ذكرى 25 يوليو... يوم اُسدل الستار على حقبة إخوان تونس

ذكرى 25 يوليو... يوم اُسدل الستار على حقبة إخوان تونس

ذكرى 25 يوليو... يوم اُسدل الستار على حقبة إخوان تونس


25/07/2023

عامان يمران اليوم على إجراءات 25 تموز (يوليو) 2021 الاستثنائية، واختيار الرئيس التونسي قيس سعيّد الدخول في صراع مع حركة النهضة الإخوانية، التي ما تزال تحاول يائسة العودة إلى الحكم، بعد ما أطاح سعيّد بالبرلمان والحكومة الإخوانييْن، مُعلناً عن حقبة جديدة عنوانها الأبرز "مرحلة خالية من الإخوان والفساد".

المرحلة بدأت بقرار من سعيّد بإنهاء عقد من حكم الإخوان أعادوا فيه البلاد عقوداً إلى الوراء، بعدما اختار الأخذ بزمام الأمور بنفسه، وخوض المعركة مع هذه الجماعة في العلن وبجرأة لا توصف، مسنوداً بدعم شعبي لا محدود، من خلال تجميد عمل البرلمان وتجريد أعضائه من الحصانة وإعفاء رئيس الحكومة، مستخدماً في ذلك فقرات أعلى قانون في البلاد، وما يسمح به الفصل (80) من الدستور.

وأنهت إجراءات سعيّد التي تواصلت على مدار العامين اللاحقين هيمنة الجماعة على السلطة في البلاد، ممّا سمح بإطلاق تحقيقات في تورط الجماعة في الفساد والإرهاب.

بدعم شعبي

قرارات سعيّد تم اتخاذها عشية 25 تموز (يوليو) 2021، على إثر مظاهرات تُعتبر من الأضخم على الإطلاق خلال الأعوام الأخيرة، حيث توافد مئات المتظاهرين إلى محيط البرلمان التونسي مطالبين بحله، وللاحتجاج على تردي الأوضاع الصحية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ومطالبين بإسقاط منظومة الحُكم ومُحاسبة الحكومة والغنوشي.

اتخذ الرئيس قيس سعيّد عدة إجراءات، وأصدر عدداً من القوانين التي أدت إلى تغيير المشهد السياسي

ومباشرةً على إثر الإعلان عنها خرج عدد كبير من التونسيين إلى شوارع البلاد للاحتفال، وهتف المواطنون في شوارع المحافظات التونسية بشعار "تحيا تونس"، ففي صفاقس خرج عدد كبير من أهالي المدينة للتعبير عن ابتهاجهم بقرارات الرئيس واستجابته للتحركات الشعبية التي عرفتها عاصمة الجنوب وغيرها من مناطق البلاد ضد حركة النهضة الإخوانية، كما هتف الأهالي للجيش، ورددوا النشيد الوطني مع تطويق مركباته لمبنى البرلمان.

رفض مجتمعي

هذا التجاوب الشعبي الكبير، مع قرارات الرئيس سعيّد، كشف بحسب محللين سياسيين بتونس، عن حجم الرفض المجتمعي لحكم الإسلاميين والعزلة السياسية والمجتمعية لهذا التيار، وذلك بعد الفشل السياسي غير المسبوق في إدارة وتسيير البلاد.

وقد نجم عن هذا الفشل السياسي تراجع في كل الخدمات الأساسية، نتيجة ضعف وبداية تفكيك الدولة من الداخل، وتحويل البلاد إلى "رهينة" للدستور "الملغم"، ولديمقراطية ينخرها الفساد، وبلا منجز اجتماعي واقتصادي.

مباشرةً على إثر الإعلان عنها خرج عدد كبير من التونسيين إلى شوارع البلاد للاحتفال، وهتف المواطنون في شوارع المحافظات التونسية بشعار "تحيا تونس"

وقد أشارت قراءة تحليلية قدّمها الكاتب التونسي منذر (بالضيافي) إلى أنّ "حكم الإسلاميين مثّل تجربة حكم فاشلة، ومثل عنواناً للفشل السياسي وكذلك السقوط الأخلاقي، مثلما عبر عن ذلك السواد الأعظم من التونسيين، أثناء الاحتجاجات التي تمّت يوم 25 تموز (يوليو)، حيث استهدف المحتجون مقرات الحزب الحاكم (حركة النهضة)، في إعادة إنتاج لسيناريو ما حصل قبل (10) أعوام، مع حزب الرئيس السابق زين العابدين بن علي (التجمع الدستوري الديمقراطي).

وأشار (بالضيافي) إلى أنّ قرارات سعيّد أكدت أنّه بعد مرور أكثر من (10) أعوام من المشاركة القوية والمؤثرة لحركة النهضة الإسلامية في الحكم، ما زال المشهد المجتمعي وكذلك السياسي العام يرفض حكم الإسلاميين، وهو ما أكدته أعوام الحكم الـ (10) الأخيرة، التي أثبتت أنّ "إخوان تونس" أعادوا مرة أخرى سيناريو التجارب الفاشلة والمؤلمة التي حكمت باسم تيار "الإسلام السياسي"، كما تصاعد الرفض الشعبي بسبب الممارسة السلوكية لهذا التيار، الذي وظف مقدرات الدولة لخلق "زبونية" حوله، وهو ما يعبّر عن "سقوط أخلاقي "لتيار يدّعي "العفة" و"نظافة اليد" و"المرجعية الدينية".

مرحلة المحاسبة القضائية

ومنذ إعلانه إجراءاته الاستثنائية في 25 تموز (يوليو) 2021، اتخذ الرئيس قيس سعيّد عدة إجراءات، وأصدر عدداً من القوانين التي أدت إلى تغيير المشهد السياسي، إذ تم في أيلول (سبتمبر) 2021 تعليق العمل بدستور الإخوان الصادر عام 2014، من خلال إصدار مرسوم رئاسي منظم للسلطات، وهو المرسوم الذي حمل رقم (117).

وفي تشرين الأول (أكتوبر) 2021 عيّن سعيّد نجلاء بودن أول امرأة على رأس الحكومة الجديدة، وشرع في محاسبة عدد من البرلمانيين والسياسيين المتورطين في قضايا الفساد المالي والإرهاب، ومنع رجال أعمال ورؤساء أحزاب ومنظمات وقضاة وإعلاميين ومحامين من السفر.

وأطلق في منتصف كانون الثاني (يناير) 2022 الاستشارة الوطنية الإلكترونية حول الدستور والنظام السياسي والاقتصادي، وقرّر بعدها حلّ المجلس الأعلى للقضاء عبر مرسوم رئاسي، وأقرّ استبداله بمجلس قضائي مؤقت معيّن، وذلك لإبعاد قضاة الإخوان المتسترين على القضايا الخطيرة، التي تورطت فيها قيادات الجماعة، وأبرزها الاغتيالات السياسية وقضايا التسفير إلى بؤر الإرهاب والتخابر على أمن الدولة.

قيس سعيّد نجح في ملف المحاسبة

وتقرّر في آذار (مارس) 2022 حلّ البرلمان بشكل نهائي، وذلك على خلفية عقد جلسة عامة لمجلس نواب الشعب برئاسة رئيسه آنذاك راشد الغنوشي، أقرت إبطال العمل بالتدابير الاستثنائية التي وضعها سعيّد، وحلّ الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وتعديل قانونها وتعويضها بـ (7) أعضاء معينين من قبل الرئيس.

وفي 25 تموز (يوليو) 2022 تم تنظيم استفتاء على مسودة الدستور، ليتم اعتماده بأغلبية شعبية، ويترتب على ذلك صدور مرسوم في 15 أيلول (سبتمبر) 2022 بتعديل القانون الانتخابي، من خلال فرض نظام الاقتراع على الأفراد بدل القوائم، مع خفض عدد مقاعد البرلمان إلى (161) نائباً.

التجاوب الشعبي الكبير مع قرارات الرئيس سعيّد كشف عن حجم الرفض المجتمعي لحكم الإسلاميين والعزلة السياسية و المجتمعية لهذا التيار

وفي 17 كانون الأول (ديسمبر) 2022 نظمت تونس الانتخابات التشريعية التي أسفرت عن برلمان خالٍ من ممثلين لجماعة الإخوان.

وتنفذ السلطات التونسية حملة توقيفات منذ 11 شباط (فبراير) الماضي، شملت قادة حزبيين وقضاة ورجال أعمال ومحامين ونشطاء، بتهمة "التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار، والتخطيط للانقلاب عن الحكم".

وفي 17 نيسان (أبريل) 2023 ألقت السلطات التونسية القبض على زعيم إخوان تونس  راشد الغنوشي، بتهمة التآمر على أمن الدولة.

سياسيون يتحدثون عن نجاحات الرئيس

النائبة البرلمانية فاطمة المسدي قالت: إن "هناك العديد من النجاحات التي حققها مسار 25 تموز (يوليو)، من بينها أداء البرلمان الذي تحسن بشكل غير مسبوق، وهناك مداخلات قيمة وأسئلة تنم عن تمكن النواب الجدد من ملفاتهم، ولديهم مستوى معيّن، بخلاف النواب السابقين حيث اتسم البرلمان المنحل بمشاهد فوضوية ومزايدات سياسية، وهو نجاح برلماني".

وأضافت المسدي لـ (أندبندنت عربية) أنّ "تونس تحقق الآن أيضاً نجاحات أمنية متتالية، من خلال عمليات استباقية ضد الإرهاب، ويتم إحباط مخططات إرهابية، ممّا قاد إلى استتباب الأمن في البلاد الذي أدى بدوره إلى عودة قوية للسياحة".

وأشارت إلى أنّ "قطار المحاسبة أيضاً انطلق للعديد من الشخصيات المثيرة للجدل من تنظيم الإخوان، وهو الأمر الذي يُحسب لمسار 25 تموز (يوليو)، علاوة على النجاحات الدبلوماسية التي فرضت على الاتحاد الأوروبي احترام السيادة الوطنية، فقبل 25 تموز (يوليو) يتم الاستنجاد بالأجانب، بينما اليوم العكس الاتحاد الأوروبي هو الذي يأتي إلى تونس ويحترم سيادتنا كتابةً، وليس شفاهياً فقط بلا أيّ شروط".

إبراهيم بو دربالة رئيس البرلمان التونسي اعتبر أنّ الاحتفال بذكرى عيد الجمهورية، يُعدّ مناسبة مهمّة في تاريخ البلاد.

وقال: إنّ "تاريخ 25 تموز (يوليو) يُعتبر التاريخ الرمز الذي شهدت فيه تونس أحداثاً وتطوّرات مختلفة على مرّ الزمن، واقترن كذلك بإعلان الرئيس قيس سعيّد جملة من القرارات والتدابير الاستثنائية لإنقاذ الدولة من الانهيار".

ما زال المشهد المجتمعي وكذلك السياسي العام يرفض حكم الإسلاميين، وهو ما أكدته أعوام الحكم الـ (10) الأخيرة

وأضاف بو دربالة: "كما أنقذ البلاد من أزمة سياسية حادة بين مكوّنات منظومة الحكم، في ظل التأزم غير المسبوق للأوضاع".  

وأكد أنّ عيد الجمهورية يُعدّ فرصة لتأكيد الوحدة الوطنية، والحفاظ على التماسك الذي "يظلّ السبيل الأوحد للخروج من الظرف الاجتماعي والاقتصادي الصعب ومواجهة مختلف التحديات التي تعيشها البلاد".

من جهته، رأى الناشط السياسي حاتم اليحياوي أنّ قيس سعيّد نجح في ملف المحاسبة، وأنهى منظومة 24  تموز (يوليو)، وقام ببناء جمهورية بمؤسسات جديدة ودستور جديد.

وقال اليحياوي في حديث مع صحيفة "العين": إنّ الرئيس التونسي "وعد بإعادة السيادة للشعب، أي أن يتمكن الشعب من الحكم على أرضه عبر أجهزة الدولة، على عكس ما تم بعد 2011"، في إشارة منه إلى حكم الإخوان.

مواضيع ذات صلة:

جدل العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وجبهة الخلاص في تونس

هل تكون جبهة الخلاص بوابة تنازلات النهضة لاسترضاء قيس سعيد؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية