بتواجد الحب تتواجد الكراهية!

بتواجد الحب تتواجد الكراهية!

بتواجد الحب تتواجد الكراهية!


04/09/2023

ترنو تعاليم المتصوف الهندي أوشو إلى تعميق حواس التأمل، والوعي، والحب، والاحتفال، والشجاعة، والإبداع. كما تركز على تلك الصفات التي كان يُنظر إليها على أنها مقموعة ومكبوتة نتيجة الالتزام بالنظم العقائدية الثابتة، والتقاليد الدينية والتنشئة الاجتماعية. وهو يعتقد أنه بتواجد الحب ستتواجد الكراهية.

ولد تشاندرا موهان جاين في 11 ديسمبر 1931 وتوفي في 19 يناير 1990، وهو معروف أيضاً باسم أتشاريا راجنيش من العام 1960 وصاعداً، وبهاجوان شري راجنيش بين عامي 1970 و 1980، وأوشو منذ عام 1989.

 يعدّ أوشو متصوفاً ومعلماً روحياً لديه أتباع من كل أنحاء العالم. كان أستاذاً في الفلسفة، سافر إلى جميع أنحاء الهند خلال عقد الستينات كمتحدث عام. انتقاداته الصريحة للاشتراكية، والمهاتما غاندي والأديان المنظمة أثارت الجدل حوله.

دعا أوشو إلى موقف أكثر انفتاحاً تجاه العلاقات الجنسية، مما أكسبه لقب "معلم الجنس" في الصحافة الهندية ولاحقاً العالمية.

 في عام 1970 استقر راجنيش لبعض الوقت في بومباي، حيث أصبح معلماً روحياً بين تلاميذه المعروفين بالسنياسيين الجدد. أعاد تفسير كتابات التقاليد الدينية، وكتابات الصوفيين والفلاسفة من مختلف أنحاء العالم. انتقل إلى بونه في عام 1974 حيث أنشأ أشرم (صومعة) استقطبت أعداداً متزايدة من الغربيين.

حين تحب أحداً تصير حباً، حين تكره تصير كرهاً، ولكن إن استطعت أن تُبقي على نفسك كما أنت فلن تحب أو تكره بالطرق العادية

ومن بين كتاباته الغزيرة والمتنوعة، يبرز حديثه عن الحب والكراهية في كتابه "التحدي الكبير" الذي يقول فيه:

بعض العشاق يشعرون بأنه لا وجود لهم كأشخاص منفردين، الحب فقط هو الحاضر. من السهل تمييز هذه الوجودية الكلية للحب، لأنّ الحب شيء مُرضٍ وجميل، لكنّ الإحاطة بوجود الكره أمر صعب لأنه حال غير مُرض.

العشاق، المحبون بعمق، لا يجدون أنهم "يحبون"، الحب لم يعد نشاطاً أو فعلاً، لكنهم عوضاً عن ذلك قد أصبحوا الحب.

حين تحب أحداً تصير حباً، حين تكره تصير كرهاً، ولكن إن استطعت أن تُبقي على نفسك كما أنت فلن تحب أو تكره بالطرق العادية. لذلك ندرج على قول عبارة "وقع في الحب"، ظاهرة الحب هي عبارة عن سقوط، و الوقوع في الحب يعني أنك قد فقدت إدراكك لذاتك بسببه.

العشاق يغضبون ممن لا يعيش حالة الحب، أنت لا تستطيع التواصل معهم لأنهم فقدوا منطقهم، لم يعودوا "هم" تحولت كل طاقتهم إلى حب، يأتلفون معه كلياً، ليس فيهم من يدرك ليشهد على ظاهرة الحب.

الأمر مشابه في الكراهية، الحب والكره متماثلان لأنهما أخذ وتحويل لذات الطاقة؛ جاذبية الحب ونفور الكراهية. حين تكون في الحب مشدوداً إلى أحدهم فأنت تفقد جوهرك، تفقد نفسك ويصبح الشخص الآخر هو المحور أو الجوهر، حين تكره أحدهم فأنت تنفر منه، تفقد مركزيتك وإدراكك لذاتك، يصبح هو المركز.

تذكر، ليس باسترجاع وليس بعد انتهاء الأمر ولكن في ذات لحظة الحدوث، عندما يأتي الغضب، أغلق عينيك، تجاهل الحالة الخارجية وكن واعياً لما يدور في داخلك الآن.

طاقتك بأكملها تحولت إلى كراهية، إذا ركزت على مراقبة ذلك فسوف ترى جزءاً من الطاقة يتحول إلى وعي، عمود من الوعي ينتصب وسط فوضى الكراهية أو الحب، كلما ارتفع أكثر فوق حالتك الداخلية كلما تضاءلت الفوضى وانكمشت، عندها ستلاحظ وجودك، أنك "أنت" من بقيت في الداخل وليس الكره.

تتحول إلى ذات، إلى مركز، ولن يعود الآخر مركزيتك مجدداً، لا جاذباً ولا منفراً.

على هذا التأمل أن يحصل لحظة الحدث، بعدها ستكون شخصاً مختلفاً تماماً، ليس أنك هزمت الكراهية، ليس أنك تحكمت بحالتك العقلية، بل أنك صرت الآن وعياً، نوراً لذاتك، وبسبب النور تستحيل العتمة.

أنت الآن شخص واع، والكره يحتاج لا وعيك كحجر أساس له، هو مستحيل مع الوعي.

هذه قاعدة مهمة يجب فهمها بوضوح: الكره يحتاج لاوعيك، من اللاوعي يتغذى ومنه يحصل على طاقته وقوته، لذلك لا تنشغل بالكره، انشغل بوعيك.

قد تجذب الكثيرين، قد تنفّر الكثيرين، لكن هذا ليس إلا إسقاطهم، مشكلتهم هم.

تستطيع أن تضحك من الأمر وستبقى حراً.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية