بالتزامن مع تقارب أنقرة وتل أبيب.. مسلسل تركي على "نتفليكس" يتناول يهود تركيا

بالتزامن مع تقارب أنقرة وتل أبيب.. مسلسل تركي على "نتفليكس" يتناول يهود تركيا


21/03/2022

احتل مسلسل "ذي كلوب"، الذي تدور أحداثه حول اليهود في تركيا قائمة المسلسلات الأكثر مشاهدة على نتفليكس في تركيا، بعد تحقيقه نجاحاً غير متوقع في البلاد، وذلك بالتزامن مع محاولات أنقرة إصلاح العلاقات مع إسرائيل.

ولقيت المسلسلات التلفزيونية التركية التي غالباً ما تروج لقصص تحظى برضا حكومي، نجاحاً عالمياً جعل من البلاد قوة كبرى على الشاشات الصغيرة في العالم.

لكن مسلسل "ذي كلوب" الذي تدور أحداثه في خمسينيات القرن الماضي هو الأول من نوعه، لأسباب ليس أقلها أنّ بعض الحوارات التي يتضمنها هي باللادينو، لغة يهود اسطنبول المستمدة من الإسبانية في العصور الوسطى، وفق ما أورده موقع "أحوال تركية".

وبعدما عاشت الأقليات في الماضي مراحل ازدهار في العاصمة المتعددة الثقافات للإمبراطورية العثمانية، عانى يهود اسطنبول مذاك من الاضطهاد والتمييز.

وآثر اليهود التكتم حول هويتهم لحماية أنفسهم، متمسكين بالعادة اليهودية التركية المعروفة بـ"كاياديس" بلغة اللادينو، ومعناها "الصمت".

 

لكن مسلسل "ذي كلوب" الذي تدور أحداثه في ملهى ليلي في الجانب الأوروبي التاريخي لإسطنبول، يضع حداً لهذا الصمت.

ويتطرق المسلسل إلى الهجمات والاضطهادات التي دفعت بالكثير من اليهود واليونانيين والأرمن إلى مغادرة تركيا في القرن العشرين، بما في ذلك ضريبة الثروة التي فرضتها السلطات التركية على غير المسلمين عام 1942 إضافة إلى أعمال الشغب ضد الأقلية اليونانية (ما عُرف بـ"بوغروم اسطنبول") عام 1955 والتي أطلقت العنان للعنف ضد جميع الأقليات الأخرى.

يتطرق المسلسل إلى الهجمات والاضطهادات التي دفعت بالكثير من اليهود واليونانيين والأرمن إلى مغادرة تركيا في القرن العشرين

ويقول نيسي ألتراس المحرر في مجلة "أفلاريموز" الإلكترونية التي يديرها شباب من اليهود الأتراك "الصمت لم يحمنا من معاداة السامية كما لم يمنع الهجرة إلى بلدان أخرى"، موضحاً "نحن بحاجة الى رفع الصوت، بما في ذلك في المسائل السياسية التي أرادت الأجيال السابقة تجنبها".

ولا يزال أقل من 15 ألف يهودي يعيشون في تركيا، بعدما كان عددهم مئتي ألف في بداية القرن العشرين. وغالبية هؤلاء هم من يهود السفارديم الذين فرّ أجدادهم إلى الإمبراطورية العثمانية بعد طردهم من إسبانيا عام 1492.

اقرأ أيضاً: معاداة السامية تقلق ألمانيا

وأثار المسلسل، لا سيما مشاهد أعمال الشغب في شارع استقلال في اسطنبول في أيلول (سبتمبر) 1955 عندما استهدفت مجموعات عنفية أفراد الأقليات ونهبت متاجرهم، جدلاً حاداً في وسائل الإعلام التركية وعلى الإنترنت حول الحاجة إلى مواجهة التاريخ.

ويقول رئيس المتحف اليهودي في تركيا سيلفيو أوفاديا "لم يعرض أي برنامج تلفزيوني آخر الأحداث المعادية للسامية في هذه الفترة بهذه الطريقة اللافتة".

لم يعرض أي برنامج تلفزيوني آخر الأحداث المعادية للسامية في هذه الفترة بهذه الطريقة اللافتة

ويوضح ألتاراس "هذا الجزء من التاريخ لا يُدرَّس في المدارس في تركيا، لذا فإنّ الكثير من الأتراك تعرّفوا على هذه الحقبة بفضل المسلسل".

وتشير بينار كيلاووز الباحثة في شؤون اليهود السفارديم في جامعة باريس - سوربون إلى أنّ "المسلسل يدعونا لأن نشكك في الرواية الرسمية ونسأل أنفسنا ماذا حدث ليهود تركيا؟".

ويرى عزت بنا، وهو موسيقي قدّم خدمات استشارية للمسلسل، أنّ "ذي كلوب" حقق "معجزة" بإعادة إنشاء الحي اليهودي الذي عرفه في طفولته.

لا يزال أقل من 15 ألف يهودي يعيشون في تركيا، بعدما كان عددهم مئتي ألف في بداية القرن العشرين، وغالبية هؤلاء هم من يهود السفارديم

ويقول بنا "كنت قلقاً في البداية لأن مسلسلات أخرى قدّمت صورة كاريكاتورية عن اليهود. لكن المسلسل يعكس شخصيات حقيقية، بعيداً عن الكليشيهات".

غير أنّ كيلاووز تؤكد أنه رغم التقدم على الشاشة الصغيرة، لا يزال يتعين القيام بالمزيد من أجل أن يشعر يهود تركيا بالمساواة.

ورغم أنّ القانون ينص على التساوي بين الجميع في تركيا، إلا أنّ الأقليات غير المسلمة تواجه في الواقع عقبات كبيرة، من الحصول على وظائف حكومية إلى فتح أو إصلاح الكنائس أو المعابد اليهودية.

اقرأ أيضاً: كيف تواجه ألمانيا معادي السامية في مدارسها؟

ولا يمكن النظر إلى توقيت إطلاق المسلسل بعيداً عم محاولات أردوغان التقرب من إسرائيل، والزيارة التي وصفت بـ "التاريخية"، والتي قام بها الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ إلى تركيا وقت سابق من هذا الشهر، وأجرى خلالها محادثات مع نظيره رجب طيب أردوغان.

حتى أنّ هرتسوغ زار الحي الذي صُور فيه مسلسل "ذي كلوب" في اسطنبول.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية