حزب "عمار بنغلاديش" ذراع جديدة للإخوان في مشهد سياسي مضطرب

حزب "عمار بنغلاديش" ذراع جديدة للإخوان في مشهد سياسي مضطرب

حزب "عمار بنغلاديش" ذراع جديدة للإخوان في مشهد سياسي مضطرب


25/10/2022

مناورة جديدة تشهدها الساحة السياسيّة المضطربة في بنغلاديش، بطلها جماعة الإخوان المسلمين، فبعد أن قامت المحكمة العليا البنغاليّة بإلغاء ترخيص حزب الجماعة الإسلاميّة، الذراع السياسيّة للإخوان، وبالتزامن مع ملاحقات أمنيّة غير مسبوقة لقيادات التنظيم ومنسوبيه، يسعى الكيان الجديد الذي خرج من رحم الجماعة الإسلاميّة منذ نحو عامين، والذي يُعرف بحزب عمار بنغلاديش، إلى خوض الانتخابات المقبلة، عبر الحصول على التراخيص اللازمة.

كان ما يسمى بالتيار الإصلاحي داخل الجماعة الإسلاميّة، قد شرع في تكوين الحزب الجديد من عناصر انشقت جميعها عن الذراع السياسيّة للإخوان. ويسعى الحزب الإخواني الجديد إلى الحصول على ترخيص مزاولة العمل الحزبي، ومن ثمّ التسجيل في لجنة الانتخابات؛ وبالفعل توجهت مجموعة من ممثلي الحزب الجديد إلى مقر اللجنة العليا للانتخابات في دكا، وتمّ تقديم طلب بذلك.

كان الحزب أصدر بياناً في 16 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، أكد فيه أنّه قدّم طلباً إلى المفوضية العليا للانتخابات؛ للتسجيل كحزب سياسي، ولفت البيان إلى أنّ سليمان تشودري قام بتسليم الالتماس الخاص باعتماد الحزب إلى المفوضية، وأرفق به لائحة الحزب، والعلم والرمز المقترحين، وعنوان المكتب المركزي، وعقود الملكية أو الإيجار الخاصّة بالمقار، وقائمة اللجنة المركزية واللجنة التنفيذية المركزية، وقائمة بأسماء حوالي 22 ألف عضو مسجلين في القوائم الانتخابية، وقائمة بأرقام الناخبين وإثبات انضمامهم للحزب، بالإضافة إلى إثبات وجود لجان فعالة في ما لا يقل عن ثلث المقاطعات الإدارية.

التأسيس والأيديولوجيا

يعود الفضل في تأسيس حزب عمار بنغلاديش، إلى القيادي الإخواني سليمان تشودري، الذي استقال من الجماعة الإسلاميّة، في كانون الأول (ديسمبر) 2019، وكان يشغل آنذاك منصب سكرتيرها العام، كما كان رئيساً للمنتدى المهني الوطني للمنظمة المهنية للجماعة. بالإضافة إلى مجيب الرحمن مانجو، الرئيس السابق للجناح الطلابي (إسلامي شهاترا شبير) في الجماعة الإسلاميّة، وهو الجناح الأكثر عنفاً وراديكالية داخل التنظيم، وغادر مانجو الجماعة في شباط (فبراير) 2020، إثر خلافات أيديولوجية تدور حول موقفه من حرب الاستقلال.

التسجيل الخاص بحزب الجماعة الإسلاميّة، أُلغي بأوامر من المحكمة؛ لعدم استيفاء الشروط

أعلن مجيب الرحمن مانجو اسم الحزب الجديد في مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، بوصفه المتحدث الرسمي للحزب، في أيّار (مايو) 2020، من المكتب المركزي للحزب في منطقة فيجاي ناجار بالعاصمة دكا. وكشف آنذاك عن أبرز نقاط الاختلاف مع الجماعة الإسلاميّة، وهي اعتبار حرب الاستقلال في العام 1971، من الركائز الوطنية التي يقوم عليها الحزب.

وحضر تدشين الحزب الجديد، الصحفي الإخواني الشهير تاج الإسلام، ومحامي قادة الجماعة الإسلاميّة في محكمة مجرمي الحرب الجنائية، جبير أحمد بويان، ومحامي الإخوان الأشهر، أسد الزمان فؤاد وآخرون.

يسعى الحزب الإخواني الجديد إلى الحصول على ترخيص مزاولة العمل الحزبي، ومن ثمّ التسجيل في لجنة الانتخابات

 

وكان تشودري قد أكد في أعقاب الإعلان عن حزبه الجديد، أنّ عضوية حزب عمار بنغلاديش سوف تكون متاحة للمسلمين والهندوس والبوذيين والكاثوليك، وأنّ اختلافاً أيديولوجيّاً بينه وبين الجماعة الإسلاميّة هو الذي أدى إلى استقالته من الأخيرة.

وكشفت تقارير محلية عن الدور الخفي الذي يلعبه القيادي الإخواني، الشيخ عبد الرزاق، كبير مساعدي الأمين العام للحزب والمحامي البارز، والذي استقال من الجماعة الإسلاميّة؛ بسبب خلافات حول الموقف من حرب التحرير وإصلاح الحزب، وتؤكد التقارير المحلية أنّ عبد الرزاق هو الدينامو الحقيقي وراء تشكيل الحزب الجديد. وعن ذلك الدور يقول مجيب الرحمن مانجو: "كلما طلبنا مساعدته ونصائحه، قدم لنا النصيحة والتعاون المناسبين".

ارتباط وثيق بالجماعة الإسلاميّة

تقارير أمنية بنغاليّة، لم تستبعد استمرار الروابط القوية بين حزب عمار بنغلاديش والجماعة الإسلاميّة؛ حيث يُعد مجيب الرحمن مانجو، سكرتير الحزب الجديد، من أبرز منظري العنف في المنظمات الطلابيّة الإخوانية، كما أنّ منسق الحزب، سليمان تشودري سبق وتورط في التخطيط لأعمال عنف عديدة، وتمت مداهمة مكتبه عندما كان نائباً مفوضاً في حكومة خالدة ضياء، بتهمة الإرهاب، وكذلك فإنّ اللجنة المركزية للحزب تضم في عضويتها 222 عضواً، معظمهم مرتبطون بالجماعة الإسلاميّة وشهاترا شبير.

ويُعد الميجور المتقاعد، عبد الوهاب منار، أحد قيادات الحزب الجديد للإخوان، وهو معروف بانحيازاته الأيديولوجية للتيار الراديكالي داخل الإخوان.

تقارير أمنية بنغاليّة، لم تستبعد استمرار الروابط القوية بين حزب عمار بنغلاديش والجماعة الإسلاميّة

 

من جهة أخرى، رفض زعماء وقادة الجماعة الإسلاميّة، التعليق على إشهار الحزب الجديد، لكنّ السكرتير السابق للحزب، شاه عبد الحنان، قال إنّه لا يرى حاجة لأيّ حزب جديد في المشهد السياسي الحالي، فهناك كل أنواع الأحزاب السياسية في البلاد: إسلامية، يسارية، قومية. وبالتالي لم يعد هناك مكان فارغ، لكنّه لم يهاجم التجربة بحدة، قائلاً: "لم أعتقد أنّهم يستطيعون القيام بعمل جيد، لكنّهم فعلوا ذلك، والآن سنرى ما سيحدث".

معركة تسجيل الحزب

تقدم الحزب بأوراقه إلى المفوضية العليا للانتخابات، قبل الموعد النهائي لتقديم طلبات تسجيل الأحزاب السياسية، وهو 30 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري. وبحسب المفوضية فإنّ عملية مراجعة المستندات سوف تستغرق وقتاً ربما يمتد إلى بضعة أشهر؛ بهدف التحقق من دقة المعلومات على المستوى الميداني. وتخطط المفوضية للانتهاء من تسجيل الأحزاب الجديدة، بحلول حزيران (يونيو) من العام المقبل.

وكان نائب سكرتير أمانة لجنة الانتخابات، عبد الحليم خان، أكد أنّ 18 حزباً جديداً على الأقل تقدمت بطلبات للتسجيل في مفوضية الانتخابات حتى الآن.

جدير بالذكر أنّ التسجيل الخاص بحزب الجماعة الإسلاميّة، أُلغي بأوامر من المحكمة؛ لعدم استيفاء الشروط، وقال مفوض الانتخابات، السيد ألامغير، في آب (أغسطس) الماضي، رداً على سؤال من الصحفيين حول مستقبل الجماعة، إنّ الجماعة الإسلامية، التي فقدت تسجيلها، ليس لديها فرصة لأن تُدرج في المفوضية العليا للانتخابات تحت اسم مختلف. الأمر الذي يطرح إمكانية رفض طلب حزب عمار بنغلاديش، في حال ثبوت العلاقة بينه وبين الجماعة الإسلاميّة.

أمير الجماعة الإسلاميّة في بنغلاديش، الشيخ شفيق الرحمن

مجيب الرحمن مانجو، قرر استباق الأحداث، ملوحاً بالخروج إلى الشارع في حال رفض طلب تسجيل حزبه، حيث قال: "بعد استيفاء جميع الشروط ، إذا تم العبث بتسجيل الحزب، فسيتم تشكيل حركة جماهيرية تقف أمام المؤامرة".

وكان حزب عمار بنغلاديش قد نظم مؤتمراً صحفياً، في قاعة المحامين بالمحكمة العليا، بعد ظهر يوم السبت 15 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، تحدث فيه سليمان تشودري، وقرأ سكرتير الحزب، مجيب الرحمن مانجو، بياناً مكتوباً حول عملية تقديم طلب تسجيل الحزب، ووصف شروط لجنة الانتخابات بالتعقيدية.

أمين سر الحزب قال إنّ عملية تسجيل الحزب كانت صعبة للغاية، ووصف تعامل الأجهزة الحكومية مع حزبه بالعنيف على مختلف المستويات من قادة ونشطاء، كما هاجم الشرطة البنغاليّة؛ بداعي أنّها كانت تمنع عقد الاجتماعات المحلية لأعضاء الحزب.

مجيب الرحمن زعم أنّ بعض المتشددين من أعضاء الجماعة الإسلاميّة، نشروا فتاوى ضدّ الحزب الجديد على مواقع التواصل الاجتماعي، وادعى أنّ أحدهم أصدر فتوى بالقتل. وهي التصريحات التي وصفها البعض بالكاذبة، وتأتي سعياً إلى فض الاشتباك مع الجماعة الإسلاميّة، بشكل ظاهري، من أجل اقتناص التسجيل بلجنة الانتخابات.

مواضيع ذات صلة:

إخوان بنغلاديش بين ممارسة الحسبة وخطاب المظلوميّة

الإخوان المسلمون في بنغلاديش: خطابات تحريضية ومخططات أفغنة

الفتنة الطائفيّة.. خطة الإخوان الأخيرة في بنغلاديش



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية