"جمعة الكاوتشوك": الفجر الأبيض وراء الدخان الأسود

فلسطين والاحتلال

"جمعة الكاوتشوك": الفجر الأبيض وراء الدخان الأسود


08/04/2018

"جمعة الكاوتشوك" التي أشعلها المقاومون الفلسطينيون في الجمعة الثانية لتحضيرات "مسيرة العودة الكبرى" جاءت قبل أسابيع قليلة من الذكرى السبعين للنكبة الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني، وفي ظلّ استعدادات الجانب "الإسرائيلي" للاحتفال بنقل السفارة الأمريكية والافتتاح المُزمع لمقرّها الجديد بالقدس المحتلّة في الخامس عشر من أيار (مايو) المقبل، في يوم ذكرى النكبة 1948.

وجاء اسم الجمعة من الأسلوب الذي ابتكره الشباب؛ حيث عمدوا إلى جمع الإطارات المستعملة وإحراقها، بهدف منع الرؤية عن القناصين من جيش الاحتلال، وذلك بعدما كان قناصو الجيش قد أطلقوا الرصاص الحيّ والمتفجّر على الفلسطينيين المشاركين يوم الجمعة (30/3/2018) في "مسيرة العودة الكبرى"، في ذكرى "يوم الأرض"، ما أدى الى سقوط نحو 20 شهيداً، وإصابة أكثر من 1400 جريح، بحسب تقارير وزارة الصحة في قطاع غزة.

ابتكر الغزيون أسلوب مقاومة جديداً؛ فعمدوا إلى جمع الإطارات المستعملة وإحراقها، لمنع الرؤية عن قناصي الاحتلال

وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" قد أصدرت تقارير وثّقت فيها تعمّد جنود الاحتلال عمليات القتل، في حين فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بخصوص الأحداث، في جلسة طارئة عقدت مساء الجمعة (30/3/2018) بدعوة من دولة الكويت.

حرق الكاوتشوك مضرّ بالبيئة!

وما أن أعلن المنظمون عن "جمعة الكاوتشوك" وبدء التحضيرات لها، حتى ظهر عدد من المتحدثين باسم الاحتلال عبر صفحات التواصل الاجتماعي، محاولين تحويل المسيرة عن موضوعها وغايتها، ليناقشوا أموراً كأثر حرق "الكاوتشوك" على الصحة والبيئة و"حُرمة" الإضرار بالبيئة، ما دفع بالعديد من الناشطين على مواقع التواصل الى السخرية من هذه المحاولات، مع التأكيد أنّ "هناك من لوّث الحياة كلّها"، وعلى أنّ الاحتلال هو "الخلل والضرر الأكبر الذي يهون معه كل ضرر". في حين ذكّر آخرون باستخدام الاحتلال سلاح "الفوسفور الأبيض" في الحرب على غزة؛ حيث لم يتحدث أحد عن ضرره البيئي في حينه. أمّا بعض الناشطين فرأوا في اللون الأسود المنبعث من الإطارات المشتعلة رمزاً لقتامة الاحتلال وبشاعة ممارساته وأفعاله.

السلمية في مواجهة الرصاص الحيّ

وفي حين أكدّ المتظاهرون مراراً –كما في الجمعة مسيرة العودة السابقة–  التزامهم التامّ بالسِلمية، أعلنت قوات الاحتلال استنفارها وحشدها المزيد من القوات المسلحة على طول الحدود مع القطاع، ومنهم 100 قناص، وأصدَرَ وزير الدفاع، أفيغدور ليبرمان، أوامر مطلقة باستخدام الرصاص الحيّ؛ حيث ترك ذلك لتقديرات الجنود.

وجاءت تهديدات الاحتلال في مقابل ضعف في الموقف الدولي؛ حيث لم يوجّه البيت الأبيض أي انتقاد للاحتلال، واكتفى بدعوة المتظاهرين الفلسطينيين الى التزام السِلمية، في حين اكتفى الاتحاد الأوروبي بدعوة الاحتلال إلى "ضبط النفس".

ذكّر ناشطون باستخدام الاحتلال "الفوسفور الأبيض" في الحرب على غزة، ولم يتحدث أحد عن ضرره البيئي وقتها

الكاوتشوك في مواجهة القناصّة

ومع انطلاق فعاليات مسيرة الجمعة، عمدت قوات الاحتلال إلى إطلاق العيارات النارية مع القنابل الغازية المسيّلة للدموع على جموع المتظاهرين، الذين كانوا يبعدون مئات الأمتار عن السياج الحدودي الفاصل، ونجح الدخان المنبعث في التقليل من عدد الإصابات عمّا كان عليه يوم الجمعة الماضي؛ حيث وصل عدد الشهداء إلى تسعة وتجاوز عدد الجرحى الأربعمائة جريح، بحسب آخر تقارير لوزارة الصحة الفلسطينية، وكانت معظم الإصابات قد وقعت بعد بدء تلاشي الدخان.

نمط جديد من أنماط المقاومة

ووصل عدد المتظاهرين إلى حوالي العشرين ألف متظاهر، تجمعوا بالقرب من الحدود في المناطق المحاذية لمدينتي غزة وخان يونس، واكتفى المتظاهرون برفع العلم الفلسطيني وحده؛ حيث شكلت المسيرة نمطاً جديداً من أنماط المقاومة الشعبية، وشكلاً جديداً من المواجهة، استلم فيه الشعب الفلسطيني زمام القيادة والمبادرة، بعد أن كانوا لأعوام ينتظرون الفعل والمبادرة من التنظيمات والفصائل.

كما شكّلت المسيرة قاعدة إجماع ونقطة التقاء بين الفلسطيينين من مختلف الاتجاهات والتنظيمات، يأمل الفلسطينيون أن تتحول إلى خطوة على طريق إنهاء الانقسام، وإعادة توجيه البوصلة نحو مواجهة العدو المحتلّ.

التأكيد على حق العودة

تأتي مسيرة "جمعة الكاوتشوك"، ضمن سلسلة من المسيرات بدأت مع "مسيرة العودة الكبرى"، وتستمر حتى حلول ذكرى النكبة في الخامس عشر من أيار (مايو) المقبل؛ حيث تهدف إلى إحياء سبعينية اللجوء الفلسطيني، وإعادة القضية الفلسطينية إلى مربعها الأول باعتبارها قضية احتلال ولجوء وعودة، والتأكيد على حقوق ومطالب الشعب الفلسطيني العادلة، وعلى رأسها حق العودة.

الصفحة الرئيسية