بعد الـ 100 ألف مقاتل.. حزب الله يحوّل لبنان لمصنع للصواريخ الدقيقة

بعد الـ 100 ألف مقاتل.. حزب الله يحوّل لبنان لمصنع للصواريخ الدقيقة


20/02/2022

في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، تباهى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله بأنّ عدد المقاتلين الجاهزين للقتال في صفوف حزبه يبلغ 100 ألف، باستثناء الحلفاء والمنظمات غير العسكرية.

وقال المحللون حينها إنّ هذه هي المرة الأولى التي يحدّد فيها الحزب تعداد مقاتليه بشكل علني. إذ ذكر نصرالله أنه يكشف عن هذه الأرقام لأول مرة، "لخطورة الموقف".

اقرأ أيضاً: هل يعرقل سلاح حزب الله التقارب الخليجي اللبناني مجدداً؟

وكانت "خطورة الموقف" تتمثل آنذاك في الاشتباكات التي جرت بين حزب الله وأنصاره، وبين حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع، الذي اتهمه نصرالله بالتحريض على الكراهية بين المسلمين والمسيحيين، وإشعال فتيل حرب أهلية جديدة في لبنان.

ووقعت المواجهات خلال تظاهرة لمناصري حزب والله وحركة أمل، اعتراضاً على أداء المحقق العدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، القاضي طارق بيطار، والذي يطالب الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) بعزله.

وقال نصر الله حينها، في خطاب متلفز، محاطاً بصورة الضحايا السبعة الذين قُتلوا في المواجهات، إنّ "القوات اللبنانية شرعت في المعركة وارتكبت مجزرة"، حيث أرادت أن يشعر مسيحيو بيروت "بإحساس بالخوف الدائم" من أنّ المواطنين الشيعة في المناطق الموالية لحزب الله أرادوا "غزو مناطقهم والسيطرة على حياتهم وممتلكاتهم، ويريدون إزالتهم والقضاء عليهم وقتلهم".

لا يمكن قراءة خطاب نصرالله بمعزل عن لغة التهديد التي يتوجه بها إلى اللبنانيين، مركّزاً على ما يمتلكه من المسيّرات، وتحويل البلد إلى مصنع لتصنيع الصواريخ الدقيقة

كان ذلك قبل ثلاثة شهور، وبدا نصرالله يرغي ويزبد، وراح محللون يعاينون مشاعر الاضطراب والتوتر في خطابه وهيئته وحركة جسده، وقالوا إنها المرة الأولى التي يبدو فيها نصرالله غاضباً على هذا النحو.

خطاب الصورايخ الدقيقة

في الخطاب الجديد الذي ألقاه الأسبوع الماضي، إحياء لذكرى "شهداء المُقاومة" ابتداءً من راغب حرب ومُروراً بعباس الموسوي، وانتهاءً بعماد مغنية، قائد الجناح العسكري لحزب الله، رفع أمين عام حزب الله منسوب التصعيد والتحدي العسكري مع إسرائيل، من خلال إعلانه عن بدء تصنيع الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة داخل لبنان، وأنه لم يعد لديه حاجة لنقلها من إيران إلى الداخل اللبناني.

 

اقرأ أيضاً: هذا أخطر أسلحة ميليشيا "حزب الله"

وأسرف نصرالله في الحديث عن الصواريخ التي طورها لتصبح "صواريخ دقيقة"، في خطاب ظاهره موجّه إلى إسرائيل، وباطنه يستهدف ترويع اللبنانيين قبل انطلاق الانتخابات التي يحضّر لها الحزب وحلفاؤه لا بمنطق الإقناع السياسي والبرامج، وإنما بلغة الصواريخ الدقيقة.

ويرى نصرالله أنّ هناك اتهامات كثيرة حول تأجيل الانتخابات، وكأنّ هذه الاتهامات الموجهة إلى حزب الله والتيار الوطني الحرّ تشير إلى أنّ المطلوب التأكيد دوماً بأنها ستجري في موعدها، وقال: "بدأت أشك في أنّ من يتهمنا بتأجيل الانتخابات هم يريدون تأجيلها، ولا يريدون إجراءها، ولكنهم يسعون إلى تحميلنا مسؤوليتها، وهم يجب أن يكونوا متهمين". وأكد أنّ الحزب ذاهب إلى الانتخابات بجدية وحضور قوي وتعبئة كبرى.

 

اقرأ أيضاً: ما هي رسائل حزب الله في كشف شبكات تجسس إسرائيلية في لبنان؟

ويقول المحلل السياسي اللبناني منير الربيع إنّ "حزب يستأجر حكومة ودولة"، وبالتالي يعرف حزب الله أنه لن يتمكن من الإمساك بالسلطة في لبنان إمساكاً كاملاً، "لأنّ كوارثها تُسقِط عليه مسؤوليات وتكبله. ما يريده هو تسوية مع خصومه الذين يريد تحميلهم المسؤولية عن الدولة ومفاسدها، وليبقى يحمّلهم المسؤولية ويدينهم من أعمالهم، وهو على علاقة تشاركية وإياهم".

أن يسقط لبنان في يد حزب الله

وهناك، وفق الربيع، كما ورد في موقع "المدن"، وجهة نظر تلقى موافقة خارجية، وتحديداً أمريكية- سعودية: ترك لبنان يسقط في يد حزب الله، ولو من طريق الانتخابات النيابية، التي قد تعيد إنتاج الأكثرية لصالح الحزب عينه. وحينها يصبح في وضع لا يحسد عليه.

 

اقرأ أيضاً: هل بات "حزب الله" عبئاً على حلفائه

وهذا كله "يفسر تمسك حزب الله بسعد الحريري رئيساً للحكومة إبان انتفاضة تشرين، ومطالبته بعودته بعد استقالته على وقع التظاهرات، وإصراره على أن يحظى أي رئيس للحكومة بمباركة سنيّة، وحريرية تحديداً. وقد يتكرر هذا بعد الانتخابات، لأنّ استمرار الانهيار بلا تغطية من حكومة، يؤدي إلى تحمل حزب الله وحلفائه وحدهم المسؤولية. لذا يحتاج الحزب إياه إلى شركاء".

وأعلن نصر الله أنّ شعار حزب الله الانتخابي للاستحقاق المقبل، هو: "باقون نحمي ونبني". متمسكاً بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة. وحول الجيش اللبناني، أكد نصر الله أنّ هناك إصراراً على دعم الجيش بالقدرات والسلاح، وأنه لا يمكن ترك مصدر الدعم وحيداً، بل فتح الباب أمام كل الدول لتقوية الجيش لحماية البلد. وقال: "الجيش كمؤسسة نجلّها ونحترمها ونعتبرها الضمانة لأمن البلاد ووحدة البلاد". كما أكد أنّ هناك محاولات لاستهداف بيئة المقاومة والحزب، وهذا الاستهداف هدفه الانتخابات، لتغيير موازين الأكثرية النيابية. وزعم أنّ حزبه يحمي هوية لبنان من خلال الحفاظ على الحرية للتعبير من قبل أي شعب عن مظلوميته (في إشارة إلى احتضان المعارضة البحرينية والسعودية في لبنان).

موقع إخباري: هل الثقة في خطاب نصرالله عائدة إلى (أنباء سارّة) سمعها من المسؤولين الإيرانيين الذين التقاهم أثناء زيارته السريّة المُفترضة إلى طهران التي تحدّثت عنها بعض الصّحف الإسرائيلية؟

وبموازاة الحديث عن الانتخابات، أعلن نصر الله عن قدرة حزبه على تحويل الصواريخ إلى صواريخ دقيقة، وقد تم تحويل الكثير منها إلى صواريخ دقيقة، ولم يعد حزب الله بحاجة إلى نقل هذه الصواريخ من إيران، و"الأمريكيون والإسرائيليون يعرفون بذلك"، معتبراً أنّ لبنان تلقى الكثير من التهديدات بهذا الشأن، وتوجه إلى الإسرائيليين بالقول إنه لا يضع هذه الصواريخ في مكان واحد، فيما يعمل الإسرائيليون على البحث عن أماكن تخزينها، باللجوء إلى المسيرات والعملاء. وهدّد بأن يكون هناك عملية "أنصارية 2"، أي التحضير لكمين لأي قوة كوماندوس إسرائيلية قد تحضر إلى لبنان بحثاً عن هذه الصواريخ أو لاستهداف مخازنها. وقال للإسرائيليين: "نحن ننتظركم".

معالم الانفجار تتكاثر

وعلق الربيع على ذلك بأنّ "معالم الانفجار فتتكاثر: السيد حسن نصر الله أعلن عن تحويل البلد إلى مصنع لتصنيع الصواريخ الدقيقة والطائرات المسيّرة".

وينظر إلى حديث نصرالله على أنه التطور العسكري الأخطر الذي يعلنه الحزب، في تحدّ لإسرائيل والمجتمع الدولي الذي فاوض لبنان سابقاً على تفكيك الصواريخ الدقيقة. والجميع يعلم أن سلاح حزب الله العادي في لبنان لم يعد مشكلة لأي جهة دولية. وينصب الاهتمام على السلاح النوعي والدقيق. وأن يعلن نصر الله هذا الموقف، يعني "رفعه سقف التحدي السياسي، إن لم تكن لذلك تبعات عسكرية".

ولا يمكن قراءة خطاب نصرالله بمعزل عن لغة التهديد التي يتوجه بها إلى اللبنانيين، مركّزاً على ما يمتلكه من مسيّرات (الدرون)، وأنّ إسرائيل تسعى إلى منع الحزب من الحصول على المسيّرات التي تغير المعادلات. وأكد أنّ الحزب بدأ بتصنيع المسيرات في لبنان، مشيراً إلى أنّ الحزب سيستمر بعمليات التصنيع ولن ييأس أو يستسلم.

 واستذكر عملية الإسرائيليين في الضاحية عبر مسيّرتين في منطقة معوض، معتبراً أنه قبل هذه العملية كانت مهمة المسيّرات جمع المعلومات. ولكن بعدها دخل في مرحلة المسيّرات في خدمة العمليات، وحينها كان الحزب أمام تهديد، ولكنه حوّله إلى فرصة، فأخذ قرار تفعيل الدفاع الجوي الموجود منذ زمن لديه. ولم يعد الإسرائيليون قادرين على إدخال المسيّرات إلى لبنان بسهولة. وهي تحتاج إلى مرافقة سلاح الجو لتتمكن من العمل، ولذلك أصبحت إسرائيل بحاجة لتجنيد عملاء على الساحة اللبنانية.

 

اقرأ أيضاً: كم عدد خبراء حزب الله اللبناني في اليمن؟ وما مهمتهم؟

الشحن الذي يقوم به نصرالله لطمأنة أنصاره وحلفائه والنطق بلسان الملالي في طهران، هدفه التمهيد للمرحلة المقبلة على المستوى اللبناني بالدرجة الأساسية، وخلط الأوراق الإقليمية. وقد تعمد نصرالله أن "يمثّل" بأنه مرتاح، بخلاف خطابات سابقة، فكان "في قمّة الثّقة والارتياح، ولم تُفارق الابتسامة مُحيّاه، وعزّز هذا الخطاب ببعض المقاطع السياسيّة السّاخرة أعطت له نكهةً خاصّة، عندما قال إنّ الحزب بات يُنتج الطّائرات المُسيّرة ويملك فائضاً منها، ومن يُريد الشّراء أن يتقدّم بطَلب، أو التّعليق السّاخر الآخر الذي قال فيه إنّ العدوّ الإسرائيلي في حالة قلق وانحدار، والآلاف بدأوا بالرحيل، وأعرب عن استعداده لدفع أثمان تذاكر من يُريدون المغادرة"، كما قال موقع "رأي اليوم" الذي تساءل عن السّر وراء تلك الثقة، "فهل هي عائدة إلى (أنباء سارّة) سمعها من المسؤولين الإيرانيين الذين التقاهم أثناء زيارته السريّة المُفترضة إلى طهران التي تحدّثت عنها بعض الصّحف الإسرائيلية... أو إلى الثّقة المُطلقة بقدرات حزب الله القتاليّة، المُعزّزة بالمُسيّرات والصواريخ الدقيقة، التي تتعاظم بشكل مُتسارع هذه الأيّام، أو الحالين معاً؟".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية