بالأرقام.. الإرهاب في الأردن 1921-2021: أبرز العمليات والأساليب والمؤثرات وطرق التجنيد

بالأرقام.. الإرهاب في الأردن 1921-2021: أبرز العمليات والأساليب والمؤثرات وطرق التجنيد


01/03/2022

أصدر مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب النسخة الـ(4) من تقرير "مؤشر الإرهاب في الأردن، الذي يُقدّم موجزاً شاملاً للأحداث والاتجاهات والأنماط العالمية الرئيسة في ظاهرة الإرهاب على مدى الأعوام الـ(100) الماضية، (1921م-2021م)، من عمر الدولة الأردنية.

ويركّز التقرير على الأحداث والاتجاهات على مدى العقد الماضي، مع صعود وسقوط تنظيم داعش الإرهابي في العراق والشام، ومقتل معظم قياداته الرئيسة .

اقرأ أيضاً: خبراء يعددون المكاسب.. ماذا يعني تصنيف مجلس الأمن للحوثي جماعة إرهابية؟

ويهدف التقرير إلى تسليط الضوء على ظاهرة الإرهاب في الأردن، والتوعية المجتمعية من خطر الإرهاب، ونشر ثقافة مقاومة الإرهاب بكافة أشكاله، وتزويد صانع القرار والخبراء ومراكز البحث والدراسات ومؤسسات المجتمع المحلية والعالمية بالدراسة والتحليل الموضوعي والدقيق لظاهرة الإرهاب العالمي واتجاهاته المستقبلية، بما يساعد ويساهم في دراسة ومقاومة هذه الظاهرة وحماية السلم العالمي، باستخدام عدد متنوّع من المصادر الأولية، وبيانات من قاعدة بيانات الإرهاب العالمي (GTD) ، والمصادر المفتوحة، ومصادر أخرى.

تاريخ الإرهاب في الأردن

في مقدمة التقرير ذكر المركز أنّ تاريخ الإرهاب في الأردن يعكس الأزمات والدورات الموسمية التي شكّلت ‏مساره وحدّدت تطوره إلى حدّ كبير. والأردن كجزءٍ من هذا العالم؛ ونظراً لأنّه انخرط مبكراً في سيرورة ‏العولمة بعمق، فقد انعكست عليه تأثيراتها المختلفة سلباً؛ من جهة أنّها جعلته منفتحاً على هذه الظاهرة منذ بدايات ‏تأسيس إمارة شرق الأردن في 21 نيسان (أبريل) 1921، ليشهد أوّل عملية إرهابية لذئب منفرد في تاريخه حينما ‏اغتيل الملك عبد الله بن الحسين في القدس في 20 تموز (يوليو) 1951.

يهدف التقرير إلى تسليط الضوء على ظاهرة الإرهاب في الأردن

وأوضح التقرير أنّ تغيّر القيم المشاهدة لظاهرة الإرهاب في الأردن مع مرور الزمن وخلال (100) عام من عمر الدولة الأردنية ‏‏(1921-2021م) في السلسلة الزمنية الموسمية، جاء نتيجة لتأثير أزمات وعوامل متعدّدة؛ سياسية، ‏واقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وتكنولوجية معولمة، قد أثرت بمجملها بشكل عميق على بنية وسلوك الدولة والمجتمع.‏

 

الأردن مرّ في تاريخه عبر كافة موجات الإرهاب المعاصر، متأثراً بالأزمات ‏والحروب والصراعات التي عصفت بالعالم ومنطقة الشرق الأوسط

 

وبيّن التقرير أنّ الإرهاب في الأردن مرّ في تاريخه عبر كافة موجات الإرهاب المعاصر متأثراً بالأزمات ‏والحروب والصراعات التي عصفت بالعالم ومنطقة الشرق الأوسط منذ الحرب العالمية الأولى حتى اليوم، لافتاً إلى أنّ تلك الأزمات تميّزت بموسميتها، وهو ما انعكس على دورة الإرهاب واتجاهاته في البلاد التي اتّسمت تبعاً ‏لذلك بالموسمية مع بعض الأحداث العرضية، وساهمت ببقاء الأردن ضمن الدّول متوسطة الأمن، حيث ‏جاء الأردن في الترتيب الـ (63) من أصل (163) دولة في العالم على "مؤشر السلم العالمي" لعام 2021. ‏  ‏

الأردن يحبط عمليتين إرهابيتين في عام 2021

وخلال استعراض المركز للأحداث الإرهابية التي عصفت بالبلاد، أوضح أنّ الأردن يتميز بمعدل منخفض من العمليات الإرهابية مقارنة مع دول أخرى في المنطقة، ولكنّه ثابت في المعدل السنوي المتوقع، وفي الآونة الأخيرة شهد الأردن عمليتين إرهابيتين في المتوسط سنوياً منذ (3) عقود.  

اقرأ أيضاً: تونس في مواجهة الإرهاب... حصيلة عمليات أمنية

وقال التقرير: "بالرغم من عدم وقوع أيّ عملية إرهابية فعلية العام 2021، إلّا أنّ إحباط دائرة المخابرات لعمليتين إرهابيتين في إربد وغور الصافي في بداية العام يثبت صحة هذا المعدل الذي توصل إليه "مؤشر الإرهاب في الأردن" (JTI) من خلال تحليل "السلاسل الزمنية" لظاهرة الإرهاب خلال الفترة من 1921-2021

 

منذ عام 2021، وللعام الثاني على التوالي لم يشهد الأردن أيّ عملية إرهابية ‏فعلّية، وبلغ عدد العمليات الإرهابية المحبطة لتنظيم داعش عام 2021 عمليتين


.

ولخّص التقرير النتائج الرئيسة المتعلقة بالإرهاب، مظهراً‏ أنّه منذ عام 2021 وللعام الثاني على التوالي لم يشهد الأردن أيّ عملية إرهابية ‏فعليّة. ولم تسجل أو ترصد أيّ عملية إرهابية فعليّة على الساحة الأردنية أو ضدّ المصالح الأردنية في الخارج، وبلغ عدد العمليات الإرهابية المحبطة لتنظيم داعش عام 2021 عمليتين، فقد نجحت دائرة المخابرات العامّة بإحباط العملية الأولى في شهر شباط (فبراير) 2021، وأعلن عنها في وسائل الإعلام بتاريخ 27 حزيران (يونيو) 2021 لخلية من تنظيم داعش تتكوّن من (4) أعضاء، كانت تستهدف مهاجمة حرس الحدود الأردنيين والإسرائيليين بالأسلحة الخفيفة في منطقة غور الصافي في الأغوار الأردنية، في حين تمّ إحباط العملية الثانية خلال الفترة من 3 إلى 10 آذار (مارس) من العام ذاته، وكانت ستستهدف خلية تتكوّن من (3) أعضاء مبنى مخابرات إربد بالأسلحة الخفيفة.  

انخفاص أعداد المنتمين لداعش

وأوضح التقرير أنّ‏ عام 2021 شهد ضَعف تنظيم داعش على وجه الخصوص، مستنداً إلى تصريحات لـ "دائرة المخابرات العامّة الأردنية" حول أعداد المنتمين للتنظيم الذي انخفض من (1250) عنصراً عند بداية الصراع في سوريا‏ 2011م، إلى نحو (750) عنصراً عام 2021، نتيجة عودة البعض منهم إلى الأردن، ومقتل الآخرين في ساحات القتال.  

الإرهاب في الأردن مرّ في تاريخه عبر كافة موجات الإرهاب المعاصر

وأشار التقرير إلى أنّ عدد العمليات الإرهابية الفعليّة في الأردن خلال الفترة الممتدة ما بين 1921 حتى آخر ‏إحصاء بتاريخ 31 كانون الأول (ديسمبر) 2021، بلغ ما مجموعه (136) عملية إرهابية، نتج عنها ما مجموعه ‏‏(171) حالة وفاة، و(341) جريحاً.‏

أشكال وأساليب الإرهاب

ولخّص التقرير التهديدات الإرهابية التي شهدها الأردن منذ تأسيسه، مؤكداً أنّه خلال الفترة 1921-2021 كانت أشكال وأنواع وأساليب الإرهاب في الأردن تتغيّر وتتطوّر بشكلٍ متوازٍ لتطوّر سيرورة العولمة، خاصة آلياتها التكنولوجية المتجسّدة في استخدام شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. 

 

خلال الأعوام 1951- 2021 تعرّض الأردن إلى عدة أنواع وأشكال وأساليب من الإرهاب؛ أهمها: الاغتيالات، وخطف الرهائن، ‏والتفجيرات، وإطلاق الصواريخ، وتبادل إطلاق النار

 

وأضاف أنّه خلال الفترة الزمنية من عام 1951- 2021 تعرّض الأردن لعدّة أنواع وأشكال وأساليب من الإرهاب؛ أهمّها: الاغتيالات: فقد حدثت 16 عملية، أوّلها بتاريخ 17 تموز (يوليو) 1951 استهدفت رئيس وزراء لبنان رياض الصلح باستخدام أسلوب الأسلحة الخفيفة الفردية ‏بإطلاق النار عليه في سيارته ‏في طريقه إلى مطار ماركا في شمال شرق العاصمة الأردنية عمّان، عائداً إلى بيروت بعد زيارة قام بها إلى عمّان، من قبل (3) من أعضاء الحزب القومي السوري الاجتماعي، أحدهم كان برتبة وكيل في الجيش الأردني يُدعى محمد أديب الصلاح، انتقاماً لإعدام زعيم الحزب أنطون سعادة، حسب الكثير من الروايات.  

اقرأ أيضاً: الحوثي جماعة إرهابية.. إنجاز تاريخي لقوة الإمارات الناعمة

أمّا خطف الرهائن، فقد بلغت (10) عمليات، والتي نشطت خلال فترة السبعينيات، وآخرها في ‏ 18 كانون الأول (ديسمبر) 2016 عندما هاجم ‏تنظيم داعش المركز الأمني في مدينة الكرك، واحتجز رهائن في قلعة الكرك الأثرية في جنوب الأردن. ‏

 

ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة هي الأسلوب الأوّل للدعاية وتجنيد الأعضاء والمؤيدين لتنظيم داعش في الأردن، بالإضافة إلى مراكز الإصلاح والتأهيل

 

ومن أشكال الإرهاب أيضاً التفجيرات، وفق ما أورد التقرير، فقد شهدت المملكة (13) عملية، أوّلها وأهمها بتاريخ  2 آب (أغسطس) 1960، عندما استُهدفت رئاسة الوزراء الأردنية، وهي أوّل عملية إرهابية تستهدف المسؤولين الأردنيين باستخدام أسلوب التفجير، وأسفرت هذه العملية الإرهابية عن وفاة رئيس وزراء الأردن آنذاك هزاع المجالي بالإضافة إلى (11) شخصاً، من أبرزهم وكيل وزارة الخارجية الأردنية زهاء الدين الحمود، ووكيل السياحة عاصم التاجي،  والمرافق العسكري للمجالي، والنقيب ممدوح سعيد إسحاقات، وجرح (41) شخصاً، وقد تمّ إلقاء القبض على المتهمين بالعملية، وأعدم (4) منهم.

ورصد التقرير أيضاً خلال الفترة ذاتها (7) عمليات إطلاق صواريخ وتبادل إطلاق نار، و(6) عمليات للذئاب المنفردة، بالإضافة إلى تعرّض الأردن خلال الفترة ما بين 1968-1977 لما مجموعه (29) محاولة إرهابية لخطف طائرة. ‏

أمّا عن العمليات الإرهابية الفاشلة والمُحبطَة، فقد أشار التقرير إلى أنّ عددها (41) عملية،‏ وهذه هي العمليات التي تمّ الإعلان عنها في وسائل الإعلام، وكان آخرها التخطيط لمهاجمة مبنى مخابرات إربد، وقد أعلن عنها في وسائل الإعلام بتاريخ 6 أيلول (سبتمبر) 2021

 

تلاشى الاهتمام بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب في الأردن التي صدرت عام 2014


.

وعن نوعية الأهداف، قال مركز شُرُفات لدراسات وبحوث العولمة والإرهاب: إنّ هناك استهدافاً لكوادر الأجهزة الأمنية (الأمن العام، والمخابرات) والقوات المسلحة، وهذا الاتجاه تعمّق عام 2021 من خلال نتائج التحقيق في عمليات الأغوار وإربد، ويُتوقع أن يزيد في المستقبل.   

وسائل التجنيد

أمّا عن وسائل التجنيد، فقد أوضح التقرير أنّه ما زالت وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة هي الأسلوب الأوّل للدعاية وتجنيد الأعضاء والمؤيدين لتنظيم داعش في الأردن. وهذا ما دلّت عليه التحقيقات في العمليات المحبطة في الأغوار وإربد، مشدداً على أنّ "مراكز الإصلاح والتأهيل" ما زالت تُفرّخ الإرهابيين، فقد تمّ التجنيد والتخطيط للعمليتين في المراكز، ثمّ بعد الإفراج عن المتهمين، وهو ما قد يثير الأسئلة حول جدوى "برامج الإصلاح والتأهيل وإعادة الإدماج والرعاية اللاحقة".

اقرأ يضاً: إرهاب المسيرات الإيرانية

ولفت التقرير إلى أنّ جائحة كورونا ساعدت على الحدّ من انتشار الإرهاب العالمي بشكل عام؛ لكنّ العمليات الإرهابية أو التخطيط لها لم يتوقف في الأردن، رغم الإجراءات الأمنية المشددة، وتطبيق أقسى درجات "الأمننَة" (securitization) في البلاد منذ بداية جائحة كورونا، وهذا ما دلّت عليه العمليات الإرهابية التي أحبطتها دائرة المخابرات في الأغوار الأردنية، وإربد.  

استراتيجية مكافحة الإرهاب في الأردن

وركّز التقرير على تلاشي الاهتمام بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب في الأردن التي صدرت عام 2014، وفي الوقت الذي طال التحديث والتغيير معظم البنى السياسية والاقتصادية للدولة خلال عام 2021، لم نشهد أيّ اهتمام بتطوير أو تحديث لهذه الاستراتيجية.   

واستند التقرير في ادّعائه السابق إلى تصنيف مجموعة العمل المالي الدولية: The  Financial Action Task Force   FATF   بتاريخ 21 تشرين الأول (أكتوبر) 2021، الذي أدرج  الأردن في القوائم الرمادية، على خلفية "إخفاقها في التصدّي لغسل الأموال وتمويل الإرهاب".

 

التقرير يدعو الأردن إلى اليقظة والحذر الدائم، وتحصين جبهته الداخلية، عبر المحافظة على احترام حقوق الإنسان، وصون كرامة الأفراد، ‏والديمقراطية، وحرّية التعبير

 

ونظراً لأهمية مكافحة تمويل الإرهاب، قامت الحكومة الأردنية بالاستجابة سريعاً لهذا الخلل؛ بهدف تلبية شروط الالتزام الفني بالمعايير الدولية التي أشارت إليهاFATF، بالإضافة إلى توسيع نطاق الفئات المشمولة بأحكام القانون، فقامت بإصدار "قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (20) لعام 2021"، في الجريدة الرسمية الخميس 16 أيلول (سبتمبر)‏ 2021، ودخل العمل به حيز التنفيذ، وهو الأمر الذي من شأنه أن يعزّز من قدرات الأردن في مكافحة الإرهاب وعمليات التمويل، والتعاون مع بقية المؤسسات العالمية المعنية بمكافحة الإرهاب وتمويله.  

دعوة للأردن لتحصين الجبهة الداخلية

ودعا التقرير الأردن إلى اليقظة والحذر الدائم، وتحصين جبهته الداخلية ضدّ ‏مخاطر التطرّف العنيف والإرهاب وانتشاره، وذلك عبر المحافظة على احترام حقوق الإنسان، وصون كرامة الأفراد، ‏والديمقراطية، وحرّية التعبير، التي تُعتبر من أساسيات استراتيجية مكافحة الإرهاب العالمية التي ركزت عليها ‏الأمم المتحدة في استراتيجيتها لعام 2021، مشدّداً على أنّ الإرهاب لا يُقاوَم ويُكافَح فقط عن طريق الأساليب العسكرية والإجراءات‎ ‎الأمنية، بل أيضاً عن طريق الدمج المتزن والذكي بين المقاربات الناعمة والخشنة، من خلال التعاون والتشارك بين كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع، من مؤسسات الدولة إلى مؤسسات ‏المجتمع المدني والأفراد المؤثرين، وتعميق ثقافة الحوار، والتفاهم وتقبّل الآخر، والاهتمام بقطاعات النساء ‏والشباب في المدارس والجامعات الذين يُشكّلون اليوم العمود الفقري لكافة الجماعات الإرهابية في العالم.‏




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية