الهجرة غير الشرعية تؤرق تونس وتزيد الضغوط على سلطاتها

الهجرة غير الشرعية تؤرق تونس وتزيد الضغوط على سلطاتها

الهجرة غير الشرعية تؤرق تونس وتزيد الضغوط على سلطاتها


28/03/2023

شكّل استفحال ظاهرة الهجرة غير النظامية للمهاجرين من تونس نحو سواحل أوروبا وخصوصاً الإيطالية ملفاً حارقاً تسعى البلدان الأوروبية للحدّ منه بوقف تيارات المهاجرين السرّيين التي تزايدت أعدادها في الأعوام الأخيرة.

وبينما يمرّ الاقتصاد التونسي بأزمة كبيرة، خاصة بعد توقف المحادثات بين تونس وصندوق النقد الدولي، تحول البلد في الفترة الأخيرة إلى مركز للمهاجرين الذين يخططون للوصول إلى أوروبا، وسط ضغوط أوروبية على تونس، تخوّفاً من تفاقم ظاهرة الهجرة غير الشرعية من سواحل تونس.

 وتشير تقارير صدرت عن الأمم المتحدة إلى أنّ (12) ألف مهاجر على الأقل ممّن وصلوا إلى الشواطئ الأوروبية هذا العام قدموا من تونس، بينما كان عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى أوروبا من تونس في الفترة نفسها من العام الماضي (1300) مهاجر.   

انتشال (29) جثة

وفي حلقة هي الأحدث على الإطلاق في مسلسل انقلاب قوارب الهجرة غير الشرعية قبالة السواحل التونسية على مدار الأيام القليلة الماضية، أعلن مسؤولون في تونس أنّ (29) شخصاً على الأقل لقوا حتفهم جرّاء غرق قاربين قرابة السواحل التونسية، وذلك بعد إعلان انقلاب (5) قوارب أخرى في الأيام الـ (4) الماضية.

 استفحال ظاهرة الهجرة غير النظامية للمهاجرين من تونس نحو سواحل أوروبا وخصوصاً الإيطالية

وكان المهاجرون القادمون من دول أفريقيا جنوب الصحراء يحاولون عبور البحر المتوسط وصولاً إلى إيطاليا التي تبعد أقل من (200) كيلومتر عن السواحل التونسية، بينما قال مسؤولون إيطاليون في جزيرة لامبيدوزا إنّهم يواجهون صعوبات بالغة منذ وصول (2500) مهاجر خلال اليومين الماضيين.

وحذّرت جورجيا ميلوني، رئيسة الوزراء الإيطالية اليمينية المتشددة، أوروبا من مخاطر موجة هائلة من اللاجئين الذين قد يصلون إلى شواطئها.

مساعٍ تونسية لوقف النزيف

وقالت قوات حرس السواحل التونسية: إنّها تتخذ خطوات لوقف عبور المهاجرين إلى أوروبا، وقد منعت حوالي (80) قارباً كانت تتجه إلى أوروبا من الإبحار في الأيام الـ (4) الماضية، وفقاً لوكالة أنباء رويترز التي نقلت عن السلطات التونسية أنّ قوات خفر السواحل تحتجز أكثر من (3) آلاف مهاجر.

وأمس الإثنين اجتمع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار بمفوض الشؤون الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي باولو جانتيلوني، الذي يزور تونس ليوم واحد، لبحث سبل تجاوز الأزمة الخانقة وإيجاد حلٍّ لموجة الهجرة غير الشرعية عبر السواحل التونسية.

ودعا الوزير التونسي، في هذا الشأن، الجانب الأوروبي إلى تفهّم خصوصية ودقة المرحلة التي تمر بها تونس، واعتماد خطاب مسؤول وبنّاء يعكس حقيقة الواقع، ويثمن ما تم تحقيقه في إطار السعي إلى إرساء ديمقراطية حقيقية ومنوال تنمية أكثر عدلاً وشمولية استجابة لتطلعات التونسيين.

بدوره، تطرّق جانتيلوني إلى أهمية الشراكة القائمة بين الطّرفين، مبدياً استعداد الطرف الأوروبي لمواصلة دعم تونس سواء على الصعيد الثنائي، أو في ما يتعلق بالعلاقات مع صندوق النقد الدولي.

تشير تقارير صدرت عن الأمم المتحدة إلى أنّ (12) ألف مهاجر على الأقل ممّن وصلوا إلى الشواطئ الأوروبية هذا العام قدموا من تونس

 

وخلافاً لما كان متوقعاً لم يستقبل الرئيس التونسي قيس سعيّد جانتيلوني، حسب ما ذكرت بعثة الاتحاد إلى تونس لوكالة (نوفا) الإيطالية للأنباء، مشيرة إلى أنّ أسباب إلغاء الاجتماع لم تتضح.

وقد كثفت إيطاليا وفرنسا مؤخراً من ضغوطهما على مؤسسات الاتحاد الأوروبي لتحقيق استجابة سريعة وتقديم الدعم اللازم لتونس، وسط تحذيرات من انهيار مالي وتدفقات قياسية للمهاجرين القادمين عبر سواحلها هذا العام. وقالت إيطاليا إنّ تونس باتت بلد العبور الرئيسي إلى أراضيها في 2023.

كما أعلنت باريس استعدادها لدعم تونس للإيفاء بحاجياتها المالية مقابل الشروع في تنفيذ الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي لصرف قرض الملياري دولار.

وكان مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل قد أعرب مؤخراً عن مخاوف التكتّل من انهيار الوضع السياسي والاقتصادي في تونس، مشيراً إلى أنّ ذلك يهدد بتدفق المهاجرين على التكل، مؤكداً أنّ الاتحاد لا يمكنه غضّ الطرف عمّا يحصل في تونس، مستبعداً مساعدتها، إذا لم توقع اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي.

الهجرة غير الشرعية تؤرّق السلطات التونسية

هذا، وتمرّ تونس بأزمة اقتصادية وسياسية خانقة منذ أعوام، وبدأت أعداد المهاجرين غير القانونيين تتزايد بمشاركة ليس عاطلين عن العمل فيها فحسب، بل أيضاً عائلات بأكملها وحتى كوادر.

وقد تزايدت تدفقات الهجرة غير القانونية بشكل واضح في أواخر عام 2022 وبداية العام الجاري، وكشفت بيانات وزارة الداخلية عن وصول أكثر من (20) ألف مهاجر، خلال تشرين الثاني (نوفمبر) حتى كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، مقارنة بنحو (13) ألفاً خلال الفترة نفسها من عام 2021.

(29) شخصاً على الأقل لقوا حتفهم جرّاء غرق قاربين قرابة السواحل التونسية

وتؤرق عملية اعتراض المهاجرين في البحر وإنقاذهم السلطات التونسية؛ بسبب نقص المعدات والتجهيزات اللازمة لأداء المهمة على الوجه الأكمل، بما يحقق الهدف دون أن يسبّب أيّ ضرر للمهاجرين.

أمّا خلال الأيام الـ (10) الأولى من عام 2023، فقد سجلت إيطاليا وصول نحو (3800) مهاجر غير نظامي، مقارنة بأقل من (400) مهاجر فقط في الفترة نفسها من العام 2022.

كثفت إيطاليا وفرنسا مؤخراً من ضغوطهما على مؤسسات الاتحاد الأوروبي لتحقيق استجابة سريعة وتقديم الدعم اللازم لتونس، وسط تحذيرات من انهيار مالي وتدفقات قياسية للمهاجرين

 

وتحذّر منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الهجرة من تفشي ظاهرة الهجرة السرّية على متن قوارب بحرية من سواحل تونس نحو جزيرة لامبيدوزا الإيطالية بشكل غير مسبوق، ولجوء عشرات الآلاف من الحالمين بجنة أوروبا في الأعوام الـ (5) الأخيرة نحو الإبحار خلسة نتيجة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، وقد انتهى عدد كبير من رحلاتهم بالغرق والهلاك في عرض البحر.

ورغم أنّ الشرطة التونسية تحاول أن تسبق بخطوة فتفرّق تجمعات المهاجرين الراغبين في الهجرة، قبل محاولة الوصول إلى منطقة الساحل، غير أنّ المهاجرين يؤكدون أنّهم سيكرّرون المحاولات حتى تحقيق هدفهم.

عوامل محفّزة

وتدفع عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية التونسيين إلى الهجرة والمشاركة بكثافة في عملية الهجرة غير النظامية، خصوصاً أنّ الظاهرة باتت تشمل فئات مختلفة من شباب ونساء وأطفال قُصّر، كما تنوّعت بين فئات فقيرة ومتوسطة الدخل وأصحاب شهادات عليا عاطلين عن العمل.

وكان متحدث المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (غير حكومي) رمضان بن عمر قد قال في عدّة لقاءات صحفية لوسائل إعلام تونسية: إنّ الهجرة غير النظامية نحو أوروبا شهدت نسقاً تصاعدياً في تونس خلال الأعوام الأخيرة، "خاصة بعد عام 2020 وظهور التداعيات السلبية لجائحة كورونا ثم الأزمة السياسية".

 قوات خفر السواحل تحتجز أكثر من (3) آلاف مهاجر

واعتبر رمضان بن عمر أنّ "الأزمة السياسية في البلاد كانت قادحاً للموجة الأخيرة من الهجرة غير النظامية، مع تراكم عوامل اقتصادية واجتماعية وانسداد الآفاق، فضلاً عن حالة الإحباط الكبيرة من الأداء السياسي خصوصاً بين عامي 2017 و2018.

وتشير تقارير صحفية إلى أنّ شبكات الهجرة غير النظامية باتت تعمل على ابتكار طرق أخرى برية مثل الحدود الصربية، وتقوم على شبكة عائلية حرفية ومهنية في أوروبا تهيّئ للمهاجرين حسن الاستقبال وضمان الشغل عبر عائلاتهم المقيمة في الخارج خاصة فرنسا.

مواضيع ذات صلة:

الهجرة غير الشرعية في تونس: فردوس أوروبا يتحول إلى جحيم

الهجرة غير الشرعية في تونس تواصل حصد الأرواح.. أما من حلول؟

أرقام صادمة عن ضحايا الهجرة غير الشرعية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية