خطة الإخوان البديلة... "حرب عرقية في السودان"

خطة الإخوان البديلة... "حرب عرقية في السودان"

خطة الإخوان البديلة... "حرب عرقية في السودان"


23/05/2024

بعد مرور أكثر من عام على إشعال جماعة الإخوان الحرب بين الجنرالين؛ قائد الجيش عبد الفتّاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان (حميدتي)، وخوضها بجانب الأول عبر كتائبها الجهادية وميليشياتها المختلفة، ومن خلال تولي الإعلام العسكري والدعاية الحربية والعلاقات الخارجية؛ التي تبدّت بشكل كبير في استعادتها لعلاقاتها بإيران والحصول على مسيّرات من الحرس الثوري، فشلت الجماعة في تحقيق أيّ انتصارات عسكرية أو سياسية أو دبلوماسية، لكنّها ظلت تضغط على قيادة الجيش التي تدين لها بالولاء "في المنشط والمكره"؛ للحيلولة دون الجلوس إلى مفاوضات مع قوات الدعم السريع لوضع نهاية للحرب الضروس الدائرة بينهما. 

الآن تقود الجماعة ومن يوالونها خطاً إعلامياً ودعاية سياسية من خلال استغلالها للانتهاكات التي تترافق عادة مع الحروب،  وتصويرها كأنّها استهداف ممنهج لبعض القبائل، لربما لو كُتِبَ لها النجاح ستتحول الحرب السودانية إلى حرب إثنية ضارية في مجتمع يدين جلّه بالولاء للقبائل أكثر من الدولة نفسها.

الخطة (ب) 

تعرّضت الميليشيات والكتائب الإخوانية والداعشية التي تحارب بجانب الجيش إلى هزائم متتالية، كان آخرها معركة منطقة الجيلي التي تضم أكبر مصفاة للبترول في البلاد، وتقع على بُعد عدّة كيلومترات شمال العاصمة الخرطوم، ممّا اضطر قيادة الجيش تحت ضغط إعلام الجماعة إلى قصف المصفاة؛ التي تُعتبر أهم مرفق اقتصادي بالبلاد وتدميرها، الثلاثاء 21 أيار (مايو)، وكذلك لاقى القصر الجمهوري الذي تجاوز عمره قرنين من الزمان المصير نفسه، قبل أسبوع واحد من ذلك.  

يعتقد مراقبون أنّ تدمير البنية التحتية والمرافق الاقتصادية لن تكون الخطة الأخيرة للجماعة

ويعتقد مراقبون أنّ تدمير البنية التحتية والمرافق الاقتصادية لن تكون الخطة الأخيرة للجماعة التي تخطط وتضع السياسيات وتُصدر الأوامر وتتخذ القرارات، فيما تتولى قيادة الجيش مهمة تنفيذها على الأرض؛ الذي تسبب في غضب وسخط الجماهير عليها، وأنّ الخطة التالية بدأت ملامحها تتبلور في صيغة خطابات ذات طابع عنصري إقصائي؛ بدءاً من وصف قبائل بعينها في غرب وشرق السودان، خصوصاً القبائل العربية، بأنّها وافدة إلى البلاد، وأنّه ما إن تضع الحرب أوزارها بعد أن تحسم لصالح الجيش والميليشيات الإخوانية ـ وفقاً لأمنياتهم ـ فسوف يتم حرمانها من حقوق المواطنة والجنسية والحقوق الاقتصادية والتعليمية، الأمر الذي تسبب وما يزال يتسبب بمخاوف جمّة بين منسوبي القبائل المستهدفة بالخطاب العنصري، ممّا سيدفعهم مُضطرين إلى التحالف مع قوة لها شوكة عسكرية لحماية أنفسهم وممتلكاتهم والدفاع عن وجودهم في هذا البلد، مهما كلّف الامر؛ ولن يجدوا غير قوات الدعم السريع، بعد أن تطابقت عقيدة الجيش مع عقيدة الجماعة، وأصبح يتبنّى أفكارها وإيديولوجيتها وخطابها الحافر بالحافر. 

كتائب إخوانية عنصرية 

الظاهر والماثل على السطح أنّ كتائب وميليشيات الإخوان تقودها ويتشكل معظم مقاتليها من عناصر تتبع لجماعات عرقية محددة في شمال البلاد، وهذه العناصر ذات الإيديولوجية الإسلامية والنزعة العنصرية هي التي تقود الجيش أيضاً، وهي التي تضخ الخطاب الإعلامي العنصري والجهوي توطئة لتحويل الحرب الحالية إلى حرب عرقية لا تسثنى أحداً؛ الأمر الذي يمثل  خطراً داهماً، ليس على بقاء السودان موحداً ضمن جغرافيته الحالية بعد استقال جنوبه عام 2011، للأسباب الدنية والعرقية ذاتها، وإنّما  يمثل خطراً وجودياً على مواطنيه الذين ربما سيتعرضون إلى الفناء. 

ويحمّل مراقبون الميليشيات الإخوانية التي تسيطر على سلطة الأمر الواقع المسؤولية الأخلاقية والسياسية لأيّ حروب قادمة قد تتخذ صيغة الإبادة الجماعية على أساس العرق والجهة، لكونها من تتبنّى الخطاب العنصري والتوصيف القبلي للحرب، وعلى رأسها كتيبة البراء بن مالك التي يقودها الإرهابي المصباح أبو زيد طلحة، التي تنضوي تحت لوائها عدة ميليشيات؛ أهمها: البرق الخاطف، وكتيبة الطيارين، وأنصار الشريعة، وكتيبة الشهيد أنس، وكتيبة الشهيد عبد جماع، والكتيبة الاستراتيجية التي يقودها المتطرف منتصر الماحي. والجدير بالذكر أنّ كتيبة البراء بن مالك كان يقودها اللواء أمن أنس عمر، وهو إخواني جهادي إرهابي معروف، حرّض على  الحرب قبل عام من اندلاعها، قبل أن يقع في الأسر لدى قوات الدعم السريع بعد أسبوع تقريباً من بداية الحرب. 

ميليشيات جهوية 

وبالتوازي مع هذه الميليشيات التي تأسست منذ عهد الرئيس الإخواني المخلوع عمر البشير، شرعت الحركة الإسلامية (إخوان) بتأسيس كتائب وميليشيات مسلحة أخرى معظم عناصرها وقادتها  من الإخوان المنتمين عرقياً إلى ولاية نهر النيل (شمال السودان)، وهي الولاية التي ينحدر منها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ومساعده ياسر العطا ورئيس الحركة الإسلامية وقائد ميليشياتها ومؤسس ميليشيا الدفاع الشعبي في بداية عهد الرئس المخلوع عمر البشير ووزير خارجيته في مرحلة ما، الإخواني الجهادي علي أحمد كرتي، وكذلك ينتمي إليها مدير جهاز الأمن والمخابرات السابق، الإخواني المتشدد صلاح قوش، وغيرهم من عتاة الإخوان الراديكاليين. 

وأبرز هذه الكتائب هي كتائب المجاهدين التي تتستر تحت عنوان ما يُسمّى بـ (المقاومة الشعبية) والتي يقودها قادة الأمن الشعبي، وهو جهاز أمن جماعة الإخوان، وقد أعلن قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان الثلاثاء 21 أيار (مايو) من معقل الميليشيا في شمال السودان، أنّه سوف يسلحها ويمدّها بالعتاد العسكري والإمدادات اللوجستية وسيارات الدفع الرباعي القتالية ويضمها إلى الجيش نفسه. 

خشية الجماعة 

وتقابل هذه الميليشيات الإخوانية المسلحة ميليشيات (إعلامية، إليكترونية) موازية تعمل على  بث خطاب الكراهية والعنصرية والقبلية على وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً (فيسبوك)، وتتبنّى خطاباً شعبوياً تحريضياً عنصرياً ليس له خطوط حمراء، بل إنّ تلفزيون السودان الرسمي الحكومي الذي يشرف عليه ويديره قائد الجيش نفسه، استضاف أحد الإخوان العنصريين وكبار المحرضين على سفك الدماء والحرب على أساس جهوي وعنصري، رغم أنّه يتحدث متخفياً  باسم مستعار ووجه مخفي، إلا أنّ تقارير متطابقة كشفت عن أنّه الإخواني محمد محمود السماني، الذي يُعتبر قائد الدعاية الحربية التي تدعو إلى حرب عنصرية وقبلية، خصوصاً أنّه حال قبل عبد الفتاح البرهان، أو نائبه شمس الدين الكباشي، دون الجلوس إلى مفاوضات مع قوات الدعم السريع التي تخشى الجماعة انتقامها وبأسها لكونها من شنت الحرب عليها، إذا ما تم التوصل إلى اتفاقية سلام بين قوات الدعم السريع وبين الجيش السوداني.   

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية