رحيل فاروق وادي.. الكاتب الذي عثر على كنز الفلسطيني الوجداني المفقود

رحيل فاروق وادي.. الكاتب الي عثر على كنز الفلسطيني الوجداني المفقود

رحيل فاروق وادي.. الكاتب الذي عثر على كنز الفلسطيني الوجداني المفقود


21/09/2022

"بدي أكتب" هي آخر كلمات نطق بها الكاتب والناقد الفلسطيني فاروق وادي قبل أن يغيبه الموت أول من أمس في لشبونة بعد صراع مع المرض عن عمر (73 عاماً).

الكاتب، المولود في مدينة البيرة العام 1949، كان ينتظر كتابه الصادر قبل عدة أيام "سوداد، هاوية الغزالة" إشهاره غداً الخميس، في معرض فلسطين الدولي الثاني عشر للكتاب، التي تتواصل فعالياته حتى 24 من أيلول (سبتمبر) الجاري، وفق تقرير لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

بعد ساعات على رحيله، نشرت ابنته شهد: "بدي أكتب".  كانت هذه هي الكلمات الأخيرة لوالدي الكاتب فاروق وادي، وكأنه كان يقول لنا بأنّ الموت قد داهمه قبل أن يجف حبره...

في الدقائق الأخيرة، أخبرته عن مبادرة عدد من المبدعين الفلسطينيين بتوقيع روايته الأخيرة "سوداد - هاوية الغزالة" نيابة عنه، في معرض فلسطين الدولي للكتاب، فارتاح ورحل بعد أن عرف أنّ قلمه سيبقى خالداً بيننا..

🎞

قد يكون فاروق وادي قد سلّم نفسه للمرض، ولكنه تشبث حتّى لحظاته الأخيرة بسلاحه ولقبه الأبدي: كاتب من فلسطين المحتلة.. كاتب من أجل فلسطين حرة.

ونعى الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين ممثلاً بالأمين العام الشاعر مراد السوداني، الراحل، وقدم الاتحاد خالص التعازي وأصدقها لكتيبة الكتّاب والمبدعين، ولعائلة الراحل المبدع، راجياً له الرحمة والمغفرة، ولذويه الصبر والسلوان.

وزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف: الثقافة الفلسطينية والعربية تخسر أحد أبرز رموزها التي أغنت الساحة الثقافية بإبداعاتها الأدبية وأثرت المكتبة برؤاها الثقافية والنقدية والسردية

من جهتها، نعت وزارة الثقافة الفلسطينية الناقد والكاتب فاروق وادي، وأكد وزير الثقافة عاطف أبو سيف، أنّ الثقافة الفلسطينية والعربية تخسر أحد أبرز رموزها التي أغنت الساحة الثقافية بإبداعاتها الأدبية، وأثرت المكتبة برؤاها الثقافية والنقدية والسردية.

وقال إنّ "إرث وادي سيظل راسخاً كجبال بلادنا شامخة تعطي المعنى الحقيقي للمبدع الوطني القومي الخلاق الذي يؤصل في الأجيال معنى وعي الثقافة الوطنية ليطلع منها على اتساع الكون".

وقدم أبو سيف بالتعازي والمواساة لعائلة الراحل المبدع الكبير ومن جموع المثقفين.

كنز وجداني مفقود

ورحل وادي الذي يعد مؤلف واحدة من أهم الدراسات في الرواية الفلسطينية "ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية- غسان كنفاني، إميل حبيبي، جبرا ابراهيم جبرا) بيروت 1981. وصاحب واحدة من السير الذاتية المبدعة "منازل القلب- كتاب رام الله" بيروت 1997، التي كتبها بعد غياب قسري عن رام الله، لأكثر من ربع قرن.

في ستينيات القرن الماضي، كان وادي يبحث عن ذاته، فاكتشف كتابات غسان كنفاني، ليعلن وقتها وأصدقاؤه: شعرنا بعد أن قرأناه، بأننا عثرنا على كنزنا الوجداني المفقود، وفق وكالة (وفا).

قبل استشهاده بعدة شهور في منتصف عام 1972، ترك وادي خط سير رحلته الجامعية إلى بيروت، ليمشي وحيداً إلى محمود الريماوي الذي قاده إلى مكتب مجلة "الهدف" ليلتقي غسان كنفاني، لكن طارئاً وقع ولم يحدث اللقاء، وبعد عدة شهور أخبره صديقه حسن ابو علي بالفاجعة: لقد فجروا جسد غسان.

إرث وادي سيظل راسخاً

في العام 1970، جلب صديق لوادي رواية غسان "عائد إلى حيفا" إلى وادي، ممهورة بتوقيعه وإهدائه. الرواية التي ستسرق من مكتبته في عمان في بدايات الثمانينيات، وأمضي وادي أكثر من أربعين عاماً بحثاً عنها دون أن يجدها.

وقبل أعوام سأل وادي الصحفية بديعة زيدان في يوم من الأيام: هل أنا معروف في فلسطين؟ أجابته: معروف ونحبك.

ووفق تقرير وكالة (وفا)، كان من أوائل من نعوه الكاتب والروائي إبراهيم نصر الله قائلاً: "بكل الحزن، أنعى لكم أخي وصديقي الحبيب الناقد والروائي الفلسطيني فاروق وادي، الذي رحل قبل ساعتين".

وتابع: موجع رحيل فاروق هذا الحبيب الأكثر احتفاء بالحياة وبكل ما هو جميل وحر فيها، فاروق المبدع الكبير والنبيل الذي عاش كبيرا ورحل كبيرا. هو يُتْم القلب وعذابه أن يرحل بعيداً عنا، في البرتغال، في الوقت الذي كنا ننسق للاحتفاء بروايته الفاتنة الأخيرة (سوداد_ هاوية الغزالة) بعد يومين. كان آخر خبر سمعه فاروق هو خبر قيام عدد من المبدعين الفلسطينيين بتوقيع روايته الأخيرة نيابة عنه، في معرض فلسطين الدولي للكتاب، الشكر كل الشكر لهم، مشاركتكم كانت الخبر الأجمل الأخير الذي سمعه فاروق وأسعد قلبه.

لن أقول وداعاً فارق، فقد عشت فينا زمنا كبيرا لم يبق لنا من زمن مثله نعيشه".

تركنا لما كتب

الناقد عادل الأسطة، رثاه قائلاً: فاروق وادي وداعاً، فارقنا القاص والروائي وكاتب المقالة المميزة فاروق وادي صاحب الكتاب النقدي الوحيد "ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية؛ غسان كنفاني، إميل حبيبي، جبرا إبراهيم جبرا "، الكتاب الأكثر اقتباساً منه بالعديد من اللغات  .

بموته خسر الأدب الفلسطيني كاتب مقال مميزاً كان مقاله في جريدة الأيام الفلسطينية يدفعني إلى قراءة الجريدة من صفحتها الأخيرة.

🎞

كما نعاه الكاتب والروائي ربعي المدهون: فاروق وادي.. صديق الزمن البيروتي، القاص المتميز والروائي الجميل، الذي ترك لنا واحدة من الدراسات الأهم "ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية"، الى جانب كتاباته الأخرى.

🎞

ونشر الكاتب جهاد الرنتيسي: عرفته متأخراً بعض الشيء، في بدايات التسعينات، مع روايته "رائحة الصيف"، إطلالة رنتيس منها، علمت من خلالها أنه مر بمسقط رأسي مهاجراً بعد نكبته، كان طفلاً في ذلك الصيف، لكنه يذكر منها ما لا أعرفه عن قرية غادرتها رضيعاً بعد نكستي، كان يتجنب إجراء لقاءات صحفية، وافق على إجراء لقاء لصحيفة شيحان التي أشرفت على صفحتين ثقافيتين فيها، علشانك يا جهاد، قالها مزهواً، لم أره بعدها، وظل نصه يذكرني بفكرة نص عن رنتيس كما لاحقتني إلى منفاي الصحراوي، برحيل فاروق وادي فقدنا روائياً حقيقياً، مختلفاً.

🎞

ونشر الشاعر والكاتب غسان زقطان: اليوم رحل فاروق وادي.. أحد أجمل الكتاب الفلسطينيين وأقربهم إلى القلب. كنا في جناح دار المتوسط في معرض فلسطين للكتاب نتحدث عنه، عن لغته الجميلة وروحه المحبة وكان هناك اقتراح من محبيه لتوقيع كتابه الجديد الذي لم يصل إليه، كرسالة محبة من رام الله التي أحبته وأحبها، عندما رحل بعيداً وهادئاً كما ولد وكتب وعاش.

🎞

فيما علقت الكاتبة نزهة الرملاوي: ساعات ما قبل توقيع آخر رواية لفاروق وادي من قبل عدد من الأدباء في معرض فلسطين الدولي للكتاب، خيّم الحزن على صفحات الأدباء والمثقفين لرحيل الكاتب. فاروق وادي يتركنا لما كتب.

🎞

يُشار إلى أن فاروق وادي درس علم النفس في الجامعة الأردنيّة وتخرج فيها عام 1972. وعمل الراحل قرابة الـ 35 عاماً في المؤسسات الثقافية الفلسطينيّة.

صدر له العديد من الكتب بين الرواية والسيرة والنقد والقصة القصيرة ومنها: "المنفى يا حبيبتي"، و"طريق إلى البحر"، و"ثلاث علامات في الرواية الفلسطينية"، و"رائحة الصيف"، و"منازل القلب ـ كتاب رام الله"، و"عصفور الشمس"، و"سيرة الظل"، و"ديك بيروت يؤذن في الظهيرة".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية