
تعيش جماعة الإخوان المسلمين وفروعها في المنطقة العربية أزمة عميقة متعددة الأبعاد، تجلت في تراجع نفوذها السياسي والشعبي وتفكك هياكلها التنظيمية. وكشف تقرير لموقع سكاي نيوز عربية أن الجماعة، التي لطالما قدمت نفسها كقوة سياسية بديلة، فقدت جانباً كبيراً من مشروعها بفعل الانقسامات الداخلية والإخفاقات المتراكمة في الحكم والمعارضة على حد سواء.
ووفق مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات، تراجع مؤشر القوة العالمية للتنظيم إلى 48 بالمئة عام 2023 بعد أن كان 64 بالمئة عام 2021، ما يعكس انهيار قدرة الإخوان على التأثير في المجالين الدعوي والسياسي. وأبرز التقرير أن السلطات الأردنية قررت في نيسان / أبريل 2025 حظر كافة أنشطة الجماعة، واعتبارها جمعية غير مشروعة، بعد ضبط خلية مرتبطة بها كانت تخطط لاستهداف مواقع حساسة.
زيد الأيوبي: الجماعة دخلت حالة "شلل استراتيجي" بسبب الانقسامات الفكرية والتنظيمية بين جبهاتها المتصارعة في مصر وتركيا وبريطانيا
ويأتي القرار الأردني في سياق سلسلة خطوات شملت حظر الانتساب للجماعة ومصادرة أصولها وإغلاق مقراتها، ما اعتُبر نهاية فعلية لتنظيم إخوان الأردن بعد قرابة 80 عاماً من النشاط.
وفي تونس، تواجه حركة النهضة أزمة غير مسبوقة منذ الإجراءات الاستثنائية لصيف 2021، حيث اتُهمت بالتورط في قضايا إرهاب واغتيالات سياسية. وتم اعتقال عدد من قادتها، بينهم العجمي الوريمي، إضافة إلى إخضاع 80 جمعية مرتبطة بها لمراقبة مالية مشددة لتجفيف مصادر التمويل.
أما في المغرب، فقد مني حزب العدالة والتنمية بهزيمة انتخابية قاسية بعد خسارته غالبية مقاعده البرلمانية وتراجع حضوره السياسي، ما أسهم في تقويض قدرته على التأثير كقوة معارضة.
تراجع مؤشر القوة العالمية للتنظيم إلى 48 بالمئة عام 2023 بعد أن كان 64 بالمئة عام 2021 ما يعكس انهيار قدرة الإخوان على التأثير في المجالين الدعوي والسياسي
أما في الجزائر، فتعيش حركة مجتمع السلم حالة انقسام بين جناحين متصارعين، وانعكس ذلك في تراجع شعبيتها بشكل كبير، حيث لم يتجاوز مرشحها الرئاسي 3 بالمئة من الأصوات.
وفي سوريا، رفضت القيادة الانتقالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع طلب الجماعة لإعادة فتح مقارها، بينما تصاعدت في لبنان مطالب بنزع سلاح "الجماعة الإسلامية"، وسط تراجع نفوذها الشعبي.
من جانبه، قال المحامي والمحلل السياسي الفلسطيني زيد الأيوبي لـسكاي نيوز عربية إن الجماعة فقدت شرعيتها السياسية بعدما انكشف تناقض خطابها وتحالفاتها الإقليمية، مضيفاً أنها دخلت حالة "شلل استراتيجي" بسبب الانقسامات الفكرية والتنظيمية بين جبهاتها المتصارعة في مصر وتركيا وبريطانيا.
كما وصف الباحث هشام النجار المرحلة الحالية بأنها "أوسع مرحلة انكشاف سياسي وتنظيمي وفكري" في تاريخ الجماعة، مشيراً إلى أن الإخوان باتوا عاجزين عن تقديم رؤية أو برنامج مقنع للشعوب.
أما الباحث المتخصص طارق أبو السعد، فحذر، في تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، من محاولات التنظيم لبناء شرعية جديدة بين الأجيال الشابة عبر شبكات خيرية وخطاب مظلومية، معتبراً أن ذلك يمثل تهديداً طويل الأمد يتطلب مواجهة حازمة.
هذا ويرى مراقبون أن المشروع الإخواني فقد ما تبقى من جاذبيته، وأن أزمات التنظيم الداخلية وتراجع الثقة الشعبية أدخلته في مرحلة "ما بعد المشروع"، وسط توقعات بانكماش أكبر في نفوذه عربياً ودولياً.