني من نقاد لديهم رغبة مرضية في التعريض بالآخرين

رزان إبراهيم: نعاني من نقاد لديهم رغبة مرضية في التعريض بالآخرين

رزان إبراهيم: نعاني من نقاد لديهم رغبة مرضية في التعريض بالآخرين


31/10/2019

أجرت الحوار: رشا سلامة


قالت الناقدة الأردنية الدكتورة رزان إبراهيم إنّ هنالك نقّاداً يُسهمون في خلق فجوة بين نتاجهم والمتلقي، حين يستخدمون المصطلحات النقدية الثقيلة، على حد تعبيرها، دون أن تنفي وجود "نقّاد يفرضون هيبتهم من خلال مرتكزات معرفية تمنح كتاباتهم قوة وتأثيراً كبيرين".

ثمة نقاد تحت الطلب ارتبط منجزهم بعلاقات شخصية جعلتهم يروجون لأعمال فقيرة فكرياً وفنياً

وأضافت أستاذة الأدب العربي في جامعة البتراء، خلال حوارها مع "حفريات"، أنّ "الرواية تنمو وتزدهر حين تعم المأساة ويزيد البؤس، وتقوى لحظات التناقض التي يعيشها الإنسان، وهذا ما نعيشه الآن"، منتقدة الروائيين العرب ممَن "جرّتهم حمى الجوائز العالمية إلى محاولة إبهار الآخر الغربي حتى ولو على حساب القيمة والمبدأ".
وأكدت صاحبة كتاب "خطاب النهضة والتقدم في الرواية العربية المعاصرة" أنّ الأدب مؤهل لتناول الهموم السياسية الخطيرة، وأنّ كثيراً من الأشكال الفنية الشائعة الناجحة ترسخت علاقتنا بها من خلال انتمائها إلى حياتنا السياسية، مستدركة أنّه يبقى مطلوباً تجنب مغبة الوقوع في تصريحات مباشرة تضعف النص وتضر في بنيته.
وحول تحويل الرواية إلى عمل فني رأت أنّ من شأن هذا الأمر تيسير سبل رواج نصوص روائية يتكاسل الجيل الجديد عن قراءتها، أو لربما دفعت البعض للبحث عنها في صورتها الورقية.
وهنا نص الحوار:
تقبل النقد

لدينا أزمة نقدية أراها مع نقاد ينقصهم الكثير من الاطلاع والمتابعات المعرفية
ثمة من يرى أنّ طابع المجاملة يطغى على النقد العربي، هل تتفقين مع هذا الرأي؟ وهل يعدّ المزاج العربي نزقاً حيال النقد عموماً؟

لا يمكن بأي حال إطلاق حكم عام بغياب كلّي للنقد، أو بموت النقد كما يحلو للبعض أن يقول. وأعتقد أنّ في ذلك القول ظلماً كبيراً، لكن لا أنكر أنّ لدينا أزمة نقدية أراها مع نقاد ينقصهم الكثير من الاطلاع والمتابعات المعرفية. كذلك أراها مع نقاد يقيّدون أنفسهم بنقد مقولب كلّ همّه مراكمة المطلحات النقدية الثقيلة كيفما اتفق لدرجة أنّهم يخلقون فجوة كبيرة بينهم وبين القارئ.

هناك نقاد لديهم رغبة تكاد تكون مرضية في التسفيه وربما التعريض بآخرين لأسباب ودوافع شخصية

الموقف من النقد عموماً مرتبط بما بات شائعاً عن نقد يرفع من لا يستحق إلى أعلى، يقوم به نقاد تحت الطلب ارتبط نقدهم بعلاقات شخصية جعلتهم يروجون لأعمال فقيرة فكرياً وفنياً. وهناك صورة أخرى يمثلها نقاد لديهم رغبة تكاد تكون مرضية في التسفيه وربما التعريض بآخرين لأسباب ودوافع شخصية تحط من قدر المبدع وقد تصيبه بالإحباط، علماً أنك تجد غالبية الكتّاب من المبدعين الروائيين يضيق صدرهم بأي نقد يوجه لهم. 
في المقابل هناك من النقاد من يفرض هيبته من خلال مرتكزات معرفية تمنح كتابته قوة وتأثيراً كبيرين يظهران من خلال جهد واضح يبذله في القراءة، وكذلك من خلال تحصّنه بمؤهل أخلاقي يضمن له موقفاً نقدياً أميناً وحراً. هناك حديث عن أزمة نقدية يثيرها أحياناً كتّاب يحملون النقد مسؤولية عدم التطرق لهم دون أن يدركوا أنّ عدد الروايات أصبح كبيراً للغاية لدرجة أصبح من الصعب على الناقد الواحد متابعتها كلها.
يُلحظ طغيان جنس الرواية على الأجناس الأدبية الأخرى، برأيكِ، ما السبب وراء ذلك؟
كثيراً ما يقال إنّ الرواية تنمو وتزدهر حين تعم المأساة ويزيد البؤس، وتقوى لحظات التناقض التي يعيشها الإنسان، وهذا ما نعيشه الآن، لذلك أقول بإطلاق: نحن نعيش عصر الرواية؛ وظني أنّ كثيراً من التعقيدات والمشاكل التي نعيشها كانت الرواية هي الأداة الأقدر على مواجهتها. ولا أدل على ذلك مما نلاحظه من أن الرواية العربية توجهت إلى الإنسان وخاطبت حالات تمثل قطاعاً كبيراً من البشر بغرض استثارتهم ودعوتهم لإحداث تغيير ما.

اقرأ أيضاً: تجليات النقد والتنوير عند طه حسين
طبعاً لا يمكن الادعاء بأنّ الرواية قادرة على قلب الدنيا، ولكنها كانت الشاهد المباشر على تجارب عديدة، بل وكانت حريصة على ارتياد رحلات كشف مستمرة لا تنتهي، ورفعت الصوت عالياً لتظل سبيلاً فاعلاً من سبل المعرفة التي تجعلنا أكثر إدراكاً لقضايانا الراهنة. وأظنها أصبحت مرآتنا التي نرى فيها أنفسنا لأنها حكت بصدق وجرأة عن أكبر قضايانا.
يبقى أنّ الظاهرة الأدبية مرهونة تقدماً أو تأخراً بحركة الزمان، ولا ننسى أن اللغة الشعرية مسموح لها الدخول في الرواية في إطار ما بات معروفاً بتداخل الأجناس الأدبية، مشكلة الشعر الحقيقية أنّه بات فاقداً قيمته التبادلية والتواصلية مع الجمهور، وأنّ قيمة ذاتية تفرض نفسها عليه وقفت بالمرصاد لثقافة جماعية ننحاز إليها في مجتمعات اليوم.

اقرأ أيضاً: الصورة الثالثة لنجيب محفوظ التي غفل عنها ناقدوه
ولا يفوتني هنا ما بات متعارفاً عليه من جماليات حداثية غزت الشعر فأودت بالمعنى وأخفته وجعلت الرواية ديواناً للعرب بدلاً من الشعر، ليصبح بإمكاننا الحديث عن مزاج عام منحاز للرواية كان له أثره على دور نشر تدرك جيداً أنّ الزمن هو زمن الرواية بامتياز.

ترويج الإبداع

اللغة الشعرية مسموح لها الدخول في الرواية

الجوائز وحفلات التوقيع باتت تهيمن على أجواء الإنتاج الأدبي عموماً، كيف ترين تأثير ذلك على النتاج الأدبي؟
تعجبني فكرة الجائزة في حد ذاتها لأنها ترد الاعتبار للأدب وتساهم في تعريف القراء بشباب أو كتاب ما زالوا مغمورين وفي البدايات، لتكون الجائزة سبيلاً من سبل توجيه القراء نحو منجز بعينه. سؤال إن كان الأمر يضرّ بسوية النتاج الأدبي يبقى محكوماً بطبيعة لجان التحكيم المرتبطة أحياناً بمن أحب الأدب وأخلص له، وكان محصّناً بموقف نقدي حر ينأى بنفسه عن محددات تؤطر أحكامه، والمرتبطة في أحيان أخرى بطارئين على الأدب.. وبطبيعة الحال يبقى رجائي قائماً بأن لا تفقد أية جائزة مصداقيتها؛ لأنّها كما قلت الدليل إلى بعض القراء.

عدد الروايات أصبح كبيراً للغاية لدرجة أصبح من الصعب على الناقد الواحد متابعتها كلها

أؤكد في هذا السياق على أهمية الابتعاد عن التعميم؛ إذ لا تخلو الساحة الروائية من روائيين استحقوا الجوائز وآخرين جرتهم حمى الجوائز العالمية إلى محاولة إبهار الآخر الغربي حتى ولو على حساب القيمة والمبدأ جرياً وراء الخروج من دائرة المحلية عن طريق جائزة عالمية كبرى، ومنهم من كان يسارع إلى تجهيز روايته حتى تكون جاهزة لموسم الجائزة المقبل، فيأتي منجزه على غير المنتظر منه.
فيما يتعلق بحفلات التوقيع الجماهيرية المهيمنة على أجواء الإنتاج الأدبي، فإنّي صرت أرى مبالغة في هذا الجانب أفضت إلى تحويل الرواية إلى سلعة يتم الترويج لها عن طريق خلق نجومية مصطنعة في بعض الأحيان، لدرجة صرنا نرى فيها النصوص الروائية الفجة قد اكتسبت شعبية واهية بتأثير مما يطلق عليه ثقافة التسليع والتي لعبت دوراً في انحدار الأذواق، وهو ما يكون له تبعاته السلبية من حيث استدراج القراء تجاه عمل ضعيف دون غيره يفوقه بكثير.

اقرأ أيضاً: رواية الطباخ: فن طهي أزمات السياسة وتناقضات الاقتصاد
لكن الحياة علمتنا أن البقاء للأفضل وأن كتّاباً مثل ديستويفسكي وفلوبير وتولستوي ونجيب محفوظ بقوا معنا لا بفضل حفلات توقيع تمنح حضوراً هشاً لا قيمة حقيقية لها، وإنما بفضل قيمة ما نشروا الفنية والإنسانية المتجددة عبر الزمان.
طبعا أنا لست ضد الترويج للكتاب، ولكن فليكن في إطار فرز حقيقي لما يستحق ولا يستحق، ولنذكر دائماً أنّ النقد على رأي ميخائيل نعيمة غربلة وليس احتفالية.
 
سبق أن كتبتِ عن سويّة المنشورات التي تتابعين عبر منصة "فيسبوك"؛ لم تكوني راضية عن الأخطاء اللغوية فيها، هلاّ قيّمتِ لنا هذه الحالة؟
نعم، صحيح أن للفيسبوك ميزة إيصال الكلمة بكل أنواعها، لكن يبقى السؤال ملحّاً حول نوعية هذه الكلمة، خصوصاً أنّ الفيسبوك يدفع في تعزيز حالة أسميها وهم الإبداع تتعاظم مع مدونين تنهمر عليهم علامات إعجاب بريئة تأتي من أصدقاء لا دربة لهم أو معرفة في أصول الكتابة، وفي أحيان أخرى تحركها مجاملات غير مسؤولة من شأنها المساهمة في انحدار الذائقة الفنية.

اقرأ أيضاً: رواية "الإصبع السادسة".. الهروب إلى التاريخ لفهم الحاضر
هذا لا يلغي جرعات أدبية خفيفة تتماشى وإيقاع التواصل السريع مع الفيسبوك، لكن الجيد منها قليل؛ وكما ورد في السؤال فإنّ كثيراً ممن يكتبون على الفيسبوك لا أستثني منهم أساتذة يعملون في الجامعات يتعدون على الكثير من الأعراف اللغوية، وتتكرر فيما ينشرون أخطاء لغوية تؤذي كل غيور على اللغة العربية.

الأدب والسياسة

الظاهرة الأدبية مرهونة تقدماً أو تأخراً بحركة الزمان
يتكئ كثير من الكُتّاب على الأحداث السياسية في أفكار رواياتهم، هل يمكن القول إنّ التاريخ والأحداث السياسية عموماً أصبحت منجى لمن يعانون الإفلاس الإبداعي؟

على العكس من ذلك تماماً، فإني أرى أنّ الأدب مؤهل لتناول الهموم السياسية الخطيرة؛ إذ ما عاد بالإمكان التركيز على ما هو جمالي بعيداً عن الواقع السياسي الذي نعيشه، بل إنّ كثيراً من الأشكال الفنية الشائعة الناجحة ترسخت علاقتنا بها من خلال انتمائها إلى حياتنا السياسية، فالرواية من طبعها أنها تساهم في خلق علاقة متبادلة بينها وبين احتياجات المجتمع الذي تتخلق فيه.

اقرأ أيضاً: هكذا قاربت رواية "طرق الرب" طُرق البيروقراطية المقدسة
لكن يبقى مطلوباً تجنب مغبة الوقوع في تصريحات مباشرة تضعف النص وتضر في بنيته الفنية حين تخترقه على نحو فج تترهل معه الرواية وتفقد حيويتها وألقها، الأحداث السياسية ليست منجى لمن يعانون الإفلاس الإبداعي، وأغلب الظن عندي أنّها تلهم الروائي الذي لا يستطيع أن يتغاضى عن مجمل التغيرات الخطيرة التي أصابت المشهد الإقليمي مؤخراً، بل إنّ الرواية صارت تربط بين الواقعة السياسية وجملة العوامل الاجتماعية التي تفضي إليها.

إلى أي مدى قد يضرّ إفصاح المبدع عموماً عن موقفه السياسي؟
المبدع بالضرورة له قناعاته التي يمررها بحيل فنية مختلفة، أما قصة الحياد فأكذوبة كبرى؛ هنا أعتقد أن الروائي المحنك سيفتح الباب على مصراعيه لحوارات فكرية متنوعة يتظاهر فيها بالموضوعية والحياد، لكن القارئ الحصيف لن يفوته أن يعرف اصطفافاته، ولا أظنه سيكون راضياً عن رواية تتعارض وقناعاته ورؤاه الخاصة.

من يسارع لتجهيز روايته لموسم الجائزة المقبل يأتي منجزه على غير المنتظر منه

وحتى أكون أكثر صراحة فإنّي أنا شخصياً أنحاز في العموم لكل ما يخص الإنسان؛ مشاعره وهواجسه وأشواقه، وتشدني الرواية التي تخاطب الإنسان في ضعفه وعجزه الجسدي والنفسي، وأنا من أولئك الذين يشجعون على روافد تدفع باتجاه التفكير بالرواية أداة للثقافة الأخلاقية تتجاوز مجرد رؤيتها مظهراً من مظاهر الخيال؛ إذ بإمكان الروائي التحرك في إطار حاجة إنسانية ملحة للتعايش مع الآخر ومقاومة كل أشكال الاستبداد والسيطرة والظلم في خضم إعلاء متناهٍ لكل ما هو أخلاقي وإنساني من شأنه حفظ حقوق الجماعات الإثنية والدينية المختلفة، لأني أفترض في الرواية صوتاً مناهضاً للبؤس ينتصر لمبادئ الحق والعدل بعيداً عن صور نمطية تضع البشر في قوالب تفرق أكثر مما تجمع وتساهم في إطلاق وعي القارئ وفي تشكيل ضميره البشري.
هل تعتقدين أنّ العالم الأكاديمي وأُطره تسحب المثقف نحو خانة البرج العاجي وتفرض قيوداً عليه؟
ما من شك أن قسطاً وافراً من الأكاديميين مغيبون عن واقع الحال مكتفون بمحاضرات لا تساهم كثيراً في إحداث تغيير حقيقي في عالمنا؛ قناعتي الخاصة أنّ المثقف مطلوب منه أن يحفر في الحياة التي يعيشها، بل وأفترض في خيارات الأكاديميين ما يقوله هشام شرابي من ضرورة العمل لتغيير الحاضر والاستمرار في النقد.

اقرأ أيضاً: شعرية الأعماق في رواية "بأي ذنب رحلت؟" للكاتب محمد المعزوز
ومن منطلق موقعي أستاذة جامعية تعمل منذ سنوات في الحقل الأكاديمي، فإني منشغلة بدور إيجابي يمكن للأستاذ الجامعي أن يقوم به، من مثل امتلاك ما يكفي من وعي للقضاء على الحواجز الصارمة بين التخصصات الأكاديمية، وكذلك أسعى قدر المستطاع إلى ربط طلبتي بالعالم من حولهم وبتعزيز مفهوم الانتماء بكل ما يحمله من دلالات سياسية واجتماعية خطيرة، ليكون العالم الأكاديمي وسيلة من وسائل تسخير الذات لصالح الأمة والجماعة، والانخراط في قضايا مصيرية هامة تتجاوز ركودا ثقافيا يحول دون تطوير وعي جديد.

تجربة تجسيد الدراما

 أعتقد أن تحويل الرواية إلى عمل فني من شأنه الارتقاء بما يعرض على الشاشة
كيف تقيّمين التجربة العربية بتحويل الروايات إلى أعمال فنية درامية؟

نحن هنا نتحدث عن عالمين يتقاطعان على نحو جدلي كبير؛ صحيح أنّ نقصاً في كتابة النصوص الدرامية المتخصصة يشكّل عاملاً مهماً يحرك باتجاه تحويل الروايات إلى أعمال فنية، إلا أنّ الروايات وإن تفاوتت بينها فإنّها تحمل صوراً بصرية عالية، كما روايات نجيب محفوظ في مرحلته الواقعية التي نجحت في وصف المجتمع المصري وتم تحويل الكثير منها للأعمال السينمائية بنجاح.

ثمة مدونون تنهمر عليهم علامات إعجاب بريئة من أصدقاء لا دربة لهم أو معرفة في أصول الكتابة

لا ننسى تقاطعاً في التقنيات بين الرواية والأعمال الفنية كما في الفلاش باك وتقاطع اللقطات، وكذلك وتيرة الإسراع والإبطاء وغيرها من تقنيات قادرة على إحياء الرواية بصريا وتشكيليا ونفسيا ولربما تقريب معنى الرواية للمتلقي.
عموماً أعتقد أن تحويل الرواية إلى عمل فني من شأنه الارتقاء بما يعرض على الشاشة (تلفزيون، سينما) ولربما يساهم في توفير أفلام ومسلسلات تجمع بين القيمة الدرامية والثقافية الراقية، وهو ما يبدو لي منسجماً مع حضارة الصورة التي نعيشها ومع هيمنة المرئي؛ عدا أنّ من شأن هذا الأمر تيسير سبل رواج نصوص روائية يتكاسل الجيل الجديد عن قراءتها، أو لربما دفعت البعض للبحث عنها في صورتها الورقية.
صحيح أنّ العمل الفني سيواجه مشكلة نقل الأفكار الفلسفية الذهنية كما يجب، وهو ما يدفع بعض المتلقين إلى الانحياز لرواية تتجاوز ما يمكن أن يقدمه لهم فيلم سينمائي يخيب ظنهم في هذا المجال.

اقرأ أيضاً: هل انتهى زمن الرواية؟
عموماً الموضوع يحتاج حرفية خاصة تجذب الجمهور لمتابعتها، وأعتقد أنّ السينما العربية عبر تاريخها تمكنت في حالات عديدة من الجمع بين القيمتين؛ المعرفية والجمالية (اللص والكلاب، ثلاثية محفوظ، قنديل أم هاشم وغيرها). وكذلك رأيت في بعض المسلسلات التلفزيونية ما حقق تفاعلاً نشطاً واستقبالاً إيجابياً (نهاية رجل شجاع لحنا مينة، واحة الغروب لبهاء طاهر، عندما تشيخ الذئاب لجمال ناجي وغيرها)، طبعاً هذا لا يلغي فشل بعضها الآخر كما "ذاكرة الجسد".
عموماً تبقى ميزة الرواية أنّها تفسح المجال واسعاً للروائي كي يطلق خياله على الورق، في حين تأتي حسابات التكاليف في الصناعة السينمائية قيداً يضحي بجوانب من شأنها الارتقاء بالعمل الفني. علماً أنّ بعض الروائيين يشترطون على الجهة المنفذة عدم التصرف بنصه إلا بعلمه، وآخرين يفاجأون بنصوصهم وقد مسخت وأصبحت أقل بكثير مما هي عليه في النسخة الورقية.
في كل الأحوال فإنّ نجاح العمل الفني يبقى مشروطاً بنص متميز يقع بين يدي مخرج متميز مع إمكانيات إنتاجية مريحة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية