قال رئيس مجلس النواب الليبي، المستشار عقيلة صالح، إنّه "اطلع على مسودة قوانين الانتخابات المعدة من لجنة (6+6)، ووجد فيها نقطة مقصود بها تعطيل الانتخابات، وهي إجراء جولة ثانية إجبارية في الانتخابات الرئاسية".
وأضاف رئيس مجلس النواب في كلمته في جلسة مجلس النواب، الإثنين الماضي: "حتى لو حصل المرشح على 99% من الأصوات؛ ستجرى الجولة الثانية". معرباً عن تعجبه من تلك النقطة غير المسبوقة، مؤكداً أنّه لا مثيل لها في دول العالم.
مقترحات عقيلة صالح لفض الاشتباك
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أنّ التخوف كان من مسألة ازدواج الجنسية، حيث إنّ الليبيين مروا بظروف معينة؛ دفعتهم لأخذ جنسيات أخرى، والقوانين الدولية تسمح بذلك، مضيفا: "أنا معكم بأنّ الرئيس يجب ألّا يحمل جنسية أخرى، ولكن التنازل عنها يجب أن يكون بعد فوزه في الانتخابات".
واقترح رئيس مجلس النواب منح مهلة للفائز خمسة عشر يوماً، في حال حمله جنسية أخرى ليتنازل عنها، وإن لم يفعل يجرى تسمية المرشح الثاني رئيساً للبلاد؛ إن حصل على الأصوات الكافية، أو تجرى انتخابات بين صاحبي المركز الثاني والثالث. وتابع رئيس مجلس النواب: "وزير الخارجية المغربي السيد ناصر بوريطة، اقترح عدم إعلان نتيجة الانتخابات، قبل تنازل المرشح الفائز عن جنسيته الأخرى". مضيفاً: "رئيس مجلس الدولة السيد خالد المشري، اطلع على تلك الاقتراحات". مؤكدا أنّه لا يعلم ما رأيه بشأنها.
وأوضح صالح أنّ مجلس النواب لم يتسلم حتى الآن مسودة القوانين، التي أعدتها لجنة (6+6). مؤكداً أنّه "لم يرغب في السفر إلى المغرب؛ لأنّ التعديل الدستوري الـ13 يقر للجنة إحالة المسودة فور التوافق عليها إلى مجلس النواب، دون الحاجة إلى التوقيع عليها منه، أو من رئيس مجلس الدولة".
وأكد رئيس مجلس النواب، أنّ "المجلس قام بواجبه لتحقيق الاستحقاق الانتخابي"، قائلًا: "قمنا بما هو مطلوب؛ من أجل الاستحقاق الانتخابي، وأصدرنا التعديل الدستوري الثالث عشر، وشكلنا لجنة (6+6)، وأصدرنا سابقاً قانوني انتخاب الرئيس ومجلس النواب، ونشرا في الجريدة الرسمية، وننتظر إنجاز لجنة (6+6) لأعمالها".
بنود إجرائية
خلال الجلسة، تمّت مداولة ومناقشة ما وصلت إليه لجنة (6+6)، وأُجل البند إلى حين استلام ما توصلت إليه اللجنة بشكل رسمي إلى مجلس النواب.
فتحي المريمي: المجلس سوف يعمل مع مجلس الدولة، من أجل دعم جهود الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية
كما تمّت مناقشة بند التوزيع العادل للثروة وإيرادات النفط واستعمالها في مجالات التنمية، ومنع استخدامها في الأغراض السياسية، ووضع صياغة للتعديلات القانونية اللازمة، وتمّ التصويت بالأغلبية على أن يؤول تشكيل لجنة تتكون من المناصب السيادية المعنية المنقسمة من الجانبين، إلى هيئة رئاسة المجلس، وندب خبراء مختصين ونواب عن لجنة المالية والطاقة، ولجنة متابعة الأجهزة الرقابية؛ بواقع ثلاثة نواب عن كل لجنة، مع مراعاة التمثيل الجغرافي.
وفيما يتعلق ببند ما يستجد من أعمال، تمّ التصويت بأغلبية النواب الحاضرين، على مشروع قرار بشأن عدم المساس بالثروات السيادية.
وفي ذات البند ما يستجد من أعمال، تمّ التصويت بالأغلبية على تفويض هيئة رئاسة المجلس؛ بتشكيل لجنة للتواصل مع كافة الأطراف السياسية، وأخذ ملاحظاتهم حول القوانين الانتخابية وتقديمها للمجلس؛ في سبيل تحقيق حالة من التوافق حولها لضمان تنفيذها.
نية مبيتة لجماعات الإسلام السياسي
في هذا السياق، أشار الكاتب الليبي، هيثم الورفلي، إلى أنّ المستشار عقيلة صالح لم ينتقد إلّا مادة واحدة، وهي المادة التي تلزم إجراء جولة إعادة في الانتخابات الرئاسية، حتى لو تحصل أيّ مترشح على 90% من نسبة الأصوات في الجولة الاولى. واستطرد الورفلي في سياق حديثه لـ"حفريات" وهو يتساءل؛ كيف من يأتي بهذه الأصوات أن يدخل لجولة ثانية؟ وتابع: "ذلك يدل على النيّة المبيتة من تيار الإسلام السياسي؛ لعرقلة الانتخابات في حال خسارته الجولة الأولى، إذ تمنحهم مدة الشهر، الفرصة لتعطيل الجولة الثانية".
ويواصل هيثم الورفلي حديثه قائلاً إنّ هذه النقطة تحديداً، أصرّ عليها رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، وتيار الإسلام السياسي بصفة عامة.
أمّا بالنسبة للجنة (6+6)، فقد ولدت من رحم التعديل الدستوري الثالث العشر، والذي ينص في أحد مواده على أنّ كلّ ما يخرج عن اللجنة هو ملزم وغير قابل للتعديل، وما على مجلس النواب إلّا إصداره ونشره في الجريدة الرسمية، غير أنّ المستشار عقيله صالح قال إنّ مجلس النواب سيناقش بعض المواد التي تهم الوطن، وأنّه سوف يتركون فرصة أخرى للجنة (6+6) للالتقاء وتعديل ما يمكن تعديله.
في هذا السياق، أشار فتحي بوعلوبة المريمي، المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، في تصريح خاص لـ"حفريات"، إلى ترحيب مجلس النواب الليبي خلال جلسة يوم الثلاثاء الماضي بمدينة بنغازي، بما اتفقت عليه لجنة (6+6)، وأنّ المجلس سوف يعمل مع مجلس الدولة، من أجل دعم جهود الوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
هيثم الورفلي: يبدو مرعباً أن نتحدث عن مجلس النواب القادم، وهو يضم في تشكيلته عدداً من النواب الذين يتبعون هذه الميليشيات، وهو سيناريو أسود
وبخصوص التحديات التي تجابه الاستحقاق الانتخابي، واستقرار الأوضاع السياسية في ليبيا، يذهب الكاتب الليبي هيثم الورفلي، إلى التأكيد على وجود تحديات جمة تواجه تنفيذ الاستحقاق الانتخابي، ومن أهم تلك التحديات، سيطرة المجموعات المسلحة على عدة مدن في المنطقة الغربية.
الورفلي لفت إلى أنّ الذاكرة الليبية ما زالت تتذكر أحداث ما جرى خلال العام 2021، عندما تمّ تحديد موعد للانتخابات، غير أنّ مجموعات في المنطقة الغربية قامت بسرقة البطاقات الانتخابية، وحرقت أكثر من مركز انتخابي؛ فضلاً عن صعوبة تأمين صناديق الاقتراع، وهي تحت سيطرة ميليشيات بعينها؛ لذلك قد يبدو مرعباً أن نتحدث عن مجلس النواب القادم، وهو يضم في تشكيلته عدداً من النواب الذين يتبعون هذه المليشيات، وهو سيناريو أسود.
على خلفية ذلك، يؤكد الكاتب الليبي، أنّ جماعة تيار دار الإفتاء والصادق الغرياني، لا يريدون أن تحدث أيّ انتخابات؛ لأنهم يدركون جيداً عدم حصولهم على أي أصوات، وأنّ هذا التيار لا يملك أيّ حاضنة اجتماعية في أغلب مدن ليبيا، ولذلك هم يعملون وفق قاعدة غريبة: "إمّا أن تكون الانتخابات بحسب مصالحهم، وتكون انتخابات إقصائية لكل من يعارضهم، أو يبقى الأمر كما هو عليه".
قانون ملغم ومتناقض
من جانبه يقول النائب في مجلس النواب، جبريل أوحيدة، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إنّ هذه المادة التي تلزم بجولة إعادة في الانتخابات الرئاسية، مهما كانت نسبة حصول المرشح الرئاسي على الأصوات الانتخابية، أدرجت في مسودة القوانين الانتخابية، للتخلص من المترشح الأول، في حالة ما إذا ما كان لا يروق لمجموعات معينة، وهو الأمر الذي يعني إفشال الانتخابات بطريقة أو بأخرى.
ويتابع أوحيدة تصريحاته بقوله إنّ مسودة القوانين كلها متناقضات، حيث توجد مادة عن شروط الترشح، تنص صراحة على أنّ المترشح للرئاسة ينبغي أن يكون من أبوين ليبيين، ولا يحمل جنسية دولة أخرى، وهنا النص واضح؛ بمعنى عدم جواز الترشح لمزدوجي الجنسية من البداية، ولكن في مادة أخرى نجدها تنص على أنّ مزدوج الجنسية سيستبعد في الجولة الثانيةـ إذا لم يتنازل عن جنسيته!
جبريل أوحيدة: القانون كله متناقضات وأخطاء حسابية في توزيع المقاعد، وهو الأمر الذي أششارت إليه ملاحظات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات
نحو ذلك، يؤكد النائب جبريل أوحيدة، أنّ القانون كله متناقضات وأخطاء حسابية في توزيع المقاعد، وهو الأمر الذي أشارت إليه ملاحظات المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، وطالبت بتضمين ملاحظاتها حتى تستطيع تنفيذها.
إلى ذلك، يشير أوحيدة إلى أنّ البلاد أمام معضلة حقيقية، حيث إنّ القانون وفق الإعلان الدستوري، ينص على أنّه بعد التوقيع عليه لا يفتح، ويحال مباشرة إلى التنفيذ. وبناء عليه يرى أنّ هذا القانون لن ينجح، ولن يرى النور كونه غير قابل للتنفيذ.
مواضيع ذات صلة:
- البرلمان الليبي يصوت على سحب الثقة من فتحي باشاغا... لماذا؟