
وقع هجوم يوم الإثنين الماضي على مسجد في سلطنة عُمان، وأسفر الحادث حسبما نقلت وكالة الأنباء العُمانية عن "وفاة (5) أشخاص ومقتل أحد رجال الشرطة ومقتل الجناة الـ (3) إضافة إلى إصابة (28) شخصاً من جنسيات مختلفة، بينهم (4) أشخاص من رجال الشرطة ومنتسبي هيئة الدفاع المدني والإسعاف تم نقلهم إلى المؤسسات الصحية لتلقي العلاج، وأعلن تنظيم (داعش) بدوره عبر وكالة (أعماق) أنّ (3) انغماسيين هاجموا تجمّعاً للشيعة أثناء ممارسة طقوسهم السنوية في معبد لهم بمنطقة "الوادي الكبير" بالعاصمة، وأنّ المقاتلين فتحوا نيران أسلحتهم الرشاشة على الشيعة، ثم اشتبكوا مع القوات العُمانية التي وصلت إلى المكان، واستمرّت الاشتباكات حتى صباح اليوم التالي للعملية.
وقد نفت السلطات العُمانية أنّ الذين قاموا بالعملية هم من الباكستانيين التابعين للتنظيم، ألبسهم التنظيم زيّاً عُمانياً، وقاموا بعملية انغماسية، وقتال مباشر مع القوات العُمانية لساعات طويلة بالليل. وقالت شرطة عُمان السلطانية في بيان: إنّ "الجناة الـ (3) المتورّطين في حادث إطلاق النار في الوادي الكبير هم عُمانيون وهم إخوة، لقوا حتفهم نتيجة إصرارهم على مقاومة رجال الأمن، وقد دلّت إجراءات التحرّيات والتحقيقات على أنّهم من المتأثرين بأفكار ضالة".
هل تمدد داعش إلى مسقط؟
رغم أنّ سلطنة عُمان تمتاز بأنّها دولة هادئة ومستقرة أمنيّاً، مثل دول الخليج الأخرى، إلا أنّ التنظيم أراد أن يجعلها منطقة عمليات تثبت وجوده وتمدده.
وكانت مصادر خاصة قد حذرت في وقت سابق من عمليات ستقوم بها خلايا من تنظيمي (القاعدة وداعش) في دول الخليج العربي، عن طريق انتقالها من اليمن، موضحة أنّ الاستثمار والحصول على الجنسية العُمانية أصبح ميسوراً خلال الفترة الماضية، وأنّ الإرهابيين يتحركون في دول الخليج بجوازات سفر عُمانية، كما أنّ زعيم داعش بالجزيرة العربية (أبو إسحق المهاجر) لديه جواز سفر عُماني، وهو غير معروف الاسم.
واصل التنظيم إصدار نشرته الأسبوعية (النبأ)، التي تضمنت إحصائيات بأكثر من (70) عملية ومقتل أكثر من (100).
وكان تنظيم (القاعدة) قد خطط في العام الماضي للقيام بعملية إرهابية في دولة الإمارات عن طريق عُمان والخليج، إلا أنّ السلطات العُمانية أفشلت العملية وقبضت على الخلية.
أمّا أسباب اهتمام التنظيم بدولة عُمان، فيرجع إلى عدة أسباب؛ أهمها وفق ما نقلته BBC هو اعتماد عُمان مبدأ "الحدود المرنة"، مع سكان المحافظة المحليين الذين أصبح بمقدور الكثير منهم اجتياز الحدود العُمانية والقيام بأعمال التجارة ونقل البضائع عبر الحدود، وشملت سياساتها لضمان أمن الحدود تقديم مساعدات إنمائية وإغاثية لعموم سكان المهرة الذين لا يتجاوز تعدادهم (350) ألف نسمة تقريباً، لكنّ ذلك في الوقت نفسه أدى إلى سيولة حدودية وانتقال عناصر إرهابية بطريقة متخفية إلى سلطنة عُمان واتخاذها محطة انتقال إلى دول أخرى.
يقول السيد عبد السيد، محلل الشؤون الأمنية المقيم في السويد، في تصريح لـ (سي إن إن): الهجوم الذي تعرضت له مسقط يوم الإثنين الماضي هو أول هجوم لما يُسمّى بتنظيم الدولة الإسلامية في تاريخ عُمان، وهو جزء ممّا يُسمى بحرب الدولة الإسلامية من أجل البقاء، وإنّه بعد هزيمة خلافة التنظيم في سوريا والعراق عام 2019، بسبب فقدان الأراضي التي كانت تحت سيطرة التنظيم، يحاول ترسيخ وجوده من خلال الهجمات الإرهابية التي تُشارك فيها خلايا أصغر، مضيفاً أنّ المنفذين في الغالب من أنصار التنظيم، ويريدون تقديم دليل للعالم على وجود تنظيمهم من خلال تنفيذ هذه الهجمات.
وكانت وثائق خاصة تتحدث عن والي الولايات البعيدة يقول فيها: إنّ سلطنة عُمان محطة انتقال مهمة، وهناك سهولة في العبور إليها، وهي محطة يمكن أن توصل التنظيم إلى دول أخرى.
وكانت الولايات المتحدة قد فرضت من قبل عقوبات على شبكة تعمل على تهريب الأسلحة تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، وهي تتشكل من عناصر كثيرة تعمل في الصومال واليمن ومنطقة المهرة بعُمان، وكان منها أسامة عبد المنجي عبد الله بكر، أحد مؤيدي داعش في البرازيل.
وتحدث مصدر يمني خاص (رفض ذكر اسمه) عن سهولة الحصول على الجنسية العُمانية بمبالغ مالية طائلة عن طريق مشاريع استثمارية، والحصول على الجنسية جعل عناصر التنظيم يتنقلون إلى عُمان ومنها إلى اليمن أو إلى الإمارات، مضيفاً أنّ أمير تنظيم داعش يتنقل بين الكويت وقطر والإمارات بجواز السفر العُماني لإدارة شؤون الخلايا المنفردة، وهناك محاولات لعمليات إرهابية من خلال سلطنة عُمان تم إبطال مفعولها أكثر من مرة.
ويعتبر من أهم الأسباب لتمدد التنظيم إلى سلطنة عُمان النشاط الإخواني الكبير فيها، بعد انتقال عناصر كثيرة من تركيا إلى مسقط عن طريق القوانين الجديدة للاستثمار، وكان أبرزهم المصري ياسر العمدة.
لماذا تمدد التنظيم؟
تمددت عمليات التنظيم مقارنة بالعام الماضي إلى مناطق أخرى من الناحية العملياتية والإعلامية، وخلال الأسبوع الماضي فقط قام ببعض العمليات منها: عملية انتحارية واشتباكات ضد قوات التحالف الأفريقي قرب بلدة (تومبوما) بمنطقة (برنو) شمال نيجيريا، وتم قتل عنصر من الميليشيات الموالية للجيش النيجيري قرب بلدة (غوبيو)، كما تم قتل نحو (10) عناصر من التحالف الأفريقي بتفجير قارب لهم في بحيرة (تشاد)، واشتباكات مع الميليشيات الموالية لجيش النيجر قرب قرية (بوسو بانغو) بمنطقة (تيلابيري)، ووقعت اشتباكات مع التنظيم قرب قرية (غورغاجي) بوسط أفريقيا، وتم استهدافه لآلية على الطريق بين قريتي (تشابي)، وهجم على ثكنة للجيش الكونغولي في قرية (موندومبيني)، واشتبك التنظيم مع دورية للجيش الرواندي، بين قريتي (ليمالا) و(مباو).
سلطنة عُمان محطة انتقال مهمّة، وهناك سهولة في العبور إليها، وهي محطة يمكن أن توصل التنظيم إلى دول أخرى.
وأمّا عن النشاط الإعلامي، فقد واصل التنظيم إصدار نشرته الأسبوعية (النبأ) التي تضمنت إحصائيات بأكثر من (70) عملية، ومقتل أكثر من (100)، وأصدر بياناً حول تصريحات الرئيس الموزمبيقي وعقده اتفاقية مع رواندا لمجابهة التنظيم، وأنّ رواندا بدأت باستعراض قوتها إعلامياً أملاً بالحصول على مواطئ قدم تمكنها من الحصول على حصة أكبر من الغاز والمعادن، وفق التنظيم. كما أصدر بياناً حول أنّ مواده الأرشيفية بدأت بعض الصفحات بتزويرها، وأنّه خلال الأيام المقبلة سيعيد أرشفة مواده ونشرها كلها.
وقد ضاعف فرع داعش في مالي من مساحة الأراضي التي يسيطر عليها. وزاد عدد وحجم العمليات الإرهابية التي يقوم بها خلال هذا الشهر مقارنة بالشهور الماضية. وجاءت معظم هجمات التنظيم ضد الكنائس والقرى المسيحية، خاصة في النيجر وموزمبيق.
وقد تركّز نشاط داعش بشكل أساسي في موزمبيق في مقاطعة كابو ديلغادو، الواقعة في أقصى شمال موزمبيق، والتي تبلغ مساحتها (82.625) كيلومتراً مربعاً ويبلغ عدد سكانها (2.320.261) نسمة. فضلاً عن حدودها مع منطقة متوارا، في دولة تنزانيا المجاورة، فهي تجاور مقاطعتي نامبولا ونياسا، وتمثل كابو ديلغادو معقل التنظيم ومركز هجماته الرئيسية. كما سيطر على مدينة (ماكوميا) في موزمبيق. وأخيراً قام بعملية مسقط الإرهابية.
وهناك أسباب متعددة لتنوع وزيادة عمليات تنظيم داعش؛ أهمها هو هيكلته الجديدة التي اعتمدت بشكل كبير على فرع الولايات البعيدة، وجملة الأسباب السياسية والاقتصادية التي أعطت حاضنة كبيرة للتنظيم.