دور الإمارات في دعم أطروحات التسامح والتعايش والأخوّة الإنسانية

دور الإمارات في دعم أطروحات التسامح والتعايش والأخوّة الإنسانية


05/02/2022

رضوان السيد

بمناسبة يوم الأخوّة الإنسانية في 4 فبراير، نستذكر قرابة الخمسة عقود من الأعمال والمساعي والسياسات الجادّة في دولة الإمارات من أجل دعم قضايا التسامح والسلام وصنع الجديد والمتقدم لهذه الجهات. لقد تمثل ذلك في أقوال وأعمال مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. وهي الأعمال التي أسَّست لشعبٍ واحدٍ تسود في أوساطه روح التضامن والتوادّ وصنع الخير ونشره في الدولة الاتحادية وجوارها والبلاد العربية والعالم أجمع. ولهذه الجهة أو الجهات تمثّل جريدة «الاتحاد» سيرةً وسجلاً حافلاً باعتبارها ناشرةً عبر كُتّابها وعروضها منذ إنشائها، مع قيام دولة الاتحاد، لقيم وأخلاقيات وممارسات وإعلانات القائد المؤسِّس وصحبه، وهي تستشرف عالَماً جديداً للاعتدال الاجتماعي والسياسي في إجراءاتها الداخلية وسياساتها الخارجية العربية والدولية.
ولنتذكَّرْ أنه في عهد أبناء القائد المؤسس، ومع تحول الدولة الاتحادية وتطورها الهائل إلى مجتمعٍ عالميٍ للتعايش والتآخي ونموذج للتنمية المستدامة، فإنّ المبادرات المستنيرة صارت مؤسساتٍ مثل وزارات الثقافة والتسامح والذكاء الاصطناعي، والقوانين ضد الكراهية وازدراء الأديان واستقبال الجديد في التقدم العلمي الخادم لثقافة وقيم المواطَنة الشاملة، وللثقافة والقيم الدينية العاملة من أجل الاعتدال وخير الإنسان والإنسانية.
وأُريدُ في هذا المجال التركيز على ثلاث مبادراتٍ تحولتْ إلى مؤسسات ذات أبعادٍ وطنيةٍ وإسلامية وإنسانية وهي: وثيقة الأخوّة الإنسانية، وميثاق حلف الفضول الجديد، وجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية.
مع وثيقة الأخوّة الإنسانية الموقَّعة بين البابا فرانسِيس وشيخ الأزهر بأبوظبي في 4 فبراير عام 2019، والتي صار تاريخ توقيعها يوماً عالمياً للتسامح والأخوّة، تظهر المقاربة الأخلاقية الكبرى للأديان وإسهام أخلاقها العالمية في مكافحة التطرف الديني، والمشكلات الناجمة عن تجاهل قيم التضامن والجوار الإنساني، والمصير إلى نُصرة إرادةٍ وعملٍ جَماعي بين أهل الديانات الكبرى للإسهام في صَوغ مستقبلٍ آخر لبني الإنسان. وأشهد وأنا أعمل في مجالات الاستنارة الدينية والإصلاح وتقارُب الأديان وتضامُنها منذ عقود، أنّ هذه الوثيقة التي صارت سياسات بدولة الإمارات وبالأُمم المتحدة، هي النص الأبرز الذي يُنهي قروناً من النزاعات والمجادلات بين ديانتين كبيرتين، ويشكّل نموذجاً لما ينبغي أن تكونَ عليه العلاقات الإنسانية والأخلاقية الحميمة بين المتدينين الملتزمين في جميع أنحاء المعمورة. وأخيراً وليس آخِراً علينا أن ندرك أن وثيقة الأخوة الإنسانية التي تمثل شراكةً من نوعٍ جديد، هي فرصةٌ شاسعةٌ لنا نحن المسلمين للمراجعة وللتأكيد على أننا لا نريد إخافةَ العالَم أو الخوف منه، بل الإسهام الحثيث في تقدمه وأمنه.
أما ميثاق حلف الفضول الجديد الذي أُعلن عنه في عام 2019 أيضاً فهو يتوجه للعالم بأنّ خطابَ الخير والفضائل ومبادراته لنصرة الضعفاء والمظلومين، عريقٌ لدى العرب في حلف الفضول الأول بين نخبةٍ من نبلاء مكة قبل الإسلام، وقد أقرّه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وصار ميراثاً للمبادرة الإنسانية لمواجهة كل أشكال الظلم والاستضعاف، والاستهداء بأخلاق السلم والجوار والضيافة. هي إنسانية الإنسان التي تتصدى لمشكلات التمييز والتفاوُت والتفويت، ونحن نستند إليها باعتبارها قيماً إنسانيةً أصيلةً، وباعتبارها شهادةً لنا أمام العالم كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخير بي وبأمتي إلى يوم القيامة.
وأذكر ثالثاً في السياق نفسِه، سياقَ الخير الكبير والتقدم الإنساني الكبير الذي تقدمه أبوظبي للمجتمعات الوطنية والعالمية، المبادرةَ العلمية والتعليمية المتمثلة بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية (2020). هناك المبارزة الكبرى التي تقوم بين العلوم الاختبارية والتجريبية والبحتة من جهة، والعلوم الإنسانية من جهةٍ ثانية. وهي المبارزة التي يريد البعض تلخيصها بأنها صراعٌ بين الدين والعلم، وهي ليست كذلك. بل تفهم جامعة محمد بن زايد الجديدة فكرتها وعملها باعتبارها مباراةً للتأهل المتبادل وليست صراعاً، وهي كما قال العلاّمة الشيخ عبد الله بن بيه رئيس مجلسها العلمي الأعلى تطمح للتكامل وتعمل من أجله، أي التكامل بين علوم الإنسان والآلة، كما كان كثيرون يقولون قبل الثورة العلمية الرابعة. نعم، جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية إنجازٌ جديدٌ باتجاه إحقاق إنسانية الإنسان الكامل والمتكامل.
يوم 4 فبراير هو يوم احتفاءٍ بالذكرى الثالثة لوثيقة الأخوّة الإنسانية، وهو في الوقت نفسه احتفاءٌ بخمسين عاماً ونيفاً من الإنجازات المنتصرة لإنسانية الإنسان وتقدّمه في دولة الإمارات.

عن "الاتحاد" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية