بعد صدور نتائج الانتخابات التونسية... أي مصير ينتظر الأحزاب السياسية؟

بعد صدور نتائج الانتخابات التونسية... أي مصير ينتظر الأحزاب السياسية؟

بعد صدور نتائج الانتخابات التونسية... أي مصير ينتظر الأحزاب السياسية؟


05/02/2023

أيّ مصير للأحزاب السياسية في تونس بعد انتخابات 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل؟ سؤال طُرح في الأوساط السياسية منذ أن أعلن الرئيس قيس سعيّد تجميد أعمال البرلمان السابق في 25 تموز (يوليو) 2021، ثم عاد بقوة بعد صدور النتائج الأولية للدور الثاني من الانتخابات التشريعية التي جرت في 29 كانون الثاني (يناير) المنقضي.

ويبدو مستقبل الأحزاب السياسية في تونس بعد الانتخابات غامضاً بالنسبة إلى غالبيتها، خصوصاً بعد تراجع شعبيتها، وفقدانها صدقيتها من التونسيين الذين أصبحوا يستقبلون كل إعلان عن تشكيل حزب جديد بكثير من السخرية والتهكم.

وبرغم ما تروّج له أحزاب المعارضة بقيادة حركة النهضة الإخوانية من نظرة قاتمة حول مستقبل العملية السياسية ونشاط البرلمان الجديد، لكنّ مؤيدي الرئيس يرون أنّ البرلمان سيكون مؤثراً في التوازنات السياسية مع الرئيس، وفي تمرير مشاريع القوانين، وفي مراقبة الحكومة وسحب الثقة منها.

انفجار حزبي في طريقه إلى الزوال

وبعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي انفجرت أعداد الأحزاب التي تشكلت من دون قيود أو رقابة، وبحسب آخر الأرقام الرسمية هناك (228) حزباً، أغلبها غير معروفة ولم يتجاوز نشاطها توقيع أوراق التكوين، وبعضها لم يستطع تكوين قاعدة شعبية، باستثناء عدد قليل منها فقدها لاحقاً لعدّة تراكمات على امتداد الأعوام الـ (10) الماضية.

معظم زعماء هذه الأحزاب لا يؤمنون بالديمقراطية، ولا همّ لهم سوى خدمة مصالحهم، وهناك أحزاب غير معروف عنها إلا زعيمها، وهناك أحزاب لم تغير رئيسها منذ أعوام طويلة، وهناك أحزاب لا يزيد عدد أعضائها عن رئيس الحزب وعنصر أو (2) فقط.

حركة النهضة التي قادت الحكم في البلاد، خلال الأعوام الـ (10) الماضية، فقد ساهمت في بناء مناخ من انعدام الثقة بينها وبين قواعدها الشعبية

وعلى مدى أكثر من (10) أعوام لم تقدّم الأحزاب السياسية للتونسيين حلولاً لمشكلاتهم المعيشية، بل إنّ أغلبها غير معروف لديهم، وهو ما جعل منها "منظومة هشّة"، وزاد الفجوة بين التونسيين والأحزاب، ممّا قد يعجل باندثارها من المشهد السياسي الذي غابت عنه منذ البداية.

النهضة تنتظر مصيرها

وفي ما يتعلق بالأحزاب المعروفة على غرار حركة النهضة التي قادت الحكم في البلاد، خلال الأعوام الـ (10) الماضية، فقد ساهمت في بناء مناخ من انعدام الثقة بينها وبين قواعدها الشعبية، من خلال عدم الإيفاء بوعودها الانتخابية، وبناء تحالفات مضادّة، واللهث وراء المصالح السياسية والمناصب.

هذه العلاقة التي ساءت بين الحركة وقواعدها وعموم التونسيين، فضلاً عن قرارات الرئيس سعيّد، وعدم مشاركتها في الانتخابات، ممّا يعني بقاءها خارج البرلمان والعملية السياسية برمتها، أدخلتها في أسوأ أزمة داخلية، لما تلاها من موجة استقالات طالت قيادات من الصف الأول للحركة، فضلاً عن تنامي الانتقادات الموجهة لرئيسها راشد الغنوشي، الذي ترى قيادات في الحركة أنّه لم يُحسن إدارتها، ولا إدارة مؤسسة البرلمان، ويحمّلونه أيضاً مسؤولية ما آل إليه الوضع داخل البرلمان، علاوة على التدهور الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.

يبدو مستقبل الأحزاب السياسية في تونس بعد الانتخابات غامضاً بالنسبة إلى غالبيتها، خصوصاً بعد تراجع شعبيتها، وفقدانها صدقيتها

 

وباتت الحركة تنتظر مصيرها بعد قائمة التهم التي فتحها القضاء ضدّها، من أخطرها تهم التورّط في العمليات الإرهابية، والاغتيالات السياسية، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر، إلى جانب التمويل الأجنبي الذي يُجرّمه القانون الانتخابي، بينما تحدّث مراقبون عن إمكانية الذهاب إلى حلّ الحزب والمتورطين معه، في حال ثبت قضائياً تلقيه تمويلات أجنبية.

ويرى مراقبون أنّ الحركة باتت عاجزة عن بناء تحالفات جديدة، مع أحزاب أخرى، وهو ما يتجلى منذ 25 تموز (يوليو) إلى اليوم، حيث ترفض الأحزاب التي تعارض الإجراءات الاستثنائية لرئيس الجمهورية التعامل مع الحركة، باستثناء خصوم تاريخيين لها يطمحون إلى دخول الحكم عبرها، وهو مؤشر على أنّ حضورها مستقبلاً سيكون ضعيفاً.

أحزاب تتخبط في الفراغ

من جهتها، طالبت (5) أحزاب تونسية أخرى معارضة، هي: التيار الديمقراطي، والقطب، والجمهوري، والعمال، والتكتل، بالوقف الفوري لما سمّته "الانقلاب".

وقالت في بيان مشترك: إنّ البرلمان المنبثق عن "مهزلة الانتخابات الجديدة فاقد للشرعية، وعنوان من عناوين الأزمة"، واعتبرته صوريّاً بلا صلاحيات تشريعية ولا رقابية فعلية، ولا تأثير له على السياسات العامة.

وترى المعارضة أنّ البرلمان الجديد وُلد ضعيفاً، ولا يوجد وزن سياسي لأعضائه، ولا يجمعهم برنامج. وتعاني هيكلة البرلمان من "ثقوب" كثيرة، ذلك أنّه في الدورتين الماضيتين لم يتم انتخاب أيّ مرشح عن (7) دوائر انتخابية في الخارج. وسيتعين على المجلس الجديد تسجيل شغور (7) مقاعد في أول جلسة عامة له، ثم مراسلة هيئة الانتخابات للدعوة إلى إجراء انتخابات جزئية.

برلمان جديد يتجاوز التمثيليات الحزبية

هذا، وتمكن (13) مترشحاً فقط، ممّن أعلنوا انتماءاتهم لأحزاب سياسية، من الفوز بمقاعد، وذلك من بين (67) كانوا قدّموا ترشحاتهم، وهو ما يمثل نسبة 8.44%، وتمكّن مترشح واحد منهم من الفوز بمقعد منذ الدور الأول، في حين فاز (12) مترشحاً بمقاعد في الدور الثاني، من بين (22) تمكنوا من المرور إلى هذا الدور.

 وتوزع المترشحون المنتمون إلى أحزاب سياسية بعد إعلان نتائج الدور الأول لانتخابات البرلمان الجديد، بين مترشّح لحركة تونس إلى الأمام، و(3) مترشّحين عن حزب حركة شباب تونس الوطني -حراك 25 تموز (يوليو)، و(12) مترشّحاً عن حركة الشعب، و(7) مترشّحين عن حزب صوت الجمهورية، وفقاً لموقع "المصدر".

على مدى أكثر من (10) أعوام لم تقدّم الأحزاب السياسية للتونسيين حلولاً لمشكلاتهم المعيشية، بل إنّ أغلبها غير معروف لديهم

 

 وتوزعت أعمار الفائزين بمجمل مقاعد مجلس نواب الشعب (154) مقعداً، بين 44.16% للفئة العمرية بين (46 و60) عاماً، (68) مقعداً، و42.21% للفئة العمرية بين (30 و45) عاماً، (65) مقعداً، و5.19% للفئة العمرية أقل من (30) عاماً، (8) مقاعد، و8.44% للفئة العمرية الأكبر من (60) عاماً، (13) مقعداً. 

 وحدد القانون الانتخابي الجديد العدد الجملي للمقاعد بمجلس نواب الشعب بـ (161) مقعداً؛ أي بمعدل نائب عن كل دائرة، وأقرّ أن يكون التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك عوضاً عن نظام الاقتراع على القوائم المعتمد سابقاً.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية