هل يكون حقل الدرة اختباراً لجدية إيران في السلام والمصالحة؟

هل يكون حقل الدرة اختباراً لجدية إيران في السلام والمصالحة؟

هل يكون حقل الدرة اختباراً لجدية إيران في السلام والمصالحة؟


13/07/2023

تبعث قضية حقل "الدرة" البحري للغاز الطبيعي بخلافات جمّة بين دول الخليج وإيران بعد التهدئة التي جرت منذ الاتفاق الثلاثي برعاية الصين. والخلاف يعود بين الكويت وإيران، منذ ستينات القرن الماضي، حول الأحقية بالحقل، حيث تزعم طهران بأنّه يقع ضمن منطقتها الاقتصادية بينما كشفت عن استعدادها التنقيب فيه في حال لم يتم ترسيم الحدود البحرية. وكانت السعودية والكويت قد أعلنتا شراكتهما لتطوير الحقل والاستفادة من موارده وثرواته الطبيعية.

مزاعم إيران

طالبت الرياض طهران بالتفاوض بخصوص المنطقة البحرية التي يقع فيها حقل "الدرة" للغاز، لإنهاء الخلافات المتعلقة بالحقل. ونقلت وكالة الأنباء السعودية، عن مصدر بوزارة الخارجية، منتصف الأسبوع الماضي، قوله إنّ ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة بما فيها حقل الدرة بكامله هي "ملكية مشتركة بين المملكة ودولة الكويت فقط". وتابع المصدر بوزارة الخارجية السعودية: "السعودية والكويت لهما وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة".

وقال المصدر، الذي لم تكشف الوكالة السعودية عنه هويته، إنّ السعودية "تجدد دعواتها السابقة للجانب الإيراني للبدء في مفاوضات لترسيم الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة بين المملكة والكويت كطرف تفاوضي واحد مقابل الجانب الإيراني، وفقاً لأحكام القانون الدولي".

وفي المقابل، أكد النائب السابق لوزير النفط للشؤون الدولية الإيرانية، سيد مهدي حسيني، على "ضرورة المشاركة والتعاون بين إيران والكويت والسعودية في الاستثمار في حقل (آرش)/ الدرة، المشترك للغاز"، مؤكداً "استعداد إيران لبدء عمليات الحفر في الحقل إذا لم تتعاون السعودية والكويت في ترسیم الخط الحدودي".

إذاً، من جديد تثبت إيران أنّها دولة تسعى لخلق معضلات وأزمات في المنطقة وتستند إلى سلاحها للاستيلاء على حقوق الآخرين، حسبما يوضح مسعود محمد، رئيس تحرير موقع "أخباركم أخبارنا"، ومقره روما، موضحاً لـ"حفريات" أنّ هذا التحول السريع في العلاقات بين إيران وقوى الخليج يعد بمثابة "درس للأطراف الساعية للتفاهم مع إيران، والتي تتجاهل حقيقة هذا النظام المافياوي الذي لا يلتزم بأي اتفاقيات أو معاهدات".

طالبت الرياض طهران بالتفاوض بخصوص المنطقة البحرية التي يقع فيها حقل "الدرة" للغاز

ووفق محمد، فإنّ النظام في طهران قد أثبت على مدار أربعة عقود "عدم احترامه أو التزامه بالقانون الدولي كما قوانين حقوق الإنسان. بل إنّه، وفي غضون فترة وجيزة، من التهدئة الإقليمية برعاية الصين يريد أن يستولي على حقل الدرة من دون وجه حق ويعمد إلى ترويج مزاعم كاذبة والاستناد للقوة والبطش".

هل تستجيب طهران للتفاوض؟

أكد وزير النفط الكويتي، سعد البراك، رفض بلاده جملة وتفصيلاً "الإدعاءات والإجراءات الإيرانية" حيال حقل الدرة البحري للغاز. فيما يأتي رد الفعل الكويتي بعد أن هددت طهران ببدء عمليات الحفر والتنقيب في حقل الدرة للغاز، الذي يقع في المنطقة المغمورة المشتركة بين الكويت والسعودية، وتدعي طهران أنّ جزءاً منه يقع في مياهها الإقليمية غير المرسومة مع الكويت.

ولحقل الدرة أهمية استراتيجية قصوى، ليس على المستوى الاقتصادي فقط، إنما كذلك على المستوى السياسي، بحسب المصدر ذاته. ويقول رئيس تحرير موقع "أخباركم أخبارنا": "منذ اكتشافه في عام 1960 بدأت إيران بالمطالبة بأحقيتها في استغلال مخزونه، إذ اعترضت على توقيع مذكرات تفاهم بين الرياض والكويت لتطويره، كان آخرها في آذار (مارس) الماضي. ووصفت الوثيقة الموقعة حينها بأنّها غير قانونية، حيث ترى طهران أنّها تشارك في الحقل ويجب أن تنضم لأيّ إجراء لتشغيل الحقل وتطويره".

طهران تكرر مزاعمها طوال الوقت بحيث تكون حجة لتحقيق أهدافها الإقليمية العدائية، الأمر الذي يكشف عن استراتيجية توسعية ثابتة تجاه دول الخليج العربي وحتى العراق وسوريا

يتفق والرأي ذاته، فيصل الفايق، مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقاً، والذي كتب في صحيفة "مال" أنّه "بين الحين والآخر تبرز تصرفات إيرانية بشأن حقل الدرة للغاز الطبيعي الواقع في المياه الإقليمية بين السعودية والكويت. وهذه التصرفات تعتمد على ثغرة عدم ترسيم الحدود البحرية مع إيران. إذ تماطل الدولة الفارسية في ذلك مما يجعلها مخالفة للقانون الدولي وقواعد ترسيم الحدود البحرية".

وتابع: "يتم تجديد هذه الإدعاءات كلما تتجدد مطامعها (أي إيران) في ثروات المنطقة، أو محاولة للتكسب السياسي أو حتى إشغال الداخل الايراني عن مشاكله الداخلية أو بهدف المحاولات اليائسة للانضمام إلى مشاريع تطوير الحقل والاستفادة منه بشكل أسرع في ظل وحود استثمار سعودي كويتي. وهنا لا بد من الاشارة الى أن البنية التحتية المهترئة لصناعة النفط والغاز في إيران لم يتم تطويرها منذ عهد شاه إيران نهاية سبعينيات القرن الماضي، مما أثر على مرافق الغاز فيها بحكم القِدم، كما أنّ هناك عزوفاً كبيراً من الشركات العالمية عن الاستثمار فيها، فنجد أنّ إيران تستورد الغاز من دول حدودها الشمالية بينما تشترك مع قطر في أكبر حقل للغاز في العالم جنوب حدودها. وبالتالي تعتبر إيران مستفيدة من عدم ترسيم الحدود فهي تستخدمها للابتزاز او كورقة قد تلجأ لها في المفاوضات الشاملة لمحاولة تحقيق مكاسب أو تنازلات بهدف عرقلة ترسيخ السلام الشامل".

ضرورة موقف عربي حازم

سبق لوزارة الخارجية الإيرانية، أن غردت عبر حسابها الموثق في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بأنّ "حقل آرش - الدرة للغاز هو حقل مشترك بين دول إيران والكويت والسعودية". وتابعت: "هناك أجزاء منه في نطاق المياه غير المحددة بين إيران والكويت". وفي 29 آذا (مارس) الماضي قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح إنّ "إيران ليست طرفاً في حقل الدرة، فهو حقل كويتي - سعودي خالص".

لحقل الدرة أهمية استراتيجية قصوى

مطلع نيسان (أبريل) العام الماضي جددت السعودية والكويت، في بيان مشترك، دعوة إيران لعقد مفاوضات بخصوص تعيين الحد الشرقي من المنطقة المغمورة المقسومة في الخليج، لكنّ الأخيرة على ما يبدو "لن تستجيب للتفاوض فهي تعلم أنّها إذا لجأت للتحكيم الدولي ستخسر. لذلك؛ تلجأ (طهران) للقوة خارج نطاق القانون للحصول على الموارد والثروات بالقرصنة. آن الأوان لدول الخليج أن تتعامل بحزم مع هذه الدولة المارقة"، حسبما يقول محمد.

المعارض الإيراني صلاح أبو شريف لـ"حفريات": ليس بمقدور أحد أن يشكك في أنّ حقل الدرة بكافة ثرواته يقع ضمن نطاق الخليج العربي وتتقاسمه الدول العربية الخليجية

من جهته، يقول المعارض الإيراني، صلاح أبو شريف، إنّه ليس بمقدور أحد أن يشكك في أنّ حقل الدرة بكافة ثرواته يقع ضمن نطاق "الخليج العربي وتتقاسمه الدول العربية الخليجية، ومنها الأحواز المحتلة منذ عام 1925. وما إدعاءات إيران في حقل الدرة إلا تكرار لمزاعمها التوسعية كما فعلت سابقاً مع جزر الإمارات طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى".

ويشير أبو شريف في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ طهران تكرر مزاعمها طوال الوقت بحيث تكون حجة لتحقيق أهدافها الإقليمية العدائية، الأمر الذي يكشف عن "استراتيجية توسعية ثابتة تجاه دول الخليج العربي وحتى العراق وسوريا. فنظام الملالي قائم على ابتلاع قوى وأنظمة وبلدان وشعوب داخل الأيديولوجيا الطائفية وعبر عملية تفريس قسرية، كما يحدث في كوردستان وبلوشستان وأذربيجان الجنوبية وتركمنستان. وهذه الاستراتيجية لن تتوقف ولن تتغير، مما يتطلب موقفاً عربياً موحداً وحازماً لردع هذه التجاوزات".

مواضيع ذات صلة:

حقل الدرة... هل يعيد التوتر السياسي بين إيران والسعودية؟

أزمة حقل الدرة: هكذا ردت الكويت على المزاعم الإيرانية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية