انتخابات المجالس المحلية... تونس تودع حقبة الإخوان

انتخابات المجالس المحلية... تونس تودع حقبة الإخوان

انتخابات المجالس المحلية... تونس تودع حقبة الإخوان


24/12/2023

تنهي تونس اليوم حقبة الإخوان، الذين تصدروا المشهد الانتخابي وسيطروا على الساحة السياسية والبرلمانية منذ العام 2011 إلى حدود عام 2021، عبر إجراء انتخابات المجالس المحلية التي تُعدّ آخر نقاط خارطة الطريق التي بدأها الرئيس التونسي قيس سعيّد في 25 تموز (يوليو) 2021.

ويشكّل هذا الاستحقاق الانتخابي أهمّ حلقة من حلقات تكريس الحكم المحلي، ضمن المسار السياسي الذي أرساه الرئيس سعيّد بعد عزل منظومة الحكم السابقة، إذ تمهد انتخابات المجالس المحلية لتركيز مجالس جهوية في (24) محافظة، ثم مجالس الأقاليم، بهدف تركيز الغرفة البرلمانية الثانية، المتمثلة في المجلس الوطني للجهات والأقاليم.

انتخابات دون إخوان

هذه المحطة الانتخابية الأخيرة في برنامج سعيّد تجري دون مشاركة الإخوان ولا أذرعهم، فقد أعلنت جبهة الخلاص الوطني التي تمثل الواجهة السياسية لحركة النهضة الإخوانية مقاطعتها للانتخابات، وقال نجيب الشابي رئيس الائتلاف المعارض في وقت سابق: إنّ "هذه الانتخابات تجري في مناخ سياسي وإطار قانوني غير ملائم"، داعياً القوى الحية في البلاد إلى مقاطعتها.

كما دعا الشابي إلى إلغاء الإطار القانوني الذي أقرّه قيس سعيّد، مشدداً على أنّ الجبهة ترى أنّه لا حلّ للأزمة إلا بالحوار الوطني، مضيفاً أنّ "الانتخابات المحلية ستكون خيبة إضافية للسلطة السياسية".

تمهد انتخابات المجالس المحلية لتركيز مجالس جهوية في (24) محافظة

وكانت الجبهة قد قاطعت أيضاً الانتخابات البرلمانية السابقة، والاستفتاء الذي أجري على دستور جديد في البلاد في العام 2022، عقب القرارات الاستثنائية التي اتخذها سعيد في 25 تموز (يوليو) 2021، ممّا أفضى إلى انتخاب برلمان يخلو تماماً من الإخوان.

وتؤيد قوى سياسة الإجراءات الاستثنائية التي فرضها قيس سعيّد، ويحمّلون أحزاب وسياسيي المنظومة السابقة مسؤولية الأزمات التي شهدتها البلاد، وتعتبرها تصحيحاً لمسار ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي (1987-2011)، بينما ترى أطراف سياسية أخرى في مقدمتها حركة النهضة (المستفيدة الكبرى من أعوام الحكم الماضية) أنّها "تكريس لحكم فردي مطلق".

نهاية مرحلة التمكين الإخواني

ومنذ الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي يوم 14 كانون الأول (ديسمبر) 2011، وصل الإخوان إلى الحكم بعد أن حل زعيمهم راشد الغنوشي من منفاه من بريطانيا بعد أكثر من (20) عاماً، متعهداً بعدم التدخل في المجال السياسي، وعدم الترشح لأيّ منصب سياسي، غير أنّه نكث وعده سريعاً. 

وبعد وصول الإخوان إلى السلطة، ووضع أيديهم على جميع مفاصل الدولة، تم إصدار مرسوم عرف بـ "العفو التشريعي العام" في 19 شباط (فبراير) من العام نفسه، تم بمقتضاه انتداب نحو (7) آلاف موظف، أغلبهم من الإخوان وأنصارهم، بالمؤسسات الحكومية.

 

يشكّل هذا الاستحقاق الانتخابي أهمّ حلقة من حلقات تكريس الحكم المحلي ضمن المسار السياسي الذي أرساه الرئيس سعيّد بعد عزل منظومة الحكم السابقة.

 

ودخلت البلاد منذ وصول قادة النهضة في دوامة من العنف والإرهاب، وبدؤوا يتقاسمون مواقع السلطة.

وشرعت حركة النهضة في مخطط التمكين من الدولة، ومنحت أعضاء التنظيم وأنصاره تعويضات مالية كبيرة، واستحدثوا صندوقاً وحساباً خاصاً في الخزينة العامة، منتهكين بذلك الإجراءات القانونية، باسم "حساب جبر الضرر لضحايا الاستبداد المتمتعين بالعفو العام"، وبدأت في توزيع أموال الدولة وأموال الشعب.

كما مكنت أسر الإخوان في المؤسسات العامة، عبر تعيين فردين أو (3) أو أكثر، إلى حدّ (11) فرداً من عائلة واحدة موالية لهم، بدلاً من توزيع هذه الوظائف على الأسر الفقيرة للمساهمة في تحسين أوضاعها.

وعمدت حركة النهضة الإخوانية منذ 2012 إلى تعيين أتباعها والمنتفعين بالعفو التشريعي العام في مفاصل الدولة حسب الولاء، وليس على أساس الكفاءة والتجربة، في مختلف الوزارات والدوائر الحكومية.

وبحسب المعطيات الأولية، فإنّ هناك (7) آلاف تعيين إخواني داخل الوزارات والدوائر الحكومية منذ عام 2011، سيتم التدقيق فيهم عن طريق فحص شهاداتهم العلمية وطرق انتدابهم وولاءاتهم الحزبية.

(279) مجلساً محلياً

وهذه أول انتخابات محلية تعرفها تونس بنظامها الانتخابي الجديد، ليتم تصعيد ممثلين إلى المجلس الوطني للأقاليم والجهات، وهو الغرفة الثانية للبرلمان الجديد المنتخب في دورتين بين كانون الأول (ديسمبر) 2022 وكانون الثاني (يناير) الماضي.

دخلت البلاد منذ وصول قادة النهضة في دوامة من العنف والإرهاب، وبدؤوا يتقاسمون مواقع السلطة

وتخص الانتخابات المحلية (مجلس الأقاليم والجهات)، وهو بمثابة الغرفة الثانية في البرلمان.

ويجري انتخاب أعضاء المجالس المحلية عبر طريقة الاقتراع على الأفراد في (2155) دائرة انتخابية محلية؛ ستفضي إلى تركيز (279) مجلساً محلياً.

هذه المحطة الانتخابية الأخيرة في برنامج سعيّد تجري دون مشاركة الإخوان ولا أذرعهم

وسيتم إعلان النتائج الأولية لانتخابات المجالس المحلية في 27 كانون الأول (ديسمبر)، وسيتم إعلان الأحكام النهائية للطعون في أجل أقصاه 27 كانون الثاني (يناير) 2024، تليها الدورة الثانية في الدوائر الانتخابية، التي لم يفز فيها مترشح بالأغلبية المطلقة، وفق الهيئة الوطنية للانتخابات.

وأعلن محمد التليلي المنصري الناطق الرسمي باسم الهيئة تسجيل (120) مخالفة، من بينها (25) مخالفة تتعلق بمواقع التواصل الاجتماعي، و(5) مخالفات ارتكبها مترشحون، لافتاً إلى أنّها أحيلت على النيابة العمومية، وفق وكالة (تونس أفريقيا للأنباء).

ويبلغ عدد المترشحين (7205)، من بينهم (1028) مترشحاً للقرعة من ذوي الإعاقة، و(68) مترشحاً لمواطنين من ذوي الإعاقة للانتخابات المباشرة للمجالس المحلية.

أهمية هذه المجالس المحلية تكمن في أنّها قريبة جداً من المواطنين، فهي متكونة من عمادات صغيرة وصغيرة جداً، أضيق من التقسيم البلدي، والتقسيم الذي حصل في الانتخابات التشريعية، على أن تقوم أكثر من (2155) دائرة اقتصادية جديدة بنقل المشاكل محلياً إلى المستوى الجهوي والمجالس الجهوية، وسوف تقوم بنقل الإشكاليات الموجودة إلى مجلس الأقاليم، وصولاً إلى غرفتي البرلمان.

مواضيع ذات صلة:

هل سينجح إخوان تونس في العودة إلى المشهد بتعيين أمين عام جديد؟

ملف الأملاك المصادرة: كيف تلاعب الإخوان بمقدرات الشعب التونسي؟




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية