جبهة الخلاص وكيلة عن حركة النهضة في الشارع التونسي.. هل تنجح؟

جبهة الخلاص وكيلة عن حركة النهضة في الشارع التونسي

جبهة الخلاص وكيلة عن حركة النهضة في الشارع التونسي.. هل تنجح؟


18/05/2023

فيما تواصل جبهة الخلاص الوطني وقفاتها الاحتجاجية في العاصمة التونسية، نظمت حركة مواطنون ضد الانقلاب وقفة في العاصمة الفرنسية باريس؛ للمطالبة بإطلاق سراح الموقوفين، وذلك يوم السبت 13 أيّار (مايو) الجاري.

من جهتها، أصدرت محكمة تونسية حكمها بالحبس لمدة عام ضدّ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة؛ بسبب التحريض على قوات الأمن والإساءة لأجهزة الدولة؛ حيث أمرت الدائرة الجناحية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس، بالسجن مدة عام بحق الغنوشي، مع غرامة مالية قدرها (1000) دينار، وذلك في القضية التي رفعها ضده نقابي أمني، بعد وصف زعيم النهضة الأمنيين بـ "الطواغيت".

وتعود هذه القضية إلى شهر شباط (فبراير) الماضي، عندما استخدم زعيم حركة النهضة كلمة "طاغوت"؛ لوصف قوات الأمن خلال تأبين عضو مجلس الشورى في حركة النهضة فرحات لعبار.

وقال حينها الغنوشي: إنّه "كان لا يخشى حاكماً ولا طاغوتاً"، في تصريحات عرّضته لموجة انتقادات كبيرة، وأثارت موجة استياء واسعة بين التونسيين، الذين أكدوا أنّها تُعبّر عن الفكر الحقيقي لحركة النهضة وقياداتها.

استمرار المعركة القضائية

إلى ذلك، تواصل الدولة والرئيس قيس سعيّد المعركة الحاسمة ضدّ حركة النهضة والجبهات الرديفة لها؛ ممثلة في جبهة الخلاص ورئيسها أحمد نجيب الشابي، عبر الجهاز القضائي الذي ينظر في العديد من القضايا، وأصدر من خلال ذلك قرارات ألزمت الأجهزة التنفيذية بإيقاف عدد من قيادات النهضة خلال الفترة الماضية.

الرئيس التونسي قيس سعيّد

في المقابل، يزعم أنصار النهضة أنّ تلك القرارات تقبع داخل الجانب السياسي، ووصفت ذلك بأنّه "حكم سياسي ظالم"، وقالت جبهة الخلاص في بيان لها: "لا أحد من المعارضين في مأمن من مصادرة حريته".

لا شك أنّ حركة النهضة تدرك تماماً ما تفعله جبهة الخلاص لصالحها، وأنّها تتحرك بديلاً عنها خلال الفترة الماضية، خاصّة مع كافة الإجراءات القضائية التي تواجهها، عبر عدد من قضايا الإرهاب والتمويلات وتبييض الأموال، وتسفير المواطنين إلى بؤر التوتر؛ ولذلك يحرص عدد من قيادات النهضة على تمجيد جبهة الخلاص، وتثمين دورها في المشهد السياسي، بيد أنّ الواقع وحقيقته يشيان بضعف الحضور الميداني سواء للنهضة أو لجبهة الخلاص، ونفاد أيّ قدرة لهما على التواصل مع الجماهير، أو اجتذاب الشارع لمقولاتهم ومواقفهم، الأمر الذي يبدو واضحاً خلال وقفاتهم الأسبوعية في العاصمة تونس.

انحسار الدعم الشعبي لحركة النهضة

نحو ذلك يلفت الكاتب والباحث السياسي مراد علالة، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، الانتباه إلى الانحسار الواضح لجبهة الخلاص وحركة النهضة على المستوى الشعبي؛ حيث باتت ردود الأفعال ضعيفة جداً، بالمقارنة بتسارع الأحداث في تونس، في ظل التطورات المتصلة بملاحقة عدد من قيادات حركة النهضة وجبهة الخلاص، في قضايا متعددة، فيها ما هو متصل بالتآمر على أمن الدولة، وفيها أيضاً ما يتصل بالإرهاب، وكذا تبييض الأموال، وغيرها من القضايا.

حركة النهضة تدرك تماماً ما تفعله جبهة الخلاص لصالحها، وأنّها تتحرك بديلاً عنها خلال الفترة الماضية

ويتابع علالة تصريحاته مؤكداً أنّ هذا الانحسار يبدو جلياً في ملاحظة عدد المشاركين خلال الوقفات الاحتجاجية التي تنظمها جبهة الخلاص، سواء في الداخل أو حتى في  الخارج، من خلال وقفات حركة (مواطنون ضد الانقلاب) في فرنسا مثلاً؛ إذ تبدو الأعداد محدودة للغاية، ولا يمكن النظر إليها بعين الاعتبار، مقارنة بما كانت "النهضة" تفعله من خلال التحشيد للجماهير في مراحل سابقة.

ويضيف مراد علالة أنّه على المستوى السياسي، ثمّة مواقف ربما تقف على يسار الإيقافات والمحاكمات، وقد يكون ذلك صحياً، بيد أنّ التقارب مع حركة النهضة أمر غير مطروح في الوقت الحاضر من قبل القوى السياسية الأخرى، خاصّة القوى اليسارية والتقدمية والاجتماعية؛ حيث ترفض هذه القوى وضع يدها في يد النهضة. أيضاً ينبغي القول إنّه على الجانب القضائي والقانوني، فإنّ المعركة على أشدها؛ حيث الاهتمام بالإجراءات القضائية، لا سيّما أنّ الملفات شائكة، وتتعلق بنقاط لافتة وحساسة لأمن الدولة. ولذلك يعمل دفاع  قادة النهضة نحو الزعم بوجود كثير من الفراغات، لذلك هناك محاولات من قبل دفاع حركة النهضة والداعمين لها للاستثمار في ذلك، ودفع الأمر كأنّه عمل سياسي محض ضدّ الحركة وقياداتها، لا أنّه أمر قضائي يتعلق بالدولة وسلامة بنيانها وحقوق المواطنين فيها.

 رئيس جبهة الخلاص، أحمد نجيب الشابي

ويلفت مراد علالة إلى وجود تغيير واضح على مستوى التكتيكات، وذلك فيما يتعلق بالحضور والانسحاب، أو حتى رفض المثول أمام جهات التحقيق، وهو ما حدث من قبل راشد الغنوشي، الذي رفض الحضور يوم جلسة محاكمته، وحتى خلال التحقيقات المطروحة أمامه في قادم الأيام؛ ويتضح ذلك من خلال ما جاء على لسان فريق الدفاع الخاص به، عندما أعلن أنّ الغنوشي لن يمثل مستقبلاً في التحقيقات؛ كحركة احتجاجية لإحراج  السلطة القضائية.

ويختتم الباحث السياسي مراد علالة تصريحاته بقوله: إنّ ذلك كله يمثل تقريباً الأجواء في تونس خلال الوقت الراهن، لا سيّما مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي يغطي كثيراً على الأوضاع السياسية، لتأتي في مرتبة لاحقة لاهتمام المواطن، الذي يغوص بحثاً عن لقمة الحياة، وتلبية احتياجاته الأساسية.

واقع المعارضة وانتهازية جبهة الخلاص

أشارت جبهة الخلاص في بيان لها يوم الإثنين 15 أيّار (مايو) الجاري، إلى أنّها تطالب سلطات البلاد "بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين فوراً، وإيقاف التتبعات (الملاحقات القضائية) الجائرة ضدهم"، بحسب وصفها في البيان.

مراد علالة: ثمّة تغيير واضح على مستوى التكتيكات، وذلك فيما يتعلق بالحضور والانسحاب، أو حتى رفض المثول أمام جهات التحقيق

وأضافت الجبهة أنّ "انهيار الحريات يزيد من حدة عدم الاستقرار السياسي، ويشدد من عزلة النظام الخارجية، في ظروف استفحال الأزمة المالية والاجتماعية، التي تنهش يومياً الطاقة الشرائية للمواطنين".

من جانبها، تذهب الكاتبة التونسية آسيا العتروس إلى الحديث عن قوى المعارضة في المشهد السياسي التونسي الراهن، مؤكدة أنّ الأمر يتصل ككل بالمرحلة الحساسة والدقيقة التي تمر بها البلاد، وتردف العتروس في إطار تصريحها لـ "حفريات": المعارضة في وضعيتها الحالية فقدت الكثير من قدراتها الميدانية، وإمكانياتها على تحريك الشارع؛ لا سيّما مع قرارات الدولة ممثلة في أجهزتها القضائية، نحو توقيف الكثير من رموز المعارضة، وخاصّة فيما يتعلق بجبهة الخلاص، وقيادات حركة النهضة التي تمثل النواة الصلبة للجبهة.

وتلفت العتروس إلى أنّ جبهة الخلاص التي تقارب تحركات النهضة وأهدافها، تحرص مع اقتراب الذكرى الثانية لقرارات 25 تمّوز (يوليو) على تركيز عدد من الوقفات في الداخل؛ للتنديد بهذه المحاكمات، وذلك ما يمكن أن يلاحظ بدقة مع ما شهدته البلاد مطلع الأسبوع، من تحركات شملت قيادات من جبهة الخلاص، وكذا ينبغي التدقيق أيضاً في تحركات الجبهات المماثلة للنهضة؛ من خلال وقفة "مواطنون ضد الانقلاب" في العاصمة الفرنسية باريس، وذلك بهدف بعث رسائل للخارج، ومحاولة جذبه نحو الوضع في تونس.

آسيا العتروس: تلك المحاولات تبدو موجهة في الأساس نحو الخارج للعمل على التأثير في الرأي العام الدولي؛ بغية محاولة تطويق الرئيس قيس سعيّد

وتشير الكاتبة التونسية إلى الحكم الأخير الذي صدر ضدّ راشد الغنوشي، بالحبس لمدة عام، مؤكدة أنّ الأمر يضيف الأعباء والثقل في كل محاولات النهضة وحركاتها الرديفة، فيما يتصل بالتواجد والتأثير في المشهد السياسي الدولي، لا سيّما مع كل المحاولات التي تجري في الخارج، بقيادة الرئيس السابق المنصف المرزوقي.

وتختتم الكاتبة التونسية آسيا العتروس تصريحاتها بقولها: إنّ تلك المحاولات تبدو موجّهة في الأساس نحو الخارج للعمل على التأثير في الرأي العام الدولي؛ بغية محاولة تطويق الرئيس قيس سعيّد، وربما أيضاً بهدف الخروج من هذه الدائرة الضيقة التي وقعت فيها المعارضة.

 

مواضيع ذات صلة:

جدل العلاقة بين حركة النهضة الإخوانية وجبهة الخلاص في تونس

هل تكون جبهة الخلاص بوابة تنازلات النهضة لاسترضاء قيس سعيد؟

تونس... هل ينجح البرلمان الجديد في ما فشل فيه برلمان الإخوان؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية