تويتر الجديد بين المنافسة والسياسة

تويتر الجديد بين المنافسة والسياسة

تويتر الجديد بين المنافسة والسياسة


07/11/2022

جميلي عمار الحاج

فور دخوله مقر تويتر في سان فرانسيسكو، بدأ الملياردير الاميركي ايلون ماسك المالك الجديد لتويتر حملته التطويرية التي سماها ''بإطلاق العصفور من القفص''. ولكن هل سيتمكن هذا الطائر من التحليق عاليا ومجاراة المنصات الأخرى والتفوق عليها؟ وهل سيكون للسياسة نصيب في تويتر؟

حقيقة لا يمكن انكارها وهي فشل منصات شركة تويتر في منافستها للتغول الذي تعرفه منصة تيك توك، بل راحت تطلق افكارا مستنسخة من تيك توك على غرار الفيديوهات القصيرة ودعم هذا النوع من المحتوى، في الوقت الذي اظهرت فيه الارقام تراجعا ملحوظا في ارباح الشركة، اذ قدرت حسب الاحصائيات الأخيرة بانخفاض قيمته 52 بالمئة. وهذا دليل آخر ان الشركة تتقهقر وتسجل تراجعا في عدد مستخدميها، ولم يعد بإمكانها اغراء العديد من المشاهير وصناع المحتوى قياسا بما يقوم به تيك توك الذي تسمح خوارزمياته بالانتشار اكثر فأكثر. ولعل ايلون ماسك قد دخل هذا الباب بإعلانه فكرة اعادة اطلاق تطبيق فاين للفيديوهات القصيرة بعد ان ادرك ان هذا النوع من المحتوى قد أصبح دارجا بكثرة ومحببا لدى رواد مواقع التواصل الاجتماعي كما اطلق العنان للمطورين في شركة تويتر لطرح العديد من المزايا والخدمات الجديدة على المنصة التي من شأنها ان تحافظ على رواد تويتر وان تجعله اكثر شبابيا واكثر قابلية لمجاراة المنصات المنافسة.

تكلم ماسك سابقا عن ان نيته في شراء تويتر كانت لخدمة الانسانية ولكن ها هو يؤكد خلال الايام الأولى من امتلاكه الرسمي للمنصة أن الربحية لا يمكن ان تكون غائبة عن ذهن الملياردير وراح يعلن رسما من 8 دولارات مقابل حساب موثق يحمل الشارة الزرقاء ولكن هذه الفكرة الربحية بإمكانها ان تدمر المنصة خاصة اذا قرر أشهر مستخدميها بتركها احتجاجا على قرار ايلون ماسك. هنا ستكون الثمانية دولارات التي سيفرضها ماسك احد اكبر القرارات الارتجالية المتسرعة في حالة ما اذا لم يكن هنالك ميزات مقدمة لأصحاب الحسابات الموثقة تستحق الدفع وسيكون قرار ماسك كاسرا للقاعدة التي تقول أن منصات التواصل هي التي تدفع لأشهر مستخدميها وليس العكس.

شراء منصة ذات انتشار واسع في الولايات المتحدة واوروبا نسبيا بدل التفكير في انشاء منصة جديدة والعمل على تطويرها وتسويقها يعد اختزالا للزمن والجهد ولكن في نفس الوقت قد تعتبر مخاطرة اذا ما تكلمنا عن حجم المنافسة التي يعرفها عالم السوشيال ميديا بعد ان تحولت من مجرد وسيلة جديدة للتواصل بين البشر الى شركات تتصدر البورصة العالمية ولها مفعول قوي في السياسة في بلدان العالم الثالث وتأثير خفي في البلدان المتقدمة ونخص بالذكر هنا الولايات المتحدة، بدليل ان التضييق الذي مارسته وسائل التواصل الاجتماعي على ترامب كان كفيلا بتجنيب اميركا فوضى كان بإمكانها ان تقضي على الديمقراطية. وهنا يطرح تساؤل مهم عن توجهات ايلون ماسك فيما يخص الجانب السياسي وعن نواياه بالتأثير في الانتخابات الرئاسية القادمة في بلاده باستعمال هذه المنصة العملاقة، وعن امكانية فسح المجال مجددا امام ترامب ورفع حظوظه في العودة الى البيت الأبيض: الى حد الساعة لم يوضح ماسك قراره بخصوص عودة ترامب الى تويتر واكتفى بتغريدة مازحة قال فيها "لو جنيت دولارا واحد على كل سؤال فيما يخص عودة ترامب الى تويتر لجنيت الكثير المال". وربما تمزج هذه التغريدة بين المزاح والاجابة الذكية بما معناه أن ايلون ماسك يفكر تفكيرا ربحيا خالصا من التوجهات السياسية التي من الممكن ان تسبب الازعاجات خاصة اذا ما تم التضييق على منصته تويتر بقوة القانون الأميركي تحت تأثير خصوم ترامب.

ماسك استعمل ذكاءه أيضا عندما نشر استطلاعا للرأي يتضمن حلولا للحرب الدائرة في اوكرانيا وعن جزيرة القرم واحقية روسيا التاريخية فيها، قبل أيام قليلة من اتمام الصفقة وهي كانت نية لمغازلة بوتين، رغبة منه في العودة الى السوق الروسية بعد ان قرر القضاء الروسي حجب المنصة واعتبارها منصة محرضة وغير مرغوب فيها. ربما قد يكون ذلك ايضا رسالة مشفرة يعلن فيها ان أفكاره لا تتفق مع رؤية الادارة الأميركية الحالية.

سرقت وسائل التواصل صفة السلطة الرابعة من الاعلام بصورته الكلاسيكية التي لم تعد تتماشى مع عصر التكنولوجيا والأجهزة الذكية، ويمكنها اليوم ان تسرق دور شركات سبر الآراء الانتخابية وحتى نتائج الانتخابات في حد ذاتها ولا نستبعد ان يأتي يوم تتحول الى صانعة الرؤساء في الولايات المتحدة. لا ندري ماذا يدور في رأس ايلون ماسك ولكن الاكيد ان تويتر الان في يد رجل جريء بامكانه ان يوظف بذكاء منصته لصياغة المشهد القادم.

أما نحن كعرب فنتمنى ان لا تحدو منصة تويتر حدو فايسبوك الذي يقوم بالتضييق على المحتوى الفلسطيني من خلال حجب الصور بحقيقتها توثق الانتهاكات الاسرائيلية مما يساهم في ممارستها بدون رقيب.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية