جامعة زايد تتخلى عن الامتحانات وتحتضن الذكاء الصناعي

جامعة زايد تتخلى عن الامتحانات وتحتضن الذكاء الصناعي

جامعة زايد تتخلى عن الامتحانات وتحتضن الذكاء الصناعي


31/07/2023

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

دفعت ظروف العمل سريعة التّغيّر الجامعات بحقّ إلى إعادة النّظر في كيفيّة التّعليم وفيما يُعلَّم، ولكن من الضروريّ أيضاً أن نُعيد النّظر في كيفيّة تقييم الطّلاب.

الامتحانات، التي تُعتبر جزءاً أساسيّاً من البرامج العلميّة، يمكن أن تكون آلية مفيدة لتقييم احتفاظ الطّلّاب للمعلومات، ولكن هل هي طريقة فعّالة لدفع عمليّة التّعلّم وتطوير المهارات المطلوبة في السّوق اليوم وغداً؟

إنّ مواطن عجز الامتحانات التّقليديّة معترف بها جيّداً. ومع ذلك، تظلّ الامتحانات جزءاً لا يتجزّأ من العديد من عمليّات التّقييم الجامعيّة. في أسوأ الأحوال، يجد الطّلّاب أنفسهم عالقين في دائرة مُرهِقة من حشو المعلومات في رؤوسهم قبل الامتحان، فقط لينسوا معظمها بمجرّد انتهاء الاختبار. يبدو الأمر كما لو أنّنا نُقيّم فقط قدرتهم على حفظ المعلومات في الذّاكرة.

هذا النّوع من التّقييم يقف في تناقض صارخ مع المرونة والقدرة على التّكيّف المطلوبتين للازدهار في العالم الحقيقيّ. فما فائدة المعرفة إذا كنت لا تستطيع تطبيقها في مواقف الحياة الواقعيّة؟ إنّ الامتحانات تفشل في إعداد الطّلّاب بشكل كافٍ للتّحديات التي سيواجهونها خارج جدران قاعة الدّراسة.

ألغينا الامتحانات تماماً

في جامعة زايد، ألغينا الامتحانات تماماً لأنّنا لا نعتقد أنّها أفضل طريقة لقيادة وتشجيع التّعلُّم أو إعداد الخريجين لتلبية متطلّبات السّوق الحديثة. بدلاً من ذلك، نحتاج إلى طُرُق تقييم تشجّع الطّلّاب على المشاركة والانخراط بنشاط في الفصل على مدار العام الدّراسيّ، وإلى طُرُقٍ تُقيّمهم بشكل مستمرّ.

من خلال تعزيز ثقافة تعتمد التّقييم المتواصل للتّعلّم، يمكن للطّلّاب الاستمرار في التّركيز على رحلة التّعلّم الخاصّة بهم والاستثمار فيها. إنّ إعادة هيكلة الدّروس بحيث يتمّ تقديم تقييمات منتظمة قبل، وأثناء، وبعد الفصل تُشجّع الطّلّاب على تحمّل مسؤوليّة عمليّة تعلّمهم وتمكّن المعلّمين من تقديم ملاحظات منتظّمة. وتُعزّز هذه المقاربة التّحسين المستمرّ، بدلاً من الاعتماد على جلسة حشو في اللحظة الأخيرة في نهاية الفصل الدّراسيّ. عندما يتفاعل الطّلّاب عن قصد مع مواد الدّروس بشكل مستمرّ، فإنّهم من المرجّح أن يطوّروا فهماً أعمق.

إنّ مواطن عجز الامتحانات التّقليديّة معترف بها جيّداً

يوفّر التّقييم المتواصل تمثيلاً أكثر دقّة لتقدّم الطّالب وقدراته. يسمح للمعلّمين بتتبّع النّمو بمرور الوقت، وتحديد المناطق التي قد تحتاج إلى مزيد من الاهتمام وتخصيص التّعليمات وفقاً لذلك. ومن خلال دمج حالات من العالم الحقيقيّ وتطبيقات عمليّة للمعرفة في التّقييمات، يمكن للطّلّاب التّعبير عن فهمهم - الذي يتجاوز مُجرّد الحفظ عن ظهر قلب - وإظهار قدرتهم على تطبيق المفاهيم خارج قاعة الدّراسة.

الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ

كما أدّى ظهور الذّكاء الاصطناعيّ التّوليديّ وأدوات مثل «تشات جي بي تي» إلى جعل التّركيز التّقليديّ على المادّة الدّراسيّة والحفظ أقلّ فعالية. يمكن للطّلّاب الآن الوصول إلى موارد تُسهّل السّرقة الأدبيّة. ولا يمكننا سوى تخيّل إمكانات هذه التّقنيات لإحداث ثورة في أماكن العمل. لكن لا يمكن أن تكون الإجابة فرض حظر بالجملة على استخدامها. بدلاً من ذلك، يجب أن نُعيد تصميم عمليّات التّقييم الدّراسيّ بحيث نُحقّق أفضل استخدام ممكن لهذه التّقنيات النّاشئة.

من خلال التّأكيد على التّطبيقات العمليّة وحلّ المشكلات الواقعيّة، يمكننا خلق تقييمات تتطلّب من الطّلّاب التّفكير بشكل نقديّ والتّعبير عن فهمهم. هذا لا يخفّف من تأثير الغش المدفوع بالذّكاء الاصطناعيّ فحسب، بل يُعدّ الطّلّاب أيضاً للتّحدّيّات التي سيواجهونها في حياتهم المهنيّة، حيث تكون القدرة على تطبيق المعرفة بطرق عمليّة ذات قيمة عالية.

يُختبَر الطّلّاب باستخدام أدوات تفاعلية متنوّعة مثل استطلاعات الرّأي والجلسات المُصغّرة، بالإضافة إلى أنشطة مُركَّزة مثل رسم الخرائط المفاهيميّة والمناقشات

تتضمّن الأنواع الجديدة من التّقييم التي نتبناها استخدامنا لمنصّة تعليميّة عبر الإنترنت جنباً إلى جنب مع خطط مصمّمة جيّداً لتعزيز مشاركة الطّلّاب. خلال الفصول الدّراسيّة، يُختبَر الطّلّاب باستخدام أدوات تفاعلية متنوّعة مثل استطلاعات الرّأي والجلسات المُصغّرة، بالإضافة إلى أنشطة مُركَّزة مثل رسم الخرائط المفاهيميّة والمناقشات. ويقترن هذا بمطالبة الطّلّاب بإعداد المزيد من العروض التّقديميّة، التي يجب عليهم تقديمها في قاعة الدّراسة، والتّركيز بشكل أكبر على المشاريع الجماعيّة، التي تُشجّع روح الفريق. بالإضافة إلى ذلك، يُتيح نظامنا الأساسي لأعضاء هيئة التّدريس استخدام الأدوات التّحليليّة لمراقبة عمليّة المشاركة في الفصل: إذا لم يتحدّث الطّالب لبعض الوقت، فسيعرف المُعلّم بالضّبط مَن مِن الطّلّاب يجب عليه الرّدّ على السّؤال التّالي.

وهناك مقاربة أخرى ناجحة نطرحها في جامعة زايد، ألا وهي تقديم برنامج «تحدّيّات الشّركاء». يمكّن هذا البرنامج الطّلاب من العمل عن كثب مع مُرشدين صناعيّين في مشاريع منظّمة جيّداً ولها أهداف محدّدة بوضوح. وهذا لأنّ الطّلاب يمكنهم تعلُّم الكثير من الأصوات غير الأكاديميّة. وقد نجحنا في عقد شراكة مع ما يقرب من مائة منظّمة بما في ذلك «أكسنتشر»، و«سي إن بي سي»، و«سيسكو»، ووزارة الثّقافة والسّياحة.

لن يُغرَس التّعليم الحقيقيّ إلّا عندما تتبنّى الجامعات مقاربة تقييميّة تُركّز على التّفكير المستقبليّ

مجتمعة، تُتيح هذه الأساليب الجديدة للتّقييم تجربةً تعليميّةً أكثر شمولاً ودقّة لتعزيز التّعلّم بشكل أعمق.

وظيفة التّعليم

قال مارتن لوثر كينغ جونيور: «وظيفة التّعليم هي تعليم المرء التّفكير بشكل مكثّف ونقديّ. الذّكاء بالإضافة إلى الشّخصيّة - هذا هو الهدف من التّعليم الحقيقيّ». هل نعتقد فعلاً أنّ الاختبارات التّقليديّة والتّركيز على الامتحانات الدّوريّة أفضل الطّرق لتحقيق ذلك؟

برنامج «تحدّيّات الشّركاء». يمكّن الطّلاب في جامعة زايد من العمل عن كثب مع مُرشدين صناعيّين في مشاريع منظّمة جيّداً ولها أهداف محدّدة بوضوح

لن يُغرَس التّعليم الحقيقيّ إلّا عندما تتبنّى الجامعات مقاربة تقييميّة تُركّز على التّفكير المستقبليّ وتعترف بالمهارات والكفاءات الحيويّة للنجاح في مجتمع اليوم الدّيناميكيّ والمترابط. وهذا يستدعي نقلة نوعيّة في استراتيجيّات التّقييم، والانتقال إلى ما هو أبعد من الاختبارات التّقليديّة والتّعلّم القائم على حشو المعلومات، نحو مقاربة تُركّز على الطّالب، وتُشجّع التّعلّم المتواصل، وتتبنّي مناهج مبتكرة تعكس متطلّبات العصر الرّقميّ.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

بول هوبكنسون، ذي ناشونال، 17 تموز (يوليو) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية