انتشار زراعة الماريجوانا سراً في المنازل بالضفة الغربية

المخدرات

انتشار زراعة الماريجوانا سراً في المنازل بالضفة الغربية


07/11/2018

في داخل منزله ببلدة جماعين إلى الجنوب الغربي من مدينة نابلس، اصطحبنا المواطن "يونس. ب" 45 عاماً
إلى مستنبت قام بإنشائه في أحد أطراف حديقة منزله، والذي احتوى بداخله على أكثر من 300 نبتة ماريجوانا تقدر قيمتها بعشرات آلاف الدولارات، إضافة إلى معدات متطورة للعناية بالشتلات ومتابعتها، في محاولة منه للالتفاف على العادات والتقاليد الفلسطينية المحافظة، وليكون في مأمنٍ عن ملاحقة الأجهزة الأمنية له، بعد أن تجرّأ الكثيرون على زراعة الماريجوانا نظراً للعوائد المالية الباهظة التي تحققها.

صرح يونس بأنه منذ ثلاثة أعوام وهو يقوم بزراعة الماريجوانا داخل منزله

انتشار زراعة الماريجوانا في المنازل

ويبين يونس لـ "حفريات" أنه "بعد إغلاق منافذ التهريب على الحدود اللبنانية والأردنية والمصرية، انتشرت زراعة الماريجوانا في بعض منازل المواطنين بالضفة الغربية وفي داخل الأراضي الزراعية البعيدة عن مراكز المدن، مقابل حصول مزارعيها على مبالغ مالية، للعناية فقط بهذه الشتلات والمحافظة عليها، لحين نضوجها وتصبح جاهزة لمرحلة الاتّجار بها بداخل السوقين الفلسطيني والإسرائيلي".

عندما تتراوح أطوال الشتلة ما بين 60 إلى 200سم يتم قطفها ويبلغ ثمن كيلو الماريجوانا أكثر من 4 آلاف دولار

وصرح بأنه "منذ ثلاثة أعوام وهو يقوم بزراعة الماريجوانا داخل منزله، من خلال تزويده ببذور الشتلات من قبل أحد تجار المخدرات الإسرائيليين ويدعى "إيلي" والذي يقيم في مستوطنة "يتسهار" جنوبي نابلس، مقابل حصوله على مبلغ 150 ألف شيكل، ونتيجة للظروف الاقتصادية الصعبة يعمد تجار المخدرات الإسرائيليون إلى استغلال وإغراء بعض المواطنين بالضفة الغربية ودفعهم لزراعة الماريجوانا في منازلهم وأراضيهم الزراعية، مقابل حصولهم على مبالغ نقدية كبيرة".

اقرأ أيضاً: "محبة بابلو" : كيف تصنع المخدرات ملهماً لا يرحم؟

ويقر يونس بأنّ "زراعة الماريجوانا ليست بحاجة لجهد وأيدي عاملة كبيرة، ولكن تتطلب العناية والمتابعة الدورية للشتلات في بداية نموها، حيث يتم استخدام الأحواض البلاستيكية لزراعة البذور على مدار العام، ومن ثم يجري نقلها وزراعتها بداخل الدفيئات الزراعية، ولا ترتبط زراعتها بأوقات محددة، وعندما تتراوح أطوال الشتلة ما بين 60- 200سم، يتم قطفها وتجهيزها لعملية التجفيف اليدوي بتعريضها لأشعة الشمس، قبل أن يتم تصنيعها وخلطها ببعض المواد الكيميائية، حيث يبلغ ثمن الكيلو جرام الواحد من الماريجوانا المصنعة أكثر من 4 آلاف و500 دولار أمريكي".

اقرأ أيضاً: لماذا يتعاطى الجنود الإسرائيليون المخدرات؟

ويشرح "بعد أن تجف أوراق الماريجوانا جيداً، يتم طحنها وسحقها في ماكينات خاصة لتصبح خليطاً متجانساً على هيئة بودرة خشنة الملمس ويميل لونها بين البني والأخضر، ويتم تعاطيها من خلال تدخينها مع السجائر، أو وضعها على بعض أنواع من الأطعمة والحلويات، وفي بعض الأحيان يتم مضغها عن طريق الفم مباشرة من قبل المتعاطي ليشعر بتأثير المادة المخدرة عليه بعد ساعتين إلى ثلاثة ساعات تقريباً من تعاطيها".

عصابات المخدرات الإسرائيليين يتوجهون للقرى الفلسطينية الواقعة في المناطق التي تصنف (ج)

خاصرة رخوة

ويلجأ تجار المخدرات الإسرائيليون لزراعة الماريجوانا بالضفة الغربية، "نظراً لأنّ القانون الإسرائيلي يمنع زراعتها داخل الأراضي الإسرائيلية ويعاقب مرتكبي هذه الجريمة، وبالتالي يدفع هذا الأمر بعصابات المخدرات الإسرائيليين للتوجه للقرى والبلدات الفلسطينية الواقعة في المناطق التي تصنف (ج) كونها تخضع للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، ولا يسمح لرجال الأمن الفلسطينيين بدخولها إلا بعد الحصول على تنسيق مسبق مع قوات الاحتلال، وبذلك تشكل تلك المناطق خاصرة رخوة لانتشار زراعة المخدرات ومن بينها الماريجوانا، كما أنها تعتبر بيئة آمنة لتنقل وتحرك تجار المخدرات دون ملاحقة أجهزة الأمن الفلسطينية لهم".

اقرأ أيضاً: هكذا تُغيث أموال المخدرات بنوك العالم!

ورغم أنّ هذه المهنة تدرّ على يونس دخلاً جيداً، إلا أنه يعترف بأنّ من يتعاطاها من الشباب والمراهقين يعتقد أنها تمكّنه من الهروب من الواقع والظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة، "نظراً للأعراض النفسية والذهنية السريعة التي تحدثها، فهي تشعر المتعاطي بالنشاط والخفة، وتمكنه من النوم لفترات طويلة، وعدم القدرة على الانتباه والتركيز، إضافة لإحساسه ببعض الهلوسات والاضطرابات البصرية والسمعية، والتي تجعله لا يعلم بما يقوم به من تصرفات وأفعال".

الماريجوانا تعدّ من أخطر المواد المخدرة في العالم

استغلال الفلسطينيين لزراعة الماريجوانا
مدير مركز حماية لمكافحة المخدرات منذر صافي يقول لـ "حفريات" إنّ "ظاهرة زراعة الماريجوانا في الضفة الغربية والقدس المحتلة في تزايد مستمر، ويتم استغلال المناطق الفلسطينية القريبة من المستوطنات الاسرائيلية لزراعة الماريجوانا، حيث أصبحت المستوطنات الاسرائيلية مرتعاً وبيئة خصبة لعصابات ومافيا تجارة المخدرات في إسرائيل، وذلك في ظل انعدام الرقابة الأمنية عليهم، وليتمكن هؤلاء التجار من الإيقاع ببعض العمال الفلسطينيين الذين يعملون في بعض المصانع والمنشآت الصناعية بهذه المستوطنات، من خلال إغرائهم بزراعة الماريجوانا سراً في منازلهم أو بين المحاصيل الزراعية".

اقرأ أيضاً: حزب الله يبسط سيطرته على البقاع عبر المخدرات واسترضاء القبائل

ويؤكد أن الماريجوانا تعدّ من أخطر المواد المخدرة في العالم، "لاحتوائها على مادة تتراهيدرو كانابينويد بنسب متفاوتة، وهي التي تدفع بالمتعاطي ليكون عدوانياً في تعامله مع الآخرين، وقيامه بالسرقة وارتكاب الجرائم المختلفة، ومن بينها الجرائم الجنسية، إضافة لمعاناته الدائمة من الإحباط، وغالباً ما يتم الإدمان تدريجياً بتناول المتعاطي سيجارة واحدة من الماريجوانا، ثم يتدحرج لتدخين عدة سجائر، إلى أن يصل إلى مرحلة الإدمان، وخاصة بين الشباب والمراهقين".

هجمة ممنهجة من قبل إسرائيل لزراعة الماريجوانا بمناطق في الضفة الغربية

أضرار صحية بالغة

وعن المضار الصحية لتناول الماريجوانا يبين صافي "كون الماريجوانا لا يتم تناولها إلا من خلال تدخينها واستنشاقها، فإنّ أضرارها تنتشر بسرعة بين المتعاطين لها، فهي تزيد من فرص الإصابة بسرطان الرئة، وارتفاع حاد في الدورة الدموية وضغط الدم، وضيق في التنفس، وإتلاف في بعض خلايا الدماغ، وفي بعض الأحيان يتسبب إدمان الماريجوانا لحدوث أعراض أخرى تظهر على بعض المدمنين كاصفرار الجلد وشحوب الوجه وسقوط الشعر".

اقرأ أيضاً: ما العلاقة بين المخدرات والإرهاب العابر للحدود؟

ويشير صافي إلى أنّ القانون الفلسطيني استمر لسنوات بمعاقبة مروجي ومتعاطي المواد المخدرة وفق القانون الأردني الصادر عام 1960، والذي وصفه بأنه "لا يرتقي إلى المستوي المطلوب في ردع مروجي هذه الآفة، إلى أن صادق رئيس السلطة الفلسطينية في 19 أيار (مايو) 2015 على مشروع القانون الفلسطيني بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، والذي نص على تشديد عقوبة مروجي ومنتجي المواد المخدرة لتصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة".

الشرطة الفلسطينية لا تألو جهداً في محاربة وملاحقة تجار المخدرات بالأراضي الفلسطينية

هجمة اسرائيلية شرسة
ويرى لؤي ازريقات الناطق الرسمي باسم الشرطة الفلسطينية بأنّ ثمة هجمة ممنهجة من قبل جهات اسرائيلية لزراعة الماريجوانا بشكل ملحوظ بمناطق مختلفة بالضفة الغربية، "وعلى الرغم من الانتشار الواسع لزراعة هذه الآفة، إلا أنه لا يمكن اعتبار زراعة الماريجوانا في فلسطين جريمة منظمة".

حوالي 26500 شخص يتعاطون المخدرات في فلسطين، بينهم 16453 في الضفة يتعاطون بشكل رئيسي الحشيش والماريجوانا الصناعية

ويبين ازريقات لـ "حفريات" بأنه بعد مداهمات عدة لمستنبتات الماريجوانا بالضفة الغربية "قامت الشرطة الفلسطينية منذ بداية العام الجاري بضبط 40 مشتلاً للماريجوانا ضم ما يقارب من 24 ألف نبتة، حيث تركزت هذه المشاتل في القرى والمناطق النائية والمنازل الواقعة في المنطقة (ج) والتي تفتقر للمتابعة الأمنية الفلسطينية لخضوعها تحت السيطرة الإسرائيلية والقريبة من التجمعات الاستيطانية، لسهولة تحرك عصابات ترويج الماريجوانا في هذه المناطق بحرية دون رقابة".

ويشير إلى أن "الشرطة الفلسطينية لا تألو جهداً في محاربة وملاحقة تجار المخدرات بالأراضي الفلسطينية من خلال القيام بعمليات المداهمة لأوكارهم، بالإضافة لقيامها بإصدار النشرات التوعوية وتقديم العديد من المحاضرات التثقيفية لطلبة المدارس والجامعات والمشاركة بالبرامج الإذاعية لتوعية المواطنين بمخاطر المخدرات بشكل عام، وبضرورة مساعدة الأجهزة الأمنية بالإبلاغ عن المشتبه بهم بالإتجار والترويج للمواد المخدرة للتعامل معهم وفق القانون" .

اقرأ أيضاً: مخدرات "داعش" في قبضة السلطات الإيطالية

وبحسب إحصائية صادرة عن المعهد الوطني للصحة العامة، بالتعاون مع وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية في فلسطين، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، والوكالة الكورية للتعاون الدولي، فإنّ حوالي (26500) شخص يتعاطون المخدرات في فلسطين، بينهم (16453) في الضفة يتعاطون بشكل رئيسي الحشيش والماريجوانا الصناعية، و(10047) في غزة يتعاطون بشكل رئيسي الترامادول والليريكا، وأنّ هناك (1118) شخصاً من أصل (26500) يتعاطون المخدرات بالحقن، (61%) منهم من شمال الضفة الغربية و(20%) منهم من وسط الضفة الغربية بدأوا بالتعاطي تحت سن الـ (18) سنة.

اقرأ أيضاً: غسيل الأموال والمخدرات مصادر تمويل حزب الله في فنزويلا

وتشير الإحصائية أيضاً إلى أنّ أكثر من 50% من متعاطي المخدرات في فلسطين يستخدمون أكثر من نوع واحد من المخدرات، علماً بأنّ أكثر الأنواع تعاطياً هي الحشيش والماريجوانا الصناعية والترامادول والليريكا.


الصفحة الرئيسية