بعد توسع الإدانات الدولية... هل تتزايد عزلة النظام الإيراني؟

بعد توسع الإدانات الدولية... هل تتزايد عزلة النظام الإيراني؟

بعد توسع الإدانات الدولية... هل تتزايد عزلة النظام الإيراني؟


08/01/2023

فضلاً عن الانقسامات الداخلية، بعد أن قلل كثير من الشخصيات الدينية والسياسية من الثناء المفرط عليه، يبدو أنّ النظام الإيراني بات يعيش عزلة دولية، خصوصاً أنّ الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في استئناف المفاوضات بعد قمع النظام الإيراني للانتفاضة الشعبية، دون اعتبار صدمة تنفيذ الإعدامات الأخيرة بحق متظاهرين.

ورغم محاولات الاستجداء التي تمارسها إيران لعودة عجلة العلاقات، غير أنّ الحذر الدؤوب وعدم الثقة التامة في نياتها إزاء تدخلاتها السافرة في العديد من العواصم المجاورة، وخوضها حروباً بالوكالة لطالما أعاقت استقرار المنطقة، طبع تعاملات القوى الإقليمية.

إدانات دولية

وفي أحدث تفاعل دولي مع ما يجري في إيران، عبّر الاتحاد الأوروبي السبت عن "صدمته" إزاء إعدام رجلين على خلفية الاحتجاجات في إيران، حسبما أعلنت متحدثة باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وقالت نبيلة مصرالي في بيان: إنّ "الاتحاد الأوروبي يشعر بالصدمة إزاء إعدام محمد مهدي كرامي وسيد محمد حسيني، بعد توقيفهما والحكم عليهما بالإعدام لارتباطهما بالتظاهرات المستمرة في إيران"، وأضافت: "هذا مؤشر آخر إلى قمع السلطات الإيرانية العنيف لتظاهرات مدنية".

عبّر الاتحاد الأوروبي السبت عن "صدمته" إزاء إعدام رجلين على خلفية الاحتجاجات في إيران

وتابعت: "يدعو الاتحاد الأوروبي مجدداً السلطات الإيرانية إلى الإنهاء الفوري لممارسة فرض أحكام بالإعدام وتنفيذها ضد متظاهرين، وهي ممارسة مدانة بشدة".

وجاء التصريح الأوروبي بعدما نفذت إيران السبت حكمي إعدام بحق رجلين بتهمة قتل عنصر أمن أثناء الاحتجاجات التي أثارتها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني.

وبذلك يرتفع عدد عمليات الإعدام على خلفية التحركات الأخيرة في البلاد إلى (4)، فقد أعدم رجلان في كانون الأول (ديسمبر)؛ ممّا أثار غضباً دولياً وفرض عقوبات غربية جديدة على إيران.

وقد قُتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات، وتمّ توقيف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءاً كبيراً منها "أعمال شغب" يقف خلفها "أعداء" البلاد.

الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في استئناف المفاوضات، بعد قمع النظام الإيراني للانتفاضة الشعبية

وندد وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي بإعدام إيران (2) من المحتجين، وحثها على "وقف العنف ضد شعبها على الفور"، وقال كليفرلي على "تويتر": "إعدام محمد مهدي كرامي وسيد محمد حسيني على يد النظام الإيراني أمر بغيض. المملكة المتحدة تعارض بشدة عقوبة الإعدام في جميع الظروف".

وقال وزير الخارجية الهولندي فوبكه هوكسترا: إنّ حكومة بلاده ستستدعي السفير الإيراني للمرة الثانية خلال شهر للتعبير عن قلقها البالغ في شأن إعدام متظاهرين، بحسب "رويترز".

وكتب هوكسترا في تغريدة على "تويتر": "أفزعتني عمليات الإعدام المروعة لمتظاهرين في إيران. سأستدعي السفير الإيراني للتأكيد على قلقنا البالغ. وأدعو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى فعل الأمر نفسه. هذه الأفعال تؤكد ضرورة أن يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إيران أقوى من تلك التي يجري بحثها حالياً".

قائد جديد للشرطة الإيرانية

عيّن المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قائداً جديداً للشرطة الإيرانية بعد انتهاء مهام قائدها الحالي، في خطوة تأتي في خضم احتجاجات تشهدها البلاد منذ أشهر في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني.

وتشهد إيران منذ 16 أيلول (سبتمبر) احتجاجات على أثر وفاة أميني بعد (3) أيام من توقيفها من جانب شرطة الأخلاق لعدم التزامها بالقواعد الصارمة للباس في البلاد.

وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات، وتمّ توقيف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءاً كبيراً منها "أعمال شغب" يقف خلفها "أعداء" الجمهورية.

ساد الصمت عن مدح المرشد في كثير من الحالات، بعد أن كان النظام وقياداته العليا يتوقعون مساندة رجال الدين والسياسيين

والسبت، عيّن خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للبلاد والقائد الأعلى لقواتها المسلحة، عيّن العميد أحمد رضا رادان قائداً للشرطة خلفاً للعميد حسين أشتري الذي يتولى المنصب منذ عام 2015، وفق رسالة نشرها الموقع الإلكتروني للمرشد.

رجال دين يكفون عن مدح خامنئي

بالتزامن، يعيش نظام خامنئي وحيداً بعد أن قلل كثير من الشخصيات الدينية والسياسية من الثناء المفرط عليه، وساد الصمت عن مدح المرشد في كثير من الحالات، بعد أن كان النظام وقياداته العليا يتوقعون مساندة رجال الدين والسياسيين للمرشد خامنئي، الذي يُعدّ المستهدَف الرئيسي من الاحتجاجات في البلاد، والتي لا تنفك عن وصفه "بالديكتاتور" و"الظالم" و"العدو" و"صاحب الحكم الباطل"، وتتوعده بالثأر والانتقام.

وطالبت مجموعة من العلماء ورجال الدين والناشطين الثقافيين والمدنيين والمحامين وأساتذة الجامعات والأطباء والطلاب والتجار وغيرهم، غربي إيران، في بيان، "إنهاء الحصار الاقتصادي والعسكري" و"الأجواء الأمنية وأجواء الخوف والرعب".

والأسبوع الماضي، قال حسين موسوي تبريزي، المدّعي العام السابق لإيران: "المسؤولون لديهم السلطة، والبعض يحصل على المال، لكن نحن (رجال الدين) لا نستفيد من أيّ شيء، بينما الإساءات التي نتلقاها كرجال دين لا تقلّ عن المسؤولين، في مدينة قم هذه يُهان رجال الدين، وسمعت أنّ الإهانات أكثر في المدن الأخرى".

عزلة النظام تطال العائلة

ومع استمرار القمع الذي بلغ حدّ تنفيذ الإعدام، تتعالى أصوات معارضة حتى داخل عائلة خامنئي، فقد كشفت تصريحات أدلت بها شقيقته بدرية حسيني عن تصدعات كبيرة داخل النظام الإيراني.

وتعتبر هذه الانشقاقات داخل عائلة خامنئي "ضربة كبيرة للنظام في طهران، وانعطافة خطيرة، ستعطي الاحتجاجات زخماً قوياً للاستمرار"، بحسب ما قال مدير المركز الأحوازي للإعلام والدراسات الاستراتيجية.

وقالت شقيقة خامنئي في رسالة نشرها ابنها محمود مرادخاني: "أنا أعارض أفعال أخي...، أعبّر عن تعاطفي مع جميع الأمهات اللائي صرن ثكالى على إثر جرائم نظام الجمهورية الإسلامية"، من عهد مؤسسه آية الله روح الله الخميني "إلى العصر الحالي للخلافة الاستبدادية لعلي خامنئي"، كما تعارض النظام ابنتها أيضاً، ويُعرف زوجها سابقاً بمعارضته للنظام.

قلل كثير من الشخصيات الدينية والسياسية من الثناء المفرط على النظام الإيراني

واعتبر معارضون أنّ هذه الانشقاقات داخل عائلة خامنئي ما هي سوى جزء قليل من حقيقة ما يحدث في الداخل الإيراني، إذ أنّ الأصوات المعارضة لطهران تتعالى، ويطال القمع والبطش كل من ينتقد ويتم ملاحقتهم لإسكاتهم، إمّا بالاعتقال، وإمّا بإصدار أحكام بالإعدامات على بعضهم لترويع وإسكات الآخرين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية