المقاتلون الأجانب في سوريا بين اختلاف المرجعيات والتوظيف

المقاتلون الأجانب في سوريا بين اختلاف المرجعيات والتوظيف


21/03/2022

يشكّل ملف الجهاديين الأجانب في سوريا أزمة كبيرة بسبب كثرة أعدادهم، ورفض دولهم استقبالهم، والتقاطعات الإقليمية والدولية، التي تتسبب أحياناً في توظيف بعضهم.

اختلاف المرجعيات

يتسبب اختلاف مرجعيات المقاتلين الأجانب في تعقيد تشكيلاتهم؛ إذ إنهم يتوزعون على عدد من الفصائل، ومن المعروف أنّ فضاء التنظيمات في سوريا يتشكّل من مجموعة من المكونات أهمها، هيئة تحرير الشام، التي تكونت من مجموعة من الفصائل هي: جبهة فتح الشام، وحركة نور الدين الزنكي، ولواء الحق، وجبهة أنصار الدين، وجيش السنة.

اقرأ أيضاً: "المقاتلون الأجانب".. هل ستبقى مسؤولية قوات قسد وحدها نيابة عن المجتمع الدولي؟‎

ووفق هارون ي يزيلين الكاتب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يتواجد العديد من الأجانب في حركة تحرير الشام، التي شهدت خلال العام الماضي انقسامات وخلافات داخلية في صفوفها، تفاقمت حتى وصلت إلى مرحلة الحصار والاستيلاء على مقرات للحركة من قبل الجناح المعارض للقيادة العامة، المتمثل بحسن صوفان والنقيب عناد درويش الملقب بـ"أبو المنذر".

يشكّل ملف الجهاديين الأجانب في سوريا أزمة كبيرة بسبب كثرة أعدادهم، ورفض دولهم استقبالهم

وتعتبر "حركة أحرار الشام" من أبرز الفصائل الإسلامية في سوريا، ونشأت من اندماج 4 كتائب، هي: "كتائب أحرار الشام" و"حركة الفجر الإسلامية" و"جماعة الطليعة الإسلامية" و"كتائب الإيمان".

وجود المقاتلين الأجانب في سوريا، عزز المبرر الذي يستعمله النظام وحلفاؤه من روسيا وإيران، بادعاء مكافحة الإرهاب

وقد انضوت فيما بعد "أحرار الشام" في تحالف "الجبهة الوطنية للتحرير"، الذي يتبع بدوره لـ"الجيش الوطني السوري"، الذي تشكّل من حركة "أحرار الشام الإسلامية"، و" كتائب ثوار الشام"، و"الجبهة الشامية"، و"تجمع فاستقم كما أمرت"، و"جيش الإسلام في الشمال"، و"صقور الشام"، وعدة كتائب في بلدة كللي والدانا، و"فيلق الشام"، و"جيش إدلب الحر"، و"الفرقة الساحلية الأولى"، و"الفرقة الساحلية الثانية"، و"الفرقة الأولى مشاة"، بالإضافة إلى "الجيش الثاني"، و"جيش النخبة"، و"جيش النصر"، و"لواء شهداء الإسلام في داريا"،و" لواء الحرية"، و"الفرقة 23".

اقرأ أيضاً: العدوان التركي والمقاتلون الأجانب.. تعرف إلى أخطر مخيمات داعش بسوريا

وسنجد أنّ هناك بعض الفصائل تتشارك في عدة مكونات في وقت واحد، فحين أعلن عن "الجبهة الشامية" وهو اتحاد كبرى الفصائل المسلحة في شمال سوريا، وتحديداً في حلب كانت حركة "أحرار الشام" أبرز المشاركين ومعها، كتائب نور الدين الزنكي، جيش المجاهدين.

في الخريطة أيضاً (غرفة فاثبتوا) التي ضمت 5 فصائل، هي: (تنسيقية الجهاد، لواء المقاتلين الأنصار، جماعة أنصار الدين، جماعة أنصار الإسلام، تنظيم حراس الدين).

ويتزعم فصيل "تنسيقية الجهاد" القيادي السابق في "هيئة تحرير الشام" أبو العبد أشداء. بينما يتزعم فصيل "لواء المقاتلين الأنصار"، جمال زينية، الملقب بأبو مالك التليّ، والذي أعلن انشقاقه عن هيئة تحرير الشام في نيسان (أبريل) الماضي، في حين يتزعم أبو عبد الله الشامي جماعة "أنصار الدين" التي كانت هي الأخرى أعلنت مطلع عام 2018 انفصالها عن "هيئة تحرير الشام" بعد أن كانت أهم الفصائل المنضوية تحتها.

يتسبب اختلاف مرجعيات المقاتلين الأجانب في تعقيد تشكيلاتهم، إذ إنهم يتوزعون على عدد من الفصائل

بالمقابل يتزعم تنظيم "حراس الدين" سمير حجازي، المعروف بـ "أبو همام الشامي"، التنظيم الذي بدأت نواته بانشقاق عدد من المجموعات إثر إعلان "الهيئة" فكّ ارتباطها بـ "تنظيم القاعدة"، ليظهر إلى العلن في أواخر شباط (فبراير) عام 2018 وينضم إليه لاحقاً عدة مجموعات متشددة.

ضغوط من أجل العودة

وبينما يطغى على بعض الأجانب الارتباط التنظيمي بالقاعدة، ناهيك عن رفضهم اتفاقات "سوتشي" و"أستانا" وما تبعهما من تفاهمات روسية – تركية، فهناك ضغوط كبيرة من أجل العودة أو العمل من خلال تلك التفاهمات، والرضا بما تطلق عليه هيئة تحرير الشام الآن "الجهاد المحلي".

ووفق ما نشرته صفحة "مزمجر الشام" بموقع التواصل تليغرام، فإن "أبو محمد الجولاني" عرض على قادة بعض الفصائل الأجنبية الإقامة في جنوب أفريقيا وترك سوريا.

يعتقد المحلل الاستراتيجي العقيد فايز الأسمر في تصريحات إعلامية أنّ وجود المقاتلين الأجانب في سوريا، عزز المبرر الذي يستعمله النظام وحلفاؤه من روسيا وإيران، بادعاء مكافحة الإرهاب

وقد لوحظ خلال العامين الأخيرين وفق دراسة نشرها موقع "الجبهة الشامية" أنّ هناك سلسلة من الاغتيالات طالت العديد من القيادات الرافضة لسياسة هيئة تحرير الشام، وكذلك سلسلة من الاعتقالات، فقد تم القبض على سراج الدين مختاروف، المعروف بـ "أبو صلاح الأوزبكي"، الذي ينضوي تحت "جماعة أنصار الدين" المنضوية تحت تجمع "فاثبتوا"، والمطلوب للإنتربول الدولي ويعتبر العقل المدبّر لهجوم مترو "سان بطرسبرغ" في روسيا بتاريخ 3 من نيسان (أبريل) 2017.

وفي 22 حزيران (يونيو) تم اعتقال أبو مالك التليّ، والذي بررت الهيئة اعتقاله بـ"إثارة البلبلة والتشجيع على التمرد ومحاولات شق الصف وتمزيق الممزق"، عبر تشكيله لفصيل جديد وانضمامه لغرفة عمليات "فاثبتوا".

 وبعد احتجاز التليّ بيوم واحد، قامت الهيئة أيضاً باعتقال توقير شريف، المعروف بأبو حسام البريطاني، والمشرف على كثير من الأنشطة الإغاثية في مخيمات أطمة بريف إدلب الشمالي.

وفق ما نشرته صفحة "مزمجر الشام" بموقع التواصل تليغرام، فإنّ الجولاني عرض على قادة بعض الفصائل الأجنبية الإقامة في جنوب أفريقيا وترك سوريا

ووفق الدراسة ذاتها كان من اللافت أنّ تلك الاعتقالات سبقها بأيام اغتيال قياديين في فصيل "حراس الدين"، وهما أبو القسام الأردني، وبلال الصنعاني، عبر قصف جوي استهدف سيارتهما 14 حزيران (يونيو) من قبل طائرة مسيرة يرجح أنها أمريكية، في عملية جاءت بعد يومين فقط من إعلان تشكيل غرفة عمليات "فاثبتوا" والتي انضوى ضمنها الأردني والصنعاني.

وقد أصبحت العلاقة بين الفصائل السورية والأجانب قلقة، فهي ما بين الاستخدام والتوظيف إقليمياً ودولياً أو الاستخدام الداخلي، أو العلاقة التصادمية، التي يكون عنوانها الاعتقالات والاشتباكات والمداهمات.

اقرأ أيضاً: المقاتلون الأجانب: الجهاد في عصر مُعولم

ووفق دراسة لمركز "عمران" للدراسات، أصدرت "هيئة الشام" أكبر الفصائل في إدلب بياناً إثر اعتقالها "أبو مالك التليّ"، حددت خلاله شروط أمام القادة والعناصر الراغبين بالانشقاق عنها، والتي تمثلت بعدم الانشقاق بشكل فوري قبل مراجعة "لجنة الإشراف والمتابعة العليا" حصراً، من أجل "إبراء الذمة"، كما حظرت على المنشقين "تشكيل تجمع أو فصيل مهما كانت الأسباب، أو الانتماء لأي تشكيل أو فصيل موجود في الساحة قبل مراجعة "لجنة الإشراف والمتابعة العليا". لافتة إلى أنّ "المخالف لتلك الشروط سيتعرض للمساءلة والمحاسبة".

ويعتقد المحلل الاستراتيجي العقيد فايز الأسمر، في تصريحات إعلامية، أنّ وجود المقاتلين الأجانب في سوريا، عزز المبرر الذي يستعمله النظام وحلفاؤه من روسيا وإيران، بادعاء مكافحة الإرهاب.

وقد فشلت محاولات إدماج الأجانب في المجتمع السوري، بل واستغلهم النظام في تشويه تلك الفصائل، كما فشلت محاولات وقوفهم على الحياد، وهذا ما جرى مؤخراً مع جماعتي "جند الشام" و"أجناد القوقاز"، وهما المجموعتان الشيشانيتان الأبرز في سوريا، اللتان ترفضان الآن الاندماج مع "هيئة تحرير الشام".

من هنا تصبح قضية المقاتلين الأجانب في سوريا معضلة كبيرة في بقائهم وعودتهم وعدم القدرة على إدماجهم أو طردهم.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية