كيف هيمن الإخوان على "منتدى الحوار الإسلامي" في فرنسا؟

كيف هيمن الإخوان على "منتدى الحوار الإسلامي" في فرنسا؟

كيف هيمن الإخوان على "منتدى الحوار الإسلامي" في فرنسا؟


16/10/2023

رغم أنّ جمهورية فرنسا تسير حسب خطوات ثابتة لمواجهة تنظيمات الإرهاب والتطرف وتيارات الإسلام السياسي، في ضوء استراتيجية شاملة تتبعها غالبية دول الاتحاد الأوروبي للحدّ من التأثيرات السلبية الناجمة عن تناميها، إلّا أنّها غفلت بشكل مقصود، أو غير مقصود، عن هيمنة تنظيم الإخوان المسلمين  على "منتدى الحوار الإسلامي" الذي تم إطلاقه في شباط (فبراير) 2022، والذي أنشأته الحكومة الفرنسية لمحاربة الإسلاموية وتعزيز الإسلام "المخلص لقيم الجمهورية".

ووفق المركز العربي لدراسات التطرف، فقد نجحت جماعة الإخوان المسلمين في اختراق المنتدى، حتى أصبح ساحة لعب للإسلاميين في البلاد، وفق ما نقل أحد النشطاء الفرنسيين في تصريح نقله المركز ذاته.

ويتكون منتدى الإسلام الفرنسي حالياً من (60) عضواً؛ هم: زعماء دينيون، وممثلو المساجد، وأعضاء الجمعيات الثقافية أو الدينية، ومثقفون عامون، ومحامون ـ يتم تعيينهم من قبل وزارة الداخلية الفرنسية وممثلي الحكومة (المحافظات) على المستويين المحلي والإقليمي.

ووفق المركز العربي، فإنّ من مهام المنتدى المعلنة: تأهيل الأئمة وتوظيفهم، وتعيين وتدريب المرشدين الدينيين في السجون والمستشفيات والجيش، وتطبيق القانون لضمان التزام الجمعيات الإسلامية بمبادئ الجمهورية، وحماية أماكن العبادة الإسلامية. ومن المقرر أن تقوم مجموعات العمل بإعداد كتيبات إرشادية عملية لمساعدة المساجد في فرنسا على الالتزام بالقانون الفرنسي.

ومع ذلك، فإنّ العمل الداخلي للمنتدى محاط بالسرّية، وقد رفضت الحكومة نشر قائمة كاملة بأعضائه، ووصفت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جاكلين أوستاش برينو، من الجمهوريين من يمين الوسط، والتي حاولت دون جدوى الحصول على قائمة كاملة للأعضاء، وصفت المنتدى بأنّه "جمعية غامضة تماماً، تضم العديد من الإخوان المسلمين".

نجحت جماعة الإخوان المسلمين في اختراق المنتدى، حتى أصبح ساحة لعب للإسلاميين في البلاد

وعلى الرغم من المماطلة التي تمارسها الحكومة، فقد تسربت مؤخراً أسماء بعض أعضاء المنتدى إلى المجلة الفرنسية (لو بوان)، التي كشفت أنّ عملاء بارزين من الإخوان المسلمين تسللوا إلى المنتدى.

وأشار الصحفي كليمان بيترولت إلى وجود العديد من المديرين التنفيذيين لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا، الذي غير اسمه إلى "مسلمي فرنسا" في المنتدى، وهو منظمة بارزة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بجماعة الإخوان المسلمين.

من بين هؤلاء الإمام الأكبر لمدينة بوردو، المولود في المغرب طارق أوبرو، الذي يواصل نشاطه في التنظيمات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

ومن خريجي اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا الموجودين الآن في منتدى الإسلام الفرنسي عميد مسجد عثمان في فيلوربان بالقرب من ليون، المولود في الجزائر عز الدين غاسي، وهو عضو رئيس في شبكة الإخوان المسلمين في فرنسا.

نجحت جماعة الاخوان المسلمين في اختراق "منتدى الحوار الإسلامي"، حتى أصبح ساحة لعب  للإسلاميين في البلاد

ومن بين أعضاء المنتدى الآخرين عميد المسجد الكبير في سان أوين سور سين عبد الغني بن علي، الذي تلقى مئات الآلاف من اليوروات في ما يُسمّى بالمنح الخيرية من الحكومة القطرية، وهو أيضاً مدرس في المعهد الأوروبي للعلوم الإنسانية، ومقره باريس، وهو معهد لاهوتي إسلامي تموّله قطر، ويوصف بأنّه "أحد جواهر" جماعة الإخوان المسلمين.

عضو آخر في منتدى الإسلام الفرنسي هو عبد الحق النبوي، المولود في المغرب، ورئيس المدرسة الوطنية لإعداد الكوادر الدينية، وهي مدرسة قامت بتدريب مئات الأئمة الفرنسيين، وهو أيضاً عضو في الجمعية الإسلامية من أجل إسلام فرنسا، وهي جمعية مقربة من جماعة الإخوان المسلمين.

ومن بين الإسلاميين الآخرين المشاركين في منتدى الإسلام الفرنسي عميد المسجد الكبير في باريس شمس الدين حافظ، والذي تسيطر عليه الحكومة الجزائرية، ورئيس اتحاد المساجد الفرنسية المغربي محمد موسوي، ورئيس لجنة التنسيق للمسلمين الأتراك في فرنسا إبراهيم ألجي، وفق تقرير للمركز العربي.

وهناك إسلامي آخر منخرط بشكل مباشر في منتدى الإسلام الفرنسي، وهو السلفي مراد دالي، وهو معروف أيضاً بدعواته للفصل بين الجنسين، والانفصالية الإسلامية، وأثنى في كثير من المناسبات على جماعة الإخوان المسلمين.

وفي سياق متصل، قام الكاتب الفرنسي المغربي محمد اللويزي، وهو عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين، والذي يكرّس وقته الآن لمحاربة استراتيجية الجماعة لأسلمة فرنسا، قام بتأريخ الجهود التي بذلتها جماعة الإخوان المسلمين على مدى أعوام للسيطرة على التعيينات ذات الأهمية الاستراتيجية للملحقين الدينيين المسلمين في السجون الفرنسية، وهي الجهود التي تم تشجيعها من قبل المؤسسة السياسية الفرنسية، ويقول إنّها تمارس الآن تأثيراً مماثلاً على منتدى الإسلام الفرنسي.

وقالت الأكاديمية الفرنسية فلورنس بيرجود بلاكلر، مؤلفة كتاب جديد عن الإخوان المسلمين في أوروبا: إنّ الجماعة سعت لتعيين ماريون لاليس منسقة لمناهضة الكراهية والتمييز ضد المسلمين.

وحذّرت من أنّ تعيينها "يدعم استراتيجية الإخوان المسلمين لاختراق مؤسسات الاتحاد الأوروبي والجامعات والمجتمع المدني".

من جهته، حذّر كليمان بيترو، الذي يكتب لصحيفة (لوبوان)، من أنّ "تأثير جماعة الإخوان المسلمين والحكومات الأجنبية لن يختفي مع هذا المنتدى؛ لأنّ الجهات الفاعلة ذاتها تعيد تقديم نفسها في المنتدى".

عمل المنتدى محاط بالسرّية، وقد رفضت الحكومة نشر قائمة بأعضائه، وعضو في مجلس الشيوخ يصفه بأنّه "جمعية غامضة تضم العديد من الإخوان"

ووصف البروفيسور الفخري تشارلز أرامبورو منتدى الإسلام الفرنسي بأنّه "ملعب قدمته الحكومة للإسلاميين"، وأضاف أنّ إسلام ماكرون في فرنسا "يتم بناؤه بمساعدة الإسلاميين على جميع المستويات".

وقد أسّس منتدى الإسلام الفرنسي بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون، ليحلّ محلّ المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي أسّسه وزير الداخلية نيكولا ساركوزي في أيار (مايو) 2003، ليكون المحاور الرئيس للحكومة الفرنسية مع الجالية المسلمة في البلاد. وكان الهدف هو جعل ممارسة الشعائر الإسلامية في فرنسا متوافقة مع قانون العلمانية الصادر عام 1905، والذي فشل في منع زحف الإسلاموية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية