حرب الحوثيين الاقتصادية... أشكالها وأهدافها

حرب الحوثيين الاقتصادية... أشكالها وأهدافها

حرب الحوثيين الاقتصادية... أشكالها وأهدافها


23/02/2023

تتصاعد الحرب الاقتصادية بين الحكومة اليمنية الشرعية وميليشيات الحوثي الإرهابية مع ‏تعثر جهود السلام، واتخاذ الميليشيات الموالية لإيران إجراءات لتعطيل العجلة الاقتصادية، ممّا ‏يفاقم المعاناة الإنسانية في البلاد.‎

فقد أعاق الحوثيون قدرة الحكومة المعترف بها دولياً على تصدير النفط، وهو مصدر حيوي ‏لإيرادات الدولة، وذلك من خلال شن هجمات بطائرات مُسيّرة على الموانئ في جنوب البلاد ‏لمنع الناقلات من تحميل النفط الخام، وفق ما نقلت وكالة "رويترز".‏

ولم تتوقف إجراءات الحوثي التخريبية على قطاع النفط؛ بل تجاوزتها حين اتخذت سلسلة من ‏الإجراءات التي تستهدف تشديد الخناق على الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً وتجفيف ‏إيراداتها المالية، ولم تستهدف فقط القطاع الاقتصادي والمالي الحكومي؛ بل امتدت إجراءاتها ‏إلى شركات القطاع الخاص العاملة في المناطق المحررة، والتي باتت تواجه حزمة من ‏القرارات الحوثية التي تحدّ من نطاق نشاطها.‎

ووفقاً لما نقلته صحيفة "العرب" اللندنية، فقد أجبر الحوثيون الشركات والموردين في مناطق ‏سيطرتهم على تحويل بضائعهم وحاوياتهم التجارية إلى ميناء الحديدة بدلاً من ميناء عدن، ‏وفُرضت عقوبات مالية على أيّ بضائع قادمة عبر المنافذ البرية بين المناطق المحررة ‏والأخرى الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية، ونُصِبت نقاط جمركية في تلك المناطق.‎

أعاق الحوثيون قدرة الحكومة المعترف بها دولياً على تصدير النفط،

وقالت مصادر إعلامية: إنّ الحوثيين باتوا يمنعون دخول الكثير من المنتجات القادمة من ‏المحافظات المحررة، ويتعمدون تأخيرها لأسابيع في النقاط الجمركية المستحدثة، بهدف ‏إضعاف شركات القطاع الخاص العاملة في المحافظات الجنوبية وابتزازها وإجبارها على نقل ‏نشاطها الاقتصادي إلى المحافظات الخاضعة لسلطة الحوثيين التي تضم الكتلة السكانية ‏الأكبر في اليمن.‎

وحذّر مراقبون وخبراء اقتصاديون يمنيون من انعكاس الإجراءات الحوثية، التي ترقى إلى ‏حرب اقتصادية مفتوحة، على الوضع الاقتصادي والمالي ضمن المناطق المحررة، في ظل ‏غياب أيّ إجراءات مماثلة من قبل الحكومة الشرعية لعكس نتائج وآثار الإجراءات الحوثية ‏التي طالت القطاع الخاص في المحافظات المحررة.‎

الحوثيون يجبرون الشركات والموردين في مناطق ‏سيطرتهم على تحويل بضائعهم وحاوياتهم التجارية إلى ميناء الحديدة بدلاً من ميناء عدن

كما حذّروا من العواقب السياسية لمثل هذه الإجراءات التي تزيد من حالة الاحتقان الشعبي ‏في المحافظات المحررة، وتُضاعف الضغط الشعبي على الشرعية.‎

وحسب ما نقل موقع "اليمن العربي"، فقد حذّر خبراء اقتصاديون يمنيون من انعكاسات تحويل السفن التجارية إلى ميناء الحديدة على ‏المنظومة الاقتصادية في المحافظات المحررة، إضافة إلى تعزيز مثل هذه الخطوة المفاجئة ‏لموارد الحوثيين المالية وتمكينهم من الهيمنة على القطاع الاقتصادي والمالي في اليمن، في ‏الوقت الذي تمر فيه الحكومة الشرعية بأزمة اقتصادية كبيرة نتيجة تعطل تصدير النفط وآثار ‏الحرب المالية والاقتصادية الحوثية.‏

ووصف الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر في تصريح صحفي لموقع "مايو 24"، ما ‏يقوم به الحوثي تجاه الاقتصاد اليمني بأنّه "عملية تدمير سيتضرر منها الشعب بشكل ‏كامل، وليس الحكومة اليمنية، وهي عملية تبدو مدروسة، الهدف منها زيادة ضغط الحجم ‏الشعبي على مجلس القيادة الرئاسي، لإظهار عجزه أمام الشعب أوّلاً، وأمام المجتمع ‏الدولي ثانياً، لكي يسوّق نفسه على أنّه البديل الناجح، وأنّه قادر على كل شيء".‎

مراقبون وخبراء اقتصاديون يمنيون يُحذّرون من انعكاس الإجراءات الحوثية، التي ترقى إلى ‏حرب اقتصادية مفتوحة على المناطق المحررة

وجاء التصعيد الحوثي على الصعيد الاقتصادي بعد سلسلة من الهجمات التي شنتها ‏الميليشيات المدعومة من إيران على موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة، وتسببت وفقاً ‏لرئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك في خسارة الشرعية ما يقارب المليار دولار أمريكي ‏نتيجة توقف تصدير النفط.‎

بدوره، قال رئيس الغرفة التجارية أبو بكر باعبيد، في تصريحات صحفية نقلها موقع "الأمناء نت": إنّ "التجار بدؤوا ‏يستوردون البضائع عبر ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين؛ بسبب منع الجماعة عملية الاستيراد ‏عبر ميناء عدن".‏

الحوثيون اتخذوا سلسلة من ‏الإجراءات التي تستهدف تشديد الخناق على الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً وتجفيف ‏إيراداتها المالية

وكشف باعبيد عن قيام السفن التجارية التي كانت تصل إلى ميناء عدن بتغيير مسارها خلال ‏الأيام القليلة الماضية صوب ميناء الحديدة بشكل مفاجئ.‏

وقال رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر في تصريح صحفي لصحيفة "العرب": إنّ "هناك قرارات سابقة اتخذتها جماعة الحوثي تتعلق بتحويل مسار السفن أو مسار الحاويات ‏عبر ميناء الحديدة"، مرجحاً أن يكون الإجراء الأخير جزءاً من تفاهمات معينة في إطار ‏المشاورات مع الحوثي التي تجري بوساطة عمانية. ولفت إلى أنّ من بين الشروط الرئيسية ‏لجماعة الحوثي أن يتم دخول الحاويات إلى ميناء الحديدة.‏

الطاهر يصف ما ‏يقوم به الحوثي تجاه الاقتصاد اليمني بأنّه عملية تدمير سيتضرر منها الشعب بشكل ‏كامل، وليس الحكومة اليمنية

وأضاف نصر: "هذا بكلّ تأكيد ستجني من خلاله جماعة الحوثي مليارات الريالات من ‏العائدات الضريبية والجمركية، وسيكون تأثيره سلبياً على ميناء عدن والموانئ الواقعة ‏تحت سيطرة الحكومة اليمنية، مع توقّع أن تتراجع العائدات الضريبية والجمركية إلى 70% تقريباً جرّاء تحويل مسار الحاويات.

ويرى محللون تحدثوا لموقع "الحرة" أنّ الحوثيين حوّلوا صراعهم إلى "حرب اقتصادية"، وأنّهم كثفوا الضغوط لتحقيق مكاسب اقتصادية في المحادثات التي تقودها الأمم المتحدة لتمديد اتفاق الهدنة عن طريق استهداف موانئ النفط في مناطق تسيطر عليها الحكومة.

وقال المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ماجد المذحجي: إنّ الحوثي استبدل المعارك بـ "حرب اقتصادية" لحرمان الحكومة المعترف بها دولياً من مواردها.

باعبيد: التجار بدؤوا ‏يستوردون البضائع عبر ميناء الحديدة الخاضع للحوثيين؛ بسبب منع الجماعة عملية الاستيراد ‏عبر ميناء عدن

وأضاف  المذحجي أنّ الحوثي يتطلع إلى "اقتسام موارد النفط" مع الحكومة الشرعية، وهو شرط لتمديد الهدنة المنتهية في 2 تشرين الأول (أكتوبر).

‏وكانت قناة "يمن شباب" قد أوضحت في تقرير لها تبعات حرب الحوثيين الاقتصادية، ومفاقمتها لمعاناة اليمنيين في كافة أنحاء البلاد، ومحاولة الميليشيات مع النظام الإيراني لإغراق الاقتصادي الوطني، دون مراعاة لمصالح البلاد، في ظل تعنت الحوثيين بشأن مطالبهم لتمديد الهدنة المتعلقة بتوحيد العملة ودفع رواتب مقاتليها.

وخلال فترة الهدنة الأممية استمر الحوثيون -وبشكل تصاعدي- في اعتماد أسلوب الحرب ‏الاقتصادية المفتوحة على الحكومة الشرعية، عبر استهداف موانئ تصدير النفط، والمضي ‏قُدماً في الإجراءات الأحادية لتجفيف إيرادات الحكومة، الأمر الذي تسبب في زعزعة البنية ‏الاقتصادية الهشة في المحافظات المحررة، وجعل الحكومة اليمنية تتكبّد خسائر تناهز المليار ‏دولار، وفق ما نقلت وكالة "سبأ نت" الرسمية عن رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك.

خبراء اقتصاديون: تحويل السفن التجارية إلى ميناء الحديدة سيعزز موارد الحوثيين المالية، وسيمكنهم من الهيمنة على القطاع الاقتصادي والمالي في اليمن

وكشف عبد الملك في إحدى جلسات القمة العالمية للحكومات التي عقدت في دبي عن ‏انكماش الاقتصاد اليمني إلى النصف، وخسارة حوالي (800) مليون دولار إلى مليار دولار ‏نتيجة الهجمات الحوثية على المنشآت والموانئ النفطية.‏

ويدور النزاع في اليمن منذ عام 2014 بين ميليشيات الحوثي الإرهابية، المدعومة من إيران، وبين قوات الحكومة الشرعية.

وتسبّبت الحرب بمقتل مئات آلاف الأشخاص بشكل مباشر أو بسبب تداعياتها؛ ممّا جعل اليمن يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية