باحثان يكشفان لـ"حفريات" سر استدارة أردوغان باتجاه الأسد

باحثان يكشفان لـ"حفريات" سر استدارة أردوغان باتجاه الأسد

باحثان يكشفان لـ"حفريات" سر استدارة أردوغان باتجاه الأسد


26/09/2022

كشف باحث تركي وآخر كردي لـ"حفريات" الأسباب الحقيقية لاستدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نحو نظام الرئيس السوري بشار الأسد، فضلاً عن دوافع تقارب النظام التركي مع الحكومة السورية في دمشق، وملابسات وخلفيات هذه الانعطافة التركية المتسارعة.

ومن الواضح أنّ هناك لقاءات على مستوى القادة في الأجهزة الأمنية والاستخبارية يتم رفع السرّية عنها عمداً، في الآونة الأخيرة، بينما يجري التمهيد إلى التطبيع السياسي والدبلوماسي.

اجتماعات تمهيدية

وخلال النصف الأول من الشهر الحالي، أيلول (سبتمبر)، التقى رئيس المخابرات التركية، حقان فيدان، بنظيره السوري رئيس مكتب الأمن الوطني (السوري)، علي مملوك، في العاصمة دمشق، الأمر الذي يؤشر إلى وجود دور روسي لإنهاء التناقضات وحسم الخلافات بين الطرفين، التي وصلت حدّ القطيعة والعداء.

الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي انخرط في الأزمة السورية منذ عام 2011، بينما قام بدعم المعارضة، سياسياً وعسكرياً، ويحتل أجزاء شاسعة من الأراضي السورية، سبق أن وصف الأسد بأنّه "إرهابي"، وأنّه "لا يمكن للسلام أن يتحقق في سوريا وهو (أي بشار الأسد) على مقعد الرئاسة". كما وصف الأسد أردوغان بأنّه "لصّ"، و"سرق" الأراضي السورية، غير أنّ هذه النبرة خفتت حدتها تماماً، تحديداً، منذ انخراط أردوغان في مسار أستانه مع روسيا وإيران.

وبعد أن كان خطاب أردوغان يتركز على ضرورة "رحيل الأسد" و"إنهاء الحرب السورية"، صرّح، نهاية الشهر الماضي، بأنّه "لا يمكنه استبعاد الحوار والدبلوماسية مع سوريا في المطلق".

الباحث التركي مهند حافظ أوغلو: هناك عقبتان كبيرتان في طريق التقارب السوري التركي

ووفق مصادر تحدثت لوكالة "رويترز" للأنباء؛ فإنّ آخر اجتماع عقد بين فيدان ومملوك ناقش "كيفية لقاء وزيري خارجية البلدين".

وتكاد لا تختلف هذه الأنباء، أو بالأحرى التسريبات، عمّا تنقله مصادر صحفية مقربة من نظام أردوغان. وقال الصحفي المقرّب من حكومة حزب العدالة والتنمية، عبد القادر سيلفي، إنّ الرئيس التركي "أبدى رغبته" في مقابلة رئيس النظام السوري بشار الأسد.

خلال النصف الأول من الشهر الحالي أيلول (سبتمبر)، التقى رئيس المخابرات التركية، حقان فيدان، بنظيره السوري رئيس مكتب الأمن الوطني (السوري)، علي مملوك، في العاصمة دمشق

وألمح سيلفي، خلال لقاء مع صحيفة "حرييت" التركية، إلى أنّ الرئيس التركي أكد على هذه الرغبة في اجتماع مغلق لحزب العدالة والتنمية الحاكم، كما نقل عن الرئيس التركي قوله: "أتمنى لو كان الأسد قد جاء إلى أوزبكستان، لكنت تحدثت معه، لكنّه لا يستطيع الحضور إلى هناك، هو ذهب إلى الحرب مع المنشقين للحفاظ على سلطته. اختار حماية سلطته. وكان يعتقد أن يحمي المناطق التي يسيطر عليها، إلا أنّه لم يستطع حماية مناطق واسعة".

نصائح أردوغان للأسد!

وبرّر الصحفي التركي ذلك الموقف، الذي بدا مباغتاً من أردوغان، بأنّه "مثلما لا توجد صداقات أبدية بين البلدان فلا توجد عداوات أبدية"، ومن بين التصريحات التي نقلها عن أردوغان: "كنت أقول هذا في وجهه، قلنا لك: إذا فعلت هذا فإنّ سوريا ستقسم، لقد ظننت أنّ المعارضة هي مجرد أعداد كبيرة لكن لا تملك السلاح، لم تنتبه إلى تحذيراتنا، لم يفكّر أنّ أمريكا وروسيا ستدخلان سوريا. اخترت حماية الأرض التي تسيطر عليها لكن لم تستطع حماية الأراضي السورية الكبيرة".

وحول الدور الروسي في هذه المصالحة القائمة بين أنقرة ودمشق، قال الرئيس التركي، في أعقاب عودته من سوتشي، إثر لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ إنّ "بوتين لديه مقاربة تقوم على تفضيله لجوء تركيا إلى خيار حلّ مسألة مكافحة الإرهاب مع النظام، ونحن نقول إنّ أجهزة استخباراتنا تتواصل أساساً مع استخبارات النظام حول هذه المواضيع، لكن المهم التوصل إلى نتيجة؛ فإن كانت أجهزة استخباراتنا تلتقي مع مخابرات النظام، ورغم ذلك يتحرّك الإرهابيون في المنطقة، فيجب عليكم (روسيا) دعمنا في هذا الأمر، ولدينا اتفاق بهذا الخصوص".

الصحفي والباحث المختص بالشؤون التركية، جوان سوز لـ "حفريات": يحاول أردوغان المضيّ قدماً في التطبيع مع دمشق لحلّ ملف اللاجئين بأقصى سرعة، قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة

وتشير وكالة "رويترز"؛ إلى أنّ مسؤولين أتراكاً، لم تكشف عن هويتهم، أكّدوا أنّ هذه الاتصالات التي تجري بين البلدين إنّما تعكس "تحوّلاً في السياسة الروسية"، خاصة بعد انشغال موسكو بالحرب في أوكرانيا، وقال مسؤول تركي؛ إنّ "روسيا تريد أن تتجاوز سوريا وتركيا خلافاتهما وتتوصلا لاتفاقات محددة، تصبّ في مصلحة الجميع، بما في ذلك تركيا وسوريا".

وهناك عاملان رئيسان فيما يخصّ التقارب التركي السوري؛ الأول يتمثل في "الضغط الروسي، التقليدي والمتكرر، على أنقرة ليكون التواصل مباشراً مع دمشق، ومن ثم، تتفرغ موسكو للملفّ الأوكراني"، حسبما يوضح الباحث والكاتب السياسي التركي، الدكتور مهند حافظ أوغلو.

والعامل الثاني الذي يشير إلى حافظ أوغلو في حديثه لـ "حفريات"؛ هو "الضغط الداخلي من قبل المعارضة التركية على أردوغان، وذلك من خلال استخدام ورقة اللاجئين السوريين، ودعواتهم للتقارب مع دمشق، وأنّهم إذا وصلوا للحكم فإنّهم سينسقون مع النظام السوري لترتيب إعادة آمنة للاجئين".

عقبات في طريق المصالحة

لكن هناك عقبتان كبيرتان في طريق هذا التقارب السوري التركي، حسبما يوضح حافظ أوغلو، الأولى اعتبار دمشق أنّ الوجود التركي في سوريا عملية "احتلال"، والثانية "قلق أنقرة" من عدم وجود ضمانات حقيقية على الواقع في حال بدأ اللاجئون عودتهم لسوريا.

الصحفي جوان سوز: الاستدارة التركية تجاه دمشق لإنقاذ شعبية أردوغان

وعليه، تحاول موسكو الضغط على دمشق لتقديم ضمانات فيما يخصّ النقطة الأخيرة، وفق الباحث والكاتب السياسي التركي. ويردف: "تبقى النقطة الأولى هي الأكثر تعقيداً؛ لأنّ وزير الخارجية التركي قال إنّ خروجنا العسكري من سوريا الآن هو طرح غير واقعي؛ فالإرهاب ما يزال يهدد أمننا القومي، بالتالي، المسافة تبدو بعيدة بين أنقره ودمشق".

إذاً، التقارب التركي السوري يبدو "أمراً حتمياً" بالنسبة إلى الحزب التركي الحاكم، وزعيمه أردوغان، وفق الصحفي والباحث المختص بالشؤون التركية، جوان سوز، موضحاً لـ "حفريات"؛ أنّ هذه الاستدارة التركية تجاه دمشق تحرّكها شعبية أردوغان التي "تتراجع بينما تستغل أحزاب المعارضة وجود ملايين اللاجئين السوريين على الأراضي التركية لصالحها، وتوظّف ذلك في خطابها السياسي والانتخابي".

ومن ثم، يحاول الرئيس التركي "المضي قدماً في التطبيع" مع دمشق من أجل حلّ ملفّ اللاجئين بأقصى سرعة، وفق سوز، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تشهد درجة استقطاب قصوى، والمزمع إجراؤها العام المقبل.

الأهم من ملف اللاجئين؛ أنّ أردوغان يسعى إلى إيجاد "صيغة من التعاون مع دمشق لمحاربة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وذلك بعد أن فشلت أنقرة في تنفيذ عملية عسكرية جديدة كانت تنوي شنّها على مناطق الإدارة الذاتية منذ بداية الصيف الماضي"؛ يقول سوز.

بالنسبة إلى أردوغان، كلّ الأوراق التي يحاول الاستفادة منها، سواء على المستوى السياسي المحلي، كما هو الحال مع قضية اللاجئين السوريين في بلاده، أو خارجياً، تحديداً فيما يخصّ الاستمرار في محاربة قوات سوريا الديمقراطية، هي أمور لا بدّ من وجود تنسيق فيها مع دمشق قبل موعد الانتخابات المقبلة في تركيا، بحسب الصحفي والباحث المختص بالشؤون التركية.

ويختم: "وبالمحصلة، سنكون أمام خاسرين من هذا التعاون؛ فالخاسر الأول هو ميليشيات المعارضة السورية المسلحة، والخاسر الثاني سيكون قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لكنّ خسائر الأخيرة ستكون أقل مقارنة بالأولى".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية