تداعيات هجمات الحوثي.. هل تتخطى منطقة الشرق الأوسط؟

تداعيات هجمات الحوثي.. هل تتخطى منطقة الشرق الأوسط؟

تداعيات هجمات الحوثي.. هل تتخطى منطقة الشرق الأوسط؟


06/02/2024

وسط خسائر تتصاعد عربياً ومناشدة دولية بتوقف الحوثيين عن استهداف السفن، وتقديرات ترى أنّ العالم أكثر تضرراً من إسرائيل، تواصل الميليشيا الحوثية المقربة من إيران والتي تسيطر على جزء من اليمن، هجماتها في البحر الأحمر من أجل إبطاء حركة الملاحة البحرية الدولية هناك، بتعلة تضامنهم مع الفلسطينيين في غزة.

ولئن تعددت المخاوف المحلية والدولية من السلوك الحوثي المنفلت في البحر الأحمر بشن مزيد من الهجمات العدائية على المصالح الدولية لتحقيق مكاسب سياسية، دخلت واشنطن ودول غربية في مواجهة مع الجماعة، التي توعدت بالرد الكبير على ما تعرضت له من هجمات على مواقعها في اليمن، ما يضع التساؤلات الكثيرة حول مصير الشرق الأوسط والمحيط الإقليمي وتداعيات هذا الهجوم.

وفي أعنف ضربة من نوعها منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر أعلنت القيادة الوسطى الأميركية تدمير صواريخ ومسيرات وشن سلسلة غارات أميركية بريطانية على مواقع عدة لميليشيات الحوثي في 6 محافظات يمنية.

وقالت واشنطن إنّها أحبطت عمليات إطلاق صواريخ مضادة للسفن كانت جماعة الحوثي على وشك تنفيذها في البحر الأحمر.

واشنطن: التداعيات تتجاوز الشرق الأوسط

تبعاً لذلك، قالت السفارة الأميركية لدى اليمن، إنّ تصرفات جماعة الحوثي في البحر الأحمر تعرض السفن التي تحمل 15% من التجارة العالمية للخطر.

وأضافت السفارة في بيان نشرته على منصة "إكس"، اليوم الأحد "تعرض تصرفات الحوثيين السفن التي تحمل 15% من التجارة العالمية للخطر، وهي سلع حيوية مثل الغذاء، مما لا يؤثر على الشرق الأوسط فحسب، بل على الجميع".

هذه الحرب كشفت أنّ جماعة الحوثي تمتلك العديد من القدرات العسكرية

وشددت على مهمة واشنطن "لحماية هذه الروابط التجارية الأساسية، وضمان الرخاء العالمي"، وذكرت أنّ "هذا يتعلق بما هو أكثر من مجرد السياسة، يتعلق الأمر بتوفير ما يحتاجه الناس كل يوم".ّ

 

تعددت المخاوف المحلية والدولية من السلوك الحوثي المنفلت في البحر الأحمر بشن مزيد من الهجمات العدائية على المصالح الدولية لتحقيق مكاسب سياسية

 

في السياق نفسه، أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، أنّ دعم الحكومة لفرض سيطرتها على كامل التراب الوطني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية خاصة القرار 2216، يُعتبر خارطة الطريق المثلى لنزع سلاح الميليشيا وإحلال السلام والاستقرار في اليمن.

يُذكر أنّ هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر قادت إلى إعلان عدد من كبريات شركات الشحن الدولي مقاطعة الملاحة في البحر الأحمر مؤقتاً، وهو ما يعتقد بأنه سيرفع تكاليف الشحن والتأمين.

ومع تصاعد المخاوف يمنياً من تأثر أسعار الغذاء بسبب ارتفاع تكاليف النقل والتأمين، تترقب مصر من جهتها آثار هذه الهجمات على موردها الاقتصادي الأهم وهو قناة السويس.

تصعيد جديد: استهداف كابلات الانترنت

هذا وحذر تقرير صدر أخيراً عن موقع منتدى الخليج الدولي ومقره واشنطن من احتمال قيام الحوثيين باستهداف الكابلات البحرية الحيوية التي "قد تكون هدفاً جديداً لهجماتهم المقبلة في البحر الأحمر"، في إطار عملياتهم التصعيدية في المياه الدولية، مما يشير إلى تهديد متطور يمكن أن يعطل الاتصالات والاقتصاد العالميين بصورة خطرة وغير مسبوقة.

وقال التقرير إنّه "يمكن أن تكون شبكة كابلات الاتصالات الحيوية تحت الماء هدفاً سهلاً ومثالياً لهجوم جماعة الحوثي المقبل، ويجب أن يثير هذا الاحتمال قلق جميع الدول التي تعتمد على هذه البنية التحتية الحيوية القريبة والبعيدة على حد سواء".

وعلاوة على ما شكلته الهجمات الحوثية التي تستهدف السفن التجارية في البحر الأحمر من تهديد كبير للملاحة البحرية إلا أن الأمر قد يتطور، وفقاً للتقرير، "من هجمات فوق سطح البحر إلى أخرى في أعماقه حيث باتت الكابلات البحرية هدف الحوثي الجديد في الصراع".

وجاءت تحذيرات المنتدى على خلفية تقرير نشرته قناة تابعة للحوثيين على تطبيق "تيليغرام" أرفقت معه صورة توضح خريطة شبكات كابلات الاتصالات البحرية في البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر وبحر العرب والخليج العربي، في إيحاء لوضعه ضمن القوائم المحتمل استهدافها لتهديد العالم.

تداعيات كارثية

وتشير تقارير اقتصادية متطابقة إلى وجود أضرار لحقت بعدد من دول المنطقة والعالم، دون أن يكون تأثيرها مماثل على إسرائيل عقب قرار الحوثيين قبل نحو شهر باستهداف السفن التي تعبر لتل أبيب فمثلا:

تأثرت حركة الملاحة في قناة السويس المصدر الرئيسي للعملة الأجنبية في مصر التي تشهد أوضاعا اقتصادية صعبة، بانخفاض نحو 30% فى الفترة من 1 إلى 14 يناير 2024.

كما انخفض دخل قناة السويس بنسبة 40% عن نفس الفترة مقارنة بمثيلتها العام الماضى، بانخفاض عدد السفن المارة من 777 سفينة إلى 544 سفينة فى الفترة نفسها.

 

واشنطن: تعرض تصرفات الحوثيين السفن التي تحمل 15% من التجارة العالمية للخطر وهي سلع حيوية مثل الغذاء مما لا يؤثر على الشرق الأوسط فحسب بل على الجميع

 

ووقع تراجع في التجارة العالمية بنسبة 1,3% خلال شهري تشرين الثاني ( نوفمبر) وكانون الأول (ديسمبر) 2023، فيما ارتفعت أسعار تكلفة الشحن الوارد عبر مضيق باب المندب بنسب وصلت إلى 170% مع توجه شحن حاويات لتعليق رحلاتها عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر.

واضطرت حكومات عربية لاتخاذ تدابير عاجلة لمواجهة تداعيات الأزمة بينها الحكومة الأردنية خشية الآثار التضخمية المحتملة على السوق المحلية.

كل هذا دفع الصين، أكبر مصدر في العالم، إلى مطالبة الحوثي بوقف المضايقات والهجمات على السفن المدنية، وحث جميع الأطراف المعنية على ضمان السلامة والأمن في البحر الأحمر، وفق المتحدث باسم وزارة الخارجية، وانغ وين بين، في مؤتمر صحفي دوري الأربعاء.

ووفق وكالة "بلومبيرغ"، فإنّ الهجمات بالصواريخ والطائرات بدون طيار وعمليات الاختطاف على مدى شهرين ضد السفن المدنية في البحر الأحمر أسفرت عن أكبر عملية تحويل لمسار التجارة الدولية منذ عقود، ما رفع تكاليف شركات الشحن في أماكن بعيدة على غرار آسيا وأميركا الشمالية. وتواصل الاضطرابات الانتشار مما يفاقم مخاوف حدوث تداعيات اقتصادية أوسع نطاقاً.

كلك، تضاعفت تكلفة شحن الحاويات من الصين إلى البحر الأبيض المتوسط بما يفوق 4 أضعاف منذ أواخر نوفمبر الماضي، بحسب ما نقلته "بلومبيرغ"، عن شركة "فريتوس" (Freightos)، وهي شركة لحجوزات شحن البضائع.

كما أنّ هناك أكثر من 500 سفينة حاويات كانت تبحر في العادة عبر البحر الأحمر من وإلى قناة السويس، وتحمل كل شيء بداية من الملابس والألعاب إلى قطع غيار السيارات، لكنها أصبحت مضطرة لإضافة أسبوعين لمسار سفرها حول رأس الرجاء الصالح بالجزء الجنوبي من أفريقيا، بحسب شركة "فليكسبورت". ويشكل هذا ربع سعة شحن الحاويات في العالم تقريباً، بحسب منصة الخدمات اللوجستية الرقمية.

تحذيرات دولية

وقد حذّرت عواصم عربية ودولية على إثر الهجوم، والتي تحذر من توسع الحرب والصراع في المنطقة، إذ اعتبرت السعودية أشد المتضررين؛ لمحاذاتها باليمن، خصوصاً أنّها خاضت حرباً واسعة استمرت نحو 9 سنوات مع الحوثيين، وتعمل حالياً على الخروج إلى حلٍّ سياسي ينهي الحرب اليمنية بتوافق محلي وبرعاية دولية.

 

حذر تقرير صدر أخيراً عن موقع منتدى الخليج الدولي ومقره واشنطن من احتمال قيام الحوثيين باستهداف الكابلات البحرية الحيوية

 

وكان لافتاً من بيانها عقب الهجوم الأول، حينما دعت إلى "ضبط النفس وتجنب التصعيد"، معبرة في الوقت ذاته عن "القلق البالغ من العمليات العسكرية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر والغارات الجوية التي تعرض لها عدد من المواقع في الجمهورية اليمنية".

كما حث وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك الاتحاد الأوروبي، الخميس الماضي، على زيادة الضغط على الحوثيين المتحالفين مع إيران الذين واصلوا مهاجمة السفن التجارية في الممرات الدولية غرب البلاد.

وتبرز المواقف الدولية التخوف من أن يتطور الأمر إلى تصعيد إقليمي يؤثر بشكل رئيسي على دول الخليج بشكلٍ خاص، حيث تقع بين نارين؛ تصعيد الحوثي، والدعم الذي قد تتلقاه من إيران من جهة، ومليشياتها المنتشرة في العراق وسوريا ولبنان، من جهة أخرى.

مواضيع ذات صلة:

إيران وأمن البحر الأحمر... ما أهداف استعراض القوة؟

هل يعطل إرهاب الحوثيين في البحر الأحمر عملية السلام؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية