دخول غزة ليس كالخروج منها

دخول غزة ليس كالخروج منها

دخول غزة ليس كالخروج منها


18/10/2023

جورج عيسى

كتب محلل شؤون الشرق الأوسط رودجر شاناهان، أن أي ضابط سيخبر المراقبين عن مدى صعوبة تحقيق مهمة تدمير. مع ذلك، هذه هي المهمة التي أوكلها القادة الإسرائيليون أقله في العلن إلى القوات الإسرائيلية.

وذكر المحلل رودجر شاناهان من "المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية" تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ"سحق وتدمير حماس"، مضيفاً أن "كل عضو في حماس هو بحكم الميت". ووعد وزير الدفاع يوآف غالانت "بمحوهم عن وجه الأرض" وقال إنهم "سوف يتوقفون عن الوجود".

تباين الآراء

من جهته، كان الجيش الإسرائيلي أكثر حذراً بعض الشيء، حيث قال بشكل مختلف إن مهمته هي "إضعاف وتدمير قدرة حماس على مهاجمة إسرائيل" أو "تفكيك حماس وقدراتها العسكرية"، وإنه يستهدف قدرات حماس العملانية والحكومية، بما في ذلك قيادة المجموعة.
من الواضح، أن هناك ضرورة سياسية تدفع أعضاء حكومة نتانياهو إلى استخدام الكلمات التي يستخدمونها، بالنظر إلى أنها حكومة قُتل في عهدها 1200 إسرائيلي بسبب الهجوم الذي بدأ من غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وستكون المرحلة البرية من الرد الإسرائيلي مهمة ومؤثرة، حيث قال أحد المتحدثين الرسميين إن هذه حرب وليست عملية عسكرية أخرى. الحملة الجوية الإسرائيلية مستمرة منذ أيام والحملة البرية ليست بعيدة. وقال غالانت إن الأمر سيستغرق أسابيع أو أشهراً لتحقيق الهدف العسكري المتمثل في القضاء على حماس.

قدراتها ستتدهور

سبق أن أشارت إسرائيل إلى أن هذه لن تكون عملية أخرى على غرار عملية "جز العشب"، حيث تكون توغلات القوات البرية في غزة محدودة من حيث المدة والنطاق، بما أن الأثر العقابي يعتبر كافياً لإعادة إرساء قواعد اللعبة. لكن الهجوم من غزة قضى على أي مفهوم لأعراف الصراع، ولهذا السبب تدخل المنطقة ظروفاً مجهولة.

من المحتمل أن يكون عدد المدنيين الذين قتلوا في غزة مطابقاً لعدد القتلى في إسرائيل، وسوف ترتفع تلك الأرقام بالرغم من توجيهات إسرائيل بإجلاء السكان إلى جنوب وادي غزة. وسوف تُلحق القوات البرية والجوية الإسرائيلية خسائر مخيفة بحماس خلال العملية، مما يؤدي إلى تراجع قدرتها لسنوات. حسب الكاتب، ما من شك في أن حماس ستتدهور إلى حد أكبر مما حصل لها في أي وقت مضى. ولكن من غير المرجح أن يتم تدميرها.

علامة الاستفهام

السؤال الكبير هو ما الذي سيحدث بعد أن تقوم القوات البرية الإسرائيلية بتحقيق جميع الأهداف، وتطهير كل الأرض التي طُلب منها تطهيرها، وتُركت في الأراضي القاحلة شبه المهجورة التي هي عليها غزة. وإذا كانت تسعى إلى تدمير حماس، بما في ذلك قدرتها على الحكم، فمن الذي سيدير القطاع؟.

ببساطة، سيسمح الانسحاب المتسرع لحماس، أو لأولئك الذين يحملون وجهات نظر مماثلة، بإعادة ترسيخ أنفسهم، بينما فكرة أن السلطة الفلسطينية قد تكون راغبة (أو قادرة) على حكم غزة بعد غياب دام 20 عاماً هي فكرة صعبة على نحو مماثل. كما أن فكرة سعي إسرائيل إلى إعادة احتلال غزة لا يمكن الدفاع عنها سياسياً على مستويات عدة.

درس واحد

من المرجح ألا تكون الحكومة الإسرائيلية قد قررت بعد ما الذي سيحدث بعد "استنفاد إراقة الدماء". في الوقت الحالي، إنه وقت الحرب. لكن إذا كان ثمة درس واحد ينبغي تعلمه من تجربة الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان وأماكن أخرى واحتلال إسرائيل لجنوب لبنان طوال عقدين من الزمن، فهو أن الدخول بالقوة إلى بلد ما أسهل دائماً من الخروج منه.

وبالرغم من أن الرغبة في الانتقام هي المحرك المهيمن للحكومة الإسرائيلية في الوقت الراهن، يبقى أن رغبتها في تدمير حماس قد لا تكون قابلة للتحقيق عملياً. لكن الأهم من ذلك هو أن قادة إسرائيل بحاجة إلى البدء في إشغال عقولهم الآن بما سيحدث بعد إشباع الرغبة في الانتقام.

عن موقع "24"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية