بين المواجهة والمهادنة... لماذا تتجاهل أوروبا تهديدات جماعة الإخوان؟

بين المواجهة والمهادنة... لماذا تتجاهل أوروبا تهديدات جماعة الإخوان؟

بين المواجهة والمهادنة... لماذا تتجاهل أوروبا تهديدات جماعة الإخوان؟


02/10/2023

إنّ تهديدات الإسلام السياسي اللّاعنفي التي يشكلها الإخوان المسلمون، والمنظمات المرتبطة بهم، يتم التغاضي عنها والاستهانة بها في أوروبا بطريقة تكاد تستوجب العقاب، ورغم أنّ هدف الإخوان المسلمين ليس أقلّ من تقويض الديمقراطية الغربية وتدميرها، ومع ذلك، ما تزال جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات المرتبطة بها تتلقى دعماً مالياً كبيراً من الموارد العامة، كذلك تصف دراسة حديثة صادرة عن المركز العربي لدراسات التطرف طبيعة العلاقة بين جماعة الإخوان والحكومات الأوروبية. 

ففي حين أعلنت أوروبا خططاً واسعة لمواجهة التنظيم  منذ عام 2020، واعتبرته مصدراً للتطرف، إلا أنّ جماعة الإخوان ما زالت تستفيد من منصات التأثير على الرأي العام في أوروبا، فبحسب الدراسة يتم دعم الدراسات الإسلامية والجمعيات الثقافية على جميع مستويات الحكم في أوروبا، وترسل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تبرعات بملايين الدولارات إلى منظمات مثل الإغاثة الإسلامية، والتي على الرغم من مشاركتها في الأعمال الخيرية، ما تزال تحمل أجندة إسلاموية وآراء معادية للسامية.

وتقول الدراسة المنشورة يوم 26 أيلول (سبتمبر) تحت عنوان: (لماذا تتجاهل أوروبا تهديدات الإخوان المسلمين؟): إنّ أموال الاتحاد الأوروبي مستمرة في تمويل المنظمات الإسلامية داخل أوروبا وخارجها، وبالتالي فإنّ الدول الديمقراطية الأوروبية والاتحاد الأوروبي ككل يقطع فرع الشجرة الذي يجلس عليه، عندما يدعم المنظمات التي تهدف أجنداتها إلى تقويض الديمقراطية الغربية وتدميرها في نهاية المطاف.

عدو قادر على التكيف 

وفق الدراسة، تُعرف جماعة الإخوان المسلمين بقدرتها على التكيف مع المشهد السياسي المحلي، فهي تقوم بتعديل استراتيجياتها وفقاً للاحتياجات المختلفة في مختلف البلدان. ومع ذلك، يظل التركيز دائماً على الهدف النهائي نفسه. إنّ قدرة جماعة الإخوان المسلمين على التكيف مع الظروف المحلية هي أعظم خداع للجماعة، الأمر الذي يقود الكثيرين أيضاً إلى التقليل من مدى خطورة هذه المنظمة التي تعود جذورها إلى مُثُل الحركات الإسلامية في القرن الـ (20).

وتعتبر الدراسة جماعة الإخوان المسلمين عدوّاً للعالم الغربي، ولمفاهيمه عن الديمقراطية، وهي تسعى جاهدة لتدميرهما معاً. 

أعلنت أوروبا خططاً واسعة لمواجهة التنظيم  منذ عام 2020

وتشير إلى أنّها عملية للغاية وتنحاز استراتيجياً إلى الجمعيات التقدمية، وتخفي دوافعها الحقيقية وراء العمل الخيري، غير أنّ هدفها النهائي هو "التمكين" الذي يعني، وفقاً لأحد أعظم منظري الإسلام السياسي علي الصلابي، "حكم الإسلام على أيّ دين آخر، والسيطرة على الإنسانية جمعاء".

هل الإخوان منظمة سلمية؟ 

تقول الدراسة: إنّه بالرغم من أنّ جماعة الإخوان المسلمين في أوروبا لا تدعم تنظيم (داعش) أو تنظيم (القاعدة)، فإنّ وصف الإخوان المسلمين بالسلمية ليس في محله، مشيرة إلى أنّ دعمهم لـ (حماس والجهاد) في سوريا يشكل دليلاً على استعدادهم لاستخدام العنف كأداة لتحقيق أهدافهم. 

جماعة الإخوان المسلمين هي عدو للعالم الغربي، ولمفاهيمه عن الديمقراطية، وهي تسعى جاهدة لتدميرهما معاً

وتنوه الدراسة إلى إمكانية ملاحظة الطبيعة الفعلية للإخوان من خلال علاقتهم الودية بالثيوقراطية الإيرانية، لقد كانت العلاقات بين المسلمين السّنة والشيعة متوترة تاريخياً، كما كان حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، يرغب في تهدئة هذا التوتر، وعندما تولّى الخميني السلطة في عام 1979 عرض أعضاء الإخوان دعمهم.

وبحسب الدراسة، يمكن للمنظمات الإسلامية التي لا ترتبط بالعنف أن تعطي انطباعاً بأنّها "معتدلة" عند مقارنتها بالجماعات السلفية الجهادية، التي تتبنّى العنف علناً، لكنّ هذا الفهم غير الصحيح، وهو خطأ مأساوي، ومثل غيرها من المنظمات الإسلامية العالمية، فإنّ جماعة الإخوان المسلمين هي عدو للقيم الغربية، وسوف يسيء أنصارها استخدام مصطلحات مثل الحرية الدينية، وتمثيل المجتمعات، والتعددية الثقافية، والهوية، ويدعون إلى "الحوار" بين الحضارات؛ لإخفاء طبيعة جماعة الإخوان الحقيقية.

وتهدف كل هذه الجهود، بحسب الباحث، إلى تدمير الديمقراطيات والحريات الغربية، وهي الحريات نفسها التي ينتهكها أنصار الإخوان المسلمين باستمرار، ويتضمن هذا النهج شراكات استراتيجية مع الحركات التقدمية. ومع ذلك، فإنّ هذا لا يغير أيّ شيء في هدفهم النهائي، وهو إقامة دولة مبنية على الشريعة الإسلامية.

دعم سخيّ من ميزانية الاتحاد الأوروبي

تحت هذا العنوان تذكر الدراسة عدداً من الأمثلة المعروفة للمنظمات التي أسسها الإخوان المسلمون، أو تأثرت بإيديولوجيتهم، منها منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية، واتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الذي يوحد المنظمات المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، هذه المنظمات تستفيد من الدعم المالي من الموارد العامة، وحتى من ميزانية الاتحاد الأوروبي.

من الضروري أن يعترف المتشككون أخيراً بأنّه حتى الإسلام السياسي، الذي يتسم بالسلمية في الخارج، من الممكن أن يشكل مشكلة خطيرة

بحسب نظام الشفافية المالية التابع للمفوضية الأوروبية، فقد تلقى فرع الإغاثة الإسلامية في ألمانيا (الإغاثة الإسلامية الألمانية) أكثر من نصف مليون يورو دعماً في عام 2019 من ميزانية الاتحاد الأوروبي. وفي عام 2018 دفعت المفوضية مبلغ (400) ألف يورو لمنظمة الإغاثة الإسلامية العالمية، و(340) ألف يورو لشركة الإغاثة الإسلامية التابعة لها في ألمانيا، وفق ما أوردته الدراسة. 

ماذا عن جهود مكافحة التطرف؟ 

بحسب الدراسة، جاءت ردود الفعل الغاضبة في جميع أنحاء أوروبا في أعقاب إطلاق مبادرة يمولها صندوق الأمن الداخلي الأوروبي لمكافحة التطرف، لكن جاءت النتيجة عكسية، إذ يمكن اعتبار مقطع الفيديو الخاص بالحملة التي روج لها المشروع على موقع (يوتيوب) بعنوان "قلب الظلام" بمثابة محاولة لصياغة دفاع عن الجهادية والإخوان المسلمين.

الفيديو الذي كان من المفترض أن يشرح مفهوم الجهاد روج في الواقع لجماعة الإخوان المسلمين كمنظمة سلمية، حتى إنّ المفوضية اعترفت بأنّ لديها مخاوف تنبع من فيديو "الجهاد" وحملة "قلب الظلام".

وطلبت المفوضية بعد ذلك توضيحاً، وهددت بأنّها "ستتخذ كافة الإجراءات اللازمة إذا ثبتت أوجه القصور"، وأدى ذلك إلى حذف مقاطع الفيديو من موقع (يوتيوب)، وانتهت حملة مكافحة التطرف في هذه الحالة بشكل مخزٍ تماماً؛ لأنّها أظهرت أنّ الأشخاص الذين يروجون لآراء متطرفة شاركوا أيضاً في تصميم الحملة.

لماذا مواجهة الإخوان ضرورة حتمية؟ 

وتخلص الدراسة إلى ضرورة أن يعترف المتشككون أخيراً بأنّه حتى الإسلام السياسي، الذي يتسم بالسلمية في الخارج، من الممكن أن يشكل مشكلة خطيرة، وأنّ أنصار جماعة الإخوان المسلمين يتقاسمون العقلية نفسها التي يتبناها الإسلاميون، الذين على العكس من ذلك يؤيدون العنف علناً لتحقيق أهدافهم.

كما أنّ لديهم آراء لا تتفق مع المجتمع الحر ويحاولون نشرها، وهدفهم هو تقويض الديمقراطية في أوروبا وتدميرها في نهاية المطاف. يجب أن نتوقف عن دعم الإسلاميين على جميع مستويات السياسة الأوروبية، وخاصة أولئك المتخفين تحت شعار "تعددية الآراء".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية