انتخابات الرئاسة الجزائرية تضع حركة (حمس) الإخوانية على عتبة أزمة داخلية

انتخابات الرئاسة الجزائرية تضع حركة (حمس) الإخوانية على عتبة أزمة داخلية

انتخابات الرئاسة الجزائرية تضع حركة (حمس) الإخوانية على عتبة أزمة داخلية


16/09/2024

زاد الرئيس السابق لحركة حمس عبدالرزاق مقري من منسوب الانتقاد للقيادة الحالية، ولم يتوان في تحذيرها من مغبة العودة إلى نمط الشراكة مع السلطة، ويأتي ذلك في أعقاب مباركة مرشحها الخاسر في الاستحقاق الرئاسي للرئيس تبون، بمناسبة فوزه بولاية رئاسية ثانية.

وذكر رئيس حركة مجتمع السلم في تديونة له بأنه تعرض إلى “ظلم وتدليس وافتراء من طرف مسؤولين”، في إشارة إلى ما تردد من طرف بعض كوادر الحركة، عن رفض الرجل الذي كان ينوي الترشح للاستحقاق الرئاسي باسمها، للمشاركة في الحملة الانتخابية لاستحقاق السابع من سبتمبر الجاري.

ويوحي التلاسن بين التيار المنضبط داخل حمس، والذي دعم المرشح عبدالعالي حساني شريف، وبين التيار المعارض بقيادة الرئيس السابق عبدالرزاق مقري، بوجود أزمة داخل حمس، وجدت الفرصة في الانتخابات الرئاسية لتنفجر وتعيد سيناريو الانشقاقات التي عرفتها حمس منذ تأسيسها في نهاية ثمانينات القرن الماضي.

وقال “كل مناضلي الحركة وقياداتها، حتى أولئك الذين يختلفون معي، يعلمون ما بذلته أثناء قيادتي للحركة لإخراجها من الكثير من الأزمات ولتطوير أدائها وتحسين وضعها على مستوى الاستقرار ولم الشمل والرمزية والنتائج الانتخابية، وانتشار ونمو المؤسسات، بشراكة كاملة مع الكثير من قيادات وكوادر الحركة، ومنهم الذين يقودون الحركة حاليا، وقد كنت أود أن يستمر عطائي بالتعاون مع هذه القيادة، غير أن ذلك لم يتحقق لأسباب لا تتعلق بي”.

ويعد رئيس الحركة الحالي ومرشح الانتخابات الرئاسية عبدالعالي حساني شريف، من قيادات الجيل الثاني لحمس، ويعتبر شخصية مغمورة قياسا بالقيادات التاريخية لحمس، سواء تلك التي بقيت وفية لها أو انشقت عنها لتؤسس أحزابا وحركات سياسية، كما هو الشأن لعبدالمجيد مناصرة، وعبدالقادر بن قرينة وغيرهما.

ورغم النتيجة غير المسبوقة التي حققتها حمس في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بموجب الأرقام المعلن عنها من طرف المحكمة الدستورية، فإن الانشقاق الصامت بين تياري ما يعرف بـ”الحمائم والصقور”، منذ العام 2012، أخرج صوته بشكل جلي في الاستحقاق الانتخابي.

وحصلت حركة مجتمع السلم ممثلة في مرشحها عبدالعالي حساني شريف، على أكثر من 900 ألف صوت، ونسبة تفوق تسعة في المئة، وهي نتيجة لم تحققها في أي من مشاركاتها السابقة في مختلف الاستحقاقات، ولم يشفع لها ذلك لدى الرافضين والمحذرين من مغبة العودة إلى ما يعرف بسياسة “المشاركة” مع السلطة.

وحتى لما حازت حمس على الكتلة النيابية الثالثة في الانتخابات التشريعية الأخيرة، خلف كل من جبهة التحرير الوطني والمستقلين، فإن وعاءها لم يتجاوز 300 ألف صوت، وهو ما يراه التيار المتشدد مجرد “ترتيب وليس حقيقة”، خاصة في ظل تراجع وعاء ونفوذ الإسلاميين بمختلف تياراتهم خلال السنوات الأخيرة.

وألمح مقري في منشوره إلى أنه أبعد من الحملة الانتخابية، من خلال قوله “لم يتم وضعي في برنامج الحملة الانتخابية ولم أُستشر في أي شأن من شأن الترشيحات والانتخابات من المؤتمر إلى هذا اليوم، ولم يتصل رئيس الحركة ولا أحد من مكتبه ولا أي شخص من قبلهم، في حين تمت استشارة كل قيادات الحركة السابقين فردا فردا، ولم أكلف بأي مهمة من المرشح رئيس الحركة ولا نائبه مدير حملته ولا من أي كان في الحملة الانتخابية، ولم توجه لي أي دعوة من الهيئات الولائية ولا البلدية لتنشيط الحملات عندهم”.

وأضاف “فهمت من جهة أخرى بأن سبب منعي من المشاركة في الحملة الانتخابية هو خوف المرشح رئيس الحركة ومدير حملته من رد فعل رئيس الجمهورية ضدهم لو تدخلت في الحملة بسبب معارضتي الواضحة له وانزعاجه مني، وقد وصلني انزعاج تبون مني عن طريق الحركة ذاتها. وعليه لو تدخلت في الحملة الانتخابية يكون ذلك تطفلا مني وتشويشا عليهم مع السلطة الحاكمة، وذلك خلافا لمشاركة مسؤولين سابقين في الحركة أصبح يُبتهج بوجودهم قرب قيادة الحركة وأنشطتها بسبب التقارب الحاصل بعد المؤتمر في التوجه السياسي والذي عبر عنه أخونا أبوجرة سلطاني بشكل واضح في مجلس الشورى الأخير حيث قال: لقد عدتم بعد عشر سنوات إلى نهجي”.

ويبدو أن الخط السياسي للقيادة الحالية الرامي إلى نهج المشاركة مع السلطة، وإصرار مرشحها على الطعن في نسبة المشاركة في الانتخابات وليس في النتائج المحصل عليها من طرف الرئيس عبدالمجيد تبون، يدفع باتجاه إخراج غسيل الإخوان الجزائريين إلى العلن، في ظل وجود معارضة شديدة له من طرف التيار الذي يتبنى المعارضة.

وهنأت حمس الرئيس عبدالمجيد تبون بإعلان فوزه رسميا بولاية رئاسية ثانية، بعد الإعلان عن النتائج النهائية من طرف المحكمة الدستورية، التي كرست تضارب البيانات الخاصة بالانتخابات الرئاسية، وأقرت أرقاما متباعدة تماما بين المعلن عنها في النتائج الأولية وبين النهائية.

وتمنت لـ”رئيس الجمهورية المنتخب كامل التوفيق والسداد في خدمة البلاد والحفاظ على الوطن”، داعية إياه إلى “القيام بالمراجعات الضرورية لتحقيق إصلاح سياسي عميق”.

واحتفظت الحركة بمطلب حل السلطة الوطنية للانتخابات، ومحاسبة من تسبب في ما أسمته بـ”تجاوزات” طالت الانتخابات الرئاسية، رغم تأكيد السلطة أن الانتخابات جرت في ظروف عادية جدا وفي أحسن الظروف.

ورمت بكل غضبها على السلطة المذكورة دون البحث عن الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تضارب أرقامها، وقالت في بيان لها إن “المحكمة الدستورية أكدت ما رافعت عنه الحركة في بياناتها وتصريحاتها بخصوص اضطراب النتائج المؤقتة المعلنة من طرف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات”.

ولم تعترض حركة مجتمع السلم على نتائج المحكمة الدستورية، واعتبرت أن “ما حدث في الانتخابات الرئاسية من تجاوزات وعبث، يعتبر بنص القانون جريمة انتخابية تقتضي حل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتحميل المسؤولية للمتسببين فيها، ومتابعة أولئك الذين أجرموا في حق الوطن، والقانون والمرشحين”.

وأكدت على “الحاجة الماسة إلى مراجعة المنظومة القانونية والمؤسسية للانتخابات، بمقاربة تعيد الاعتبار للفعل الانتخابي بعيدا عن الإجرام الممنهج في اللعب بإرادة الناخبين، وتدليس النتائج”.

العرب




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية