بعد زيارتي محمد بن زايد.. ما أبعاد الشراكة الإماراتية مع بريطانيا وفرنسا؟

بعد زيارتي محمد بن زايد.. ما أبعاد الشراكة الإماراتية مع بريطانيا وفرنسا؟


19/09/2021

ستستثمر دولة الإمارات العربية المتحدة 10 مليارات جنيه إسترليني (14 مليار دولار) في بريطانيا، مستهدفة البنية التحتية والطاقة النظيفة والتكنولوجيا على مدى السنوات المقبلة؛ حيث تسعى الدولة الخليجية، لدى استعدادها لليوبيل الذهبي على تأسيسها، إلى تعزيز العلاقات التجارية خارج منطقة الشرق الأوسط.

جاء ذلك خلال زيارة قام بها ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى بريطانيا الخميس، سبقتها بيوم واحد زيارة إلى فرنسا.

وقالت دولة الإمارات هذا الشهر إنها تسعى إلى إبرام اتفاقيات اقتصادية شاملة مع دول تظهر إمكانات عالية للنمو، بما في ذلك المملكة المتحدة، وكذلك دول في آسيا وأفريقيا بشكل رئيسي، بحسب "بلومبيرغ".

اقرأ أيضاً: الإمارات ترفض قراراً أوروبياً ينتقد حقوق الإنسان.. كيف ردت؟

الإمارات ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة العربية، قد تفتح أيضاً محادثات ثنائية مباشرة لاتفاقية تجارية مع المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتقول صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية إنه في أعقاب جائحة كورونا، أعادت دولة الإمارات، التي كانت واحدة من أكثر القوى العربية حزماً خلال العقد الماضي، ضبط سياستها الخارجية للتركيز بشكل أكبر على الدبلوماسية الاقتصادية. وتستثمر أبو ظبي، عاصمة الإمارات، بشكل متزايد في الصناعات ذات الصلة بالتكنولوجيا ومصادر الطاقة المتجددة في الوقت الذي تسعى فيه إلى تنويع اقتصادها المعتمد على النفط.

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون

الاتفاقية الموقعة مع بريطانيا يوم الخميس، والتي أطلق عليها اسم "شراكة من أجل المستقبل"، تضاعف المبلغ المتوقع عندما أعلنت المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة عن "شراكة استثمار سيادي" مدتها خمس سنوات في آذار (مارس) الماضي، مع تعهد مبدئي بأن تستثمر مبادلة، الصندوق الحكومي في أبوظبي، 800 مليون جنيه إسترليني في قطاع علوم الحياة في المملكة المتحدة، وفق "فايننشال تايمز".

تعاون في مجال الصناعات الدفاعية والأمنية

وبالتزامن مع زيارة ولي عهد أبوظبي إلى بريطانيا، وقّع مجلس التوازن الاقتصادي "توازن" في دولة الإمارات ووزارة التجارة الدولية البريطانية مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الصناعات الدفاعية والأمنية بين الطرفين، كما أفادت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية. ووقع مذكرة التفاهم عبر تقنية الاتصال المرئي كل من جراهام ستيورات، وزير الصادرات في وزارة التجارة الدولية في المملكة المتحدة، وطارق عبد الرحيم الحوسني الرئيس التنفيذي لمجلس التوازن الاقتصادي
وقال طارق الحوسني إنّ دولة الإمارات والمملكة المتحدة ترتبطان بعلاقات صداقة وثيقة وإستراتيجية، وأوضح أنّ مذكرة التفاهم تهدف إلى خلق روابط صناعية قوية في مجال الدفاع والأمن، وتوفر إطاراً عملياً للعمل معاً لدعم الشراكات الناشئة والمستقبلية، وتعزيز الفرص التجارية لكلا البلدين

 

"ذا ناشونال": الإمارات وبريطانيا تعملان معاً بشكل وثيق في قطاع التكنولوجيا الخضراء، وتسعيان إلى تطوير حلول محايدة للكربون والتي ستكون حيوية لتعزيز كوكب مستدام

 

وذكرت "الاتحاد" في مقال افتتاحي لها أنّ الشراكة مع المملكة المتحدة، في مقدمة رؤية الإمارات للشراكات مع دول العالم خلال مسيرتها للخمسين، امتداداً لعلاقات صداقة تاريخية جمعت الدولتين، كما انعكست أوجه الصداقة المتميزة على تطوير التعاون في الاقتصاد والتجارة والتكنولوجيا ليصل حجم التبادل التجاري بين الإمارات وبريطانيا إلى 390 مليار درهم خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأضافت الصحيفة أنّ ضخ استثمارات إماراتية كبيرة في التكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة المتجددة، بالتعاون مع المملكة المتحدة، خطوة تنطلق من رؤية القيادة الإماراتية الاستشرافية لاقتصاد المستقبل القائم على الاستدامة، وتجسّد "مبادئ الخمسين" الهادفة إلى عقد الشراكات مع الدول المتقدمة في هذه القطاعات الحيوية، وتطلق مرحلة جديدة من تعزيز التجارة والاستثمار والابتكار.

تداعيات الانسحاب من أفغانستان

من جانبها، نشرت صحيفة "ذا ناشونال" الصادرة بالإنجليزية من أبوظبي تحليلاً أشارت فيه إلى أنه في الوقت الذي لا يزال فيه الكثير من اهتمام العالم يركز على تداعيات الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، فإنّ هناك اتجاهاً مفهوماً للنظر إلى العلاقة بين أبو ظبي ولندن من منظور التعاون العسكري. وأضافت: كانت بريطانيا مساهماً بارزاً في المهمة البحرية لحماية أمن الخليج، وتحافظ على تحالف وثيق مع القوات المسلحة الإماراتية في مواجهة عدد من التحديات الإقليمية. وذكرت "رويترز" أنّ لندن قالت في هذا الصدد إنها تعتزم زيادة المناورات البرية المشتركة. واستدركت الصحيفة الإماراتية: لكن الترتيبات طويلة الأمد بشأن التعاون العسكري تحكي فقط جزءًا من القصة المتعلقة بالعلاقة التاريخية بين الإمارات ولندن. وفي حين أنّ التعاون في القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك لا يزال يمثل بُعدًا مهمًا في التعاملات بين البلدين، فإنّ العلاقات التجارية والتجارية المتعمقة تبشر بالتزام جديد وأعمق بكثير من شأنه أن يؤدي إلى تعاون أوثق بكثير في مجموعة متنوعة من المجالات الجديدة والمثيرة المتعلقة بالتطور التكنولوجي.

وتذكر "ذا ناشونال" أنّ الإمارات العربية المتحدة وبريطانيا تعملان معاً بشكل وثيق في قطاع التكنولوجيا الخضراء، وتسعيان إلى تطوير حلول محايدة للكربون والتي ستكون حيوية لتعزيز كوكب مستدام. ومع اقتراب استضافة بريطانيا لقمة المناخ في جلاسكو في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، يحرص رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، على أن تضع بريطانيا نفسها في طليعة الثورة الخضراء، ويعقد المبعوث الإماراتي الخاص بتغير المناخ الدكتور سلطان الجابر اجتماعات منتظمة مع المسؤولين البريطانيين للتنسيق والتعاون المشترك في هذا الحقل المتصاعد الأهمية عالمياً.

اقرأ أيضاً: بريطانيا وجهة استثمارية جديدة للإمارات.. تفاصيل

كما سيشارك وزيرا خارجية البلدين في الحوارات الإستراتيجية السنوية بين المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والتي ستبدأ في وقت لاحق من هذا العام. ومن المتوقع أيضاً أن يحتل التحالف التجاري مكانة بارزة في قمة الاستثمار العالمية الشهر المقبل في لندن.

العلاقات الإماراتية-الفرنسية

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، استقبل الأربعاء ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لبحث الشراكة الإستراتيجية بين البلدينوأشاد كلاهما في نهاية اللقاء بأهمية تعاون بلديهما.

وجاء في بيان مشترك صادر عن الرئاسة الفرنسية أنّ "الجانبين أكدا عزمهما القوي على رفع التحديات الإقليمية وتصميمهما على محاربة التطرف والإرهاب وتعزيز تعاونهما في مجالات الأمن والدفاع".

 

ضخ استثمارات إماراتية كبيرة في التكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة المتجددة، بالتعاون مع المملكة المتحدة، خطوة تنطلق من رؤية القيادة الإماراتية الاستشرافية لاقتصاد المستقبل القائم على الاستدامة

 

والإمارات شريك أساسي لفرنسا في المنطقة ويقوم تعاون بين البلدين على عدة أصعدة، بحسب "وكالة الصحافة الفرنسية".

فعلى الصعيد العسكري، تستخدم فرنسا قاعدة الظفرة الجوية الواقعة على بعد 30 كيلومتراً من أبو ظبي، والتي شكلت مركز انطلاق وعبور في الجسر الجوي الذي أقيم في كابول لإجلاء الأجانب والأفغان الذين تعاونوا مع الدول الغربية، بعد سيطرة طالبان على البلد في منتصف آب (أغسطس) 2021.

كما تعد الإمارات من زبائن الصناعات العسكرية الفرنسية، وهي تملك على سبيل المثال دبابات هجومية من طراز لوكلير، وفق "الفرنسية".

وعلى الصعيد الثقافي، أقامت فرنسا والإمارات متحف اللوفر في أبو ظبي، كما مولت أبو ظبي في فونتينبلو نفسها ترميم المسرح الإمبراطوري الذي يعود تشييده إلى نابوليون الثالث، وبات يعرف أيضاً باسم "مسرح الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان"، باسم رئيس دولة الإمارات.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية