القلب وأحواله

القلب وأحواله

القلب وأحواله


26/08/2023

فاروق يوسف

“القلب مضخة دم. لا أكثر ولا أقل”. ذلك هو الواقع الذي يستند إلى العلم، ولكنه واقع غير حقيقي يكذبه التاريخ البشري الذي اعتبر القلب نبعا تصدر منه العواطف الإنسانية.

أرقى ما يملكه الإنسان من مشاعر يقيم هناك.

يقال وصفا للإنسان القاسي “إنسان بلا قلب” كما يوصف البعض بأن قلبهم ضعيف. وهم ليسوا مرضى.

القلب هو الذي يتحكم بأكثر مشاعر الإنسان نبلا وصدقا “أنا قلبي إليك ميال” تقول فائزة أحمد. وهو ما دفع عبدالحليم حافظ إلى أن يلقي بكل ما تعرض له من سرور على قلبه ويقول “أول مرة تحب يا قلبي”. ولن تكون الأخيرة.

يشبّه البعض القلب بالساعة، فهو يضبط العواطف مثلما تضبط الساعة الزمن، ولكنها فكرة مجنونة حين نطلب من القلب أن يتوقف عن النبض لأن الحبيب قد استسلم.

هنا يقع “الموت حبا” وهو ما يؤكد عليه فريد الأطرش حين يقول “يا قلبي كفايه دق/ ما دام حبيبك رق/ عنيا قالت أيوه/ وأنت بتقولي لا”.

وقد تكون دقات القلب مقياسا للحب وفي ذلك يقول رضا علي  “تدري اشقد أحبك/ بعدد دقات قلبك”. وقد يقع القلب في خلاف مع الحبيب فتتسع المسافة بينهما وهو ما يعبر عنه محمد عبدالوهاب بقوله “قلبي بيقولي كلام وأنت بتقولي كلام”.

أما أن يكون للقلب مفتاح حسب فريد الأطرش، فإن ذلك يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن القلب خزانة أسرار عاطفية، فهو يفرح ويركض ويرقص ويأرق ويلعب دور الدليل في كثير من الأحيان.

ألم نسمع الحكمة التي تقول “اتبع قلبك” التي أكدتها ليلى مراد بقولها “أنا قلبي دليلي/ قلي حتحبي”. وكانت أم كلثوم قد طلبت منه أن يشاركها شعورها العاطفي الجديد في “افرح يا قلبي”.

وقد يكون العندليب الأسمر هو الأكثر إلحاحا على توريط القلب في ما يجري خارجه من أحداث، فيقول له “يا قلبي يا خالي/ جاوب عن سؤالي/ مشغول من إيه/ وشاغلني ليه”.

أسئلة وجودية تظل من غير إجابات، فالقلب يظل صامتا فيما يلح عبدالحليم على أن يكون حاضرا قبله للقاء الحبيبة “اسبقني يا قلبي اسبقني/ ع الجنة الحلوة اسبقني/ اسبقني وقول لحبيبي/ أنا جاي على طول يا حبيبي”، وهو ما تختصره نجاة الصغيرة في “يا قلب طير في الهوا”.

ولكن العراقيين يحملون القلب مسؤولية فشلهم العاطفي حين يستبعدون رقته لتحل محلها القسوة، تقول سليمة مراد “قلبك صخر جلمود ما حن عليا/ وانت بطرب وبكيف والبيه بيه”.

عن "العرب" اللندنية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية