تركيا وإسرائيل.. حقائق تنهي سنوات المتاجرة بقضية فلسطين

تركيا وإسرائيل.. حقائق تنهي سنوات المتاجرة بقضية فلسطين


06/09/2020

لم تتوقف الجوقة التركية عن عزف ملاحم الدعم والتضامن بل والتوحد مع القضية الفلسطينية على مدار عشرات السنوات، لكن الحقيقة ظلت غائبة ومشوشة خلف كل هذا الصخب؛ فأَلَم يحن الأوان ليجيب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن السؤال المُلِحّ: ماذا قدمت تركيا لفلسطين وشعبها على مدار كل هذه السنوات الحافلة بالشعارات والتنديدات والصوت العالي؟

 تعد تركيا ثاني دولة بعد الولايات المتحدة تحتضن أكبر مصانع أسلحة للجيش الإسرائيلي

أردوغان واجه هذا السؤال دائماً بإجابات دبلوماسية، مليئة بالشعارات بعيدة تماماً عن الحقيقة التي لن يستطيع قولها، لكن الواقع يفصح عن الكثير، وتكشف تناقضات أنقرة دائماً أنّ كل هذا الضجيج هدفه المتاجرة بآلام الفلسطينيين وكسب شعبية زائفة لأردوغان لاسيما على الصعيد العربي والإسلامي.

الرئيس التركي، المستثمر السياسي الأبرز الذي طالما خرج علينا متباكياً على حال القضية الفلسطينية، هو نفسه من يقيم أكبر علاقات اقتصادية وعسكرية مع إسرائيل، وهو ابن الدولة العثمانية الفخور بسياستها الاحتلالية وهي مَن سمحت وتسامحت في هجرة آلاف اليهود إلى فلسطين في الفترة من 1876 إلى 1909م.

تعزيز العلاقات مع تل أبيب

بدأت العلاقات الرسمية التركية الإسرائيلية في آذار (مارس) عام 1949، وأصبحت تركيا أول دولة ذات أغلبية إسلامية تعترف بإسرائيل كوطن قومي لليهود على حساب الفلسطينيين، ولم تتأثر هذه العلاقة أبداً مع وصول حزب "العدالة والتنمية" للحكم في البلاد عام 2002 بل العكس أخذت بالازدياد.

وعمل الحزب بحكومته على تعزيز كافة الاتفاقيات السابقة مع إسرائيل، وتوسيع مجالاتها لتشمل قطاعات أخرى، ونجح أردوغان وحكومته في نقل التعاون بين البلدين إلى مرحلة "استراتيجية" غير مسبوقة.

أكبر تعاون عسكري

لعل أبرز أوجه التعاون بين تركيا وإسرائيل كانت في المجال العسكري؛ ففي كانون الثاني (يناير) عام 1994، اصطحب الرئيس الإسرائيلي حينها عزرا وايزمان، خلال زيارته المعلنة إلى العاصمة التركية أنقرة، أكثر من عشرين مسؤولاً بارزاً، العديد منهم يعملون في الصناعات العسكرية.

أردوغان يمارس الازدواجية لكسب التأييد الشعبي عبر مواقف "دعائية" فقط تجاه إسرائيل

وتعد تركيا ثاني دولة بعد الولايات المتحدة تحتضن أكبر مصانع أسلحة للجيش الإسرائيلي، وزادت التعاون العسكري مع تل أبيب منذ الاحتلال التركي لشمال جزيرة قبرص العام 1978، والذي أدى إلى عقوبات أمريكية أوروبية على قطاعها العسكري واعتمدت أنقرة آنذاك على الجانب الإسرائيلي في تحديث الجيش.

أما القفزة الكبيرة في المجال العسكري فكانت عام 1996 في عهد حكومة نجم الدين أربكان الذي يعد الأب الروحي والفعلي للتجربة الإسلامية السياسية، عندما أبرمت تل أبيب وأنقرة اتفاقيتين عسكريتين، بحسب معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، لتكون أول اتفاق بين الدولة العبرية ودولة ذات أغلبية إسلامية.

وبعد 26 عاماً من التعاون العسكري المعلن وغير المعلن بين الدولتين، تحاول تركيا أن تظهر نفسها عبر آلة الدعاية الإعلامية أنّها دولة تتخذ موقفاً ضد إسرائيل وتدعم القضية الفلسطينية، بينما تثبت الحقائق أنّ إدارة أردوغان تمارس لعبة مزدوجة تهدف إلى كسب التأييد الشعبي عبر مواقف "دعائية" دون أن يؤثر ذلك على العلاقات الحقيقية المستمرة مع إسرائيل، خاصة على المستوى العسكري.

تبادل تجاري ضخم

وفق صحيفة معاريف الإسرائيلية وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 6 مليارات دولار في 2019، علماً بأنه كان أكثر بقليل من مليار دولار فقط عندما قدم أردوغان إلى الحكم ويطمح المسؤولون من الجانبين لرفعه إلى 10 مليار دولار.

وفق صحيفة معاريف وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 6 مليارات دولار في 2019

وتعتبر إسرائيل أكبر سوق تجاري مفتوح لبيع المنتجات التركية وفق ما صرح به مسؤولون أتراك.

ويمكن فهم براغماتية أردوغان وزيف قضيته بإلقاء نظرة بسيطة على مؤشر التعاون الاقتصادي بين البلدين، الذي بلغ عام 2009، مليارين و597 مليوناً و163 ألف دولار، وعلى الرغم من التدهور الدبلوماسي للعلاقات المتبادلة بين الطرفين، إلا أنّ حجم التبادل التجاري لعام 2014، بلغ 5 مليارات و832 مليون و180 ألف دولار.

خطوط جوية مفتوحة

تسير الخطوط الجوية التركية يومياً ما يزيد عن 10 رحلات بين أنقرة وتل أبيب، بالإضافة إلى رحلات الشحن.

وتشير تقارير الملاحة الجوية إلى أنّ شركة الخطوط التركية هي ثاني ناقل جوي في إسرائيل بعد شركة "إل عال" الإسرائيلية، وحتى عندما توترت العلاقات "ظاهرياً" بين البلدين لم تنقطع هذه الصلة الوثيقة.

بالأرقام.. تركيا لا تقدم أي دعم للفلسطينيين

يقتصر الدعم التركي للقضية الفلسطينية على ضخ أموال ضخمة لدى الأبواق الإعلامية لإدارة حملات دعائية منظمة تضع تركيا في قلب الداعمين للقضية الفلسطينة، لكن تقرير منظمة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) التابعة لمنظمة الأمم المتحدة فضح زيف هذه الادعاءات، وأكد أنّ تركيا لم تكن ضمن الدول التي قدمت مساعدات للفلسطينين على مدار سنوات مضت بينما تصدرت كل من السعودية والإمارات قائمة الداعمين.

ويرصد التقرير، الذي صدر قبل عامين، أهم المتبرعين والداعمين للفلسطينيين واللاجئين منهم على مستوى العالم، ومن بين أهم 20 داعماً ومتبرعاً لا يظهر اسم تركيا ولا قطر ولا إيران على الإطلاق.

شركة الخطوط التركية هي ثاني ناقل جوي في إسرائيل بعد شركة "إل عال" الإسرائيلية

وحتى في قائمة أكبر 20 داعماً "غير حكومي" للاجئين الفلسطينيين عالمياً، اختفت أسماء قطر وتركيا وإيران، بينما يمكننا رؤية اسم بنك التنمية الإسلامي في جدة بالمركز الثاني على مستوى العالم، وجاء بعده الهلال الأحمر الإماراتي.

تفتيت القضية بدعم الإرهاب

وفقاً للأرقام والتقارير الدولية، تقدم تركيا دعماً لحركة حماس الفلسطينية، المصنفة "إرهابية"، يتجاوز مليارات الدولارات سنوياً، بهدف تحقيق أجندته في السيطرة على المنطقة العربية بالاعتماد على مثل هذه الأذرع.

لكن "حماس" لم تقدم بدورها أيضاً للقضية الفلسطينية سوى مزيد من الدماء والفرقة، ولو كانت النوايا صادقة في دعم الفلسطينيين لامتنعت الحركة عن تقاضي أي أموال من أردوغان الذي يعقد أكبر صفقات تجارية وعسكرية مع عدوهم.

 في مواجهة كورونا

لم تقتصر هذه العلاقة بين أنقرة وتل أبيب على المجالات السابقة، بل شملت أيضاً النواحي الصحية، خاصة مع انتشار جائحة كورونا، ففي نيسان (أبريل) الماضي، كشف وكالة بلومبرغ الأمريكية عن شحنة مساعدات طبية من أنقرة إلى إسرائيل.

تركيا أول من قدمت مساعدات طبية لإسرائيل لمواجهة جائحة كورونا

ونقلت الوكالة عن مسؤول تركي، لم تسمّه، أنّ الحكومة صدّقت على شحنة معدات طبية تشمل أقنعة الوجه، وبدلات واقية، وقفازات معقمة لإسرائيل، وأضاف أنّه من المتوقع أن تحط ثلاث طائرات من إسرائيل بقاعدة إنجرليك الجوية لتسلم الشحنة!


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية