جدل حول حقوق المسيحيين في المغرب يسبق زيارة البابا للرباط

المغرب

جدل حول حقوق المسيحيين في المغرب يسبق زيارة البابا للرباط


27/03/2019

من المرتقب أن يزور البابا فرانسيس المغرب يومي 30 و31 من الشهر الجاري، استجابة لدعوةِ ملك المغرب محمد السادس، وتأتي هذه الزيارة بهدفِ تعزيز الحوار بين الأديان.

اقرأ أيضاً: جورجي زيدان اللبناني المصري المسيحي المسلم المُفترى عليه
وتزامناً مع ذلك وجّهت تنسيقية المسيحيين المغاربة رسالة إلى البابا، يطالبون من خلالها مؤسسة الفاتيكان بـ"التدخل بشأن موضوع الحرية الدينية بالمملكة المغربية"، وأوردت في رسالتها المفتوحة "أنّ السلطات المغربية تنتهك الحرية الدينية للأشخاص المعتنقين للديانة المسيحية وتعرضهم للاضطهاد، من خلال استمرارِ الاعتقالات غير القانونية في حقهم"، موضحةً أنّ "أجهزة الأمن مارست التعذيب وسوء المعاملة في حق البعض منهم".

اقرأ أيضاً: مسيحيّو فلسطين اعتصموا بالثورة والمقاومة وأناروا العالم بحضورهم
لكن هناك من شكّك في مصداقية هذه الرسالة، واعتبر أنّ هدفها "المتاجرة بقضية المسيحيين المغاربة"، "حفريات" التقت بممثلين عن المسيحيين المغاربة، تحدثوا عن وضعيتهم، وكيف يرونَ زيارة البابا للمغرب، وردّهم حول دعاوى الاضطهاد والتمييز.
تبرؤ واتهامات
"نحن نتبرّأ من جميع الأخبار الكاذبة التي تسيء للمسيحيين المغاربة، وتزعم أننا تقدمنا بشكاياتٍ للبابا فرانسيس، وأننا سنتعامل بشكلٍ غير لائق غداة زيارتهِ للمغرب"، يقول أدم الرباطي، رئيس اتحاد المسيحيين المغاربة.
ويضيف الرباطي في حديثه لـ"حفريات": "البابا ليس قاضياً لكي نتقدم بشكايات له.. وزيارة البابا حدث سيجمع رمزين، وهما البابا فرانسيس الأب الروحي لأغلب المسيحيين، والملك محمد السادس أمير المؤمنين، ويجب على جميع النخب في المغرب أن تساند هذه الزيارة وتعمل على إنجاحِها".

من المرتقب أن يزور البابا فرانسيس المغرب يومي 30 و31 من الشهر الجاري استجابة لدعوة ملك المغرب

وقبل أيام قليلة من زيارةِ البابا إلى المغرب دعت "تنسيقية المسيحيين المغاربة"، السلطات المغربية إلى ضمانِ حقوقِ المسيحيين المغاربة، مشددة في بيان أصدرته الخميس الماضي، على أنّها تُطالب السلطات بـ "ضمانِ حريةِ العبادة في الكنائس، والحق في الزواجِ الكنسي أو المدني، وفي الطقوس الجنائزية المسيحية، وإعفاء الأطفال المسيحيين من تعلم الدين الإسلامي المفروض عليهم في المدارس، وأن يُمنح الأطفال الحق في الحصول على أسماءِ مسيحية".
وطالبت تنسيقية المسيحيين المغاربة، الرباط والبابا فرانسيس باغتنام هذه الزيارة للحوارِ بأكبر قدر من الصراحة في موضوع حرية المعتقد بالنسبة لجميع المواطنين المغاربة.

اقرأ أيضاً: المسيحيون في الخليج
ويتضمن جدول الزيارة لقاءً مع مهاجرين مقيمين وإلقاء خطاب حول الحوار بين الأديان.

 الرباطي في حديثه لـ"حفريات": "البابا ليس قاضياً لكي نتقدم بشكايات له
وأشار بيان التنسيقية إلى ضرورة وقف ما أسمته "المضايقات الممارسة على الكنائس الرسمية في البلاد، بما فيها الكنيسة الكاثوليكية، بهدف إثناء هذه الكنائس عن استقبال وتعلم وتعميد، وتثبيت وتزويج المغاربة الذين يختارون طواعية الإيمان المسيحي".
ولا تعترف السلطات المغربية بهذه التنسيقية التي تقدم نفسها باسم الدفاع عن حقوق المسيحيين، ولم تصدر السلطات المغربية رداً على بيان الجمعية حتى الآن.

اقرأ أيضاً: "إمارات التسامح" تحتضن 40 كنيسة ومليون مسيحي
ومن جهتها أعربت "الجمعية المغربية للحقوق والحريات الدينية"، عن أملها في أن يناقش البابا مع السلطات "بعض الانتهاكات لحرية الدين بالنسبة للمسيحيين في المغرب".
"يهدفون إلى زرع الفتنة"
من جهته، اعتبر آدم الرباطي أنّ هذه البيانات مسيئة للمسيحيين المغاربة، وفي هذا الصدد يقول "إنّهم يرغبون في الركوبِ على زيارة البابا، واعتبارها ورقة ضغط، إنّه رمز ديني ليس لديه علاقة بمشاكلنا".

وجهت تنسيقية المسيحيين المغاربة رسالة للبابا طالبوا فيها الفاتيكان بـ"التدخل بشأن موضوع الحرية الدينية بالمملكة المغربية"

ويضيف رئيس اتحاد المسيحيين المغاربة لـ"حفريات": "من يُصدر هذه البيانات ليس لديه علاقة بالمسيحية.. نحن نعتبرهم تجار دين، يتحدثون باسم الجمعيات، ونحن نرفض ذلك، هم يهدفون إلى زرع الفتنة، وتأكدنا أنّ لديهم تمويلاً خارجياً".
وفي ذات الصدد، يوضح الرباطي: "أجدادنا كانوا يحترمون حرية المعتقد وعاشُوا مع اليهود والمسيحيين ولم يسبق لأحد أن عانى من الاضطهاد آنذاك، وهذه المشاكل التي تُتاجر بها هذه الفئة هي مجرد مشاكل خاصة ليس لها علاقة بالدين، وهو أمرٌ طبيعي يمكن أن يحدث لأي مواطنٍ مغربي بغض النظرِ عن دينه، لكنهم يستغلونه ويروجونه على أنّه اضطهاد باسم الدين". 

اقرأ أيضاً: تهنئة المسيحيين.. العودة للشروط العُمرية  
وأشار الرباطي إلى أنّ اتحاد المسيحيين المغاربة يشمل أيضاً المغاربة المتواجدين في المهجر، لافتاً إلى أنّهم راسلوا البابا بصفتهم مواطنين مغاربة، معربين عن دعمهم ومباركتهم زيارته للمغرب، ورغبتهم مشاركته الصلاة خلال تواجده بالمغرب، مشدداً على
أنّ حضورهم سيكون بشكل شخصي كمواطنين مغاربة.

"ثقافة العنصرية"
ومن جهته اعتبر رشيد إمونان، مسيحي مغربي، وممثل مجموعة كنائس الصخرة المغربية جنوب المغرب، أنّ زيارة البابا للمغرب هي زيارة دولة لدولة، "ولن تضيف أي شيء للمسيحيين المغاربة".

هناك من شكك في مصداقية هذه الرسالة واعتبر أنّ هدفها "المتاجرة بقضية المسيحيين المغاربة"

وعن وضعية المسيحيين المغاربة، يقول: "في السابق كانت اعتقالات، حالياً وضعية المسيحيين المغاربة أفضل، نحن نعقد مؤتمراتنا ولا يوجد من يضايقنا، ونستضيف ضيوف وأصدقاء، لكننا في نفس الوقت نخاف من المجتمع وخاصة المتطرفين".
ويضيف إمونان في حديثه مع "حفريات": "وضعية المسيحيين المغاربة تحسنت، وعلاقتنا بالأمن والسلطات جيدة، هناك حرية وتغيير لا يمكن إنكار ذلك"، موضحاً: "أنا أعيش في منطقة شعبية، نعاني من بعض النظرات لكن نتجاوزها لأننا ندرك، أنها ناجمة عن ثقافة بالمجتمع تسوق عن المسيحيين أفكاراً مغلوطة، وهذا ما تربينا عليه منذ الطفولة".
ويمضي قائلاً: "أحس بالحرقة عندما أرى أطفال الجيران، ينشأون على ثقافةِ العنصرية، مخجلٌ أننا لا نربي أطفالنا على روح التعايش وأننا متساوون ولكم دينكم ولي ديني".

في السابق كانت اعتقالات، حالياً وضعية المسيحيين المغاربة أفضل

شكاوى من الاعتراف بالآخر
من جانبه، يرى مصطفى أغريس، مسيحي مغربي، أنّ زيارة البابا ستكون ورقة سيستفيد منها المسيحيون المغاربة لتفعيلِ حرية المعتقد بالمغرب، وفي حديثه لـ"حفريات" يقول: "إنّ زيارة البابا لديها بعد مهم بالنسبة لنا كمسيحيين مغاربة؛ لأنه سيوجه بشكل مباشر أو غير مباشر بعض الأمور المرتبطة بحرية المعتقد"، مشيراً إلى أنّ المسيحيين المغاربة لديهم مشكل مع الحكومة الإسلامية، معتبراً أنّها "لا تعترف بالآخر".
وفي 17 حزيران (يونيو) 2018، صرح وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية الإسلامي، في حواره مع جريدة الصباح بأنّ "موضوع حرية المعتقد لا يشكل تهديداً للدولة على المدى القريب لكن من المؤكد أنّه يشكل خطراً على المدى البعيد".

اقرأ أيضاً: ما الذي يدفع مسيحيي غزة إلى هجرة أراضيهم؟
وأضاف أنّ حرية المعتقد "في الوقت الراهن لا تهم سوى أفراد من المجتمع، أما إذا اتسعت دائرة الأفراد لتصبح جماعات وتضم فئات واسعة داخل المجتمع، فإنّ ذلك يهدد النسيج الوطني لا محالة"، مبينة أنّ: "تنسيقية المسيحيين المغاربة أصدرت بيانات وهم ينتظرون رد البابا، لا شيء واضح لحدودِ الساعة".
وكان أساقفة المغرب قد عبروا في ندوة صحفية مطلع الشهر الجاري عن أملهم في أن تُسهم زيارة البابا في تحقيق تقدم على مستوى احترام حرية العقيدة بالمغرب.
يذكر أنّ زيارة  البابا فرانسيس الأخيرة للمنطقة العربية كانت إلى دولة الإمارات وذلك في شباط (فبراير) الماضي، ليصبح أول بابا للفاتيكان تطأ قدمه شبه الجزيرة العربية؛ حيث استمرت الزيارة يومين التقى خلالها مجلس حكماء المسلمين، وأقام قداساً في الهواءِ الطلق حضره نحو 120 ألف كاثوليكيا، ووصف البابا زيارته للإمارات بأنّها فرصة لكتابة "صفحة جديدة في تاريخِ العلاقات بين الديانتين".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية