توكل كرمان: بيدق في لعبة السياسة أم حَمامة سلام؟

الإخوان المسلمون

توكل كرمان: بيدق في لعبة السياسة أم حَمامة سلام؟


26/09/2019

كثيرون حصلوا على جائزة نوبل للسلام منذ اجتراح الجائزة في 1901، لكنّ قليلين منهم استحقوا لقب صانعي السلام بحق، ويذكر منهم نيلسون مانديلا ومارتن لوثر كينغ، في مقابل آخرين شاركوا في صنع الحروب مثل؛ هنري كيسنجر أو شيمون بيريز ممن بقي مشكوكاً في حقهم بهذه الجائزة.

اقرأ أيضاً: ترامب يُشكّك بنزاهة جائزة نوبل للسلام
ولا يتوقف الجدل بشأن نوبل للسلام إلى اليوم، خصوصاً بعد انطلاق حملةٍ في الفترة الأخيرة، تطالب بنزع الجائزة عن الناشطة اليمنية توكل كرمان، بعد اتهاماتٍ لها بالتحيّز والتدخّل في السياسة وتقديم ما سمي "دعماً معنوياً لجماعات إرهابية"، فمن هي توكل كرمان، ولماذا تتهم اليوم بعدم أهليّتها لتمثل السلام حول العالم؟

من المحلية إلى العالمية
بعد ولادتها قرب محافظة تعز اليمنية في 1979، نشأت توكل كرمان كابنة للسياسي اليمني عبد السلام كرمان. وقد شاء مصيرها أن تنتقل مبكراً إلى العاصمة صنعاء مع والدها بحكم عمله هناك؛ حيث درست التجارة في جامعتها، ثم حصلت على درجة الماجستير في العلوم السياسية من هناك، لتذهب بعد ذلك، وتحصل على شهادةٍ في الصحافة من الولايات المتحدة الأمريكية.

ثمة اتهامات لتوكل كرمان وزوجها بنهب أموال عامة نهاية التسعينيات حيث صدر حكمٌ قضائي بسجن زوجها

وفي حين أنّ تسعينيات القرن الماضي لم تشكل أحداثاً مهمةً في حياة كرمان كما يبدو، وهي فترة لا يُذكر عنها شيء تقريباً في وسائل الإعلام، لكن كرمان "خلال التسعينيات، انتمت إلى حزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان مسلمون) الذي كان ينتمي إليه كذلك زوجها محمد النهمي؛ حيث توجد إشارات إلى أنّها شاركت مع زوجها بنهب أموالٍ من خلال شركة وهمية (المنقذ) خلال تلك الفترة، فصدر على زوجها حكمٌ بالسجن لنهبه الأموال العامة. ورقم الحكم هو 122 لعام 1999 وصادر عن محكمة استئناف عدن" وفقاً لمقالةٍ نشرت عن كرمان في صحيفة "عكاظ" عام 2018.

كرمان متهمة مع زوجها بنهب الأموال العامة قبل العام 2000

لكن نجمها بدأ باللمعان في اليمن منذ العام 2005، بعد أن اختفت فترةً من الزمن، لتؤسس بعدها  مؤسسة "صحفيات بلا قيود" للدفاع عن الحريات الإعلامية والمرأة وحقوق الإنسان، ثم تتحول إلى مناهضةٍ لنظام علي عبد الله صالح" بحسب الموقع الرسمي لتوكل كرمان " https://www.tawakkolkarman.net/about" فسارعت مجلة التايم الأمريكية لتصنفها كواحدةٍ من أهم الثوريات في العالم، ولتنال كما يرد في موقعها الرسمي ذاته "جائزة الشجاعة الأمريكية"، فصعدت كرمان سلم النضال والبطولات بسرعةٍ كبيرة لا تكاد تذكر.

كرمان متهمة بلقاء ناشط من دولة الاحتلال هو عوفير برانشتاين حيث قدمت المساعدة لتهريب يهودٍ يمنيين إلى إسرائيل

بسرعةٍ وبساطة، أصبحت كرمان خلال أقل من عامين (2005-2007) من أهم النساء الثوريات في العالم، ورغم أنّ هذه المسيرة تثير بعض الشكوك، إلا أنّ كرمان اشتهرت بين اليمنيين أيضاً، كونها امرأة معارضة علناً وبقوة، لنظام الرئيس علي عبد الله صالح، الذي بقي حليفاً مدةً طويلة للجهة ذاتها التي جعلت من كرمان بطلةً عالمية.
وفي حين أصبحت توكل كرمان مثالاً للنساء الشجاعات في العالم، كما وصفتها منظمة "مراسلون بلا حدود" في حينه، فإنّها سارعت للظهور من جديدٍ وبقوة، منذ اندلاع الثورة اليمنية في 2011، حين قادت بعض الاحتجاجات ضد النظام، لتعتقل آنذاك، ويطلق سراحها بسرعةٍ أيضاً. بعد ذلك، وبحسب المصدر السابق من صحيفة عكاظ، فإنّ لجنة نوبل لعام 2011 "طلبت من السفارة الأمريكية ترشيح امرأة للحصول على الجائزة، وتم ترشيح كرمان" لتصبح نجمةً عالميةً وامرأة عربية مسلمة حازت على نوبل للسلام. لكنّ ذلك لم يعنِ أنّ كرمان حرصت على نبذ الحرب والدعوة للسلام بصورةٍ مباشرة، خصوصاً في بلدها اليمن، بل تعاملت بتسييس كما يقول منتقدوها، وتقلبت بين طرفٍ وآخر، فهل هذا صحيح؟
السلام خارج الحسابات
من ناحيةٍ عامة، تعد قصة حياة كرمان قصة بطلة، لكن الجوانب الخفية من حياتها، وسهولة صعود نجمها هذا، مسائل تستحق التأمل؛ فبعد نشاطاتها التي توسعت بين عامي 2011 و2015 لتشمل دعواتٍ ولقاءاتٍ عالمية وزيارات لدول عديدة عربية وغير عربية حاولت كرمان خلالها دعم الاستقرار في بلادها اليمن، بدأت كرمان تتخذ مواقف متناقضة في 2015، وذلك بعد دعمها الواضح والقوي مباشرة للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وذلك في تصريحاتٍ خاصةٍ لها لصحيفة "الرياض" في 2015 وقالت خلالها إنّ "الحوثيين وإيران يستهدفون العالم العربي، وأنهم أصل الشرور مع حليفهم الرئيس علي عبد الله صالح" لتعود بعد ذلك وتكتب على موقعها الرسمي أنّها "لم تؤيد في حياتها" عاصفة الحزم ولا قوات التحالف العربي في اليمن.

دمار اليمن يشكل استثماراً سياسياً لدى كرمان

لكنّ إنكارها لمواقفها السياسية وعدم وضوح الرؤية التي تمثلها، لم تتوقف عند ذلك الحد، فقد أخذت كرمان بوصفها (داعمةً للثورات) تتلو تصريحاتٍ حول العالم عن دولة مصر، وعن ليبيا، وسواها، مبديةً رأيها على أنّه الرأي الحق في شؤون تلك البلدان، لكن دون حيادية أو موضوعية بعد مزاعم عن كونها "تحمل الجنسية التركية، وتتلقى أموالاً من دولة عربية قدرت بالملايين، إضافة إلى الحديث عن ثمن معين لنجوميتها السريعة، يكمن في قيامها بلقاء ناشطٍ إسرائيلي هو عوفير برانشتاين، والمساعدة في تهريب يهودٍ يمنيين إلى دولة الاحتلال"، وفق تقريرٍ لصحيفة "البيان" في 2018.

تتدخل كرمان في السياسة أكثر من نشر السلام وتقدم آراء متناقضة وسط مزاعم بتلقيها ملايين الدولارات من دولةٍ عربية

وكان لكرمان أيضاً، خلال الفترة ما بين 2017 وحتى اليوم، تصريحاتٌ عديدة مثيرةٌ للجدل، خصوصاً بعد وفاة الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي في سجنه، إذ بدت "مؤيدةً لجماعة الإخوان أكثر منها حزينةً على وفاة الرجل الذي مات في سجنه" بحسب ما نشرته "روسيا اليوم" في 23 حزيران (يونيو) الماضي.
ويضيف تقرير المحطة الروسية إلى أنّ كرمان "حاولت تسييس ثورة الشعب السوداني، واعتبارها ثورةً ضد الإسلاميين من قبل الشيوعيين، مهاجمةً المملكة العربية السعودية، معتبرةً إياها تتدخل في السودان" مصادرةً بذلك حق الشعب السوداني بالثورة ضد الحكم الدكتاتوري والقمعي الذي عاش تحت نيره لعقودٍ طويلة.
ويؤكد ما سبق أنّ دعوات السلام تحولت إلى مجموعةٍ من التصريحاتِ والأحكام، التي تدين ثورةً وتدعم ثورةً أخرى، بحسب توجهات كرمان الشخصية، على الأقل، إن لم يُقل تلك المدعومة أيضاً لأهدافٍ غير معلومة، فهل هكذا يتم نشر السلام؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية