تونس: التكفيريون يغيّرون أسلحتهم ويفتحون حرباً بيولوجية

تونس: التكفيريون يغيّرون أسلحتهم ويفتحون حرباً بيولوجية


23/04/2020

كشفت أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، أنّ التنظيمات الإرهابية لا تتوانى عن استغلال أيّ سلاحٍ يتاح من أجل تنفيذ مخططاتها الإجرامية، كما أنّها لا تضيّع الفرص لمحاولة التحرك ونفث سمومها وتصريف شرورها.
المجهودات التي تبذلها الدولة التونسية للحدّ من تفشي هذا الوباء كحظر التجول، والحظر الشامل، جعلت العناصر الإرهابية عاجزةً عن استكمال مخطّطاتها التقليدية، لذا استفاقت خلاياها في كلّ مكانٍ، وغيّرت خططها استجابةً للمستجدات، إذ سعت من خلال محاولة نشر كورونا إلى الدخول ضمن نطاق الحرب البيولوجية والجرثومية.
الوحدات الأمنية التونسية نجحت في محاصرة العناصر الإرهابية باستثناء بعض الذئاب المنفردة

من المتفجرات إلى "العطس" و "السعال"
هذه المرحلة الجديدة انطلقت، بتعمّد تكفيري تونسي مورّط في قضايا إرهابية، في تحريض الحاملين لأعراض فيروس كورونا المستجد والخاضعين للحظر الصحي، والرقابة الإدارية على العطس والسعال والبصاق في كل مكان خلال تواجدهم داخل مخافر الأمن بمناسبة إجراءات المراقبة.

فيصل الشريف: محاولة بعض الإرهابيين نشر فيروس كورونا بين الأمنيين مجرد حربٍ نفسية تخوضها المجموعات التكفيرية لضرب الاستقرار

وتتمثّل تفاصيل العملية بحسب وزارة الداخلية، في استغلال السلطة المعنوية على باقي العناصر التكفيرية، خاصّة أولئك الحاملين لأعراض فيروس كورونا، قصد تحريضهم على تعمّد العطس والكحة ونشر البصاق في كل مكان، خلال تواجدهم داخل الوحدات الأمنية، وذلك بهدف إصابة الأمنيين بالعدوى.
وأكد الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني، حسام الدين الجبابلي في تصريحاتٍ إعلاميةٍ، أنّ هذا العنصر التكفيري متورط أيضاً في شبكات تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر والنزاعات المسلحة في العديد من الدول في العالم، خاصةً في الشرق الأوسط.


هذه العملية وصفها الخبير العسكري المختص في التاريخ العسكري المعاصر فيصل الشريف بالمحاولة اليائسة، لاستغلال انشغال قوات الأمن والجيش في فرض تطبيق الحجر الصحي بهدف ضرب الاستقرار، وهي مجرد حربٍ نفسية تخوضها هذه المجموعات بعد خسائرها المتتالية.
ويعتبر الشريف في تصريحه لـ "حفريات"، أنّ هذا التحرّك غير المحسوب لـ "الذئاب الإرهابية المنفردة"، هو نتيجة حتمية لنجاح الوحدات الأمنية في محاصرتهم، داخل الجبال، حتى أصبح تنقلهم وتخطيطهم لتنفيذ هجمات صعباً جدّاً، محذّراً من المجموعات التي تسلّلت ليل الإثنين 20 الجاري إلى التراب التونسي من ليبيا.

اقرأ أيضاً: استطلاع يكشف موقف التونسيين من الغنوشي وحركة النهضة الإخوانية

من جانبه، أكد الخبير الإستراتيجي في الشؤون الأمنية وفي منظومات الأمن الشامل مازن الشريف، "أنّنا دخلنا فعلياً مرحلة الإرهاب البيولوجي" عبر حرب تصنيع الفيروسات، وأنّ هذا الإرهاب الجديد سيتعارض مع إرهاب التفجيرات القديم بعد فترةٍ غير طويلةٍ، وسيتعارضان فيما بينهما.
وقال  الخبير في منظومات الأمن الشامل، إنّ تونس تخلّصت من المجموعات الإرهابية الخطيرة، التي تعمل على تنفيذ العمليات الإرهابية الكبرى المشابهة لما جدّ بتونس خلال الأعوام الماضية، وظلّت فقط بعض الذئاب المنفردة التي لم تعد لها علاقة كبيرة "بداعش الأم"، وهي في حالة تأهب دائمٍ لتنفيذ هجمات يائسة وفاشلة.
شبح الاغتيالات يخيّم من جديد
من جهةٍ أخرى، حذّرت وزارة الداخلية التونسية عدداً من البرلمانيين والسياسيين من وجودهم على لائحة التصفيات الجسدية من قِبل الجماعات الإرهابية.
وبحسب وزارة الداخلية، فإنّ التهديدات تخص نواباً محسوبين على التيار الوسطي هم كل من القيادية في التيار الديمقراطي والنائبة سامية عبّو، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، إلى جانب آخرين محسوبين على التيار القومي، على غرار النائب والقيادي في حركة الشعب سالم الأبيض، والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي، والنائب المستقل الصافي سعيد.


وكانت تونس قد شهدت اغتيال كلٍّ من الأمين العام السابق لحركة الوطنيين الديمقراطيين شكري بلعيد في 6 2013، والمنسق العام للتيار الشعبي محمد البراهمي في 25 تموز (يونيو) من العام نفسه.
واتهمت هيئة الدفاع عن الشهيدين؛ شكري بلعيد ومحمد البراهمي، في شباط (فبراير) الماضي، القضاءَ بتحصين رئيس حركة النهضة ورئيس البرلمان راشد الغنوشي من التهم الموجهة إليه بخصوص الاغتيالات السياسية التي جرت في تونس بعد ثورة 2011.

اقرأ أيضاً: تونس: عملية إرهابية جديدة
كما أكدت الهيئة على تورط "التنظيم السري" لحركة النهضة الإسلامية في اغتيال المعارضين في تونس.
في الأثناء، وضعت مجموعةٌ من المنظمات والجمعيات والشخصيات التونسية عريضةً للتوقيع موجّهة لرئيس البلاد قيس سعيّد ورئيس مجلس النواب راشد الغنوشي تدعو لمنع كل تمجيد للإرهاب، بعد أن اتخذت الخلافات السياسية بعداً تحريضياً خطيراً داخل البرلمان، يعيد إلى الأذهان سيناريو الاغتيالات السياسية التي عرفتها تونس في فترة حكم حركة النهضة الإسلامية عام 2013.
ويتهم سياسيون تونسيون كتلة ائتلاف الكرامة (19 نائبا) المحسوبة على حركة النهضة، بالترويج لخطابٍ تحريضي داخل البرلمان ضد الخصوم السياسيين، وأنّه يقود حرباً بالوكالة عن حركة النهضة في خصومتها مع بعض الأحزاب المعارضة لسياساتها وأجنداتها الحكومية والبرلمانية.

اقرأ أيضاً: النهضة تستثمر سياسياً في جائحة كورونا بتونس
من جانبه، اعتبر الخبير الأمني علي الزرمديني استهداف البرلمانيين بعينهم دون غيرهم، اختياراً مدروساً في إطار الحرب النفسية التي يخوضها الإرهابيون مع المجتمع التونسي، وأوضح أنّ البرلمانيين في واجهة الأحداث السياسية، وأنّ تهديدهم سيحدث ضجّةً إعلاميةً، وسيهز الاستقرار التونسي، ومعنويات الشعب والأمن.
وأضاف الزرمديني في تصريحه لـ "حفريات"، أنّ هذه الجماعات المحاصرة، تسعى لإثبات وجودها، عبر بث نوعٍ من الرعب والفوضى داخل المجتمع، لتظلّ في أذهان التونسيين، مشدّداً على أنّ منسوب التهديدات الإرهابية مازال مرتفعاً، ويمكن أن يحدث في أيّ وقتٍ، داعياً السلطات الأمنية والعسكرية إلى رفع درجة التأهّب في هذا الظرف الذي تمر به البلاد والعالم.

المجموعات الإرهابية تستغل طوارئ كورونا

وكشفت وسائل إعلام تونسية، منتصف الشهر الجاري عن اعتقال أحد الأشخاص بعد مداهمة منزله، والكشف عن ورشة لصنع المتفجرات وطائرات "الدرون"، كما نجحت وزارة الداخلية التونسية في عملية استباقية بإفشال مخطط لتنفيذ تفجير إرهابي لفائدة تنظيم داعش، بمحافظة سليانة (شمال غرب تونس). وأكدت الوزارة أنّها تمكنت من كشف مخطط التفجير وإيقافه بمعية أحد شركائه في الداخل.

بدرة قعلول: تونس ستعيش أزمةً اجتماعية، وبعض المواقع الداعشية رحّبت بفيروس كورونا واعتبرته جنداً من جنود الله

وتمكنت مصلحة التوقي من الإرهاب في إقليم الحرس الوطني بمحافظة القصرين (وسط غرب تونس) من إفشال عمليتيْ دعم وإسناد للعناصر المتشددة المتحصنة بالجبال، بعد أن تعمّد أحد المتواطئين محاولة تزويدهم ببعض الملابس والأزياء، وكمية مهمة من مادة الأمونيتر التي يتم اعتمادها لصناعة المتفجرات.
تونس أعلنت أيضاً إحباط مخطط إرهابي لاستهداف مؤسساتٍ أمنية وحيوية داخل البلاد خلال شهر رمضان، وقالت وزارة الداخلية، في بيان، إنّ "العملية كان سينفذها تكفيري على شاكلة ما يعرف بـ(الذئاب المنفردة)، حيث شرع في توفير المواد والأدوات اللازمة للتحضير وصنع مواد متفجرة، قبل إلقاء القبض عليه من الإدارة المركزية لمكافحة الإرهاب والاستعلامات العامة".
ولفتت الداخلية التونسية، إلى أنّ التكفيري حاول استغلال الظرف الصحي المرتبط بانتشار فيروس كورونا للتخطيط لتنفيذ عملية إرهابية (بلغت مرحلتها الأخيرة).
هذه التحرّكات حذّرت منها مديرة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية بدرة قعلول، وتوقّعت في حديثها لـ"حفريات"، أن تحاول الجماعات الإرهابية استغلال التشتّت الأمني المنقسم بين فرض الإجراءات الحكومية لمقاومة فيروس كورونا، والحفاظ على الأمن العام، لتنفيذ مخططاتها.


ولفتت قعلول إلى أنّ بعض المواقع الداعشية رحّبت بفيروس كورونا واعتبرته جنداً من جنود الله، الذي سيساعدها على الانتشار، وفرض حكمها على أكبر عددٍ ممكنٍ من البلدان، مشيرةً إلى أنّ هذه الجماعات لن تتوانى عن استغلال كلّ الفرص المتاحة دون تردّد من أجل التمدّد وضرب الاستقرار الأمني.
من جهةٍ أخرى، ثمّنت مديرة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية الأمنية والعسكرية مجهودات وزارة الداخلية التونسية، التي ما انفكّت تحقّق نجاحات أمنية مهمةٍ منذ حوالي عامٍ ونصف العام، عبر إحباط عدّة هجماتٍ إرهابية، والقيام بعمليات استباقية مهمة، داعيةً إلى رفع درجة الحيطة والحذر، من عمليات إرهابية غير متوقّعة وفي وقت غير معلوم.
كما رجّحت أن تعيش تونس في قادم الأيام أزمةً اجتماعية، ستندلع على إثرها "ثورة جياع"، يفجّرها تونسيون للمطالبة بالخروج للعمل، بسبب الإجراءات العشوائية، وغير المحسوبة التي اتخذتها الحكومة التونسية بهدف الحدّ من انتشار فيروس كورونا، معتبرةً أنّ ذلك سيساعد المجموعات التكفيرية على التحرّك.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية