بعد فشل حسين في حشد الإخوان بالخارج.. هل حسم منير الصراع داخل الإخوان؟

بعد فشل حسين في حشد الإخوان بالخارج.. هل حسم منير الصراع داخل الإخوان؟


14/12/2021

طالما مرت جماعة الإخوان بأزمات داخلية كان سببها، في أغلب الحالات، الصراع حول الأفكار أو العمل التنظيمي والمشاركة السياسية، وأيضاً حول النفوذ والسيطرة داخل الهيكل التنظيمي، تسببت في انشقاقات تاريخية داخل الجماعة، وأجبرتها على إعادة التمحور والبحث عن بدائل للقيادات ومبررات للتناقضات الفكرية، لإرضاء القواعد.

اقرأ أيضاً: هل ينجح التنظيم الدولي للإخوان في جمع شتات جبهتي منير وحسين؟

لكن الأزمة الراهنة والممتدة عبر سنوات، تشهد تطورات غير مسبوقة تاريخياً ومتسارعة للحد الذي يجعل السيناريوهات المترتبة عليها محدودة للغاية، والمثير للفضول في هذا الصراع الحالي بين محمود حسين وإبراهيم منير، أن أطرافه هم من يتمسكون باستمراره وتعميقه بشكل مستمر، فيما يراه بعض المراقبين أنّه يأتي في إطار خطة شاملة تستهدف نسف الهيكل القديم والاستعداد لانطلاقة جديدة تعبر الإخوان فيها عن نفسها باعتبارها "تياراً" وليست تنظيماً.

 وفي المقابل يقرأ آخرون الصراع في مجمله على أنه "نهاية حتمية" للتنظيم في ظل تعاقب الأزمات عليه بعد سقوطه عن الحكم في عدد من الدول العربية، وما تبعه من تطورات كشفت الستار عن أيدلوجيا العنف والعمل المسلح الذي ظلت الجماعة تنكره وتبرره لعدة سنوات، وما ترتب على الأمر من حالة رفض شعبي كسرت قاعدة الإخوان التاريخية في استغلال الأزمات لكسب التعاطف واستثمار حالة المظلومية.  

اجتماع إسطنبول.. هل ثمة جديد يُذكر؟

وفي تطور جديد للصراع المحتدم داخل الجماعة، عقدت جبهة محمود حسين مؤتمر بمقرها في تركيا بهدف حشد رابطة الإخوان في الخارج لدعمه لحسم الصراع ضد إبراهيم منير، لكنه فشل في تحقيق هدفه، وحقق نتائج عكسية لصالح الثاني بحسب معلومات مسربة من داخل الاجتماع.

ويقول الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي، عمرو فاروق، إنّ جبهة الإخوان بتركيا بقيادة محمود حسين، عقدت خلال الأسبوع الماضي، اجتماعاً موسعاً داخل إسطنبول، أعلنت خلاله عن استمرار مواجهة جبهة "لندن" بقيادة إبراهيم منير، تحت شعار "ملتقى أوفياء للثوابت والأصول"، وهي محاولة جديدة من الأول لحسم الصراع لصالحه، لكنها باءت بالفشل خاصة بعد تمكن منير من كسب تأييد رابطة الإخوان بالخارج، وهي رابطة ذات ثقل تنظيمي وتعد واحدة من مراكز القوة التنظيمية وأحد مصادر تمويل الجماعة.

 

يرجح مراقبون أن تجبر الأزمة الراهنة تنظيم الإخوان على تغيير إيديولوجيته بشكل كامل، والتنصل من أفكاره القديمة، وكذلك قياداته ومساحات سيطرته الجغرافية داخل المنطقة العربية، للحفاظ على ما تبقى من هيكله

 

وفي تصريح لـ"حفريات" يؤكد فاروق أنّ الصراع لايزال قائماً ولن ينتهي في وقت قريب، مشيراً إلى تمسك كل طرف بموقفه فيما فشلت كافة المبادرات الداخلية للصلح بينهما، لكن الباحث المصري يرجح أن تكون جبهة إبراهيم قد نجحت في حسم الصراع، مشيراً إلى أنّ محمود حسين فشل في كسب تأييد رابطة المصريين بالخارج لصالح جبهته، وأوضح أنّ 8 أقطار من مجموع 13 ترفض دعوة محمود حسين لانتخاب مكتب رابطة الإخوان بالخارج، من جهة أخرى مجلس شورى رابطة الإخوان المصريين بالخارج، وبمشاركة أغلبية الأقطار التي لها حق التصويت، قام  باختيار هيئة تنفيذية للرابطة برئاسة السعدني أحمد.

ويشير فاروق إلى أنّ إبراهيم منير ومجموعته نجحوا في السيطرة على التنظيم بدعم قيادات التنظيم الدولي بعد القبض على المرشد العام محمود عزت في مصر عام 2020، وبدأ منير بالتحكم في كافة مفاصل التنظيم وخرج عن سيطرة قيادات مكتب الإرشاد المتواجدين في تركيا وهو ما أشعل فتيل الأزمة التي تضاعفت فيما بعد بسبب تكشف مخالفات مالية وصراعات على المناصب فيما بينهم.

اقرأ أيضاً: مناورات وانشقاقات في الصراع بين جبهتي حسين ومنير.. لمن الغلبة؟

وأوضح فاروق أنّ "منير" له صلات قوية بعناصر التنظيم الدولي بحكم تاريخ عمله في الجماعة، لكنه كان بمثابة سكرتير للتنظيم يتلقى التعليمات من محمود عزت ويتولى مهمة تنفيذها، لكنه تفرد بصناعة القرار بعد تنصيب نفسه مرشداً على التنظيم في أعقاب القبض على الثاني، وبدأ في معركة طاحنة لتصفية الخصوم المعارضين له.

وحول أهمّ الأزمات التي تواجه المرشد الحالي، يقول فاروق: "إنه لا يلقى قبولاً لدى القواعد التنظيمية التي ترغب في تولي شخصية دعوية قيادة الجماعة، في ظلّ ارتباك فكري وتفكّك تنظيمي غير مسبوق تعيشه الجماعة، وأيضاً بسبب تصريحاته المنفتحة التي تتصادم مع ثوابت الجماعة، ومنها قبول الحرّيات الجنسية التي صرّح بها منير كنوع من مغازلة الغرب، لكنها تصادمت مع ثوابت التنظيم". 

تداعيات الصراع المحتدم

وفق مراقبين تتعلق الأزمة الرئيسية بين القيادات المتناحرة، بمحورين؛ الأول هو الصراع على المناصب التنفيذية ورغبة كل طرف منهم في إحكام السيطرة على المناصب داخل الجماعة، وهو ما عكسه قرار إبراهيم منير بحل مكتب إدارة شؤون الإخوان في تركيا قبيل أيام من انتخابات مجلس الشورى العام، والسبب الثاني هو الغضب المسيطر على القواعد التنظيمية على طرفي الأزمة داخل التنظيم، خاصة بعد تجلّي فشل الإخوان في إدارة ملف أزمتهم الراهنة في أعقاب التقارب المصري التركي والذي مثل صدمة عنيفة للتنظيم وقواعده.

وتعود بداية الأزمة منذ نهاية عام 2018، بعدما سُربت معلومات تفيد بإحالة محمود حسين، الأمين العام للجماعة وقتئذ، للتحقيق على خلفية اتهامه باختلاس مبالغ مالية ضخمة من خزينة الجماعة التي كان مسؤولاً عنها بشكل كامل، ووقتها هاجم حسين قواعد التنظيم بشكل شرس خاصة أنّ الواقعة تزامنت مع منع المساعدات المالية التي كانت تصل من قيادة التنظيم إلى بعض الأسر الإخوانية بحجة وقف التبرعات والتضييقات الأمنية، ليتكشف بعد ذلك استيلاء مجموعة من القيادات على مبالغ ضخمة من أموال التبرعات والاستثمارات وتخصيصها لشراء عقارات لأبنائهم في عدة دول أوروبية.

 

يقول الباحث المختص في الإسلام السياسي  عمرو فاروق إنّ الصراع بين جيهتي إسطنبول ولندن لايزال قائماً ولن ينتهي في وقت قريب، مشيراً إلى تمسك كل طرف بموقفه

 

وحول ارتدادات الصراع الحالي على مستقبل التنظيم يرى مراقبون أنّ الصراع بين قيادات الإخوان ليس جديداً، فهو ممتد منذ سنوات بسبب رغبة طرفيه في بسط سيطرته على القيادة المركزية للتنظيم وإقصاء الآخر، لكن تجدده في الوقت الحالي، وبالتزامن مع الأزمات الكبرى التي تطوق الجماعة عقب سقوط آخر أذرعها في تونس، وتضييق الخناق على نشاطها في عدة دول عربية وأوروبية، ينذر بتفتت التنظيم نهائياً وتلاشي ما تبقى من هيكله التنظيمي.

ويرجح المراقبون أن تجبر الأزمة الراهنة التنظيم على تغيير إيديولوجيته بشكل كامل، والتنصل من أفكاره القديمة، وكذلك قياداته ومساحات سيطرته الجغرافية داخل المنطقة العربية، من أجل الحفاظ على ما تبقى من هيكله.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية