عبّر وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، عن استغرابه إزاء حظر الحكومة الألمانية تصدير السلاح إلى الدول المشاركة بالحرب في اليمن، مؤكداً أن بلاده "لا تعتمد على صادرات الأسلحة الألمانية، ولهذا فإنها لا تحتاج لهذه الأسلحة وستجدها في مكان آخر". وجاءت تصريحات الجبير خلال مقابلة حصرية قبل أيام مع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، وذلك في معرض تعليقه على اتفاق توصل إليه حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي بزعامة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي خلال مفاوضات تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة بشأن وقف صادرات الأسلحة إلى جميع الدول التي تشارك في حرب اليمن.
الجبير: علاقتنا مع برلين "ممتازة من الناحية المبدئية"
وقد أبدى الوزير السعودي، عدم تفهمه للقرار الألماني قائلاً: إن الحرب في اليمن "شرعية" وبدأت بطلب من الحكومة اليمنية، وبموجب قرار صادر عن مجلس الأمن. الدولي وأشار إلى أن الحكومة الألمانية لا تفرق بين دولة وأخرى على صعيد تصدير الأسلحة، وبيّن أن برلين ترفض دعم دول تقوم بحرب شرعية في اليمن.
تُعَدُّ السعودية من المستوردين الرئيسيين للسلاح الألماني إذ تضاعفت صادرات الأسلحة والتجهيزات العسكرية الألمانية إلى السعودية عشرين مرة
من جانبها أكدت صحيفة "الشرق الأوسط" أنه برغم هذا الانتقاد، فقد أكد الجبير متانة العلاقات التي تربط بلاده بألمانيا الاتحادية، وقال إنها "ممتازة من الناحية المبدئية"، معرباً عن أمله في بداية جديدة في العلاقات الثنائية بعد تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة، وأضاف: "نأمل أن تعود العلاقات بين برلين والرياض إلى الوضع التي كانت عليه في الماضي".
القانون الألماني وتصدير الأسلحة إلى بؤر النزاع
وتُعَدُّ المملكة العربية السعودية من المستوردين الرئيسيين للسلاح الألماني في المنطقة؛ إذ تضاعفت صادرات الأسلحة والتجهيزات العسكرية الألمانية إلى السعودية عشرين مرة بين العامين 1999 و2016، وبلغت نحو 10% من مجمل صادرات الأسلحة الألمانية. وفي العام 2012 وصلت الصادرات المذكورة إلى رقم قياسي بلغ حوالي 1.25 مليار يورو؛ على خلفية صفقة بيع 200 دبابة ليوبارد. لكن هذه الصادرات، في المقابل، كانت تثير الجدل في صفوف الحكومة الألمانية، في ظل تعرّضها لانتقادات من قبل المعارضة، وخاصة اليسارية والخُضر. وكانت الحكومة الألمانية ترد على الانتقادات مستندة إلى حجتين: الأولى أن السعودية حليف وشريك إستراتيجي، والثانية أن السعودية ليست في حالة حرب مع أحد؛ إذ يمنع القانون الألماني تصدير الأسلحة إلى بؤر النزاع في العالم. إلا أنه مع اندلاع حرب اليمن في ربيع 2015 فقدت الحكومة الألمانية حجة غياب المشاركة في الحروب لدى الشريك السعودي، وتحولت صادراتها العسكرية المربحة إلى مثار جدل دائم لبرلين داخلياً.
العلاقة مع طهران
من جانب آخر، تحتفظ ألمانيا بعلاقات جيدة مع إيران منذ فترة طويلة، وهي تختلف مع السعودية حول تعريف التهديد الإيراني للأمن والاستقرار الإقليمي. وقد دعمت برلين الاتفاق النووي الإيراني مع دول (5+1)، والمبرم في تموز (يوليو) 2015، وسعت إلى تطوير علاقاتها بطهران بعد تخفيف العقوبات الاقتصادية، حيث تتوقع غرفة التجارة الألمانية الإيرانية وصول التبادل التجاري بين البلدين إلى 10 مليارات يورو خلال السنوات السبع المقبلة.
جانبان أساسيان في العلاقة سيستمران
وفي حديث مع موقع "دويتشه فيلله" الألماني، قال الخبير بالشأن السعودي، الباحث الألماني سباستيان زونس، "بشكل عام ترتكز العلاقات السعودية-الألمانية على شراكة اقتصادية وثيقة، وتعاون آخذ بالتزايد بين أجهزة استخبارات البلدين في الحرب على الإرهاب. وهذان الجانبان في العلاقات سيستمران. وعلى أي حال يأمل ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بأن تدعم ألمانيا وتتعاطف مع سياسته الإصلاحية".
عقبة الوزير ريغمار غابرييل!
وأشار الباحث الألماني إلى اتهام وزير الخارجية الألماني، زيغمار غابرييل، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعض اللاعبين (في الشرق الأوسط) بـ"روح المغامرة"، من دون ذكر السعودية بالاسم. وكان هذا هو السبب وراء سحب السفير السعودي (الأمير خالد بن بندر بن سلطان) من ألمانيا. ويضيف زونس: "من حيث المبدأ، نُظر إلى تلك التصريحات، وحتى داخل الحكومة الاتحادية الألمانية، على أنها غير موفقة، وفيها القليل من الدبلوماسية. وهذا ما يراه السعوديون أيضاً".
تحتفظ ألمانيا بعلاقات جيدة مع إيران، وهي تختلف مع السعودية حول تعريف التهديد الإيراني للأمن والاستقرار الإقليمي
ويُلحظ أن الوزير الألماني ركّز في تصريحاته أنذاك على ثلاث قضايا للسياسة الخارجية السعودية، وهي: استقالة رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من الرياض، وحرب اليمن، والأزمة مع قطر.
وقد أشارت صحيفة "مكة" السعودية إلى أنه لم يتضح بعد ما إذا كان الوزير غابرييل سيظل عضواً في الحكومة الألمانية المفترض أن تشكّل قريباً أم لا. وشارك الجبير مؤخراً، مثل غابرييل، في مؤتمر ميونخ الدولي للأمن، لكن لم يتم الإعلان عن لقاء بين الوزيرين على هامش المؤتمر.