بالتزامن مع تزايد الجريمة والعنف.. كيف تؤثر الدراما على تشكيل هوية الشباب؟

بالتزامن مع تزايد الجريمة والعنف.. كيف تؤثر الدراما على تشكيل هوية الشباب؟


21/08/2022

نظّمت الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية، برئاسة المخرج الفنان هشام عطوة، محاضرة تحت عنوان "تأثير الدراما على تشكيل هوية الشباب".

 يأتي ذلك بالتزامن مع تزايد انتشار الجريمة والعنف في مصر في الأعوام القليلة الماضية، خاصة تلك الوقائع التي تكاد تشبه الأفلام والمسلسلات الدرامية.

 وكانت السلطات والمؤسسات الخاصة، قد وجّهت اهتمامها نحو تحليل وفهم تأثير الدراما والسينما على تشكيل هوية الشباب ورسم ملامح شخصياتهم وسلوكياتهم، وسط الاتهامات المتزايدة للمسلسلات ونجوم الدراما بأنها تروج للعنف بنسب كبيرة يسهل تأثيرها في المجتمع.

 وحذرت الدكتورة هناء خليفة من تفشي مشاهد العنف غير المبرر في الدراما التلفزيونية، وأوضحت أنّ من أحد أسباب تصاعد الجريمة في المجتمع هو إظهار دور "البلطجي" كبطل للعمل الفني، وتقديمه بأنه ضحية مجتمعه، وبأنه لجأ للعنف والقتل من أجل بعض الأسباب الواهية، وفق ما أوردت صحيفة "العرب" اللندنية.

 وترى خليفة أنّ الكثير من أعمال الدراما المصرية، خلال العقد الماضي، باتت تطرح قصصاً مختلفة تدور بين موضوعات لها علاقة بالخيانة الزوجية والاغتصاب والمخدرات والشذوذ والبلطجة، وكلها مواضيع تعرض الكثير من مشاهد العنف، فلا تكاد تمر حلقة واحدة من مسلسلات رمضان دون استعراض للعنف وللقدرات الجسدية لأبطال الأعمال الذين يملكون جمهوراً مكوناً من آلاف المعجبين والمراهقين.

حذرت الدكتورة هناء خليفة من تفشي مشاهد العنف غير المبرر في الدراما التلفزيونية

 وتابعت: جاءت ظاهرة البلطجة الشعبية كنوع انتشر كثيراً على الشاشة، ويبدو أنّ العنف الذي يمارسه بطل المسلسل في كثير من الأحيان ينظر إليه بوصفه علامة على القوة والشجاعة، لكن الخطورة أنّ ذلك أمر يحث الناس على الشعور بالفخر واتخاذ هؤلاء الأبطال كقدوة لهم، وأصبح الإقدام على العنف هو الحل الأول لأي مشكلة يومية، وأصبح الشارع المصري ساحة لأعمال البلطجة وترويع المواطنين‏.

 

تؤكد الأكاديمية هناء خليفة على ضرورة التحلي بالوعي لما نشاهده من أعمال درامية، بخاصة التي تتضمن مضموناً ثقافياً وفنياً لا يتعارض مع قيم المجتمع وعاداته

 

 وأكدت خليفة، وهي أستاذة في جامعة أكتوبر قسم الإذاعة، خلال محاضرة دار الكتب بمدينة طنطا، أنّ الدراما تمارس دوراً مهماً في تشكيل الرأي العام والوعي الخاص بأفراد المجتمع، ولاسيما الشباب، مشيرة إلى أنّ الفن يحافظ على ذاكرة المجتمع، علاوة على تمكّنه من تغيير عادات وقيم المجتمعات.

 وقالت إنّ "للفن قدرة عجيبة على تخطي الحواجز، كما أنّ الفن يستطيع بكل سهولة النفاذ لعقول الجماهير ووجدانها"، لافتة إلى بعض نوعيات الدراما التي علقت في أذهان وعقول المشاهدين، ومن أهمها مسلسل "الاختيار" الذي استطاع تجسيد الواقع في ما يخص بطولات القوات المسلحة ورجال الشرطة في مواجهة الإرهاب والعنف ومخططات الجماعة الإرهابية، وذلك من خلال عرض حقيقي للمشاهد الواقعية مع دمجها بالمشاهد الدرامية.

 وتؤكد الأكاديمية على ضرورة التحلي بالوعي لما نشاهده من أعمال درامية، بخاصة التي تتضمن مضموناً ثقافياً وفنياً لا يتعارض مع قيم المجتمع وعاداته.

 

يشير حسين إلى أنّ الشباب والمراهقين ليسوا على درجة من الوعي تسمح لهم بإدراك واقع المشكلات الاجتماعية، وإدراك ما يمكن أن تؤديه الأعمال الدرامية من مشكلات أسرية

 

 واستعرضت المتحدثة بعضاً من الأعمال الدرامية التي عرضت سلبيات المجتمع بشكل محترم، دون استعراض مبالغ فيه لمشاهد العنف والأكشن، ومن بينها "لن أعيش في جلباب أبي"، و"عائلة ونيس" وغيرها من الأعمال الدرامية التي تتمتع بروح الأسرة المصرية.

 وتظهر بعض الأبحاث أنّ مشاهدة عدة مشاهد مؤلمة في الدراما يمكن أن تسبب أعراضاً تشبه اضطراب ما بعد الصدمة (الإجهاد اللاحق للصدمة).

 وتحذر بعض التقارير من أن التعرض للعنف المصوّر يمكن أن يتسبب إما في زيادة الحساسية حيث نصبح أكثر حساسية وتشاؤماً أو يمكن أن يؤدي إلى إزالة الحساسية مما يجعلنا في الواقع مخدرين لتأثيرات العنف كما ذكرنا لوحظ هذا أيضاً لدى أولئك الذين تعرضوا مراراً وتكراراً لألعاب الفيديو العنيفة.

جانب من المحاضرة

 ويعرف أستاذ الإعلام أحمد حسين الدراما على أنها فن يُؤدّى على المسرح، أو التلفزيون، أو الراديو، أو السينما، كما تُعرف على أنّها حدث، أو ظرف مثير، أو عاطفيّ، أو غير متوقّع، والهدف الأول من تقديم أي عمل هو الإضاءة على بعض مشكلات وآفات المجتمع ونقل رسالة مباشرة أو غير مباشرة للمشاهدين ليأخذوا العبرة منها وينقلوها إلى الأجيال القادمة بالإضافة إلى التثقيف والإرشاد والوعي والتنمية بكافة أشكالها.

 ويشير حسين إلى أنّ الشباب والمراهقين ليسوا على درجة من الوعي تسمح لهم بإدراك واقع المشكلات الاجتماعية، وإدراك ما يمكن أن تؤديه الأعمال الدرامية من مشكلات أسرية، خاصة في ما يتعلق بمشكلات العنوسة والطلاق والعنف الأسري، وأنّ هناك تقليداً أعمى للشباب وإحساس الشباب بأنه ليست له قيمة أو جدوى في المجتمع وشعوره بعدم الانتماء والولاء للمجتمع الأسري والمجتمعي.

 ويوضح أنّ الدراما التلفزيونية "تؤثر على سلوكيات أفراد المجتمع؛ حيث ترفع بطرق غير مباشرة، نسب البلطجة والعنف والشغب وانتشار المخدرات والتحرش، علاوة على انهيار وتفكك الأسرة من ارتفاع نسب الطلاق وانتشار أفكار الخيانة الزوجية، بالإضافة إلى ما تروج له من قيم وسلوكيات دخيلة على المجتمع.

مواضيع ذات صلة:

مختصون يناقشون سبل إنقاذ الدراما السورية

كيف أنعشت الدراما التلفزيونية ذاكرة المصريين؟

الدراما المصرية.. كيف لعبت دوراً في استراتيجية مكافحة الإرهاب؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية