المعارضة الإيرانية: المآزق والمطالب

المعارضة الإيرانية: المآزق والمطالب


10/02/2020

ترجمة: محمد الدخاخني


"انعدام الرضا هو الشيء الوحيد الذي يوحد الناس في إيران"، يقول الصحافي أحمد زيد آبادي لـ"دويتشه فيله" من طهران.
ويُعتبَر زيد آبادي، وهو من أقوى المدافعين عن الإصلاحات، من أكثر الصحافيين شهرة في إيران. وهو حاصل على جائزة القلم الذهبي للحرية لعام 2010، التي تمنحها الرابطة العالمية لناشري الأخبار، وينشر مقالاته حالياً وبشكل حصري عبر قناته على تطبيق تلغرام، والتي يطلق عليها "المنظور الآخر".

الصحافي أحمد آبادي: على النظام السياسي في إيران أن يصلح نفسه؛ لأنه ما من طريق أخرى

يقول زيد آبادي إنّه يتجنب الإعلام الإيراني، بالإضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، ليس لأنه يخشى الانتقام، ولكن لأن هذه المنصات لا تترك مجالاً للتحليل أو الحوار العقلاني.
ويضيف: "أولئك الذين لا يناضلون بنشاط من أجل تغيير النظام يصنفون بسرعة على أنّهم داعمون للنظام ويهاجمون، خاصة على شبكات التواصل الاجتماعي".
ويعتقد الصحافي أنّ النظام السياسي في إيران يجب أن يصلح نفسه؛ لأنه ما من طريق أخرى.
هذا، وقد وجد زيد آبادي نفسه خلف القضبان في عدة مناسبات في ظل النظام الحالي، حيث قضى ستة أعوام في السجن بعد اعتقاله وعدد من الصحافيين والناشطين المؤثرين، في حزيران (يونيو) 2009، بعد فترة وجيزة من إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، وهي الانتخابات التي أثارت الكثير من الجدل.

 


وصدرت على معظم المعتقلين الآخرين، مثل زيد آبادي، أحكام طويلة بالسجن بسبب التحريض المزعوم والترويج لدعاية معادية للجمهورية الإسلامية. ومنذ الثورة الإسلامية عام 1979، وجه النظام مراراً مثل هذه الاتهامات، وكانت هذه طريقته لإسكات النقاد والمعارضين - وللقمع الفوري لأي تشكيلٍ لمعارضة منظمة.

 

اقرأ أيضاً: إيران.. معارك المحافظين الدونكيشوتية
بالإضافة إلى ذلك، أخمد النظام بوحشية وسرعة موجات الاحتجاج الأخيرة، مثل احتجاجات تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 التي أشعلها خفض الدعم الحكومي للبنزين، والتظاهرات التي أعقبت إسقاط طائرة الركاب الأوكرانية بطريق الخطأ في أوائل كانون الثاني (يناير).

معارضة غير مترابطة
يقول زيد آبادي: "لا توجد حركة معارضة في إيران قادرة على معالجة انعدام الرضا الهائل الذي تعانيه كل طبقات المجتمع". ويتابع: "هناك جماعات مختلفة خارج إيران تعتبر نفسها جزءاً من المعارضة الإيرانية. وفي رأيي، ليس لدى أي منها فرصة جادة للحصول على موافقة أو دعم كبير داخل الدولة نفسها".

اقرأ أيضاً: إيران وسياسة الكذب المطلق
"حتى الولايات المتحدة لا تعتمد عليها"، يقول زيد آبادي في إشارة إلى جماعات المعارضة الإيرانية في المنفى.
ووفقاً لأخبار نقلتها بلومبرغ، فإنّ وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبو، كما أوردت تقارير، أمر الدبلوماسيين الأمريكيين بالحد من كافة الاتصالات مع جماعات المعارضة الإيرانية حتى لا يجازف بالتواصل الدبلوماسي الأمريكي مع إيران. وتشمل هذه الجماعات مجاهدي خلق، التي دعمت العراق خلال الحرب الإيرانية العراقية - والتي استمرت لثمانية أعوام خلال الثمانينيات -، والتي صنفتها إيران على أنّها منظمة إرهابية.

اقرأ أيضاً: لماذا يتصاعد التوتر بين إيران وألبانيا؟
وللمنظمة أيضاً علاقات وثيقة برودي جولياني، المحامي الشخصي لترامب والذي يُنظر إليه أيضاً على أنّه دبلوماسي ظِل بسبب تأثيره، وجون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق.
وفي أيار (مايو) 2018، انسحبت الولايات المتحدة بشكل منفرد من الاتفاق النووي الدولي مع إيران، وهي خطوة دعمها بولتون أيضاً. وتريد واشنطن الآن ممارسة "أقصى ضغط ممكن" على إيران لتوقيع اتفاق جديد أكثر شمولاً، يتضمن شروطاً بشأن السياسة الإقليمية الإيرانية وبرنامج الصواريخ.

 

 

المعارضة لا تعلق الكثير من الآمال على الولايات المتحدة

يقول زيد آبادي إنه من الناحية النظرية، يمكن استخدام الابن البكر للشاه، سايروس رضا بهلوي، الذي يعيش في المنفى في الولايات المتحدة، لبناء معارضة في المنفى.
"الإيرانيون الأصغر سناً، الذين يتوقون إلى حكم الشاه ولا يعرفون الكثير عن الماضي، يرددون اسمه في احتجاجاتهم"، يقول لدويتشه فيله.

اقرأ أيضاً: ماهناز شيرالي: إيران دولة خارجة عن القانون
وفي مقابلة مع صحيفة "دي فيلت" الألمانية اليومية، في 26 كانون الثاني (يناير)، يقول بهلوي إنّ "احتمال تغيير النظام" في إيران "هائل". ومع ذلك، فهو يرى "نقصاً معيناً في التوجه" في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران، بسبب الصدع السياسي الداخلي العميق.

مقاومة حتى "النهاية المريرة"
بحسب الكاتب والصحافي رضا علي جاني، فإنّ "الجمهورية الإسلامية الإيرانية ليست على شفا الانهيار. ويجب أن نفكر بشكل واقعي".
وكان علي جاني قد أمضى عدة فترات في السجن طوال الثمانينيات، وهو يعيش الآن في المنفى في باريس.
ويضيف: "إن نظرةً على تاريخ السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية تُبين أنّ النظام سيقاوم حتى النهاية المريرة. ولن يستسلم إلا عندما لا يكون هناك خيار آخر. لقد رأينا هذا أيضاً في المفاوضات النووية التي استمرت أكثر من 13 عاماً".

لا توجد حركة معارضة في إيران قادرة على معالجة انعدام الرضا الهائل الذي تعانيه كل طبقات المجتمع

في الوقت نفسه، فإنّ نموذج السياسة الخارجية هذا - أي تقديم تنازلات فقط تحت الضغط - يُظهر أنّ الضغط المتزايد من داخل إيران يمكن أن ينجح أيضاً، كما يؤكد علي جاني.
يتابع: "الضغط موجود. يجب فقط توجيهه بشكل صحيح. فكل طبقة من المجتمع غير راضية، لكن لكل طبقة مطالبها المختلفة، من تحسين الوضع الاقتصادي إلى توسيع الحريات الاجتماعية والسياسية. وعلينا إيجاد طرق لتمكين كافة مستويات المجتمع من مواجهة أولئك الموجودين في السلطة بمطالبهم، من خلال أشكال سلمية من الاحتجاج، مثل الإضرابات، لكن يجب أن تحظى مثل هذه الحركة أولاً بدعم الجمهور الأوسع".
وبالنسبة إلى علي جاني، فإنّ الأمر لا يتعلق فقط بالثورة، بل يتعلق أيضاً بإصلاحات طويلة الأجل تنفذ بفعالية. ويقترح من جانبه حواراً مكثفاً داخل المجتمع المدني، وتضامناً يزدهر إلى ما هو أبعد من الشبكات الاجتماعية.


شابنام فون خين، دويتشه فيله

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:
https://www.dw.com/en/where-is-the-iranian-opposition/a-52277400



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية