الولايات المتحدة تتجه لفرض عقوبات جديدة على إيران... ما مصير المفاوضات النووية؟

الولايات المتحدة تتجه لفرض عقوبات جديدة على إيران... ما مصير المفاوضات النووية؟


12/12/2021

يُغلف الغموض مصير المفاوضات النووية مع إيران، ما بين إشارات حول سلبية الأجواء بعد طرح إيران مسودات جديدة والتمسّك بها وسط استياء أوروبي،  وبين ترتيبات مستقبلية لإيران تتعامل فيها مع رفع العقوبات الأمريكية على أنّه "تحصيل حاصل"؛ أي إنّها تتوقع عملياً نجاح المفاوضات؛ لذلك يبدو المشهد ملتبساً.

وقد أعربت كلٌّ من ألمانيا وبريطانيا عن إحباطهما من التصرفات الإيرانية وتعقيد التفاوض، محذّرين من أنّ هذه الجولة قد تكون الأخيرة المتاحة لإنقاذ المفاوضات، وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس: "إنّ الجولة الحالية من المفاوضات حول برنامج طهران النووي هي الفرصة الأخيرة لإنقاذ الاتفاق. وأضافت الوزيرة، في تصريحات صحفية على هامش اجتماع وزراء خارجية الدول الـ7 في مدينة ليفربول: "إنّ على إيران أن تظهر جدّيتها في المفاوضات التي تستضيفها فيينا"، بحسب ما أورده موقع "بي بي سي".

وكانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك قد صرّحت أمس بأنّه لا توجد بارقة أمل في تقدّم مفاوضات فيينا حول إحياء الاتفاق النووي مع إيران؛ بسبب العرض الذي قدّمه وفد طهران. وقالت بيربوك في تصريح صحفي على هامش اجتماع لـ"مجموعة الـ7" في مدينة ليفربول بإنجلترا، السبت: "ظهر في الأيام الماضية أنّنا لا نحرز أيّ تقّدم...، بسبب العرض الذي قدّمته الحكومة الإيرانية؛ عادت المفاوضات (6) أشهر إلى الوراء"، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم"، مشيرة إلى أنّه "ما من بارقة تقدّم" في المفاوضات، مشددة على أنّ "الوقت ينفد"، وتابعت: "نعمل بشكل مكثف على حل دبلوماسي للحفاظ على الصفقة النووية".

أقرّ مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يستهدف إنتاج المسيّرات الإيرانية ومنع تصديرها، ويسمح بالردّ على التهديد الذي تشكّله إيران على الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة

في غضون ذلك، أقرّ مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون يستهدف إنتاج المسيّرات الإيرانية ومنع تصديرها، ويسمح بالردّ على التهديد الذي تشكّله إيران على الولايات المتحدة وشركائها في المنطقة.

 وعلى الرغم من أنّ ذلك المشروع والعقوبات منفصلة عن البرنامج النووي الإيراني، أو العقوبات التي يجري التفاوض في شأنها في فيينا، غير أنّها تعكس انزعاجاً أمريكياً، وتصعيداً في مواجهة إيران.

اقرأ أيضاً: احتجاجات تطالب بحقوق المعلمين.. كيف ستتعامل السلطات الإيرانية مع ثورة التربويين؟

وفي السياق نفسه، أوضحت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب أنّه من مصلحة الجميع العمل على وقف شراء وإنتاج الطائرات المسيّرة الإيرانية، مشيرة إلى أنّه لوحظ تزايد عدوانية إيران والميليشيات الإرهابية المتحالفة معها في منطقة الشرق الأوسط، بحسب ما أورده "مرصد مينا".

وينصّ مشروع القانون على أنّ أيّ تعاون مع إيران في مجال أنشطة الطائرات بدون طيار يخضع للعقوبات الأمريكية ضد برنامج أسلحتها التقليدية، والمدرج ضمن قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة، المعروف بـ"كاتسا"، ويشمل منع التوريد أو البيع أو النقل.

اقرأ أيضاً: توتر في العلاقات الإسرائيلية ـ الأمريكية... ما علاقة إيران؟

وكان الكونغرس قد أقرّ، بموافقة الديمقراطيين والجمهوريين، في عام 2017 قانون "كاتسا" تحت اسم "قانون احتواء خصوم أمريكا عبر العقوبات"، ويقضي بفرض عقوبات اقتصادية على كلّ بلد أو كيان يبرم عقود تسلح مع شركات روسية، ويستهدف "منع النظام الإيراني والقوات التي تعمل بالوكالة له من الوصول إلى الطائرات بدون طيار التي يمكن استخدامها لمهاجمة الولايات المتحدة أو حلفائها".

 

تنتهج إيران نهج التهديدات غير المباشرة، لإقناع الغربيين بأنّه لا سبيل سوى الموافقة على شروطها، وإلّا باتت الولايات المتحدة وحلفاؤها في خطر

 

في سياق متصل، قال النائب الديمقراطي غريغوري ميكس، بحسب قناة "إيران إنترناشيونال" المعارضة: إنّ "الطائرات المسيّرة الفتاكة التي في أيدي إيران تُعدّ أكبر مصدر للإرهاب في العالم، وتهدد أمن الولايات المتحدة والسلام في المنطقة، مشيراً إلى أنّ "الضربات الإيرانية الأخيرة بطائرات بدون طيار على القوات الأمريكية والسفن التجارية وشركاء إقليميين، إلى جانب تصدير تكنولوجيا الطائرات المسيّرة إلى مناطق الصراع، تشكّل تهديداً خطيراً".

وكانت واشنطن قد أعلنت في نهاية تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عن عقوبات جديدة متعلقة بإيران تستهدف برنامجها للطائرات المسيّرة، وقالت إنّه يزعزع استقرار الشرق الأوسط، وتستهدف أيضاً (4) أشخاص على صلات بـ"الحرس الثوري".

عنجهية طهران

وفي إطار المشهد المتأزم، تواصل إيران كيل الاتهامات إلى الأطراف الأخرى بعدم الجدّية، مشددة على تمسّكها بالمسودات الجديدة، بل تطرح مسودة ثالثة في حال الموافقة على المسودتين السابقتين.

وتنتهج إيران نهج التهديدات غير المباشرة لإقناع الغربيين بأنّه لا سبيل سوى الموافقة على شروطها، وإلّا باتت الولايات المتحدة وحلفاؤها في خطر.

اقرأ أيضاً: هل نجحت إيران بحصر مفاوضاتها مع الغرب بالملف النووي؟

ونشر موقع "أفكار نيوز" الذي تسيطر عليه الحكومة الإيرانية تقريراً مؤخراً تحت عنوان "الأراضي الأمريكية الآن في مرمى القنابل الإيرانية"، ذكر أنّ "النوع نفسه من تكنولوجيا الصواريخ الباليستية التي استخدمت في إطلاق قمر اصطناعي يمكن أن يحمل أسلحة نووية وكيميائية أو حتى بيولوجية لمحو إسرائيل من الخريطة، ويضرب قواعد الولايات المتحدة وقواعد حلفائها في المنطقة، والمنشآت الأمريكية، ويستهدف حلف شمال الأطلسي (ناتو) حتى في أقصى غرب أوروبا"، بحسب ما نقله موقع "دويتش فيله" الألماني.

وأضاف التقرير أنّه "من خلال إرسال قمر اصطناعي عسكري إلى الفضاء، أظهرت إيران الآن أنّ بإمكانها استهداف كلّ الأراضي الأمريكية، وأنّ البرلمان الإيراني وجّه في السابق تحذيراً بأنّ هجوماً نووياً كهرومغناطيسياً على الولايات المتحدة من المرجح أن يقتل 90% من الأمريكيين". وأشار رفيع زاده إلى أنّ المجتمع الدولي شهد كيف قامت إيران بتوسيع برنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية وإطلاق المزيد منها بعد الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، رغم قرار أصدره مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن.

 

يرى المراقبون للشأن الإيراني أنّ هذا النمو أهمّ مؤشر على أنّ تحقيق أهداف هذه الميزانية يتطلب إعادة إحياء الاتفاق النووي، واستحصال عائدات تصدير النفط الخام

 

في غضون ذلك، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي: "إنّ إيران شاركت في مفاوضات فيينا بعزّة واقتدار، مؤكداً إمكانية التوصل إلى اتفاق جيد في المفاوضات، لو كانت الأطراف الأخرى مصممة على إلغاء الحظر عن الشعب الإيراني.

وأضاف رئيسي، خلال اجتماع مع سفراء ورؤساء بعثات إيران في الدول المجاورة، أنّ العقوبات الأمريكية على إيران تستهدف الاقتصاد بشكل أساسي، مشيراً إلى أنّ "استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية هي الإبقاء على هذه العقوبات، وأنّ استراتيجية إيران هي تجاوز العقوبات بالاعتماد على إفشال العقوبات، والعمل الجدّي لرفعها، وأنّ بلاده تعتمد الأسلوبين معاً".

وقال رئيسي: "نصوصنا المقترحة في المباحثات بيّنت لأطراف التفاوض أنّنا جادّون في المفاوضات، وإذا كان الطرف الآخر مصمماً، فسيتم التوصل إلى اتفاق جيد"، لافتاً إلى أنّ التواصل مع دول الجوار لمواجهة العقوبات تُعتبر ضمن استراتيجيات سياسة حكومته الخارجية، وأنّ "الوضع الحالي في العلاقات مع دول الجوار غير ملائم"، بحسب ما أورده موقع "روسيا اليوم".

اقرأ أيضاً: هل تستعد إيران لما هو أصعب؟

من جانبه، أكد مساعد وزير الخارجية كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني أنّ "الفریق الإیراني المفاوض دخل مفاوضات فیینا بإرادة جادة، منتقداً بذلك بشكل غير مباشر عدم جدّية بعض الأطراف للتوصل إلى اتفاق حول إحياء الاتفاق النووي".

وأضاف باقري كني، في حديث للصحافيين أمس، أنّه ألغى باقي لقاءاته واجتماعاته لكي يتمكن من المشاركة في مفاوضات فيينا، ويدلّ ذلك على إرداة إيران الجادّة في هذه المفاوضات، بحسب ما أورده موقع "البناء".

اقرأ أيضاً: ولكن الصداع الإيراني سيستمر

وتابع: "فلتنظروا إلى من قام بإلغاء لقاءاته وحضر إلى فيينا، ومن فضّل لقاءات أخرى، ولم يبقَ هنا، في إشارة إلى الولايات المتحدة. وردّاً على سؤال بشأن النصوص الإيرانية المقترحة أوضح باقري كني أنّ المحادثات بهذا الشأن بدأت ليلة الخميس.

وكان مستشار فريق إيران المفاوض محمد مرندي قد كشف أنّ "الأوروبيين غيّروا قليلاً مواقفهم بشأن المسوّدتين"، اللتين قدّمتهما بلاده سابقاً.

وأشار مرندي في تصريح أمس إلى أنّ "تغيير الموقف الأوروبي إشارة جيدة، لكن بالنسبة إلينا يجب أن تعترف الورقة النهائية بحقوق إيران كاملةً". وقال مرندي: "عندما قدّمنا المسودتين الجديدتين، قلنا إنّ هذا لا يعني أنّ المسودة القديمة لم تعد صالحة"، لافتاً إلى "أنّنا أدخلنا، عبر المسودتين الجديدتين، إضافات جديدة إلى المسودات السابقة؛ لأنّها كانت غير كاملة بصورة أو بأخرى".

وأكّدت مصادر الوفد الإيراني أنّه "في حال حصلت إيران على ردٍّ إيجابي على المسوّدتين الأولى والثانية، فستقدّم مسودةً ثالثة بشأن التحقق من رفع العقوبات".

ميزانية (3) أضعاف

وبعيداً عن المماطلة الإيرانية، ومحاولة الظهور في الموقف الأقوى في المفاوضات، فإنّ إيران عملياً ليس أمامها خيار سوى نجاح المفاوضات، وهو ما كشفت عنه ميزانيتها للعام المقبل، التي ترتفع (3) أضعاف عن العامين السابقين.

اقرأ أيضاً: نووي إيران يفاقم الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة

وبحسب ما أورده موقع العربية، فإنّ الرئيس الإيراني قدّم الأحد مشروع الميزانية الجديدة للعام الإيراني المقبل،  الذي يبدأ من 21 آذار (مارس) المقبل، وهذه الميزانية قد تكون أضخم ميزانية في تاريخ إيران؛ ممّا يتطلب توفير موارد رئيسية، وعلى رأسها الإيرادات النفطية التي تخضع للعقوبات، وهنا تأتي أهمية نتائج مفاوضات فيينا؛ بغية إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة بالاتفاق النووي.

وتمّ تقديم الميزانية الجديدة بارتفاع ملحوظ في الإنفاق الحكومي، بينما كانت تؤكد حكومة إبراهيم رئيسي منذ استلامها السلطة التنفيذية قبل حوالي (6) أشهر على تقليص الإنفاق الحكومي وتنظيم ميزانية خالية من العجز، لكن بلغت فاتورة ميزانيتها الأولى (1،500،000) مليار تومان مقارنة بميزانية (600،000) مليار تومان العام الماضي، التي قدّمتها حكومة روحاني، وبهذا فقد نمت الميزانية الإيرانية الجديدة التي سلّمها رئيسي إلى رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف  بنسبة 70%، مقارنة بالميزانيات في العقود الـ3 الماضية.

اقرأ أيضاً: قراءة في الاشتباك العسكري الحدودي بين إيران وطالبان

ويرى المراقبون للشأن الإيراني أنّ هذا النمو أهمّ مؤشر على أنّ تحقيق أهداف هذه الميزانية يتطلب إعادة إحياء الاتفاق النووي، واستحصال عائدات تصدير النفط الخام، وإلّا فإنّ إيران ستشهد تضخماً أعلى من 50% العام المقبل.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية