دعوات لحظر الإخوان في فرنسا... كيف تؤثر على أنشطة التنظيم؟

دعوات لحظر الإخوان في فرنسا... كيف تؤثر على أنشطة التنظيم؟

دعوات لحظر الإخوان في فرنسا... كيف تؤثر على أنشطة التنظيم؟


18/10/2023

استمراراً لحالة المواجهة الأوروبية مع تنظيمات التطرف، دعت دوائرسياسية فرنسية مؤخراً إلى حظر جماعة الإخوان داخل البلاد، وكافة الجمعيات والمؤسسات المرتبطة بها، في إجراء من شأنه شلّ حركة التنظيم داخل أوروبا وتقييد جانب كبير من مصادر تمويله. 

وكانت شخصيات سياسية وبرلمانية وإعلامية ومنظمات غير حكومية فرنسية قد أطلقت في 14 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري دعوات وحملات تهدف إلى حظر نهائي لجماعة الإخوان الإرهابية في فرنسا ودول الاتحاد الأوروبي، وتصنيفها تنظيماً إرهابياً، بالإضافة إلى حلّ جميع الجمعيات المرتبطة بالإخوان، مُحذّرين من قدرة الجماعة على إشعال نيران الفتنة في الضواحي الفرنسية في الوقت الذي تختاره، وفق (سكاي نيوز).

فلورنس بيرجو: الأبعاد الـ (3) للإخوان، التي تستخدم أساليبها الخداع والانحراف والتلاعب والتخريب بدلاً من الحرب المباشرة، هي ما أسميه ثلاثية الرؤية والهوية والخطة

وعبر منصّاته في وسائل التواصل الاجتماعي، تساءل ستيفان رافييه، عضو مجلس الشيوخ الفرنسي: "هل ستحلون جماعة الإخوان؟ هل ستأمرون بحلّ الجماعات المتعاونة مع حماس؟ هل ستضعون هذا الطابور الخامس بعيداً عن الأذى؟ الغرغرينا موجودة بالفعل في كل مكان بيننا، وهي إمّا أن نقضي عليها، وإمّا أن نموت".

وأضاف رافييه: "الإخوان المسلمون الذين يعيشون بيننا بسبب سياسة الهجرة المجنونة التي دعمتموها جميعاً في فرنسا، من باب الضعف أو القناعة، يجب أن يعاملوا بالطريقة نفسها التي يتم التعامل بها في إسرائيل، من خلال ردٍّ جذريّ وقاسٍ".

ولقيت منشورات رافييه تفاعلاً كبيراً وتأييداً واسعاً بين العديد من الفرنسيين الذين أعادوا نشرها، وطالبوا بطرد الإخوان، واصفين الاتحاد الأوروبي بأنّه متواطئ معهم، ومُذكّرين بأنّ النمسا أول دولة أوروبية تحظر جماعة الإخوان والعديد من منظمات الإسلام السياسي، من خلال سنّ قانون جديد لمكافحة الإرهاب في عام 2021.

ملاحقة واسعة لأنشطة التنظيم 

الدعوات الفرنسية تتزامن مع حملات أمنية موسعة تشنها السلطات الفرنسية مؤخراً ضد أنشطة التنظيم، في ضوء تحقيقات أمنية واستخباراتية رصدت أنشطة خطيرة لجماعة الإخوان داخل الأراضي الفرنسية. 

وكانت السلطات الفرنسية قد قررت في أيار (مايو) الماضي تجميد (25) مليون يورو، بعد تحقيق واسع النطاق قامت به السلطات الأمنية المختلفة حول مصادر تمويل جماعة الإخوان المسلمين في فرنسا، وكشفت صحيفة (الفيغارو) الفرنسية عن بعض تفاصيله نقلاً عن مصادر أمنية لم تعلن عن هويتها.

وأدى التحقيق المعمق إلى رصد حوالي (20) صندوق هبات، وتم منع (8) منها، ومن بينها (4) صناديق صدر بحقها شكاوى قضائية، ومنها: "الصندوق الأوروبي للنساء المسلمات"، و"الصندوق الكندي"، وصندوق "Apogée" أو "الأوج"، وفق (مونت كارلو). 

وتمّت مطالبة (5) صناديق أخرى بالإجابة عن أسئلة السلطات وتقديم تفسيرات لطبيعة عملها وآلياته، مثل صندوق "الوقف" وصندوق "التنوع للتربية والثقافة"، وقام المسؤولون عن صندوقين آخرين بإلغائهما فور تعرّضهما للتحقيق.

الدعوات الفرنسية تتزامن مع حملات أمنية موسعة تشنها السلطات الفرنسية مؤخراً ضد أنشطة التنظيم، في ضوء تحقيقات أمنية واستخباراتية رصدت أنشطة خطيرة لجماعة الإخوان داخل الأراضي الفرنسية. 

كما رصد التحقيق حوالي (10) شبكات تسيطر عليها جماعة الإخوان المسلمين، وتمتد من مدينة ليل في الشمال حتى مدينة مارسيليا في الجنوب، مروراً بالمنطقة الباريسية ومنطقة بوردو.

وتقوم هذه الشبكات، وفق المعلومات الأمنية، بتقديم مختلف أنواع الرعاية للتابعين لها، بدءاً من توفير فرص عمل في شركات تسمح بارتداء الحجاب والتغيب لأداء صلاة الجمعة، ومروراً بتوفير معونات اجتماعية وصحية، وإقامة مدارس دينية، وحتى إقامة ورعاية المساجد، فيما يشبه مجتمعاً متكاملاً، مغلقاً على أفراده، وموازياً للمجتمع الفرنسي.

خداع تحت عباءة الدين 

في السياق، كشفت فلورنس بيرجو بلاكلر عالمة أنثروبولوجيا، مكلفة بالأبحاث في المركز الوطني للبحث العلمي (HDR) في مجموعة أبحاث المجتمعات والأديان والعلمانية في المدرسة التطبيقية للدراسات العليا (باريس)، كشفت عن استراتيجية الخداع التي ينتهجها الإخوان داخل المجتمعات الأوروبية لكسب التعاطف وتحقيق التأثير. 

وتقول بلاكلر في حوار مطول نشره المركز العربي لدراسات التطرف: إنّ الأبعاد الـ (3) للإخوان، التي تستخدم أساليبها الخداع والانحراف والتلاعب والتخريب بدلاً من الحرب المباشرة، هي ما أسميه ثلاثية الرؤية والهوية والخطة. 

تضم فرنسا أكثر من (250) جمعية إسلامية على كامل أراضيها، منها (51) جمعية تعمل لصالح الإخوان، بالإضافة إلى التجمع لمناهضة الإسلاموفوبيا، وجمعية الإيمان والممارسة، ومركز الدراسات والبحوث حول الإسلام، والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، ومعهد ابن سينا لتخريج الأئمة

وتضيف: "يشتركون في رؤية عالمية وهوية عابرة للحدود الوطنية تتجاوز الحدود الثقافية والعرقية والعنصرية، ولكنّ البعد الأكثر أهمية الذي يجب تسليط الضوء عليه هو البعد الخاص بالخطة، وهو البعد الذي يراه المراقبون الأكثر غموضاً، على الرغم من أنّه ضروري لفهم كيفية اندماج المعايير الإسلامية مع العالم الحديث، ووفقاً للمبادئ الأساسية التي تتطور وتتكيف باستمرار مع تطوره."

وتتابع: "الحقيقة أنّنا ارتكبنا خطأ في اختزال الحركة الإسلامية في إيديولوجية سياسية زمنية، بينما هي سياسية دينية، وبالتالي تشمل ما هو دُنيوي وما هو غيبي، وتتنبأ بالقيامة وباليوم الآخر ونظام لعدّ أعمال البشر، مثل صكوك الغفران الكاثوليكية، ولكنّها فردية وجماعية".

كيف تتأثر هياكل التنظيم داخل فرنسا؟ 

بلا شك تؤثر الإجراءات الفرنسية الأخيرة سلباً على حركة التنظيم ومصادر تمويله، خاصة أنّ فرنسا تُعدّ أحد أهم الحواضن الأوروبية للإخوان، وتتلقى جمعيات ومؤسسات تابعة للتنظيم دعماً كبيراً من الحكومة الفرنسية. 

وتضم فرنسا أكبر عدد من الجاليات المسلمة في أوروبا، ويقدّر عدد المسلمين الذين يعيشون في المجتمع الفرنسي بحوالي (6) ملايين مسلم، وهو العدد الأكبر بين دول أوروبا، وتستغلهم جماعة الإخوان بشكل كبير لدعم نشاطها، بحسب دراسة حديثة صادرة عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات. 

وقد عملت جماعة الإخوان على تكوين إمبراطورية مالية وفكرية منذ عام 1978، بهدف تعميق تواجدها وتعزيز نفوذها في المجتمع الفرنسي، كما ارتبط التنظيم بعلاقة مصالح مع عدد من الأحزاب السياسية داخل فرنسا.

ووفق الدراسة، تضم فرنسا أكثر من (250) جمعية إسلامية على كامل أراضيها، منها (51) جمعية تعمل لصالح الإخوان، بالإضافة إلى التجمع لمناهضة الإسلاموفوبيا، وجمعية الإيمان والممارسة، ومركز الدراسات والبحوث حول الإسلام، والمعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، ومعهد ابن سينا لتخريج الأئمة. 

هذه الجمعيات تمارس، بحسب الدراسة، نشاطاً سياسياً، وتعمل لصالح الجماعات المتطرفة، ويُعدّ اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، أو "مسلمو فرنسا" حالياً، من ضمن أكثر الاتحادات المؤثرة في فرنسا، والذي تأسس في إقليم مورت وموزيل في حزيران (يونيو) 1983. 

وتشير الدراسة إلى أنّ فرنسا قد عززت خلال عامي 2021 و 2022 من جهودها في مجالي القوانين والتشريعات استكمالاً لقانون "تعزيز قيم الجمهورية". 

وكشفت الحكومة الفرنسية في 5 نيسان (أبريل) 2021 عن مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب من خلال مراقبة الإنترنت كـ (واتساب) و (سيغنال) و (تيليغرام) باستخدام الخوارزميات، وتوسيع استخدام أجهزة الاستخبارات الفرنسية للخوارزميات لتعقب الإرهابيين المحتملين. وقدمت وزارة الداخلية الفرنسية في 28 نيسان (أبريل) 2021 أمام مجلس الوزراء مشروع قانون جديد من (19) بنداً حول الاستخبارات ومكافحة الإرهاب، ويستند على ترسانة من التدابير القائمة بالأساس.

مواضيع ذات صلة:

كيف هيمن الإخوان على "منتدى الحوار الإسلامي" في فرنسا؟

كيف تسلل الإخوان المسلمون إلى فرنسا؟.. عالمة أنثروبولوجيا تجيب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية