باحث لـ"حفريات": هجوم إيران ضد روسيا بخصوص الجزر الثلاث ضجيج وصخب

باحث لـ"حفريات": هجوم إيران ضد روسيا بخصوص الجزر الثلاث ضجيج وصخب

باحث لـ"حفريات": هجوم إيران ضد روسيا بخصوص الجزر الثلاث ضجيج وصخب


26/07/2023

يصف الباحث والكاتب المتخصص في الشأن الإيراني، نزار جاف، ردود الفعل الإيرانية  ضد روسيا، بخصوص الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، بأنّها مجرد "صخب" و"ضجيج" قد اعتادت عليه طهران التي تعمد إلى "تفخيخ" خطاباتها السياسية بمقولات تبدو متشددة وراديكالية.

وأوضح لـ"حفريات" أنّ الإمارات والدول العربية قد سبق لهم أن طالبوا بحل القضية المتنازع عليها منذ سبعينات القرن الماضي، ومن ثم، عودة سيادة الإمارات على الجزر الثلاث. وفي كل مرة يبرز "الموقف الإيراني المتشدد. لكن، هذه المرة، تبدو الضجة الإيرانية، والحملة ضد روسيا، غير مسبوقة".

وتجلى الهجوم الإيراني العنيف على روسيا في عدة دوائر، سياسية ورسمية وصحفية، إثر صدور البيان الختامي للاجتماع الوزاري السادس للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وروسيا. فالبيان طالب، مؤخراً، بإنهاء معضلة الجزر الإماراتية الثلاث في الخليج (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، وذلك عن طريق الحوار، أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية.

إيران والصدام مع الحلفاء

الصدام بين إيران وحلفائها الاستراتيجيين، سواء روسيا أو الصين، لا يبدو جديداً أو مباغتاً بخصوص مسألة الجزر الإماراتية الثلاث المتنازع عليها منذ العام 1971. ففي نهاية العام الماضي، حدث الموقف ذاته لكن من جهة الصين والتي حمل بيان القمة الصينية الخليجية في الرياض موقفها الداعم لحل قضية الجزر الثلاث في إطار سلمي وقانوني.

كما سبق للإمارات أن أكدت على لسان وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي في الإمارات، ريم الهاشمي، الاستمرار في المطالبة بعودة السيادة الإماراتية على الجزر الثلاث.

وفي كلمتها بالدورة السابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، قالت الهاشمي إنّ دولة الإمارات تجدد مطالبتها بإنهاء تبعية الجزر الإماراتية الثلاث لإيران. وتابعت: "نجدد في هذا السياق مطالبتنا بإنهاء احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث: طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، والتي يثبت التاريخ والقانون الدولي سيادة بلادي عليها، ونؤكد أنّه ورغم عدم استجابة إيران لدعوات بلادي الصادقة لحل النزاع بالطرق السلمية على امتداد العقود الخمسة الماضية، إلا أنّنا لن نتوقف يوماً عن المطالبة بحقنا المشروع في هذه الجزر إما من خلال التفاوض المباشر أو محكمة العدل الدولية".

الجنرال محسن رضائي: على روسيا تصحيح مواقفها

وبالتزامن مع الموقف الإماراتي واصلت إيران التأكيد على موقفها المتشدد، وكشفت السلطة القضائية عن إصدار سندات ملكية رسمية خاصة بجزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، فيما ذكر الناطق بلسان السلطة القضائية أنّ "الجزر الثلاث أمست في النطاقات العقارية الإيرانية؛ حيث إنّها تقع ضمن الأراضيَ المملوكة للدولة وبسندات تمليك رسمية وقانونية، بحيث يُدرج اسم إيران في الخانات المخصصة لاسم المالك لهذه الأراضي".

الصدام بين إيران وحلفائها الاستراتيجيين، سواء روسيا أو الصين، لا يبدو جديداً أو مباغتاً بخصوص مسألة الجزر الإماراتية الثلاث المتنازع عليها منذ العام 1971

ومع الأزمة الأخيرة التي اصطدمت فيها طهران بموقف الحليف الاستراتيجي لها، شنّ كثيرون هجوماً عنيفاً على موسكو. بدأ من ممثلي المرشد الإيراني مروراً بمسؤولين حاليين وسابقين في الحكومة وحتى الصحف ونواب البرلمان. كما نقلت وكالة "إيلنا" للأنباء عن نائب تشابهار في البرلمان، معين الدين سعيدي، قوله: "لا نعرف دولة أضرت بمصالح إيران مثل روسيا. لم تقوض أي دولة حقوقنا، كما فعلت روسيا".

الحل السلمي الذي ترفضه طهران

ومن جانبه، أعلن الناطق بلسان الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، عن احتجاج بلاده، رسمياً، بعد بيان دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا، وقال: "من المهم أن يكون احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها مبدأ لا يمكن إنكاره مستنداً إلى ميثاق الأمم المتحدة".

وأضاف: "إيران تعتبر التقيد بهذا المبدأ واجب النفاذ فيما يتعلق بوحدة أراضيها، وستظهر ردة فعل جادة ومتناسبة على أيّ عمل يخالف ذلك. من الواضح أنّ إيران لم تعتبر أبداً مسألة وحدة أراضيها على الجزر الثلاث قابلة للتفاوض ونعتبر تدخل أي طرف، بما في ذلك الإمارات وروسيا في هذا الصدد غير مقبول وسنرد عليه بجدية".

وقد ذكرت وزارة الخارجية الإيرانية، أنّ السفير الروسي في طهران "أُبلغ باستدعاء إيران والاحتجاج على البيان الختامي للاجتماع السادس المشترك لوزراء خارجية الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي وروسيا بشأن الجزر الإيرانية الثلاث".

الباحث نزار جاف لـ"حفريات": ردود الفعل الإيرانية مجرد "صخب" و"ضجيج" اعتادت عليه طهران التي تعمد إلى "تفخيخ" خطاباتها السياسية بمقولات متشددة وراديكالية

كما انخرط وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، في هذا الجدل المحموم، وكذا الهجوم الذي طاول روسيا، إلا أنّه لمّح، خلال كلمته بجمعية العلوم السياسية الإيرانية، إلى خطورة التصعيد مع الحليف الروسي، قائلاً: "من الخطر أن تكون إيران معادية لروسيا وأميركا. يجب أن نعطي الأولوية لمصالحنا الوطنية ثم نأخذ في الاعتبار معارضة الهيمنة الامريكية ". وتابع: "ينبغي ألا ننتظر اليوم ظهور أقطاب جديدة، ولكن يمكن أن تظهر أيّ قوة عظمى وفعالة في منطقة معينة".

وعبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، غرد القيادي السابق للحرس الثوري، الجنرال محسن رضائي: "على روسيا والصين وأمريكا وإنجلترا أنّ تعلم أن إيران لن تعود إلى عهد القاجاري والبهلوي. الجمهورية الإسلامية تدافع بكل قوتها عن أرضها وحقوقها وأمتها. على روسيا تصحيح مواقفها".

الملالي يغازل التيار القومي

في ظل التحالف الروسي الإيراني والانخراط سوياً في الحرب بأوكرانيا، فإنّ موسكو اضطرت إلى عمل موقف آخر مواز "للتشويش أو التمويه" على موقفها السابق، وفق الباحث نزار جاف، إذ التقى نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للرئيس الروسي للشرق الأوسط وأفريقيا، ميخائيل بوغدانوف بالسفير الايراني في موسكو كاظم جلالي، وذلك "لتمييع" الموقف الروسي وجعله "مطاطياً"، حيث أكد بوغدانوف على احترام بلاده لطهران "كبلد صديق" وكذا "احترام سيادتها ووحدة أراضيها".

ووفق الكاتب والباحث الإيراني، فإنّ "العاصفة الإيرانية رغم ذلك لم تهدأ؛ حيث إنّ أئمة الجمعة في مساجد طهران وممثلي المرشد الإيراني يواصلون حملاتهم الهجومية على روسيا". ويمكن النظر لعدة عوامل تتسبب في هذ الوضع المحتدم، وفق المصدر ذاته، منها أنّ النظام يريد أن "يغازل التيار القومي الايراني الذي بات تأثيره على النظام کبيراً، لا سيّما أنّ هذا التيار قد انتقد، سابقاً، الاتفاق الإيراني- الروسي على بحر قزوين، بينما رأى فيه تنازلاً لصالح موسكو. کما انتقد أيضاً وبشدة مآلات الوضع في سوريا والذي تبدو فيه موسكو هي المنتصرة والمستفيدة".

ويتعين النظر إلى أنّ هذا الموقف الروسي الرسمي من قضية الجزر الإماراتية الثلاث يعد "انتصاراً للموقف الإماراتي، بينما ستعتبره طهران طعنة في الظهر من حليف". ويؤكد جاف بأنّ "النظام، وبعد الاحتجاجات الأخيرة التي أعقبت مقتل الفتاة الكردية الإيرانية، مهسا أميني، على يد دورية "شرطة الاخلاق"، يحاول استغلال أيّ موضوع ليظهر حرصه على وحدة التراب الإيراني وكذا مصالح الشعب".

مواضيع ذات صلة:

ما أهداف إيران من جولة الرئيس الإيراني في أفريقيا؟

واشنطن تُعلق على المقايضة العراقية الإيرانية: إيران تبتز العراق حكومةً وشعباً

هل يكون حقل الدرة اختباراً لجدية إيران في السلام والمصالحة؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية