تونس: التيار المدني يتصدى لتدخلات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

تونس: التيار المدني يتصدى لتدخلات الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين


11/09/2021

يواصل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الذراع الديني للإخوان المسلمين، والذي يتخذ من الدوحة مقراً له، التدخل في الشأن التونسي، وقد أصابته حمى الغضب، في أعقاب ثورة الإصلاح التي دشنها الرئيس، قيس سعيّد، بقراراته الاستثنائيّة التي اتخذها مساء يوم 25 تموز (يوليو) الماضي، والتي أزاحت حركة النهضة، والحزام السياسي الموالي لها عن صدارة المشهد السياسي في تونس.

اقرأ أيضاً: مطالبات جديدة بإغلاق الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين... هل يستجيب قيس سعيد؟

الاتحاد فشل في رهانه على قدرة حركة النهضة على مواجهة قرارات الرئيس التونسي، ذلك الرهان الذي دفعه إلى إصدار فتوى دينيّة، أعلن فيها "حرمة الاعتداء على العقد الاجتماعي بين الشعب والسلطة، الذي ينظم العلاقة بين الرئاسة ومجلس النواب ورئاسة الوزراء". مندداً بقرارات قيس سعيّد، التي أبعدت حركة النهضة الإخوانية عن الحكم.

التيار المدني يُصعّد ضد الاتحاد

في أعقاب هذا التدخل السافر في الشأن التونسي، تحت غطاء ديني، تزايدت المطالبات بحل مكتب الاتحاد في تونس، باعتباره ذراعاً إخوانيّاً، تموّله جهات خارجيّة، منحت نفسها حق التدخل في الوضع السياسي الداخلي، ما يمثل تهديداً لسيادة الدولة واستقلالها.

المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة في تونس، أبدى استغرابه من إقدام مكتب الاتحاد في تونس على الإعلان عن بدء التسجيل لمجموعة من الدورات التدريبية، في الوقت الذي تزايدت فيه الدعوات التي تطالب بغلق هذا المقر.

المرصد حذر في بيان له يوم 31 آب (أغسطس) الماضي، من "خطورة المضامين التي يروجها هذا الاتحاد، المُصنّف إرهابيّاً من قبل العديد من دول العالم، والتي تتعارض مع المبادئ الدستورية المدنيّة، ومع القوانين التونسيّة، خاصّة في مجال الأحوال الشخصية، وإلى ما تحتويه من فكر ظلامي سلفي، ومن حثّ على التكفير والعنف".

اقرأ أيضاً: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين..ذراع الإخوان لاحتكار الخطاب الديني

وفي السياق نفسه، أوضح الأمين العام لحركة "تونس إلى الأمام"، عبيد البريكي، أنّ "الإجراءات التي اتخذها الرئيس قيس سعيّد، لابدّ أن تتبع بسدّ المنافذ التي تدعم الإرهاب، ومنها جمعية اتحاد علماء المسلمين".

من جانبه، نظّم الحزب الدستوري الحر، مساء الجمعة 3 أيلول (سبتمبر) الجاري، تظاهرة أمام مقر اتحاد علماء المسلمين في تونس، وطالب المتظاهرون الرئيس قيس سعيّد، بغلقه، وقالت رئيسة الحزب، عبير موسي، إنّ مكتب الاتحاد في تونس، يمثل "تهديدات على أمن واستقرار البلاد، ونظامها الجمهوري".

يواصل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذراع الديني للإخوان المسلمين التدخل في الشأن التونسي

يؤكّد المحامي التونسي، المختص في مجال الحقوق السياسيّة، حازم القصوري، أنّ "قرارات الرئيس قيس سعيّد، هي قرارات سيادية تونسيّة، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تناقشها جهات أجنبية تحترم نفسها، وتحترم الأعراف الدولية، أو كيانات هجينة، تورطت في الإرهاب وتدمير الأوطان، وموقف هذا الاتحاد هو موقف معادٍ، ويتنافى معالأعراف الدولية، ولا يمكن أن يُسمح لهذا الكيان الهجين، الذي تورّط في ملفات عديدة في دولة شقيقة، أن يتدخل في شأن الدولة التونسية".

ولفت القصوري، في تصريحه لـ"حفريات"، إلى أنّ هذا "الاتحاد تم استعماله من دول بعينها، لضرب الدولة الوطنيّة، لافتاً إلى أنّ بيانات الاتحاد المتتالية، والتي تتدخل في الشأن التونسي، تعرّض الدولة التي تستضيفه وتموله للمساءلة، مؤكداً في الوقت نفسه، أنّه يجب اتخاذ الإجراءات القانونيّة، تجاه هذا الكيان المشبوه، الذي يُعد منصة لاستهداف دول وحكومات، وعليه يجب مراجعة الإجراءات القانونية في تونس، وفتح تحقيق قضائي، حيث اعتاد الاتحاد التدخل في الشأن التونسي".

اقرأ أيضاً: لماذا يحرض رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ضدّ النساء المغربيات؟

ويطالب أستاذ القانون السياسي، بإحالة إدارة مكتب الاتحاد في تونس إلى العدالة، "لمخالفتهم مرسوم الجمعيات، الذي يفرض عدم الخوض في هذه المسائل، وبالتالي حل وتصفية الاتحاد ومصادرة ممتلكاته، لتورّطه في أعمال منافية لسيادة الدولة، وبث خطاب الكراهية والتطرف، بالإضافة لتبنيه أجندات خارجية، وقيامه بأدوار مريبة في ليبيا".

مكتب الاتحاد في تونس يرد

في الأول من أيلول (سبتمبر) الجاري، أصدرت الهيئة المديرة لمكتب الاتحاد في تونس، بياناً رسميّاً، قالت فيه إنّ "فرع اتحاد العلماء بتونس، يتعرض لحملة من التشويه والافتراء، من قبل بعض الأطراف التي دأبت على ذلك، مثل: ما يسمى بالحزب الدستوري الحر، ومن يدور في فلكه". ويبدو من لهجة البيان، أنّ الاتحاد في مزاعمه، يرفض الاعتراف بوجود حزب سياسي قانوني ومشهر، وله هيئة برلمانية معتمدة، ما يعد انتهاكاً صارخاً للقوانين المنظمة للمجال العام، وافتئاتاً على رموز المؤسسات السياسيّة في البلاد.

 واستنكر فرع الاتّحاد في تونس، ما وصفه بـ"الحملة المشبوهة"، نافياً ما وُجه إليه من اتهامات، زاعماً في الوقت نفسه "أنّه يمارس نشاطه تحت سقف قانون الدولة التونسيّة، ويضع نفسه كما بكلّ شفافية على ذمّة الجهات المعنية؛ للمراقبة، والتثبّت من سلامة نشاطه قانونياً، وإدارياً، ومالياً، مع الالتزام الكامل بكلّ قرارات تلك الجهات، وتوجيهاتها".

ولم ينس الاتحاد في بيانه ممارسة خطاب المظلوميّة، مطالباً الجهات المعنيّة بحمايته قانونيّاً وأمنيّاً، مما يتعرّض له من "تشهير"، مع احتفاظه "بحقّ مقاضاة كل من يتجاوز القانون في حقّه". بحسب وصف البيان.

عبد السلام القصاص: التحركات الأخيرة لفرع الاتحاد في تونس لا تنفصل عن الاستراتيجيّة العامة للاتحاد

وفي أعقاب صدور البيان، وفي الثاني من أيلول (سبتمبر) الجاري، دعم الموقع الرسمي للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين في الدوحة، موقف مكتب تونس، زاعماً أنّ فرع تونس يتعرض لحملة ممنهجة "من قبل بعض الأطراف، التي دأبت كالحزب الدستوري الحر وغيره"، بحسب تعبيره.

من جهته، يقول الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث المصري في العلوم السياسيّة، لـ"حفريات"، إنّ "التحركات الأخيرة لفرع الاتحاد في تونس، لا تنفصل عن الاستراتيجيّة العامة للاتحاد، والتي جرى ترتيبها في اجتماع الرابع والعشرين من آب (أغسطس) الماضي، حيث عقد رئيس الاتحاد، أحمد الريسوني، اجتماعاً طارئاً مع علي القره داغي، الأمين العام للاتحاد، في المقر الرئيسي بالدوحة، لمناقشة مجموعة من الملفات الداخلية، وعمل اللجان الفرعية، وكذا مسألة العلاقات مع المنظمات الرسميّة والأهليّة، أعقب ذلك اجتماع آخر مع محمد بن سالم آل الدهشلي، المدير التنفيذي للاتحاد، فرع قطر".

ويتابع: ويبدو أنّ الأولوية كانت لبحث مصير فرع تونس، في ظل الضغوطات الهائلة المطالبة بإغلاقه، بعد ثبوت تورطه في أنشطة مشبوهة، تتعلق بالتمويلات وإرسال المقاتلين إلى ليبيا.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية