ما زالت الخلافات تعصف بالحلول السياسية الرامية إلى إيجاد حل للأزمة السياسية في ليبيا، وخاصّة ما يتعلق بالتوافق حول قوانين الانتخابات، بعد أن أبدى المستشار عقيلة صالح اعتراضه على بعض البنود، وما تزال هناك خلافات معلقة حول عدد المقاعد التي ينبغي أن تكون في مجلس الأمة (الغرفة الأولى للبرلمان).
والسؤال الآخر هو الدور الذي يجب أن يلعبه كل من المجلسين؛ في تشكيل حكومة انتقالية مكلفة بالإشراف على الانتخابات، وقد اعترض بعض النواب الليبيين على أنّ اللجنة المشتركة تجاوزت صلاحياتها بالبت في التفاصيل المتعلقة بالبرلمان الجديد والحكومة المؤقتة.
وبحسب التقارير الإخبارية الليبية، فإنّ أكثر من نصف أعضاء مجلس النواب الحالي لا يوافقون على القوانين الجديدة، ممّا يعني أنّ القضية برمتها قد تعود إلى المربع الأول.
الجدل حول العمليات الأمنية في الزاوية
في غضون ذلك، يستمر الجدل حول العمليات الأمنية التي تقوم بها حكومة الوحدة الوطنية الليبية في منطقة الزاوية بغرب البلاد، في ظل تقارير تؤكد أنّ الجناح الإخواني المتشدد، الذي يتزعمه المفتي المعزول، الصادق الغرياني، يدعم تلك التحركات التي يصر رئيس حكومة الوحدة الوطنية، منتهية الولاية، عبد الحميد الدبيبة، على اعتبارها عمليات تستهدف الجريمة المنظمة في المنطقة الجبلية الغربية. ومع ذلك، فقد اتهم العديد من أعضاء مجلس النواب الدبيبة باتخاذ العمليات كغطاء للقضاء على معارضي حكومة الوحدة الوطنية، وتصفية الحسابات السياسية.
مجلس النواب، الذي سحب ثقته من حكومة الوحدة الوطنية، ولم يعد يعترف بالدبيبة كرئيس للوزراء، حمّل حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية الهجوم على منزل أحد أعضاء مجلس النواب، في المنطقة التي تجري فيها العمليات الأمنية، كما انتقدت الحكومة الشرقية في طبرق العمليات لأسباب مماثلة.
لقطات فيديو تداولها نشطاء من الزاوية أظهرت طائرات بدون طيار تابعة لوزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية وهي تضرب قوارب قبالة سواحل البلاد، ممّا أثار المزيد من الشكوك حول طبيعة العمليات وفعاليتها، خاصّة أنّ من بين الضحايا عناصر من خفر السواحل الليبي.
تصريحات المبعوث الأممي
وفي الوقت الذي يكتنف فيه الغموض مصير الانتخابات في ليبيا، شدّد مبعوث الأمم المتحدة عبد الله باثيلي على أنّ العديد من الخلافات أصبحت تعصف بعملية التوافق. وأوضح باثيلي أنّ العملية الانتخابية في ليبيا ما زالت تواجه العديد من نقاط الخلاف بين الليبيين، مشيراً إلى أنّ هذه النقاط تتطلب التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأحزاب السياسية الرئيسية.
يستمر الجدل حول العمليات الأمنية التي تقوم بها حكومة الوحدة الوطنية الليبية، في منطقة الزاوية بغرب البلاد
وأشار في إيجاز أمام مجلس الأمن الدولي أمس الإثنين إلى أنّ قانون الانتخاب الذي اقترحته لجنة (6+6) المشكلة من قبل البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، يُعدّ خطوة مهمة، ومع ذلك، لا تكفي لحل جميع المشاكل العالقة في طريق الانتخابات. وأشار باثيلي إلى أنّ معيار الأهلية للانتخابات الرئاسية، وعقد الجولة الثانية منها، ومسألة تشكيل حكومة موحدة؛ كلها قضايا خلافية تتطلب اتفاقاً سياسياً بين ممثلي الطيف السياسي في البلاد، وإلّا فإنّ العملية الانتخابية ستواجه طريقاً مسدودة مثل انتخابات 2021، وهذا سوف يؤدي إلى أزمة جديدة.
ودعا باثيلي مجلس الأمن إلى ممارسة مزيد من الضغط على الأطراف السياسية المعنية؛ لتجاوز هذه الخلافات، ودفع البلاد إلى الانتخابات، وطالب القادة الليبيين بالعمل على دعم مصالح الشعب.
أزمة توحيد المؤسّسة العسكرية
تجسد هذه الخلافات الاستقطاب الحاد المستمر، والتشعب السياسي والأمني بين الشرق والغرب في ليبيا، حيث أصبح من الصعب تهيئة المناخ لإجراء الانتخابات في موعدها، في ظل الضغط الذي تمارسه الأذرع الإخوانية المختلفة، سواء في المجلس الأعلى للدولة، أو تلك المتحالفة مع الدبيبة، وكذلك الجناح الحزبي المتمثل في حزب العدالة والبناء، بزعامة عماد البناني.
اللجنة العسكرية المشتركة مكلفة بالقضاء على أسباب الحرب الأهلية التي اجتاحت ليبيا لأكثر من عقد، وإنهاء انقسام المؤسسة العسكرية، والعمل على إبعاد المرتزقة الأجانب من البلاد
لقد مر ما يقرب من عامين منذ تشكيل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لمراجعة وضع الميليشيات المسلحة، ومع ذلك لم يكن هناك تقدم ملموس بشأن هذه القضية الأمنية الحاسمة.
اللجنة العسكرية المشتركة مكلفة بالقضاء على أسباب الحرب الأهلية التي اجتاحت ليبيا لأكثر من عقد، وإنهاء انقسام المؤسسة العسكرية، والعمل على إبعاد المرتزقة الأجانب من البلاد، لكن هناك أدلة كثيرة تؤكد دمج بعض المرتزقة الأجانب في الأجهزة الأمنية، من قبل حكومة الدبيبة.
الأمر نفسه ينطبق على لجنة (6+6) المشتركة المؤلفة من ممثلين عن مجلس النواب ومقره طبرق والمجلس الأعلى في طرابلس، فقد فشلت اللجنة في فصل السياسي عن العسكري، ممّا أثر على قراراتها، وأثار الخلافات مع مجلس النواب، وسط اتهامات بسيطرة الإخوان على اللجنة.
اجتماع بقادة الميليشيات الإخوانية
رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري التقى مساء الثلاثاء الماضي مع عدد من القيادات الأمنية والعسكرية، وأطلعهم على ما توصلت إليه لجنة (6+6) بشأن إعداد القوانين الانتخابية، رغم عدم صلتهم بالأمر ظاهرياً، لكن يبدو أنّ هؤلاء العسكريين لهم تأثير مباشر على عمل اللجنة.
يبدو أنّ المشري استقر على استخدام الذراع الإخوانية المسلحة، للضغط من أجل تمرير التعديل الـ (13) الذي يرفضه عدد كبير من النواب
من بين من التقى بهم المشري قادة ميليشيات في غرب ليبيا، على رأسهم آمر ميليشيا اللواء (444) قتال، العقيد محمود حمزة، ورئيس جهاز الأمن العام عبد الله الطرابلسي الملقب بـ"الفراولة"، ومحمود بن رجب آمر اللواء (52)، المحسوب على جماعة الإخوان في الزاوية، والمتورط في أعمال التنسيق مع مرتزقة سوريين لحماية الزاوية، والمقدم عبدالسلام زوبي، آمر ما يُسمّى ميليشيا (301)، والمطلوب على قائمة النائب العام محمد بحرون، المتهم بالانتماء لتنظيم داعش، وغيرهم.
ويبدو أنّ المشري استقر على استخدام الذراع الإخوانية المسلحة، للضغط من أجل تمرير التعديل الـ (13) الذي يرفضه عدد كبير من النواب، زاعماً أنّ التعديل الـ (13) يُعتبر نهائياً وملزماً للجميع.
مواضيع ذات صلة:
- هل تقود لجنة (6+6) ليبيا إلى الانتخابات أم تقوضها؟
- توحيد المسار العسكري في ليبيا خطوة حاسمة نحو إنجاز الانتخابات