كتب الكاتب السوداني د. عبد المنعم همت أنّ الحركة الإسلامية في السودان تتبنّى منذ أمد بعيد استراتيجية محكمة لاستعادة نفوذها، مستخدمةً أدوات الحرب وحملات التشويه لتقويض القوى السياسية المدنية، وتقديم نفسها كبديل وحيد قادر على حماية البلاد، وإن كان ذلك على حساب استقرار السودان ووحدته. وفي إطار هذه الاستراتيجية، تتبع الحركة تكتيكات متشابكة، تهدف جميعها إلى زعزعة الثقة في القوى المدنية وتشويه صورتها أمام الشعب السوداني.
وأضاف في مقالة نشرها عبر صحيفة (العرب) اللندنية بعنوان: "كيف تُعيد الحركة الإسلامية تشكيل الصراع في السودان لتحقيق مكاسبها"، أنّ أحد أبرز تكتيكات الحركة هو شن حملة إعلامية منظمة تسعى إلى تصوير القوى السياسية المدنية أنّها المسؤولة عن إشعال الحرب، على الرغم من أنّ هذه القوى كانت قد اقتربت من الوصول إلى السلطة عبر اتفاقيات سياسية، من بينها "الاتفاق الإطاري". هذه الحملة تفضح التناقض في خطاب الحركة؛ فكيف يمكن لقوى مدنية تطمح إلى تحقيق الانتقال السياسي بوسائل سلمية أن تتحول إلى قوة عسكرية هدفها زعزعة استقرار البلاد؟ إنّ الهدف الحقيقي للحركة من هذا التشويه هو استثمار الدعاية الإعلامية الموجهة لتشويه صورة القوى المدنية أمام الشعب، وإظهارها بمظهر القوة العاجزة عن تحمل المسؤولية الوطنية، ممّا يفتح الباب لتعزيز الانقسامات وإثارة الشكوك حول أهليتها.
الحركة تعمل على تأجيج الصراع الداخلي عبر ارتكاب انتهاكات تُنسب زوراً إلى القوى المدنية، وتبثّ حالة من الرعب وعدم الاستقرار بين المدنيين.
وأضاف: وفي إطار سعيها لتأجيج الانقسامات، تلجأ الحركة الإسلامية إلى استغلال النزاعات القبلية، وتعمد إلى إثارة التوترات العرقية في المجتمع السوداني المتنوع. ومن خلال تغذية النّزَعات القبلية، تضع الحركة المجتمع أمام احتمال التفكك، مستفيدة من التاريخ الطويل للتوترات الإقليمية لإشعال الفتنة بين القبائل، وتجزئة السودان إلى كيانات متصارعة. وبهذا تصبح لها القدرة على التحكم في كل جزء من البلاد على حدة، وإضعاف أيّ جبهة وطنية موحدة قد تقف في وجه مخططاتها، ممّا يُسهّل عليها تقديم نفسها كقوة قادرة على فرض النظام.
وتابع همت: "في خطوة أخرى تهدف إلى تقويض استقرار البلاد، تتبنّى الحركة الإسلامية تكتيكاً خبيثاً يتمثل في الانسحاب التكتيكي من بعض المناطق الاستراتيجية، ممّا يؤدي إلى انهيار الأمن فيها وتركها في حالة من الفوضى. ومع سقوط المدن تستغل الحركة أذرعها الإعلامية لتضخيم الأوضاع وتقديم تقارير مبالغ فيها حول انتهاكات يُنسب بعضها زوراً إلى القوى المدنية. هذا التصعيد الدعائي يجعل من السهل على الحركة تصوير القوى المدنية أنّها عاجزة عن حماية المواطنين، وتقديم نفسها كبديل ضروري لإعادة الاستقرار. وعلى الرغم من أنّ الحروب غالباً ما تحمل معها انتهاكات، فإنّ الحركة تتعمد استغلال هذه الأحداث لبث الكراهية تجاه القوى المدنية، وخلق حالة من الشك في قدرتها على إدارة البلاد.
وأشار الكاتب السوداني إلى أنّه بجانب هذه التكتيكات، تعتمد الحركة على خلايا سرّية ترتبط بتيارات إسلامية متطرفة، تعمل على تأجيج الصراع الداخلي عبر ارتكاب انتهاكات تُنسب زوراً إلى القوى المدنية، وتخلق حالة من الرعب وعدم الاستقرار بين المدنيين.
إنّ التكتيكات التي تتبناها الحركة الإسلامية تعكس سعيها المتواصل لاستعادة السيطرة بأيّ ثمن، حتى لو أدى ذلك إلى تفكيك وحدة السودان وزعزعة استقراره. وهذه الاستراتيجية التي تستند إلى استغلال التوترات القبلية والترويج للأكاذيب الإعلامية تكشف عن رغبة الحركة في البقاء على حساب مصالح الشعب السوداني وتطلعاته، وتبرز حاجتنا الملحّة لمواجهة هذه المخططات عبر وعي شعبي وتحالفات مدنية تقف في وجه مخططاتها الهدّامة.